عدم إعلان المسئولية
توالت حوادث قتل المواطنين أو الجنود دون إعلان أي مسئولية، من طائش الرصاص والقذائف والدانات أو القتل من الجماعات المسلحة الصهيو-وهابية الداعشية في المنازل أو الميادين دون حماية حقيقية من قوات إنفاذ القانون، بعد أن هرب كل الأغنياء والمقربون من النظام إلى القاهرة واستوطنوا فيها ويشاركونه في مشاريع السيسي التي تغدق عليهم بسخاء على أن يتبنوا خطابه السياسي، كان حال الواقع عن ما يجري في المنطقة (ج) ـ من رفح على الحدود مع فلسطين المحتلة حتى شرق العريش بموازاة قطاع غزة ـ حسب الملاحق الأمنية لكامب ديفيد والتي يطلق عليها خبرائهم الاستراتيجيين جنرالات_كامب_ديفيد وأبواقهم الإعلامية والذين يتماهوا معهم من المخدوعين مثلث الرعب، الرعب الذي يتم بفعل فاعل وبتناغم بين الجماعات المسلحة الصهيو-وهابية الداعشية وأصحاب القرار السياسي لتوجيه تحركات قوات انفاذ القانون في طريقة خوض حربهم على الإرهاب، هو الدفع نحو التهجير لإخلاء تلك المنطقة.
انسحاب للدولة
سيناريو التهجير يتم بشكل متناغم ومحبوك بين طرفي حربهم المعلنة على الإرهاب فبعد أي عملية هجوم تقوم بها الجماعات المسلحة الصهيو-وهابية الداعشية يقابلها انسحاب للدولة من سيناء، والتخلي عن مظاهر السيادة عليها، فسبق أن تم نقل كافة مقار دوائر محكمة العريش، الكلية والجزئية، إلى محافظة الإسماعيلية بقرار من مساعد أول وزير العدل، بعد استهداف القضاة في مايو, نوفمبر 2015، ورحلوا العمال البنائيين (عمال اليومية صعايدة مسيحيين) الذين يعملون من سنين طويلة في المعمار ـ يعني لا بناء ولا تعمير ولا تنمية ـ يذهبوا للصعيد مرة أو مرتين في السنة، حيث تم التحفظ عليهم في قسم ثاني العريش بعد حملة من القسم أخذتهم وقالوا لهم: “سيتم تأمينكم في القسم حتى ترحيلكم لأننا رصدنا مكالمة تتحدث عن النية لاستهدافكم بعد حوادث القتل والخطف الأيام السابقة ـ مقتل صالح أبو عتلة، ومدرس مسيحي يعمل في تجارة الأحذية بالقرب من سوق الخميس بالعريش، والعثور على جثتين لشخصين مجهولين بالقرب من العجراء جنوب رفح ـ وحماية لكم لأن بقائكم فيه تهديد لحياتهم”
ومظهر أخر من مظاهر انسحاب الدولة حيث يتم اطلاق سراح الطالب حامد صالح أبو عتلة (23 عاما)، والذى اختطف من منزله بالساحة الشعبية بوسط العريش، ولقي والده مصرعه أثناء محاولة منع اختطافه، وذلك بعد أن توسلت شقيقته لأمير المنطقة التكفيري بإطلاق سراحه وقوات انفاذ القانون تراقب عن بعد حال الاختطاف والقتل والمناشدة ولكنها لم تتواني عن ترحيل العمال بعد رصد مكالمة الوعيد.
وانسحاب للدولة من نوع أخر، فبعد تفجير جراج شركة النظافة التي ترفع وتجمع القمامة من مدينة العريش، انسحبت الشركة تماماً من العمل بالمحافظة، وشكلت القمامة والحيوانات النافقة والاكياس جبالاً، تغطى جميع الشوارع بالمدينة، مما أدى إلى انتشار الفئران والقوارض والكلاب والقطط الضالة، وبيئة حاضنة وخصبة لانتشار الأمراض والأوبئة، والمسئولين في الإدارة المحلية المنوط بهم تمثيل الدولة كأحد مظاهر السيادة ينتظروا التعليمات، وكأنه عقاباً لرفض، القتل خارج إطار القانون، وافتضاح انتهاكاتهم، ومقاومة مخطط التهجير، عبر الحراك الشعبي.
وانسحاب الدولة لتفسح الطريق أمام أدواتها للحرب بالوكالة لإزالة آثار حربهم على الإرهاب عن طريق جماعات التهريب رافعة راية القبلية.
انسحاب بطعم التفريط
وكأن حادث الدهيشة (المطافي) إذن بخوض معركة تطهير الأثار وتمهيد الأرض للترتيبات التي دبرت بليل وخلف ستار السرية الشفاف الذي فضه العدو الصهيوني ومعه عذرية جنرالات_كامب_ديفيد الوطنية في العقبة، والتي أعقبها بزفة “المنديل/المَحرّمة“ البلدي، المنديل الذي كان وثيقة التنازل عن مصرية جزء من سيناء جزيرتي تيران وصنافير حيث قطراته الحمراء مداد أو الحبر الذي شكل حروف فض الشرف والعفة، وبداية لنزيف لا يتوقف للآن.. يستهدف كل سيناء الأرض والفرد والثروات.
ولا يجب أن نغفل أن سيناء قضية وطنية، وأن التفريط الساداتي في السيادة بتوقيعه اتفاقية سلامه مع العدو الصهيوني والمعروفة باتفاقية كامب ديفيد عام 1979، كان الأرضية التي على أساسها يتم تنفيذ مخططات تقسيم المنطقة وتطويرها لكامب ديفيد الثانية، حيث كانت مناطق تواجد قوات حفظ سلامهم وحماية (إسرائيل) ودعم الدواعش، محور رئيس في صفقة القرن.
الخريطة التي تحدد المناطق محدودة التسليح[1] وفقاً للملاحق الأمنية لكامب ديفيد1، فيها باللون الأحمر المناطق المحتلة من القوات المسماة حفظ السلام M.F.O ـ التي تقدم دعم لوجستي للجماعات الصهيو-وهابية الداعشية في الشمال، ويدخل في زمامها المناطق المتاخمة لحدود جمهورية مصر العربية التي يحظر تملك أو حق انتفاع أو إيجار أو إجراء أي نوع من التصرفات في الأراضي والعقارات الموجودة بالمناطق الاستراتيجية ذات الأهمية العسكرية، بمسافة 5 كيلومترات غرباً، والتي أصدر السيسي بشأنها القرار الجمهوري رقم 444 لسنة 2014، أما التي في الجنوب على الشاطئ المقابل لجزيرتي تيران وصنافير التي يسعي السيسي بكل ما يملك من أدوات لتدويل المياه الإقليمية بالتنازل عنهما للصهاينة عبر سعودتها في أطار تمهيد الأرض لتوقيع اتفاق كامب ديفيد الثانية التي تشمل دول الطوق لفلسطين المحتلة. لتحقيق سلام دافئ مع العدو الصهيوني.
