بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [1] وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا [2] ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ ۚ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا [3] وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا [4] فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا [5] ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا [6] إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا [7] عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ ۚ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا ۘ وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا [8] إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا [9] وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا [10]
سبب التسمية :
سميت السورة الكريمة " سورة الإسراء " لانها سجلت تلك المعجزة الباهرة معجزة الإسراء التي خصَّ الله تعالى بها نبيه الكريم .والتي حدثت بعد عودته سلام الله عليه من الطائف حيث ردوه شر رد ورفضوا نصرته ونصرة دعوته واحتضانها....فخسروا وخابوا..
السورة مكية...اي نزلت بمكة قبل الهجرة ..في العهد المكي للدعوة.
يفتتح الله تعالى السورة بتنزيه ذاته العلية ونفسه العظيمة القادر على كل شيء ومن عظيم قدرته ان اسرى بعبده اي سار به ليلا وبعبده اي به جسدا وروحا..وعبده الغابد الطائع له المنتسب له بعبوديته وطاعته وهي نسبة تشريف هنا للنبي عليه السلام ليلا ليؤكد التوقيت
من ..الابتداء من المسجد الحرام..مكة المكرمة الى المسجد الاقصى والاقصى اي الابعد لبعد المسافة بينهما..الذي باركنا حوله ..تثبيت البركة والقدسية لهذه الارض المباركة حوله وهي الشام وما بها من خيرات لاتنقطع وادخال قدسيتها باقصاها قي خريطة مقدسات هذه الملة واهلها لتضاف قدسيته الى قدسية المسجد الحرام ولترتبط بعقيدة المسلمين الى الابد..لنريه من اياتنا..وقد تكاثرت الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الإسراء، وذكر تفاصيل ما رأى وأنه أسري به إلى بيت المقدس ثم عرج به من هناك إلى السماوات حتى وصل إلى ما فوق السماوات العلى ورأى الجنة والنار، والأنبياء على مراتبهم وفرض عليه الصلوات الخمس في تلك الليلة المباركة التي راى فيها من ايات ربه الكبرى...وحاز من المفاخر تلك الليلة هو وأمته ما لا يعلم مقداره إلا الله عز وجل.وذكره هنا وفي مقام الإنزال للقرآن ومقام التحدي بصفة العبودية لأنه نال هذه المقامات الكبار بتكميله لعبودية ربه سبحانه.
انه هو اي الله السميع البصير .. اشارة الى ما توجه به مخاطبا ربه عند عودته من الطائف
حيث قال( اللهم إليك أشكو ضعف قوتي ، وقلة حيلتي ، وهواني على الناس ، أرحم الراحمين ، أنت أرحم الراحمين ، إلى من تكلني ، إلى عدو يتجهمني ، أو إلى قريب ملكته أمري ، إن لم تكن غضبان علي فلا أبالي ، غير أن عافيتك أوسع لي ، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات ، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة ، أن تنزل بي غضبك ، أو تحل علي سخطك ، لك العتبى حتى ترضى ، ولا حول ولا قوة إلا بك )رواه الطبراني
فالله سميع بما قالوه له وسميع بما قاله هو وبصير بافعال واعمال الخلق...وينتقل الحديث مباشرة عن قوم موسى بني اسرائيل..ولاتنسى ان هذا التنزيل في مكة ولم تحدد بعد وجهة الهجرة ولم تتحقق بعد النصرة من اهل المدينة التي كان يحيط بها يهود.. { وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ } الذي هو التوراة { وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ } يهتدون به في ظلمات الجهل إلى العلم بالحق.
{ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا } أي: وقلنا لهم ذلك وأنزلنا إليهم الكتاب لذلك ليعبدوا الله وحده وينيبوا إليه ويتخذوه وحده وكيلا ومدبرا لهم في أمر دينهم ودنياهم ولا يتعلقوا بغيره من المخلوقين الذين لا يملكون شيئا ولا ينفعونهم بشيء.
{ ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ } أي: يا ذرية من مننا عليهم وحملناهم مع نوح، { إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا } ففيه التنويه بالثناء على نوح عليه السلام بقيامه بشكر الله واتصافه بذلك والحث لذريته وذرية من حمل معه من المؤمنين أن يقتدوا به في شكره ويتابعوه عليه، وأن يتذكروا نعمة الله عليهم إذ أبقاهم واستخلفهم في الأرض بايمانهم وعملهم للصالحات وأغرق غيرهم من الكفار والعصاة والمكذبين.
(وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا * فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا * ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا * إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا * عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا ) إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا [9] وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا [10] وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ ۖ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا [11]
علماؤنا السابقون على ان الافسادين قد وقعا وعاقبهم الله بالسبي البابلي والسبي الروماني...الا ان الشيخ اسعد بيوض التميمي نحى منحى اخر رحمه الله في رسالة قدمها لمؤتمر السيرة المنعقد بتركيا بمناسبة دخول القرن الخامس عشر الهجري ثم طوره ككتاب اسماه زوال اسرائيل حتمية قرانية...تاثرت في فهمي لهذه الايات به وساثبت ما علق بذهني على نهجه في الفهم رحمه الله...
