بسم الله الرحمن الرحيم
الحلقة =23= من سلسلة وقفات مع الذكر=23=الوقفة الثالثة مع التسابيح=التكبير
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين ، وحمد الله ثلاثا وثلاثين ، وكبر الله ثلاثا وثلاثين ، فتلك تسعة وتسعون ، وقال : تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير غفرت خطاياه ، وإن كانت مثل زبد البحر .رواه مسلم في صحيحه.
بعد ان سبحنا الله تعالى، ونزهناه وابعدنا عنه كل صفة نقص، واثبتنا له كل صفة كمال، لانه الخالق الكامل، المستحق بذاته لصفات الكمال، المتصف بها ، والتي اخبرنا عنها بوحيه لعجز مداركنا عن الاحاطة به سبحانه، فحمدناه تعالى على نعمه التي لا تعد ولا تحصى، والتي امتن بها علينا تفضلا منه واحسانا، واثنينا عليه وامتدحناه بما هو اهل له، ومستحق واجب
له على عباده، وقررنا ان لا نمتدح ولا نحمد الا ما يرضاه ومن نحسب انه يرضاه، وان يكون شكرنا وثنائنا له تعالى بما وفيما يرضيه سبحانه، وهذا التسبيح والحمد للمحمود بذاته، يقودنا الى تكبيره فنقول ..الله اكبر..و الله علم دال على الاله الخالق الموجد من العدم المدبر لامر الخلق بما يستقيم به وجودهم، ويصلحه بعد اخراجهم من حيز الفناء والعدم الى حيز الوجود، المستحق للعبودية والطاعة ، واسم الله مأخوذ من الإله المعبود . و قال العلماء: "الله" علم على الذات العلية الواجبة الوجود المستحقة لجميع المحامد، أنزله على آدم في جملة الأسماء، وهو أشهر أسمائه، ولهذا تأتي بعده أوصافا له، وقد قبض الله تعالى عنه الألسن فلم يسم به سواه عز وجل. قال تعالى: [هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا] (مريم: 65). أي هل تعلم أحدا تسمى الله استفهاما بمعنى النفي.
قال الزمخشري الله اسم يقع على كل معبود بحق أو باطل،ثم غَلَبَ على المعبود بِحَقّ ).
وأكبر : جائت بصيغة أفعل التفضيل و معناها أجل وأعظم من كل ما يخطر ببالك او يخيله لك خيالك، فقد كان صلى الله عليه وسلم يقول: سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة. رواه أصحاب السنن. وافعل التفضيل عادة تستعمل لاجراء المقارنة والمقايسة وهي هنا ممتنعة لانه ليس كمثله شيء ..ولانه لم يكن له كفوا احد..فكيف تتم المقايسة بين المحدود مهما عظم وكبر في نظرك، وبين المطلق الذي لا تحيط به قيود ولا حدود، وسمى وجوده عن الافهام، فلم تحط به مدارك الانام سبحانه ذوالجلال والجبروت الكبير المتعال وقصرت عنه كل الافهام . وفي قوله تعالى ليس كمثله شيء نفي للتجسيم الذي من مقتضياته الصورة ونفي للتشبيه الذي يوهم التجسيد ، فنحن لا نتصور كبشر وجود لمخلوق الا بصورة وجسم ،
وشبيه يقرب منظر الصورة..فالله اكبر من التصورات التي تخطر ببالك واجل من التشبيه والتجسيم ، واجل واعظم من كل ما يرسمه ويصوره لك خيالك. ان مسالة التشبيه والتجسيم والتصوير قادت الانسان عبر مسيرة حياة وجوده البشري على هذه الارض، الى الانحراف والشك والشرك حين عجز عقله عن استيعاب الوجود المطلق لواجب الوجود، فانقاد الى التفكير المرتكز للمادة والواقع المحسوس، متخذه مقياسا ومصدرا لافكاره فانحط الانسان وانحط تفكيره وساءت احوال وجوده واضطربت مسيرة حياته..
