الرقيق الأبيض هو التجارة بالنساء والأطفال واستخدامهم للاستغلال الجنسي ، ففي اللحظة التي ظن العالم أنه تخلص من ظاهرة العبودية والاستعباد والرقيق الأسود ، نجده وقع فيما هو أسوأ منه بكثير والسبب أن المنظومة العالمية لا تحتكم للقيم الإنسانية بقدر ما تحتكم للمنفعة والمصالح المادية ، اقرأ هذا التقرير وما يتضمنه من إحصائيات تشير إلى أن ظاهرة الرق تلونت بأسوأ أحوالها وأن معركة تحرير الإنسان تبدأ من تحرير فكره من النزوات والهوى والمزاجية
جرائم الرقيق الأبيض .
1- تشير آخر الإحصائيات إلى أن هناك ما بين 200 ألف إلى 500 ألف امرأة وفتاة يعملن في سوق الدعارة بأوروبا أغلبهن من دول البلطيق والبلقان ابتداء من روسيا، مرورا بأوكرانيا وروسيا البيضاء وأرمينيا وبولندا وتشيكيا وسلوفاكيا، وانتهاء برومانيا وبلغاريا وكرواتيا ومقدونيا وصربيا والبوسنة وألبانيا. وتقول إحصائية صادرة عن وزارة الداخلية الأوكرانية أن حوالي 400 ألف امرأة وفتاة دون سن الثلاثين غادرن أوكرانيا خلال السنوات العشر الماضية عن طريق عصابات المافيا. ومن وسائل العصابات المنظمة استخدام الفتيات أنفسهن في استدراج بنات جنسهن لمستنقع الدعارة من خلال تزيين ذلك العمل وإظهار محاسنه المادية، مقابل حياة الضنك الاقتصادي والاجتماعي في البلد الأصلي للضحايا .
2- يقدر عدد الأطفال الذين يتم استغلالهم في العالم بنحو 246 مليون طفل، منهم (وفق إحصائيات الأمم المتحدة)، أكثر من مليوني طفل يتعرضون للاستغلال الجنسي ويعاملون معاملة الرقيق. وفي روسيا تم تسجيل قتل 1080 طفلا على يد والديهم باشكال مختلفة بين 2000 و2005 وفق صحيفة «بليك» الصربية الصادرة في بلغراد. ويوجد في روسيا الآن أكثر من مليون طفل بدون والدين ، ويزيد هذا العدد باضطراد كل سنة، وتقذف بيوت الفقر بأكثر من 100 ألف طفل في الشارع وكثير منهم أبناء فتيات دون سن السابعة عشرة ومنهن في سن الحادية عشرة. وتتخلى النساء في براغ عن 20 ألف طفل سنويا، ويتم التقاط هؤلاء الأطفال وبيعهم من قبل عصابات الجريمة المنظمة في أوروبا والولايات المتحدة وكندا.
3- أكدت دراسة قامت بها جمعية حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة بيع 20 مليون طفل خلال السنوات العشر الأخيرة ليعيشوا طفولتهم في ظروف معيشية قاسية ([1])
4- قدرت وزارة الخارجية الأمريكية عدد الأطفال والنساء الذين تتم المتاجرة بهم في أغراض الدعارة هو (700) ألف ([2])
5- لا تزال تجارة الرقيق الأبيض تستحوذ على اهتمام المنظمات الدولية غير الحكومية والتابعة للأمم المتحدة، في حين لا تزال وسائل الإعلام تتعامل مع الظاهرة في شكل أخبار متفرقة من حين لآخر وينظر إليها كخبر أو حادث كبقية الحوادث بينما المسألة تمس الواقع الإنساني بكل أبعاده المادية والنفسية والروحية. ويبدو أن تجارة الرقيق الأبيض في أوروبا رغم الاهتمام بها من الناحية الأمنية لم تلق العناية الكافية إنسانيا واقتصاديا، ولذلك لم تفلح الأجهزة الأمنية والرقابة في مكافحتها، في حين نجد أن عصابات المافيا والجريمة المنظمة تمكنت من ابتكار وسائل جديدة للإفلات من قبضة الرقابة وعناصر الشرطة، أو أن كل العناصر سابقة الذكر التقت جميعا لتشكل مأساة مغفولا عنها أو لم تواجه بالشكل المطلوب الذي يحتمه الموقف.