فما كانت حربهم على الإرهاب المحتمل حيث اختار طرفي الحرب جنرالات كامب ديفيد والجماعات المسلحة الصهيو-وهابية الداعشية سيناء ميدان لحسم الصراع بين مشروعين الأول تدويل سيناء وتهجير السكان لتوطين اللاجئين الفلسطينيين مع تمصيرهم.. والأخر الاستقلال بها كولاية داعشية في دولة الخلافة، فاختار الطرفان إطالة أمد الحرب، مهما كلفت من دماء المواطنين والجنود أبناء الفقراء من الفلاحين والعمال والمهمشين وإفقار الشعب، لكسب الوقت وتهيئة الرأي العام المصري للقبول بالتفريط في سيناء عن طريق تدويلها من خلال إعداد البنية التشريعية والتي انطلقت من اتفاقية الشراكة بين الحكومة المصرية والجماعات الأوربية ودولها الأعضاء، بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، التي وقعها مبارك وتتضمن مادتها رقم (69) السماح بتوطين مواطني دولة ثالثة بالأراضي المصرية، فأصدر مبارك القرارين الجمهوريين 335 لسنة 2002 والذى نشر بالجريدة الرسمية بالعدد 47 بتاريخ 20/11/2003، والقرار الجمهوري 11 لسنة 2004 والذى نشر بالجريدة الرسمية بالعدد 13 تابع في 25/3/2004 للسماح بتوطين مواطني دولة ثالثة بالأراضي المصرية، بحيث يتم التخلص من الكثافة السكانية في مدينة غزة.. حيث أصدر السيسي قراراً جمهورياً رقم 444 لسنة 2014، بشأن تحديد المناطق المتاخمة لحدود جمهورية مصر العربية ألغت المادة الثالثة من القرار الجمهوري رقم 204 لسنة 2010 بشأن تحديد المناطق المتاخمة لمصر التي تستثني مدينة رفح والمباني المقامة داخل الزمام وكردونات المدن، والمقامة على الطبيعة في حق المصريين التملك فيها، ويحرمهم من هذا الحق.
وفي 30 يناير 2017 رئيس وزراء السيسي يصدر تعديل على اللائحة التنفيذية للقانون 14 لسنة 2012 لتنمية شبه جزيرة سيناء بالقرار رقم[2] 215 لسنة 2017 تحرم المصريين سكان سيناء من الاعتداد بأملاكهم قانوناً، واعتبارهم واضعي يد، وتعدي على أملاك الدولة يجب إزالته، بعد أن بوروا الأرض المزروعة باقتلاع كل ما زرعوه من مئات السنين وزادوا عليها بعد عام 1982 من اشجار زيتون وموالح ولوز وخوخ ومنع إعادة زراعتها من جديد، وتسمح لرئيس الجمهورية بتمليك غير المصريين في سيناء (العرب)، والاتاحة للاستثمار الأجنبي في محور قناة السويس من خلال نسبة 45% في شركات يملكها جنرالات_كامب_ديفيد دون استثناء رأس المال الصهيوني. استكمالاً لسيناريو تفريغ المنطقة وتهجير السكان لتوطين اللاجئين الفلسطينيين مع تمصيرهم.
و في 7 فبراير, 2017 يعلن اللواء كامل الوزير رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة: “إلغاء مشروع إقامة أنفاق للسكة الحديد أسفل قناة السويس ـ الذي كان من المقرر العمل بها في منتصف عام 2018 ـ بعدما أكدت الدراسات الهندسية والفنية ارتفاع تكاليف إنشاءه التي تتعدى 8 مليارات جنيه”، ولكن التكاليف متاحة لبناء عاصمة السيسي الإدارية، أما تكاليف انشاء أرخص وسيلة مواصلات تخدم التنمية والأمن القومي تكاليفها مرتفعة طالما لا ترضي العدو الصهيوني. فلابد أن يكون التهجير والدفع إليه هو خطوة تالية بعد صدور القرار 215 لسنة 2017 والسعي للتنازل عن مصرية تيران وصنافير كتمهيد لتوقيع كامب ديفيد الثانية التي تضم كل دول الطوق لفلسطين المحتلة ودول الخليج.
الحصار
أصحبت الإجراءات المشددة المتبعة عند عبور قناة السويس بطولها من غربها لشرقها والعكس منذ العام 2013 محمية بقرار رسمي أفصح عنه مدير أمن محافظة جنوب سيناء، في 10 يناير، 2017 في تصريحات صحفية، وبحكم موقعة تحدث بأن الإجراءات تنطبق على جميع العابرين عبر نفق الشهيد أحمد حمدي، وهذه الإجراءات تتمثل في أن يحمل الشخص بطاقة الرقم القومي الصادرة من سيناء، أو كارنيه الأمن الصادر من جهة العمل إذا كان موظفاً في جهة حكومية، ولكنه قرار شامل يحظر على المصريين دخول كل سيناء، لتتحول كل سيناء لميدان معركة عليه لافته كبيرة ممنوع الاقتراب والتصوير وغير مسموح الدخول إليها لغير السكان إلا عبر الكارت الأمني.
في 16 فبراير، أصدر رئيس وزراء السيسي القرار رقم 334 لسنة 2017، تحت عنوان عريض البضائع مزدوجة الاستخدام (عسكري ومدني)[3]، يحظر سير كافة الدراجات النارية وملحقاتها بمثلث الرعب (العريش، الشيخ زويد، رفح، حتى الحدود مع جنوب سيناء، ورأس سدر)، فقامت قوات إنفاذ القانون بالتوسع في مفهوم البضائع مزدوجة الاستخدام حتى وصلت للدواجن وأنابيب الغاز والاكسجين.
وتيرة تفريغ سيناء والذي بدأت بأضعف حلقات المجتمع المحلي المسيحيين السيناوية وبقرار رسمي، وسخرت الدولة بكاملها كل أدواتها لتطبيع واقع التهجير في المناطق التي استقروا بها، تلاهم العرايشية الصعايدة الذين تجري محاولات حثيثة لدفعهم للرحيل لمحافظاتهم الأصلية بعد أن تم ترحيل البنائيين منهم، وعمال النظافة بتخفيض أجورهم، وتضيق الخناق وإحكام الحصار على السكان الصامدين والرافضين للتهجير، واختلاق أزمة وقود بين الحين والحين بتعطيل وصول شاحنات المحروقات للعريش، وغيابها بشكل تام عن مركزي رفح والشيخ زويد، ودفع الصامدين في مركزي رفح والشيخ زويد للهجرة بإعطاب كابل الجهد العالي 66″ بشكل مستمر ليعيشوا في ظلام دامس لمدد تصل مرات عديدة لأسبوعين في ظل تعمد تعطيل إصلاحه، وفشلت محاولتي إعتام العريش في 25 إبريل، 5 مايو 2017 باتباع سيناريو كابل الجهد العالي ٦٦ بسبب صمود ووعي عمال محطة محولات نقل الطاقة الكهربية بالمساعيد المحطة الرئيسية التي تغذي العريش وشبكة الجهد العالي الدولية بسرعة طلب الاستغاثة من كل الجهات ومنها الناس، والذي اختار الدواعش وقوات إنفاذ القانون طرفي المحطة المتقابلان منصة انطلاق قذائفهم المتبادلة.. والتي لو اصابت المحطة لأحرقت غرب العريش بجانب الاعتام التام.
والتهجير بالتعطيش حيث ظلت مناطق جنوب العريش 3 شهور محرومة من المياه بسبب انقطاع الكهرباء ناهيك عن عدم تغذيتها عبر الخطوط، وكسر الماسورة الرئيسية بالخط الـ 1000 مللي المغذي للعريش وبعض مناطق رفح والشيخ زويد، وأعلنت شركة المياه أنها ستدفع بسيارات مياه على كل أحياء المدينة لمن يطلب، ليستعيد الجركن العرايشي نشاطه الكامل بكل حيوية بعد فترة خمول طويلة، حتى وجب على التناغم أن يحل حيث إصابة 3 عمال من شركة مياه الشرب بشظايا متفرقة بالجسد، بعد استهداف الدواعش سياراتهم حال سيرها بمدخل المدينة، في 2 مايو 2017، لأنها تنقل المياه للمقرات الأمنية فقط والناس عطشى.
