اخلاق السادة وعلية الاقوام
الحرّ حرّ وإن مسّه الضرّ، والعبد عبد وإن مشى على الدرّ
تمعنوا في هذه الابيات للمقنع الكندي وانظروا ما فيها من درر.
يعاتبني في الدين قومي وإنما ... ديوني في أشياء تكسبهم حمدا
أسد به ما قد أخلوا وضيعوا ... حقوق ثغورٍ ما أطاقوا لها سداّ
ولي جفنةٌ لا يغلق الباب دونها ... مكللةٌ لحماً مدفقةٌ ثردا
ولي فرسٌ نهدٌ عتيقٌ جعلته ... حجاباً لبيتي ثم أحدمته عبدا
وإن الذي بيني وبين بني أبي ... وبين بني عمي لمختلفٌ جداً
إذا أكلوا لحمي وفرت لحومهم ... وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجداً
وإن ضيعوا غيبي حفظت غيوبهم ... وإن هم هووا غيَّي هويت لهم رشداً
وليسوا إلى نصري سراعاً وإن هم ... دعوني إلى نصرٍ أتيتهم شدا
وإن زجروا طيري بنحس يمر بي ... زجرت لهم طيراً يمر بهم سعدا
ولا أحمل الحقد القديم عليهم ... وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا
لهم جل مالي أن تتابع لي غنى ... وإن قلت مالي لم أكلفهم رفدا
وإني لعبد الضيف مادام نازلا ... وما شيمةٌ لي غيرها تشبه العبدا.
وروى الثعالبي في (الشكوى والعتاب) والزمخشري في (ربيع الأبرار) وغيرهم عن عبد الله بن طاهر أحد قواد الدولة في عهد الخليفة العباسي المأمون، قال: كنت عند المأمون ثاني اثنين، فنادى: يا غلامُ يا غلام، بأعلى صوته، فلم يجبه الغلام، ثم نادى ثانيا، فدخل غلامٌ تركيٌّ فقال: أيُمْنَع الغلامُ أن يأكلَ ويشربَ أو يتوضأَ ويصلي؟ كلما خرجنا من عندك تصيحُ يا غلام يا غلام! إلى كَمْ يا غلام يا غلام؟! فنكَّس المأمونُ رأسَه طويلاً، فما شككتُ أنه يأمر بضرب عنقه، فقال: "يا عبد الله، إن الرجلَ إذا حسُنَتْ أخلاقُه ساءتْ أخلاقُ خَدَمه، وإذا ساءت أخلاقُه حسُنت أخلاق خدمه، فلا نستطيع أن نسيءَ أخلاقَنا لتَحْسُنَ أخلاقُ خَدَمِنا".
نعم والله هكذا هم الكبار لا يصغرون اذا صغر الناس ولا يستطيعون الاساءة لانها من النقائص والصغائر التي يترفع عنها كبار النفوس والقامات.
الحرّ حرّ وإن مسّه الضرّ، والعبد عبد وإن مشى على الدرّ
تمعنوا في هذه الابيات للمقنع الكندي وانظروا ما فيها من درر.
يعاتبني في الدين قومي وإنما ... ديوني في أشياء تكسبهم حمدا
أسد به ما قد أخلوا وضيعوا ... حقوق ثغورٍ ما أطاقوا لها سداّ
ولي جفنةٌ لا يغلق الباب دونها ... مكللةٌ لحماً مدفقةٌ ثردا
ولي فرسٌ نهدٌ عتيقٌ جعلته ... حجاباً لبيتي ثم أحدمته عبدا
وإن الذي بيني وبين بني أبي ... وبين بني عمي لمختلفٌ جداً
إذا أكلوا لحمي وفرت لحومهم ... وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجداً
وإن ضيعوا غيبي حفظت غيوبهم ... وإن هم هووا غيَّي هويت لهم رشداً
وليسوا إلى نصري سراعاً وإن هم ... دعوني إلى نصرٍ أتيتهم شدا
وإن زجروا طيري بنحس يمر بي ... زجرت لهم طيراً يمر بهم سعدا
ولا أحمل الحقد القديم عليهم ... وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا
لهم جل مالي أن تتابع لي غنى ... وإن قلت مالي لم أكلفهم رفدا
وإني لعبد الضيف مادام نازلا ... وما شيمةٌ لي غيرها تشبه العبدا.
وروى الثعالبي في (الشكوى والعتاب) والزمخشري في (ربيع الأبرار) وغيرهم عن عبد الله بن طاهر أحد قواد الدولة في عهد الخليفة العباسي المأمون، قال: كنت عند المأمون ثاني اثنين، فنادى: يا غلامُ يا غلام، بأعلى صوته، فلم يجبه الغلام، ثم نادى ثانيا، فدخل غلامٌ تركيٌّ فقال: أيُمْنَع الغلامُ أن يأكلَ ويشربَ أو يتوضأَ ويصلي؟ كلما خرجنا من عندك تصيحُ يا غلام يا غلام! إلى كَمْ يا غلام يا غلام؟! فنكَّس المأمونُ رأسَه طويلاً، فما شككتُ أنه يأمر بضرب عنقه، فقال: "يا عبد الله، إن الرجلَ إذا حسُنَتْ أخلاقُه ساءتْ أخلاقُ خَدَمه، وإذا ساءت أخلاقُه حسُنت أخلاق خدمه، فلا نستطيع أن نسيءَ أخلاقَنا لتَحْسُنَ أخلاقُ خَدَمِنا".
نعم والله هكذا هم الكبار لا يصغرون اذا صغر الناس ولا يستطيعون الاساءة لانها من النقائص والصغائر التي يترفع عنها كبار النفوس والقامات.