6- وتعتمد شبكات الرقيق الأبيض في جلب الأطفال على مصادر عدة منها : سرقة الأطفال حديثي الولادة من المستشفيات والادعاء بأنهم ماتوا، وحجز الأطفال قبل ولادتهم من غير المرغوب فيهم خاصة الأطفال غير الشرعيين، وإيواء المراهقات والعاملات في سوق الدعارة الحوامل، ومؤجرات الأرحام اللواتي يتم وضعهن في أماكن سرية وتنتهي مهمتهن بعد الوضع فيباع الأطفال أو يستخدمون في تجارة الأعضاء البشرية، بل وصل الأمر إلى حد تهريب المخدرات في بطون الأطفال بعد قتلهم وحشو بطونهم بالهيروين والكوكايين وغيرها من الآفات السامة. إضافة إلى شراء الأطفال من ذويهم كما يحدث في ألبانيا حتى الآن، حيث يباع الأطفال في سن مبكرة بسعر يتراوح بين 6 و15 ألف يورو ولا سيما إلى الإيطاليين والفرنسيين والألمان.
7- يشير تقرير أعده المجلس الأوروبي إلى أن أرباح عصابات الجريمة المنظمة ارتفعت في المدة الأخيرة إلى نسبة 400 في المائة في سوق يبلغ عدد ضحاياه والمتعاطيات معه نحو نصف مليون امرأة ربعهن من منطقة البلقان وتحصد منظمات الجريمة المنظمة من هذه التجارة أكثر من 13 مليار يورو سنويا.
8- وفي دراسة أعدتها منظمة مساعدة الأطفال التابعة للأمم المتحدة «يونسيف» ذكرت أن التجارة الدولية غير المشروعة بالنساء والأطفال تزيد في العالم باطراد وخاصة في أوروبا. ووفقا لنتائج الدراسة التي أعلن عنها في مدينة كولون بالمانيا «يتم سنويا بيع 120 ألف نسمة بينهم أطفال ونساء وفتيات في دول الاتحاد الاوروبي 80 في المائة منهم لا تتجاوز أعمارهن الثمانية عشرة سنة غالبيتهم من دول البلقان»، وأن «90 في المائة من الضحايا أجبرن على ممارسة الدعارة» ولم تفلح جميع الدعوات التي يطلقها المسئولون الأوروبيون في الحد من هذه التجارة الرائجة.
9- نشرت صحيفة الجارديان البريطانية تحقيقًا خطيرًا كشفت فيه عن انتعاش تجارة الرقيق الأبيض للفتيات الصغيرات اللاتي لم يتعدين سن الطفولة في بريطانيا, مشيرة إلى أن عدد اللواتي يرغمن على ممارسة الرذيلة بلغ حوالي 18 ألف طفلة وامرأة.
فيما يبلغ عدد السكان في بريطانيا حوالي 60 مليون نسمة. ويقول التحقيق: إن الشرطة البريطانية اكتشفت في قضية واحدة في شيفيلد سقوط 33 فتاة قاصرًا ضحايا الاستغلال الجنسي من قبل رجال يكبروهن بالسن وهن بين سن الثانية والخامسة عشرة من العمر. و أضاف التحقيق أنه يجري خداع الفتيات الصغيرات من قبل رجال يتظاهرون في بادئ الأمر على أنهم "أصدقاء مخلصين" لهن، ومن ثم يأخذوهن إلى مدن وبلدات أخرى بعيدة حيث يخضعوهن لمزيد من الاستغلال والتجارة الجنسية الفاحشة. وينقل التحقيق عن مسئولين في المركز البريطاني للاتجار بالبشر قولهم: إنهم حصلوا على تقارير تتحدث عن فتيات، لم تتجاوز أعمارهن بعد سن الثانية عشرة من العمر، وقد أكرهن على ممارسة الفاحشة بحدود 20 مرة في الليلة الواحدة!
إعداد / د. محمد أحمد المبيض
من كتاب حقوق الإنسان في ظل القيم والمقاصد العليا في الإسلام