الترهيب وتوسيع دائرة الاشتباه
تحت مظلة حالة الطوارئ المقرونة حظر التجوال التي كانت تظلل المنطقة من تل رفح حتى غرب العريش، والجنوب من مفذ العودة حتى جبل الحلال (كما موضحة بالخريطة)[4]، والتي دخلت عامها الرابع مع فرضها على مستوى الجمهورية، فقد كانت تفرض كل 3 شهور دون أي سند من دستورهم، كان يتم الترهيب بالتوسع في حالات القتل خارج إطار القانون، وكان من يعترض على أي فعل مخالف للقانون أو حتى المنطق كان يرفع له كارت تحويله للكتيبة 101 والتهمة جاهزة القبض على أو تصفية إرهابي في المواجهات أو الاختفاء القسري حتى يأتي القرار، والدواعش حسب مبدأ التناغم تقتل وتجز الرؤوس وتحرق الناس أحياء وتصفي بعضهم في الميادين العامة وعلى مقربة من كمائن قوات إنفاذ القانون الثابتة، وكانت التهمة التعاون مع الطواغيت من الجيش والشرطة.
وكانت عملية الترهيب المتناغمة كحقنة المخدر التي جهزت الناس للاستسلام لحملات توسيع دائرة الاشتباه الأمنية بعد أن تم تهجير المسحيين السيناوية في اطار مراجعة الخطط الأمنية التي سبقت استهداف كمين الدهيشة (المطافي)، وكانت المعالجة الإعلامية لها أخذت عنوان: (المنطقة أو الحي أو الشارع (كذا…) يسأل الآن) حيث كانت تلك الحملات تمر على البيوت بيت، بيت في منطقة ما كعملية جرد عمري للسكان تستهدف الشباب من سن 18 حتى 35، حتى وصلت لدرجة السؤال التالي: عندكم شباب؟! إنهم لا يحاربوا الإرهاب إنهم يستهدفوا بكرة يستهدفوا التغيير.
وّهْم السيطرة على جبل الحلال
السيطرة على جبل الحلال ليست بالسهلة، وأيضاً ليست مستحيلة، لكن لها شروط وتكلفة سياسية.
في البداية يجب أن نعلم أن منطقة جبل الحلال من المناطق الوعرة جداً في سيناء، فالدروب المؤدية إلى منطقة جبل الحلال، عَبّدها أهل المنطقة وأغلبها من جهة الشرق والشمال الشرقي، فمن جهة الغرب والجنوب حادة وعمودية (أنظر الصورة)[5] ومنحدر من الشرق وامتداده حتى جبل ضلفة في النقب الفلسطينية التي يحتلها العدو الصهيوني، والذي يفصلهما وادي العمر/ وهناك قرية تحمل نفس الاسم من قرى قسم القسيمة التابع لمركز الحسنة، ويصعب على أحد دخول منطقة جبل الحلال أو معرفة اتجاهاتها إلا مَن عاش فيها وخَبّرها من أهل المنطقة أنفسهم. فهو يمتلئ بالكهوف والوديان وبمغارات وشقوق يصل عمقها أحيانا إلى 300 متر. فالجبل يمتد لحوالي 60 كم من الشرق إلى الغرب، ويرتفع نحو 1700 متر فوق مستوى سطح البحر. ويقع ضمن المنطقة «ج»، طبقا لاتفاقية كامب ديفيد والملحق الأمني بها، ويُمنع فيها تواجد أي قوات للجيش المصري، فقط عناصر من الأمن المركزي وبتسليح معين.. وحسب الخريطة الأمنية لتوزيع القبائل، القبيلتان المسؤولتان أمام الدولة عن حماية جبل الحلال مناصفًة التياها من الجنوب والترابين من الشمال.
و في بيان للمتحدث العسكري يوم 2 إبريل، 2017 سبق جولة نظمتها إدارة الشئون المعنوية لوفد كبير من الشخصيات الإعلامية والمحررين العسكريين ومراسلي القنوات الفضائية والشبكات، إلى منطقة جبل الحلال جاء فيه: “تم فرض السيطرة الكاملة عليه وتطهيره من الإرهاب في ملحمة بطولية جديدة لمقاتلي الجيش الثالث الميداني”، تلك الجولة التي لم تبرح استراحة مصنع الاسمنت إلا إلى طرف الجبل بعد أن استعرضوا نماذج للغنائم، هذا ليس تقليلاً من الجهود التي قامت بها القوات الخاصة من الصاعقة والمظلات، ولكنها ليست فرض السيطرة الكاملة، فالسيطرة الكاملة تعني الآتي:
احتلال لواء كامل من قوات جيشنا للجبل بشكل دائم وليس حصاره، وهذا يتعارض مع الملاحق الأمنية لكامب ديفيد، إلا إذا كان من ضمن ترتيبات كامب ديفيد2 من خلال صفقة القرن، وبموافقة العدو الصهيوني الذي شارك الحملة بإسناد ودعم لوجستي من الطائرات بدون طيار (الزنانات) التي اخترقت المجال الجوي المصري لاستهداف الجماعات الداعشية الفارة متجاوزة الحدود، أم تأمين مدعوميها؟!!!.
تسكين شباب المنطقة باللواء عند تجنيدهم أو فتح باب التطوع لهم في الجيش المصري، كأحد شروط المواطنة، وليس فرق غير نظامية كفرقة الموت أو الكتيبة 103، خاضعين لمكتب (شئون القبائل) بالمخابرات الحربية الذي يطلق عليهم: “أهالي سيناء الشرفاء الذين يعملون يداً بيد مع قواتهم المسلحة”.
تنمية منطقة وادي العمر والقسيمة والاهتمام بقراها وقاطنيها المتاخمة للحدود مع فلسطين المحتلة، واعطائها الأولوية في خطة التوطين وجذب السكان وليس بقرار التفريغ والتهجير 444 لسنة 2014 الذي يشملها، أم ستدخل في تبادل الأراضي حال قبول كل الأطراف في الحلف الصهيو-أمريكي الوهابي بصفقة القرن لحل قضية.
مقتل 18 تكفيرياً والقبض على 31 عنصراً آخرين، مقابل غنائم (كما عَدَدّها قائد الجيش الثالث الميداني) تمثل تجهيزات كتيبة، لا تعني أنه قد تم تطهير الجبل تماماً، وإلا كان عدد الفارين أضعاف، أضعاف، وهل لنا أن نسأل أين وجهتهم؟!، وهل هؤلاء هم مَن بسببهم تُخاض حرب منذ 3 سنوات ونصف.. بل السيطرة تعني تطهير الجبل من الخارجين عن القانون في تهريب الأجنبيات والمخدرات والسجائر والتبغ والأسلحة إلى دولة الكيان (إسرائيل)، أم تم اتباع سياسة شركاء لا غرماء معهم، أي اسقاط الأحكام الغيابية مقابل رفع راية القبيلة واخلاء الجبل والتمدد في الأرض السهلة جنوب كردونات المدن الثلاث (العريش، الشيخ زويد، رفح).