وقضينا اي كتبنا في الكتاب اي التوراة او القران او اللوح المحفوظ لتفسدن اي سيقع منكم الافساد مؤكدا باللام مما افاد صيغة الاستقبال في قادم الايام مما يرجح ان الكتابة في هذا الكتاب القران الكريم وان الاحداث ستتم بعد نزوله افسادا تقترفونه مرتين
فاذا جاء موعد الاول --ولاحظ اذا اداة شرط لما يستقبل من الزمان-- بعثنا عليكم عبادا لنا
اولي باس شديد---واضاف العباد ونسبهم اليه وفي مقام المديح وهو ما لا يستحقه بختنصر الوثني ولا طيطس الروماني صاحب الديانة المحرفة المنحرفة--- فهو تهيئة لنفوس المسلمين ليكونوا هم اهل هذا الدور وليكونوا على حذر من يهود الذين لا اخلاق لهم ولا احترام عندهم للغهود..فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا ..والجوس هو التطهير بالمشاة ولاحظ هنا لم يات بذكر المسجد ولم يشر هذه المرة للتدمير او التتبير..وكان وعدا مفعولا اي متحقق الوقوع وهنا التهيئة للنفوس لصراع يهود ومقارعتهم..واخبارهم بحتمية وقوع الصراع معهم..
فلذلك سلط الله على يهود الذين لم يسمعوا للتحذير وتمادوا في الافساد والغدر ونقض العهد سلط عليهم خير العباد الصحابة الكرام بقيادة خير البشر وابرهم لربه رسول الله صلى الله عليه وسلم..فاخرجوهم وجاسوا خلال الديار واتم اخراجهم عمر رضي الله عنه تنفيذا لامر رسول الله ان لا يجتمع في الجزيرة دينان في زمن خلافته .
وانتهى من يومها افساد يهود الظاهر بصفتهم الظاهرة وعادوا الى الذلة والمسكنة..
ثم رددنا لكم الكرة عليهم ..ولاحظ الضمير في كلمة عليهم وطيطس وبختنصر ليسوا سواء ولا من امة واحدة حتى يطلق عليهم ضمير واحد ثم ان كل واحد منهم من امة احداها بادت والاخرى النصرانية باقية..ولم يحصل ان اليهود تغلبوا عليها...وهذا يؤكد ما ذهبنا اليه واقتنعنا به من فهم..فردت الكرة لهم علينا احفاد وامتداد الامة الواحدة التي جاست خلال ديارهم ايام النبي وصحابته سلام الله عليه..فاخذوا بيت المقدس بحبال اهل ملل الكفر وامدوا بالعدد والمال والعدة وهم الان اكثر طلبا للحرب واستنفارا لها لاننا مكبلين عنهم بما يسمى الشرعية الدولية خادمة الكفر وملته...وهم ايديهم طلقة على امة مكبلة...فهم اكثر نفيرا...
فاذا جاء وعد الاخرة ليسوءوا وجوهكم..ولا يستاء وجهه الا من ظن انه اصبح عزيزا وتوهم ذلك..فيهود ابشركم بانه سيتخلى عنهم العالم وسيدفع بهم ثمنا لرضى نظام الخلافة القادم عنهم..واسمع النص..فاذا جاء وعد الاخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه اول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا...
1=فاذا جاء وعد الاخرة اي موعد انتهاء الافساد الاخر سيستاء يهود ويذلون ذلا يظهر اثره على وجوههم ولن يرحمهم احد لانهم اساءوا ولم يحسنوا وولدوا على انفسهم النقمة
2=هنا فقط جاء ذكر المسجد ودخوله وليس تدميره ..فطيطس وبختنصر دمروا الهيكل..والمسجد خاص بالمسلمين وليس بغيرهم..
3=ايضا لاحظ وليدخلوا صيغة استقبال
4=وانظر في قوله ..وليدخلوا المسجد كما دخلوه اول مرة..اذا الذين سيدخلونه في الثانية هم نفسهم من دخلوه اول مره اي نفس الامة..
ثم ان حال دخولهم في الثانية سيكون كحال دخولهم في الاولى..وقد دخلنته في الاولى بجيش الاسلام وراية الاسلام ولواء الاسلام وبقيادة خليفة راشد من خلفاء نبي الاسلام...انها بشرى بالخلافة الراشدة بنص القران وحرفية كلامه...فالارض الطاهرة لن تحررها وتستردها الا الايدي الطاهرة التقية النقية ..والارض المقدسة لن ينال شرف تطهيرها الا الاطهار الذين تقدسهم تقواهم وطاعتهم لبارئهم وامتثالهم لامره بالعبودية الخالصة المخلصة..
5= وليتبروا ما علوا تتبيرا ..لاحظ معي ان كلمة تتبير اي التدمير لم تذكر في مسيرة الحهاد الا هنا مع يهود وفي الانتهاء من افسادهم الثاني...وانظر متى اصبحت وسائل التدمير متاحة للمقاتلين...
عسى ربكم ان يرحمكم..بان ينجي منكم من يكتب له النجاة ويعتبرمنكم من يعتبر ويتعظ ولكن ايضا فان عدتم للافساد عدنا لكم بالعذاب والتدمير
إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا [9] وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا [10] وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ ۖ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا [11]
لقد تعددت وتشعبت السبل على الامة وتعددت الجبهات والفئات واختلفت الطرق والتوجهات والنوايا--ان هذا القران يهدي للتي هي اقوم أي: أعدل وأعلى من العقائد والأعمال والأخلاق، فمن اهتدى بما يدعو إليه القرآن كان أكمل الناس وأقومهم وأهداهم في جميع أموره.
وفيه البشارة للمؤمنين الذين يعملون الصالجات التي شرعها الله ليسيروا على الطريق ويكملوا مسيرهم وهم مستبشرون بما يبشرهم ربهم في هذا القران فلا ييأسوا ولا يقنطوا...فيصيروا يدعون على انفسهم بالشر دعائهم بالخير كما يفعل كثير من الجاهلين.المستعجلين الامور قبل اوانها ولم يسيروا لها حسب ما ينبغي ان يسار..فوقعوا في الفتنة واركسوا فيها....
اللهم اجعلنا من شهود نصرك وعزك وتتبير اعدائك يارب العالمين امنا بوعدك وصدقنا بشارتك فاكتبنا مع الشاهدين —