ان دلالة بعض العبارات على وجود نسبة بين الله عزّ وجلّ ومخلوقاته, كقوله: إنّه أرحم الراحمين، فهذا صحيح لا ينكر بحسب الفهم العرفي واللغوي، وذلك لأنّ بعض المفاهيم يلزم منها المشاكلة والمماثلة في صفات ينزّه الله سبحانه وتعالى عنها، وهي كلّ الصفات الخاصّة بالجسمية أو الملازمة لها، فإذا قيل بالمقايسة بين الله وغيره في مثل هذه الصفات، وقع منه محذور التشبيه والتجسيم. وهناك بعض المفاهيم غير مختصة ولا لازمة للجسميات، كالعلم والحياة مثلاً، فيلزم من المقايسة فيها محذور التشبية والتجسيم.
فاذا توخّينا الدقّة العقلية فلا مقارنة ولا مقايسة في هذه الصفات أيضاً بين الخالق والمخلوق، فأين الممكن من الواجب، وأين المحدود من الكمال المطلق، ولكن ذلك من ناحية المصداق لا من ناحية المفاهيم.
ونلاحظ ان التكبير نداء صلاتنا واعلامنا بدخول وقتها والتكبير به نفتتح صلاتنا وبه ندخل فيها ، وبه ننتقل من حركة الى حركة اخرى من حركاتها، وبالتكبير نؤذن في اذان اطفالنا المواليد ليكون اول ما يسمعون من الكلام، وبالتكبير نصلي على امواتنا، وبالتكبير نقاتل اعدائنا في ميادين الجهاد والاستبسال، وبالتكبير نبدأ نهار اعيادنا، وبالتكبير نعلن انتصاراتنا على اعداء ديننا وامتنا..فالتكبير يشمل كل حياتنا لانها دوما خاضعة فقط لله اكبر، الاكبر من كل وجود ومن كل موجود، وتكبير الله تعظيمه تعالى وتعظيم شرعه وحكمه والتزامه دون سواه.
ودمتم اخواني في رعاية الاكبر سبحانه
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحلقة =23= من سلسلة وقفات مع الذكر=23=الوقفة الثالثة مع التسابيح=التكبير
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين ، وحمد الله ثلاثا وثلاثين ، وكبر الله ثلاثا وثلاثين ، فتلك تسعة وتسعون ، وقال : تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير غفرت خطاياه ، وإن كانت مثل زبد البحر .رواه مسلم في صحيحه.
بعد ان سبحنا الله تعالى، ونزهناه وابعدنا عنه كل صفة نقص، واثبتنا له كل صفة كمال، لانه الخالق الكامل، المستحق بذاته لصفات الكمال، المتصف بها ، والتي اخبرنا عنها بوحيه لعجز مداركنا عن الاحاطة به سبحانه، فحمدناه تعالى على نعمه التي لا تعد ولا تحصى، والتي امتن بها علينا تفضلا منه واحسانا، واثنينا عليه وامتدحناه بما هو اهل له، ومستحق واجب
له على عباده، وقررنا ان لا نمتدح ولا نحمد الا ما يرضاه ومن نحسب انه يرضاه، وان يكون شكرنا وثنائنا له تعالى بما وفيما يرضيه سبحانه، وهذا التسبيح والحمد للمحمود بذاته، يقودنا الى تكبيره فنقول ..الله اكبر..و الله علم دال على الاله الخالق الموجد من العدم المدبر لامر الخلق بما يستقيم به وجودهم، ويصلحه بعد اخراجهم من حيز الفناء والعدم الى حيز الوجود، المستحق للعبودية والطاعة ، واسم الله مأخوذ من الإله المعبود . و قال العلماء: "الله" علم على الذات العلية الواجبة الوجود المستحقة لجميع المحامد، أنزله على آدم في جملة الأسماء، وهو أشهر أسمائه، ولهذا تأتي بعده أوصافا له، وقد قبض الله تعالى عنه الألسن فلم يسم به سواه عز وجل. قال تعالى: [هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا] (مريم: 65). أي هل تعلم أحدا تسمى الله استفهاما بمعنى النفي.