الإعلان عن السيطرة على جبل الحلال عبر جولة نظمتها الشئون المعنوية، هو فك الارتباط بين جماعات التهريب التي ترفع راية القبلية التي هي شأن مخابرتي عند معالجة الأمور السياسية (شئون القبائل) والتي تحتل جبل الحلال وبين الجماعات الصهيو-وهابية الداعشية وهو ما وراء استنساخ الخطاب الإعلامي بين رافعي راية القبيلة والإعلام الرسمي: “محاربة الارهاب، عناصر أجنبية هي اللاعب الرئيسي في العمليات الإرهابية، حققنا انتصار على الإرهاب واستهدفنا عناصر التكفيرين (التكفيرين توصيف يتشارك في استخدامه المتحدث الرسمي، وإعلام رافعي راية القبيلة، وصفحات اللجان الالكترونية)”، وإن كان هناك سيطرة كاملة لماذا لم يتم بث حي أو تسجيل للمعارك ونحن نمتلك قمر الاستطلاع العسكري الصناعي “إيجيبت سات ـ 2” والذي تم اطلاقه في 16 إبريل 2014، القادر على رصد كل صغرة وكبيرة، ويسمح بالتقاط الصور بدقة عالية من على ارتفاع حوالي 700 كم، وهو يأتي في إطار دعم روسيا لمصر في محاربة الإرهاب لرصد تحركات واتصالات الإرهابيين وخاصة بسيناء.
رسالتي للمبتهجين بالحرب بإسم قبيلة تتجاوز الحدود بتواجدها حتى الحدود مع العراق، ضد تنظيم ذو نفوذ إقليمي (داعش)، وهذه الحدود هي المشتركة مع فلسطين المحتلة من العدو الصهيوني في صحراء النقب وجنوب حدودنا مع قطاع غزة وجنوب كَرْم أبو سالم.. دون موافقة والتنسيق السيساوي النتن ياهو، وبتخلي الصهاينة عن دعمهم للدواعش، ولما لا يدخل دواعش فلسطين تلك الحرب، خاصة بعد اعتراف حماس ـ في وثيقتها الجديدة ـ ضمنياً بالكيان الصهيوني، وبدولة على حدود ١٩٦٧، وأنها ليست إخوان، تمهيداً لدخولها حلف كامب ديفيد٢.
فالنظام قرر أن يلعب بأدواته، لا أن يستدعي كامل سيناريو دعاة التهجير عقب هزيمة 1967، ألا هو الاستعانة بظهير شعبي يشكل مقاومة شعبية وطنية واعية بأهمية المعركة داعم لجيشنا الوطني، عند تهجير مدن القناة، مقاومة لا تحركها مصالح، بل استدعى من جديد عناصره التابعة للكتيبة 103 رافعة راية القبيلة، بديل عن ظهير شعبي حقيقي تعبر عنه اللجنة الشعبية للعريش اختار قيادتها كل العريش، دعت لتكوين لجان شعبية سلمية مستقلة غير مسلحة ـ فمن يتسلح ليس مستقل ـ، وليست على أساس قبلي، تتناوب فتح دواوين العائلات لكل العائلات، أن تكون نابعة من الشعب (شعبية)، أي جعل الدواوين مقرات مؤقته لمجالس شعبية محلية.. لجنة شعبية استقلالها فَضَح علاقة الجماعات الصهيو-وهابية الداعشية بالعدو الصهيوني.. فكان لابد من اضعاف هذا الحراك الشعبي فغير مسموح بإعادة تجربة أشكال شعبية منظمة كما قبل 25 يناير، قوضت مشاريع سعوا حثيثاً لرسم خطوطها العريضة على الأرض، بمشاركة العدو الصهيوني.
فالمصريين سكان سيناء أصبح لهم لدي الأجهزة الأمنية مكتب يسمى شئون القبائل، من خلاله نظم النظام ما يسمي اتحاد القبائل العربية كأحد أدوات الثورة المضادة.. لأن وجود هذا الكيان فيه اقصاء لمن هم خارج القبائل، أي 80% من السكان ومنهم المصريين المسحيين في شمال سيناء.
الهدف من توتير الأوضاع في المنطقة (ج) في شمال شرق سيناء وغرب العريش بمحاذاة فلسطين (قطاع غزة 14كم)، جعلها حدود مرنة يتحدد شكلها الثابت حسب التفاوض والنجاحات التي تتحقق نحو التفريغ بدفع السكان للهجرة.
حرب سجائر الرويال الوطنية
علينا ألا نسقط من حساباتنا دلالات التواريخ وأحداثها وأدوار الفاعلين فيها، ففي 2 إبريل، 2017 المتحدث العسكري يعلن السيطرة على جبل الحلال، و في 16 إبريل، 2017 نهاية التفاهمات بين مهربي السجاير الرويال (ترابين) والدواعش واشتعال حرب بينهم، في 20 إبريل 2017 فيديو تسريب سيناء على قناة مكملين عن القتل خارج إطار القانون، و في 22 إبريل، 2017 أهل السنة والجماعة بسيناء تصدر بياناً للمصالحة بين مهربي السجاير الرويال (ترابين) والدواعش، وفي 25 إبريل 2017 كان رفض الوساطة بخطف قابله حرق، و في 3 مايو 2017 الصهيوني يوني بن مناحم يكتب: “داعش يتورط في سيناء”، وفي 4 مايو 2017 ترباني غزاوي من دواعشها يدعى “أبو هاشم الترباني”[6] يبث كلمة صوتيه داعمة لأقرانه في جنوب رفح، و في 7 مايو 2017 زنانات العدو الصهيوني تقصف مناطق جنوب رفح ووسط سيناء، وفي 10 مايو 2017 كان يوم حاسم حيث تواترت أنباء عن نتائج المعارك، و في 15 مايو 2017 أصدر مَن أطلوا على أنفسهم أحرار قبيلة السواركة بياناً مطول ومشروط للمشاركة في حرب القبائل المقدسة.
في البداية علينا أن ندرك أن أبطال المعركة الإعلامية والتي تلعب أدوار فاعله في حرب سجاير الرويال مقيمين بالقاهرة وغزة وتل أبيب ولا علاقهم لهم بميدان الحرب.
بعد إعلان السيطرة على جبل الحلال في ثاني أيام شهر إبريل 2017، تلاه تواتر أنباء عن خرق جماعات التهريب اتفاقها الضمني مع الدواعش بعدم التعرض المتبادل مقابل عدم كشف أمانهم، ونشاط مريح لعمليات تهريب السجائر وأكثرها الرويال عبر الحدود، دون أن يؤدي قرار السيسي 444 لسنة 2014 بشأن اخلاء المناطق المتاخمة للحدود لمسافة 5 كم جدواه، والمهم أننا سيطرنا على جبل الحلال، أما الحدود لها ناسها الدواعش وجماعات التهريب وصديق الدفيء المسالم، أي نهاية التفاهمات بينهم.
و في 16 إبريل، 2017 جاء رد الجماعات الصهيو-وهابية الداعشية (ولاية سيناء) على خرق التفاهمات بأن استوقفت شاحنتين محملتين بالسجاير الرويال معدة للتهريب تابعتين لمهربين “ترابين” إلى فلسطين أو إسرائيل، وأشعلوا النيران في شاحنتي “السجائر” بعد جلد اثنين “ترابين” كانا برفقتهما واحتجزوهما كرهائن.. فلاحقهم نفر من جماعتهم وتبادلوا النار مع الدواعش.
وبنعرات قبلية استدعي بعض المتعصبين من التاريخ أجواء حرب الترابين والسواركة البعيد، وجالوا وصالوا في صفحات التواصل الاجتماعي ليعلنوا أن قبيلة الترابين تواجه ولاية سيناء من السواركة والترابين بعد إطلاقهم الرصاص على “مقعد” عائلة “الحكي” التابعة للقبيلة.
