بسم الله الرحمن الرحيم
تأملات في ايات من سورة النور
( اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ۖ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ۖ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ۚ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35) فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (38)
هذا مثل ضربه الله تعلى لنوره الذي يهتدي به الوجود بكل مفرداته للسير في انظمة الاستمرار بوجوده، والمثل عادة يضرب لتقريب الصورة، او بناء التصور للفكرة .
اما نور الله تعالى للانسان الذي اراده الله ان يستنير به في دجى ظلمات مناهج افكار الضلال وجاهلية اهل الارض، فهو النور الذي ربطه سبحانه وتعالى بالمساجد بيوت الله في الاسلام، وجعل هذه المساجد الاصل في وجودها ان تكون مصدر اشعاع لهذا النور : (في بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والاصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة يخافون يوم تتقلب فيه القلوب والابصار ليجزيهم الله احسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب ).
ولتكون هذه المساجد مساجد نور وهدى يشع بنور الله حرم الله ان يدعى فيها لغيره ولا لمنهج غير منهجه ولا لنظام غير نظامه ولا لغاية تخدم غيره، ( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18)الجن) فان حصل فيها غير ذلك اصبحت مضرة على الاسلام واهله ويجب ان تطهر من المضار الذي يضر بفكر الاسلام ونوره للعالمين،و يعمي على الناس نور الله من علماءالسوء والنفاق.
ان هذا المثل من معانيه انه من المبشرات التي نستبشر بها بعودة الاسلام وعمومه للارض واهلها، حيث وجد له رجالا لاتلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، المنقذ للبشرية من تيهها، والناهض بها من هبوطها، ليربطها بالسمو والارتقاء بنور الله المهدى من السماء، لنرتفع به ونرتقي عن دركات السفول الذي انحطت به البشرية باتباعها مناهج الضلال، التي استعبد بها اهل الارض بعضهم بعضا.
ومكمن البشرى يوضحه وعد الله الذي لن يخلف...ويابى الله الا ان يتم نوره...).(يريدون ليطفئوا نور الله بافواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون).
ولقد جائتكم البشرى من نبيكم سلام ربي عليه<سيبلغ هذا الامر ما بلغ الليل والنهار >
ان المستقبل بالوعد الصادق ووعد الحق هو لنا ولحضارتنا ان استنرنا بنورها وحملناها رجالا لانخشى في الله لومة لائم بصدق وامانة واخلاص ...ونصرون الله ورسوله اولئك هم الصادقون).فان صدقنا نصرة الله ورسوله صدقنا الله وعده (ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم)
واذا اكملت الايات فانك ستجد وصفا يصفه الله تعالى لحضارات الكفر ومشبها لها بالسراب وانها ظلمات، يغتر بها من اضناه العطش، فاذا عاشها لم يجدها شيئا فتنتهي حياته وهو يخوض التجارب، والعمر البشري قصير لايحتمل مزيدا من التجارب ليجد السعادة ومنهجها المحقق لها، والتي لايهدي اليها الا نور الوحي، واقرا معي (والذين كفروا اعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى اذا جاءه لم يجده شيئا فوجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب). ذلك ان العمر لا يحتمل مزيدا من التجارب فانتبه.
(او كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض اذا اخرج يده لم يكد يراها).
انه محيط الجاهلية وامواج سفاهتها وطيشها وظلمات ظلمها وطغيانها، المنسي للانسان نفسه، والمعمي له عن حقيقة مصلحته، فلا يرى نجاته ولا طريقها، ولا يرى حتى بعضه، وتتراكم الظلمات حتى يغطيها سحب الجهل والحهالة. ولا مبدد للسراب الا خبرة الصحراء وعدم الاغترار بسرابها كما لايبدد ظلمات الجهل والطغيان الا نور الله نور وحيه الذي انار به قلوب وطريق المؤمنين (ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور) . فلنقرأ ولنتدبر القران و سورة النور انار الله قلوبكم بنور وحيه وهداه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في 2020-01-27, 11:36 pm عدل 1 مرات