المسافةُ المسلوبةِ بين الإسلامِ والعروبةِ
رانية عبد الرحيم المدهون
مع بزوغ شمس الدولة العثمانية؛ كان على الغرب الامبريالي أن يجد بديلاً استعماريًا عفيًا، وسريعًا؛ وكان على العرب أن يجدوا بديلاً تحرُّريًا عفيًا، وسريعًا !
هناك تأويلات بأن الحركة القومية العربية، قد استُحدِثت في مواجهة الاستعمار العثماني للبلدان العربية ، وأمام محاولات تتريك الوطن العربي بأكمله؛ والرد هنا أنه خضوعًا لحقيقة أن الأتراك حاولوا تتريك الوطن العربي؛ إذن فقد كان هناك وطن عربي من الأساس، وكان يجب الحفاظ على هويَّته .
منذ ذلك الحين وقد استمرأ الغرب الامبريالي ، وآلياته ، وأعوانه ، اختلاق الخلاف، وسلب المسافة ما بين الإسلام والعروبة، لتكريس فجوة جوفاء، يدور كل من الإسلام والعروبة حولها في حلقة ذات اتجاه واحد؛ فلا يستطيع الاثنين الالتقاء؛ على الرغم من كونهما مكوَّنين متجانسين لثقافة هذا الوطن العربي الكبير !
قد صنع الاستعمار العالمي حالة ما صراع – أو على أقل حالاته جدال – دائم ما بين العروبة والإسلام؛ حتى بت كلاهما عائق، وحائط صد للآخر في استكمال مشروعه.
نعلم أن الإسلام دخل الوطن العربي؛ فثبَّت هويته، وأثرى عروبته، وخصَّهُ بلغةِ كتابهِ وسنتهِ، وجميع أدبياته الموضوعة فيما بعد.
وعليهِ فعلي أي عاقل أن يأبي هذا الخلاف المُصطنع؛ وأن يلفُظَ هذه الفجوة السرطانية التي تم تشييدها عمدًا من أجل هدم المشروعين برُمتهما .
فيما يحتاج هذا الظرف تحديدًا خلق كيان قوي، يملأهُ الإيمان بإسلامه وبقضاياه العربية، ليغدو بالعروبة تحت رايات الإسلام إلى وضعيتهما الطبيعية الفطرية؛ وليُتيح مساحة لهذا الوطن العربي، ولدينه الأول، بين خرائط الاقتصاد، والاجتماع، والثقافة، والسياسة العالمية مساحات مُرضِية.
كما يجب إدراك الصفوف الأولى في التنظيمات السياسية، والاجتماعية، أنه لا مفر من العودة للحقائق الفطرية في هذا الصدد.
فمن الجدير بالتهجُّن، أن تقوم بعض التنظيمات العربية السياسية والاجتماعية بإثراء هذا الخلاف غير الحقيقي؛ والموجَّه؛ لصالح من؟ إنما هو لصالح الأعداء، والمريدين من استقرار هذا الوطن، وهذا الشعب العربي الكبير، ومقدراته، وطموحه، ووِجهته.
ونعيدها مرارًا؛ ومرارًا؛ وإلى ما لا نهاية؛ وحتى يستجيب المعنيون: "المسافةُ المسلوبةِ بين الإسلامِ والعروبةِ".