و في اليوم التالي مباشرة استقل أفراد القبيلة ما يقرب من 12 سيارة دفع رباعي، وحاصروا سوق البرث جنوب رفح، السوق المعتاد لتسوق “الدواعش”، وألقوا القبض على اثنين من التنظيم، وبحوزتهما جهازين اتصال، واقتيادهما إلى وسط سيناء.
حتى طل إبراهيم المنيعي (سواركة) في 17 إبريل، 2017 اليوم من خلال منشور[7] كتبه على صفحته الشخصية بـ”فيسبوك”، ليرد على هذه الأصوات أخذ عنوان عاجل: “قبيلة (الترابين) تطالب التنظيم “داعش” بإطلاق سراح المخطوفين لديه من كافة القبائل والعائلات مقابل إطلاق سراح ثلاثة من أفراد التنظيم المخطوفين لديهم”.
بعدها تغيرت نغمة مطلقي النعرات ومشعلي الحرب القبلية على مواقع التواصل الاجتماعي، فنشرت مجموعة من المجموعات الداعمة للحرب القبلية على الدواعش على “فيسبوك”: “حالة من الترقب والحذر تسيطر على شمال سيناء، بعد “حرب السجائر” التي اندلعت على مدار اليومين الماضيين، بين أعضاء تنظيم داعش وأبناء قبيلة الترابين،ـ (تم التراجع عن اتهام قبيلتي السواركة والرميلات وأصبح أعضاء التنظيم) ـ على خلفية إحراق التنظيم لشاحنتي “سجائر” حاول أبناء القبيلة تهريبها عبر الحدود إلى غزة.
و في يوم 18/04/2017 تم تعميم رواية تناولتها الصحف وبني عليها متحدثي المكتب (مكتب شئون القبائل)، حيث جاءت الرواية كالآتي: “المعركة بدأت بقيام “الدواعش” من غير أبناء سيناء، والقادمين من باقي المحافظات إلى شبه الجزيرة، والذين يتحكمون في قيادة التنظيم بنسبة ٩٠٪، ـ (وهو تأكيد مرة أخرى على عدم اتهام قبيلتي السواركة والرميلات بالدعشنة، والتراجع عن حملة التشوية المقررة إعلامياً للمصريين سكان سيناء عقب كل حدث) ـ بكسر الاتفاق الضمني مع القبائل حول مرور البضائع المهربة ـ (ولا يكل ولا يمل المتحدثون باسم الترابين تارة وباسم اتحاد القبائل تارة أخرى أنهم ينسقوا مع الجيش والشرطة وأنهم داعمين للدولة في حربها على الإرهاب وبالتالي هذا الاتفاق تحت رعاية السيسي الذي وضعوا على كتفه عباءة الولاء) ـ عندما أشعلوا النيران في شاحنتي “السجائر” وخطفوا اثنين من أبناء قبلية “الترابين” وقاموا بجلدهم، كما تعقبوا شحنة بضائع أخرى على طريق “الحكل”، في الكيلو ١٧ جنوب رفح ـ (تقع في منطقة سيطرة قبيلة الترابين وهي الحدود المشتركة مع فلسطين التي يحتلها العدو الصهيوني عام 1948، حيث الحدود مع فلسطين (قطاع غزة 14 كم) و في نطاق سيطرة قبيلتي السواركة والرميلات) ـ واستولوا على السيارات، وعندما أطلق شاب من “الترابين” النار في اتجاههم، ـ (ليس الدواعش فقط المسلحين) ـ رد الإرهابيون بإطلاق الرصاص على “المقعد” أو المجلس العربي لعائلة “الحكي” التابعة للقبيلة.
توالت حوادث قتل المواطنين أو الجنود دون إعلان أي مسئولية، من طائش الرصاص والقذائف والدانات أو القتل من الجماعات المسلحة الصهيو-وهابية الداعشية في المنازل أو الميادين دون حماية حقيقية من قوات إنفاذ القانون، بعد أن هرب كل الأغنياء والمقربون من النظام إلى القاهرة واستوطنوا فيها ويشاركونه في مشاريع السيسي التي تغدق عليهم بسخاء على أن يتبنوا خطابه السياسي، كان حال الواقع عن ما يجري في المنطقة (ج) ـ من رفح على الحدود مع فلسطين المحتلة حتى شرق العريش بموازاة قطاع غزة ـ حسب الملاحق الأمنية لكامب ديفيد والتي يطلق عليها خبرائهم الاستراتيجيين جنرالات_كامب_ديفيد وأبواقهم الإعلامية والذين يتماهوا معهم من المخدوعين مثلث الرعب، الرعب الذي يتم بفعل فاعل وبتناغم بين الجماعات المسلحة الصهيو-وهابية الداعشية وأصحاب القرار السياسي لتوجيه تحركات قوات انفاذ القانون في طريقة خوض حربهم على الإرهاب، هو الدفع نحو التهجير لإخلاء تلك المنطقة.
انسحاب للدولة
سيناريو التهجير يتم بشكل متناغم ومحبوك بين طرفي حربهم المعلنة على الإرهاب فبعد أي عملية هجوم تقوم بها الجماعات المسلحة الصهيو-وهابية الداعشية يقابلها انسحاب للدولة من سيناء، والتخلي عن مظاهر السيادة عليها، فسبق أن تم نقل كافة مقار دوائر محكمة العريش، الكلية والجزئية، إلى محافظة الإسماعيلية بقرار من مساعد أول وزير العدل، بعد استهداف القضاة في مايو, نوفمبر 2015، ورحلوا العمال البنائيين (عمال اليومية صعايدة مسيحيين) الذين يعملون من سنين طويلة في المعمار ـ يعني لا بناء ولا تعمير ولا تنمية ـ يذهبوا للصعيد مرة أو مرتين في السنة، حيث تم التحفظ عليهم في قسم ثاني العريش بعد حملة من القسم أخذتهم وقالوا لهم: “سيتم تأمينكم في القسم حتى ترحيلكم لأننا رصدنا مكالمة تتحدث عن النية لاستهدافكم بعد حوادث القتل والخطف الأيام السابقة ـ مقتل صالح أبو عتلة، ومدرس مسيحي يعمل في تجارة الأحذية بالقرب من سوق الخميس بالعريش، والعثور على جثتين لشخصين مجهولين بالقرب من العجراء جنوب رفح ـ وحماية لكم لأن بقائكم فيه تهديد لحياتهم”
ومظهر أخر من مظاهر انسحاب الدولة حيث يتم اطلاق سراح الطالب حامد صالح أبو عتلة (23 عاما)، والذى اختطف من منزله بالساحة الشعبية بوسط العريش، ولقي والده مصرعه أثناء محاولة منع اختطافه، وذلك بعد أن توسلت شقيقته لأمير المنطقة التكفيري بإطلاق سراحه وقوات انفاذ القانون تراقب عن بعد حال الاختطاف والقتل والمناشدة ولكنها لم تتواني عن ترحيل العمال بعد رصد مكالمة الوعيد.