قال الزمخشري الله اسم يقع على كل معبود بحق أو باطل،ثم غَلَبَ على المعبود بِحَقّ ).
وأكبر : جائت بصيغة أفعل التفضيل و معناها أجل وأعظم من كل ما يخطر ببالك او يخيله لك خيالك، فقد كان صلى الله عليه وسلم يقول: سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة. رواه أصحاب السنن. وافعل التفضيل عادة تستعمل لاجراء المقارنة والمقايسة وهي هنا ممتنعة لانه ليس كمثله شيء ..ولانه لم يكن له كفوا احد..فكيف تتم المقايسة بين المحدود مهما عظم وكبر في نظرك، وبين المطلق الذي لا تحيط به قيود ولا حدود، وسمى وجوده عن الافهام، فلم تحط به مدارك الانام سبحانه ذوالجلال والجبروت الكبير المتعال وقصرت عنه كل الافهام . وفي قوله تعالى ليس كمثله شيء نفي للتجسيم الذي من مقتضياته الصورة ونفي للتشبيه الذي يوهم التجسيد ، فنحن لا نتصور كبشر وجود لمخلوق الا بصورة وجسم ،
وشبيه يقرب منظر الصورة..فالله اكبر من التصورات التي تخطر ببالك واجل من التشبيه والتجسيم ، واجل واعظم من كل ما يرسمه ويصوره لك خيالك. ان مسالة التشبيه والتجسيم والتصوير قادت الانسان عبر مسيرة حياة وجوده البشري على هذه الارض، الى الانحراف والشك والشرك حين عجز عقله عن استيعاب الوجود المطلق لواجب الوجود، فانقاد الى التفكير المرتكز للمادة والواقع المحسوس، متخذه مقياسا ومصدرا لافكاره فانحط الانسان وانحط تفكيره وساءت احوال وجوده واضطربت مسيرة حياته..
ان دلالة بعض العبارات على وجود نسبة بين الله عزّ وجلّ ومخلوقاته, كقوله: إنّه أرحم الراحمين، فهذا صحيح لا ينكر بحسب الفهم العرفي واللغوي، وذلك لأنّ بعض المفاهيم يلزم منها المشاكلة والمماثلة في صفات ينزّه الله سبحانه وتعالى عنها، وهي كلّ الصفات الخاصّة بالجسمية أو الملازمة لها، فإذا قيل بالمقايسة بين الله وغيره في مثل هذه الصفات، وقع منه محذور التشبيه والتجسيم. وهناك بعض المفاهيم غير مختصة ولا لازمة للجسميات، كالعلم والحياة مثلاً، فيلزم من المقايسة فيها محذور التشبية والتجسيم.
فاذا توخّينا الدقّة العقلية فلا مقارنة ولا مقايسة في هذه الصفات أيضاً بين الخالق والمخلوق، فأين الممكن من الواجب، وأين المحدود من الكمال المطلق، ولكن ذلك من ناحية المصداق لا من ناحية المفاهيم.
ونلاحظ ان التكبير نداء صلاتنا واعلامنا بدخول وقتها والتكبير به نفتتح صلاتنا وبه ندخل فيها ، وبه ننتقل من حركة الى حركة اخرى من حركاتها، وبالتكبير نؤذن في اذان اطفالنا المواليد ليكون اول ما يسمعون من الكلام، وبالتكبير نصلي على امواتنا، وبالتكبير نقاتل اعدائنا في ميادين الجهاد والاستبسال، وبالتكبير نبدأ نهار اعيادنا، وبالتكبير نعلن انتصاراتنا على اعداء ديننا وامتنا..فالتكبير يشمل كل حياتنا لانها دوما خاضعة فقط لله اكبر، الاكبر من كل وجود ومن كل موجود، وتكبير الله تعظيمه تعالى وتعظيم شرعه وحكمه والتزامه دون سواه.
ودمتم اخواني في رعاية الاكبر سبحانه
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.