(طبعا كل هذا الذي مر معنا من مواضيع في هذا الشان انما هو تمهيد لشرح الحديث المتعلق باعوجاج المراة)
هذا النعت بالعوج والنعت بالنقص في تكوين المراة انما هو فهم يخالف الايات ايضا في خلق الله
فقوله تعالى
تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (2)
( وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً ) أى : وهو - سبحانه - الذى خلق كل شىء فى هذا الوجود خلقا متقنا حكيما بديعا فى هيئته ، وفى زمانه ، وفى مكانه ، وفى وظيفته ، على حسب ما تقتضيه إرادته وحكمته . وصدق الله إذ يقول : ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ) فجملة " فقدره تقديرا " بيان لما اشتمل عليه هذا الخلق من إحسان واتقان فهو - سبحانه - لم يكتف بمجرد إيجاد الشىء من العدم ، وإنما أوجده فى تلك الصورة البديعة التى عبر عنها فى آية أخرى بقوله : ( . . . صُنْعَ الله الذي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ . . ) قال صاحب الكشاف : فإن قلت : فى الخلق معنى التقدير . فما معنى قوله : ( وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً ) .
قلت : معناه أنه أحدث كل شىء إحداثا مراعى فيه التقدير والتسوية ، فقدره وهيأه لما يصلح له . مثاله : أنه خلق الإنسان على هذا الشكل المقدر المسوى الذى تراه ، فقدره للتكاليف والمصالح المنوطة به فى بابى الدين والدنيا ، وكذلك كل حيوان وجماد ، جاء به على الجبلة المستوية المقدرة بأمثلة الحكمة والتدبير . . .
* وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرّ مَرّ السّحَابِ صُنْعَ اللّهِ الّذِيَ أَتْقَنَ كُلّ شَيْءٍ إِنّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ *
وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا
قدر حجمه وشكله، وقدر وظيفته وعمله، وقدر زمانه ومكانه، وقدر تناسقه مع غيره من أفراد هذا الوجود الكبير.
قوله تعالى: { ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت} أي ليس فيه اختلاف ولا تنافر، ولا نقص ولا عيب ولا خلل، ولهذا قال تعالى: { فارجع البصر هل ترى من فطور} أي انظر إلى السماء فتأملها، هل ترى فيها عيباً أو نقصاً أو خللاً أو فطوراً؟ قال ابن عباس ومجاهد: { هل ترى من فطور} أي شقوق، وقال السدي: أي من خروق، وقال قتادة: أي هل ترى خللاً يا ابن آدم؟ وقوله تعالى: { ثم ارجع البصر كرتين} مرتين، { ينقلب إليك البصر خاسئاً} قال ابن عباس: ذليلاً، وقال مجاهد: صاغراً، { وهو حسير} يعني وهو كليل، وقال مجاهد: الحسير المنقطع من الإعياء، ومعنى الآية: إنك لو كررت البصر مهما كررت، لانقلب إليك أي لرجع إليك البصر { خاسئاً} عن أن يرى عيباً أو خللاً، { وهو حسير} أي كليل قد انقطع من الإعياء، من كثرة التكرر ولا يرى نقصاً، ولما نفى عنها في خلقها النقص، بيّن كمالها وزينتها
---------
وبالتالي فان يرى او يتهم او يظن بان في المراة نقص او عيب او عوج فانه يخالف هذه الايات وغيرها
وينفي عن الله تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا اتقان الصنع والخلق
-------------
يتبع في سلسلة هذا البحث