وانسحاب للدولة من نوع أخر، فبعد تفجير جراج شركة النظافة التي ترفع وتجمع القمامة من مدينة العريش، انسحبت الشركة تماماً من العمل بالمحافظة، وشكلت القمامة والحيوانات النافقة والاكياس جبالاً، تغطى جميع الشوارع بالمدينة، مما أدى إلى انتشار الفئران والقوارض والكلاب والقطط الضالة، وبيئة حاضنة وخصبة لانتشار الأمراض والأوبئة، والمسئولين في الإدارة المحلية المنوط بهم تمثيل الدولة كأحد مظاهر السيادة ينتظروا التعليمات، وكأنه عقاباً لرفض، القتل خارج إطار القانون، وافتضاح انتهاكاتهم، ومقاومة مخطط التهجير، عبر الحراك الشعبي.
وانسحاب الدولة لتفسح الطريق أمام أدواتها للحرب بالوكالة لإزالة آثار حربهم على الإرهاب عن طريق جماعات التهريب رافعة راية القبلية.
انسحاب بطعم التفريط
وكأن حادث الدهيشة (المطافي) إذن بخوض معركة تطهير الأثار وتمهيد الأرض للترتيبات التي دبرت بليل وخلف ستار السرية الشفاف الذي فضه العدو الصهيوني ومعه عذرية جنرالات_كامب_ديفيد الوطنية في العقبة، والتي أعقبها بزفة “المنديل/المَحرّمة“ البلدي، المنديل الذي كان وثيقة التنازل عن مصرية جزء من سيناء جزيرتي تيران وصنافير حيث قطراته الحمراء مداد أو الحبر الذي شكل حروف فض الشرف والعفة، وبداية لنزيف لا يتوقف للآن.. يستهدف كل سيناء الأرض والفرد والثروات.
ولا يجب أن نغفل أن سيناء قضية وطنية، وأن التفريط الساداتي في السيادة بتوقيعه اتفاقية سلامه مع العدو الصهيوني والمعروفة باتفاقية كامب ديفيد عام 1979، كان الأرضية التي على أساسها يتم تنفيذ مخططات تقسيم المنطقة وتطويرها لكامب ديفيد الثانية، حيث كانت مناطق تواجد قوات حفظ سلامهم وحماية (إسرائيل) ودعم الدواعش، محور رئيس في صفقة القرن.
الخريطة التي تحدد المناطق محدودة التسليح[1] وفقاً للملاحق الأمنية لكامب ديفيد1، فيها باللون الأحمر المناطق المحتلة من القوات المسماة حفظ السلام M.F.O ـ التي تقدم دعم لوجستي للجماعات الصهيو-وهابية الداعشية في الشمال، ويدخل في زمامها المناطق المتاخمة لحدود جمهورية مصر العربية التي يحظر تملك أو حق انتفاع أو إيجار أو إجراء أي نوع من التصرفات في الأراضي والعقارات الموجودة بالمناطق الاستراتيجية ذات الأهمية العسكرية، بمسافة 5 كيلومترات غرباً، والتي أصدر السيسي بشأنها القرار الجمهوري رقم 444 لسنة 2014، أما التي في الجنوب على الشاطئ المقابل لجزيرتي تيران وصنافير التي يسعي السيسي بكل ما يملك من أدوات لتدويل المياه الإقليمية بالتنازل عنهما للصهاينة عبر سعودتها في أطار تمهيد الأرض لتوقيع اتفاق كامب ديفيد الثانية التي تشمل دول الطوق لفلسطين المحتلة. لتحقيق سلام دافئ مع العدو الصهيوني.
فما كانت حربهم على الإرهاب المحتمل حيث اختار طرفي الحرب جنرالات كامب ديفيد والجماعات المسلحة الصهيو-وهابية الداعشية سيناء ميدان لحسم الصراع بين مشروعين الأول تدويل سيناء وتهجير السكان لتوطين اللاجئين الفلسطينيين مع تمصيرهم.. والأخر الاستقلال بها كولاية داعشية في دولة الخلافة، فاختار الطرفان إطالة أمد الحرب، مهما كلفت من دماء المواطنين والجنود أبناء الفقراء من الفلاحين والعمال والمهمشين وإفقار الشعب، لكسب الوقت وتهيئة الرأي العام المصري للقبول بالتفريط في سيناء عن طريق تدويلها من خلال إعداد البنية التشريعية والتي انطلقت من اتفاقية الشراكة بين الحكومة المصرية والجماعات الأوربية ودولها الأعضاء، بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، التي وقعها مبارك وتتضمن مادتها رقم (69) السماح بتوطين مواطني دولة ثالثة بالأراضي المصرية، فأصدر مبارك القرارين الجمهوريين 335 لسنة 2002 والذى نشر بالجريدة الرسمية بالعدد 47 بتاريخ 20/11/2003، والقرار الجمهوري 11 لسنة 2004 والذى نشر بالجريدة الرسمية بالعدد 13 تابع في 25/3/2004 للسماح بتوطين مواطني دولة ثالثة بالأراضي المصرية، بحيث يتم التخلص من الكثافة السكانية في مدينة غزة.. حيث أصدر السيسي قراراً جمهورياً رقم 444 لسنة 2014، بشأن تحديد المناطق المتاخمة لحدود جمهورية مصر العربية ألغت المادة الثالثة من القرار الجمهوري رقم 204 لسنة 2010 بشأن تحديد المناطق المتاخمة لمصر التي تستثني مدينة رفح والمباني المقامة داخل الزمام وكردونات المدن، والمقامة على الطبيعة في حق المصريين التملك فيها، ويحرمهم من هذا الحق.
وفي 30 يناير 2017 رئيس وزراء السيسي يصدر تعديل على اللائحة التنفيذية للقانون 14 لسنة 2012 لتنمية شبه جزيرة سيناء بالقرار رقم[2] 215 لسنة 2017 تحرم المصريين سكان سيناء من الاعتداد بأملاكهم قانوناً، واعتبارهم واضعي يد، وتعدي على أملاك الدولة يجب إزالته، بعد أن بوروا الأرض المزروعة باقتلاع كل ما زرعوه من مئات السنين وزادوا عليها بعد عام 1982 من اشجار زيتون وموالح ولوز وخوخ ومنع إعادة زراعتها من جديد، وتسمح لرئيس الجمهورية بتمليك غير المصريين في سيناء (العرب)، والاتاحة للاستثمار الأجنبي في محور قناة السويس من خلال نسبة 45% في شركات يملكها جنرالات_كامب_ديفيد دون استثناء رأس المال الصهيوني. استكمالاً لسيناريو تفريغ المنطقة وتهجير السكان لتوطين اللاجئين الفلسطينيين مع تمصيرهم.
و في 7 فبراير, 2017 يعلن اللواء كامل الوزير رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة: “إلغاء مشروع إقامة أنفاق للسكة الحديد أسفل قناة السويس ـ الذي كان من المقرر العمل بها في منتصف عام 2018 ـ بعدما أكدت الدراسات الهندسية والفنية ارتفاع تكاليف إنشاءه التي تتعدى 8 مليارات جنيه”، ولكن التكاليف متاحة لبناء عاصمة السيسي الإدارية، أما تكاليف انشاء أرخص وسيلة مواصلات تخدم التنمية والأمن القومي تكاليفها مرتفعة طالما لا ترضي العدو الصهيوني. فلابد أن يكون التهجير والدفع إليه هو خطوة تالية بعد صدور القرار 215 لسنة 2017 والسعي للتنازل عن مصرية تيران وصنافير كتمهيد لتوقيع كامب ديفيد الثانية التي تضم كل دول الطوق لفلسطين المحتلة ودول الخليج.
الحصار
أصحبت الإجراءات المشددة المتبعة عند عبور قناة السويس بطولها من غربها لشرقها والعكس منذ العام 2013 محمية بقرار رسمي أفصح عنه مدير أمن محافظة جنوب سيناء، في 10 يناير، 2017 في تصريحات صحفية، وبحكم موقعة تحدث بأن الإجراءات تنطبق على جميع العابرين عبر نفق الشهيد أحمد حمدي، وهذه الإجراءات تتمثل في أن يحمل الشخص بطاقة الرقم القومي الصادرة من سيناء، أو كارنيه الأمن الصادر من جهة العمل إذا كان موظفاً في جهة حكومية، ولكنه قرار شامل يحظر على المصريين دخول كل سيناء، لتتحول كل سيناء لميدان معركة عليه لافته كبيرة ممنوع الاقتراب والتصوير وغير مسموح الدخول إليها لغير السكان إلا عبر الكارت الأمني.
في 16 فبراير، أصدر رئيس وزراء السيسي القرار رقم 334 لسنة 2017، تحت عنوان عريض البضائع مزدوجة الاستخدام (عسكري ومدني)[3]، يحظر سير كافة الدراجات النارية وملحقاتها بمثلث الرعب (العريش، الشيخ زويد، رفح، حتى الحدود مع جنوب سيناء، ورأس سدر)، فقامت قوات إنفاذ القانون بالتوسع في مفهوم البضائع مزدوجة الاستخدام حتى وصلت للدواجن وأنابيب الغاز والاكسجين.
وتيرة تفريغ سيناء والذي بدأت بأضعف حلقات المجتمع المحلي المسيحيين السيناوية وبقرار رسمي، وسخرت الدولة بكاملها كل أدواتها لتطبيع واقع التهجير في المناطق التي استقروا بها، تلاهم العرايشية الصعايدة الذين تجري محاولات حثيثة لدفعهم للرحيل لمحافظاتهم الأصلية بعد أن تم ترحيل البنائيين منهم، وعمال النظافة بتخفيض أجورهم، وتضيق الخناق وإحكام الحصار على السكان الصامدين والرافضين للتهجير، واختلاق أزمة وقود بين الحين والحين بتعطيل وصول شاحنات المحروقات للعريش، وغيابها بشكل تام عن مركزي رفح والشيخ زويد، ودفع الصامدين في مركزي رفح والشيخ زويد للهجرة بإعطاب كابل الجهد العالي 66″ بشكل مستمر ليعيشوا في ظلام دامس لمدد تصل مرات عديدة لأسبوعين في ظل تعمد تعطيل إصلاحه، وفشلت محاولتي إعتام العريش في 25 إبريل، 5 مايو 2017 باتباع سيناريو كابل الجهد العالي ٦٦ بسبب صمود ووعي عمال محطة محولات نقل الطاقة الكهربية بالمساعيد المحطة الرئيسية التي تغذي العريش وشبكة الجهد العالي الدولية بسرعة طلب الاستغاثة من كل الجهات ومنها الناس، والذي اختار الدواعش وقوات إنفاذ القانون طرفي المحطة المتقابلان منصة انطلاق قذائفهم المتبادلة.. والتي لو اصابت المحطة لأحرقت غرب العريش بجانب الاعتام التام.
والتهجير بالتعطيش حيث ظلت مناطق جنوب العريش 3 شهور محرومة من المياه بسبب انقطاع الكهرباء ناهيك عن عدم تغذيتها عبر الخطوط، وكسر الماسورة الرئيسية بالخط الـ 1000 مللي المغذي للعريش وبعض مناطق رفح والشيخ زويد، وأعلنت شركة المياه أنها ستدفع بسيارات مياه على كل أحياء المدينة لمن يطلب، ليستعيد الجركن العرايشي نشاطه الكامل بكل حيوية بعد فترة خمول طويلة، حتى وجب على التناغم أن يحل حيث إصابة 3 عمال من شركة مياه الشرب بشظايا متفرقة بالجسد، بعد استهداف الدواعش سياراتهم حال سيرها بمدخل المدينة، في 2 مايو 2017، لأنها تنقل المياه للمقرات الأمنية فقط والناس عطشى.
الترهيب وتوسيع دائرة الاشتباه
تحت مظلة حالة الطوارئ المقرونة حظر التجوال التي كانت تظلل المنطقة من تل رفح حتى غرب العريش، والجنوب من مفذ العودة حتى جبل الحلال (كما موضحة بالخريطة)[4]، والتي دخلت عامها الرابع مع فرضها على مستوى الجمهورية، فقد كانت تفرض كل 3 شهور دون أي سند من دستورهم، كان يتم الترهيب بالتوسع في حالات القتل خارج إطار القانون، وكان من يعترض على أي فعل مخالف للقانون أو حتى المنطق كان يرفع له كارت تحويله للكتيبة 101 والتهمة جاهزة القبض على أو تصفية إرهابي في المواجهات أو الاختفاء القسري حتى يأتي القرار، والدواعش حسب مبدأ التناغم تقتل وتجز الرؤوس وتحرق الناس أحياء وتصفي بعضهم في الميادين العامة وعلى مقربة من كمائن قوات إنفاذ القانون الثابتة، وكانت التهمة التعاون مع الطواغيت من الجيش والشرطة.
وكانت عملية الترهيب المتناغمة كحقنة المخدر التي جهزت الناس للاستسلام لحملات توسيع دائرة الاشتباه الأمنية بعد أن تم تهجير المسحيين السيناوية في اطار مراجعة الخطط الأمنية التي سبقت استهداف كمين الدهيشة (المطافي)، وكانت المعالجة الإعلامية لها أخذت عنوان: (المنطقة أو الحي أو الشارع (كذا…) يسأل الآن) حيث كانت تلك الحملات تمر على البيوت بيت، بيت في منطقة ما كعملية جرد عمري للسكان تستهدف الشباب من سن 18 حتى 35، حتى وصلت لدرجة السؤال التالي: عندكم شباب؟! إنهم لا يحاربوا الإرهاب إنهم يستهدفوا بكرة يستهدفوا التغيير.
وّهْم السيطرة على جبل الحلال
السيطرة على جبل الحلال ليست بالسهلة، وأيضاً ليست مستحيلة، لكن لها شروط وتكلفة سياسية.
في البداية يجب أن نعلم أن منطقة جبل الحلال من المناطق الوعرة جداً في سيناء، فالدروب المؤدية إلى منطقة جبل الحلال، عَبّدها أهل المنطقة وأغلبها من جهة الشرق والشمال الشرقي، فمن جهة الغرب والجنوب حادة وعمودية (أنظر الصورة)[5] ومنحدر من الشرق وامتداده حتى جبل ضلفة في النقب الفلسطينية التي يحتلها العدو الصهيوني، والذي يفصلهما وادي العمر/ وهناك قرية تحمل نفس الاسم من قرى قسم القسيمة التابع لمركز الحسنة، ويصعب على أحد دخول منطقة جبل الحلال أو معرفة اتجاهاتها إلا مَن عاش فيها وخَبّرها من أهل المنطقة أنفسهم. فهو يمتلئ بالكهوف والوديان وبمغارات وشقوق يصل عمقها أحيانا إلى 300 متر. فالجبل يمتد لحوالي 60 كم من الشرق إلى الغرب، ويرتفع نحو 1700 متر فوق مستوى سطح البحر. ويقع ضمن المنطقة «ج»، طبقا لاتفاقية كامب ديفيد والملحق الأمني بها، ويُمنع فيها تواجد أي قوات للجيش المصري، فقط عناصر من الأمن المركزي وبتسليح معين.. وحسب الخريطة الأمنية لتوزيع القبائل، القبيلتان المسؤولتان أمام الدولة عن حماية جبل الحلال مناصفًة التياها من الجنوب والترابين من الشمال.
و في بيان للمتحدث العسكري يوم 2 إبريل، 2017 سبق جولة نظمتها إدارة الشئون المعنوية لوفد كبير من الشخصيات الإعلامية والمحررين العسكريين ومراسلي القنوات الفضائية والشبكات، إلى منطقة جبل الحلال جاء فيه: “تم فرض السيطرة الكاملة عليه وتطهيره من الإرهاب في ملحمة بطولية جديدة لمقاتلي الجيش الثالث الميداني”، تلك الجولة التي لم تبرح استراحة مصنع الاسمنت إلا إلى طرف الجبل بعد أن استعرضوا نماذج للغنائم، هذا ليس تقليلاً من الجهود التي قامت بها القوات الخاصة من الصاعقة والمظلات، ولكنها ليست فرض السيطرة الكاملة، فالسيطرة الكاملة تعني الآتي:
احتلال لواء كامل من قوات جيشنا للجبل بشكل دائم وليس حصاره، وهذا يتعارض مع الملاحق الأمنية لكامب ديفيد، إلا إذا كان من ضمن ترتيبات كامب ديفيد2 من خلال صفقة القرن، وبموافقة العدو الصهيوني الذي شارك الحملة بإسناد ودعم لوجستي من الطائرات بدون طيار (الزنانات) التي اخترقت المجال الجوي المصري لاستهداف الجماعات الداعشية الفارة متجاوزة الحدود، أم تأمين مدعوميها؟!!!.
تسكين شباب المنطقة باللواء عند تجنيدهم أو فتح باب التطوع لهم في الجيش المصري، كأحد شروط المواطنة، وليس فرق غير نظامية كفرقة الموت أو الكتيبة 103، خاضعين لمكتب (شئون القبائل) بالمخابرات الحربية الذي يطلق عليهم: “أهالي سيناء الشرفاء الذين يعملون يداً بيد مع قواتهم المسلحة”.
تنمية منطقة وادي العمر والقسيمة والاهتمام بقراها وقاطنيها المتاخمة للحدود مع فلسطين المحتلة، واعطائها الأولوية في خطة التوطين وجذب السكان وليس بقرار التفريغ والتهجير 444 لسنة 2014 الذي يشملها، أم ستدخل في تبادل الأراضي حال قبول كل الأطراف في الحلف الصهيو-أمريكي الوهابي بصفقة القرن لحل قضية.
مقتل 18 تكفيرياً والقبض على 31 عنصراً آخرين، مقابل غنائم (كما عَدَدّها قائد الجيش الثالث الميداني) تمثل تجهيزات كتيبة، لا تعني أنه قد تم تطهير الجبل تماماً، وإلا كان عدد الفارين أضعاف، أضعاف، وهل لنا أن نسأل أين وجهتهم؟!، وهل هؤلاء هم مَن بسببهم تُخاض حرب منذ 3 سنوات ونصف.. بل السيطرة تعني تطهير الجبل من الخارجين عن القانون في تهريب الأجنبيات والمخدرات والسجائر والتبغ والأسلحة إلى دولة الكيان (إسرائيل)، أم تم اتباع سياسة شركاء لا غرماء معهم، أي اسقاط الأحكام الغيابية مقابل رفع راية القبيلة واخلاء الجبل والتمدد في الأرض السهلة جنوب كردونات المدن الثلاث (العريش، الشيخ زويد، رفح).
الإعلان عن السيطرة على جبل الحلال عبر جولة نظمتها الشئون المعنوية، هو فك الارتباط بين جماعات التهريب التي ترفع راية القبلية التي هي شأن مخابرتي عند معالجة الأمور السياسية (شئون القبائل) والتي تحتل جبل الحلال وبين الجماعات الصهيو-وهابية الداعشية وهو ما وراء استنساخ الخطاب الإعلامي بين رافعي راية القبيلة والإعلام الرسمي: “محاربة الارهاب، عناصر أجنبية هي اللاعب الرئيسي في العمليات الإرهابية، حققنا انتصار على الإرهاب واستهدفنا عناصر التكفيرين (التكفيرين توصيف يتشارك في استخدامه المتحدث الرسمي، وإعلام رافعي راية القبيلة، وصفحات اللجان الالكترونية)”، وإن كان هناك سيطرة كاملة لماذا لم يتم بث حي أو تسجيل للمعارك ونحن نمتلك قمر الاستطلاع العسكري الصناعي “إيجيبت سات ـ 2” والذي تم اطلاقه في 16 إبريل 2014، القادر على رصد كل صغرة وكبيرة، ويسمح بالتقاط الصور بدقة عالية من على ارتفاع حوالي 700 كم، وهو يأتي في إطار دعم روسيا لمصر في محاربة الإرهاب لرصد تحركات واتصالات الإرهابيين وخاصة بسيناء.
رسالتي للمبتهجين بالحرب بإسم قبيلة تتجاوز الحدود بتواجدها حتى الحدود مع العراق، ضد تنظيم ذو نفوذ إقليمي (داعش)، وهذه الحدود هي المشتركة مع فلسطين المحتلة من العدو الصهيوني في صحراء النقب وجنوب حدودنا مع قطاع غزة وجنوب كَرْم أبو سالم.. دون موافقة والتنسيق السيساوي النتن ياهو، وبتخلي الصهاينة عن دعمهم للدواعش، ولما لا يدخل دواعش فلسطين تلك الحرب، خاصة بعد اعتراف حماس ـ في وثيقتها الجديدة ـ ضمنياً بالكيان الصهيوني، وبدولة على حدود ١٩٦٧، وأنها ليست إخوان، تمهيداً لدخولها حلف كامب ديفيد٢.
فالنظام قرر أن يلعب بأدواته، لا أن يستدعي كامل سيناريو دعاة التهجير عقب هزيمة 1967، ألا هو الاستعانة بظهير شعبي يشكل مقاومة شعبية وطنية واعية بأهمية المعركة داعم لجيشنا الوطني، عند تهجير مدن القناة، مقاومة لا تحركها مصالح، بل استدعى من جديد عناصره التابعة للكتيبة 103 رافعة راية القبيلة، بديل عن ظهير شعبي حقيقي تعبر عنه اللجنة الشعبية للعريش اختار قيادتها كل العريش، دعت لتكوين لجان شعبية سلمية مستقلة غير مسلحة ـ فمن يتسلح ليس مستقل ـ، وليست على أساس قبلي، تتناوب فتح دواوين العائلات لكل العائلات، أن تكون نابعة من الشعب (شعبية)، أي جعل الدواوين مقرات مؤقته لمجالس شعبية محلية.. لجنة شعبية استقلالها فَضَح علاقة الجماعات الصهيو-وهابية الداعشية بالعدو الصهيوني.. فكان لابد من اضعاف هذا الحراك الشعبي فغير مسموح بإعادة تجربة أشكال شعبية منظمة كما قبل 25 يناير، قوضت مشاريع سعوا حثيثاً لرسم خطوطها العريضة على الأرض، بمشاركة العدو الصهيوني.
فالمصريين سكان سيناء أصبح لهم لدي الأجهزة الأمنية مكتب يسمى شئون القبائل، من خلاله نظم النظام ما يسمي اتحاد القبائل العربية كأحد أدوات الثورة المضادة.. لأن وجود هذا الكيان فيه اقصاء لمن هم خارج القبائل، أي 80% من السكان ومنهم المصريين المسحيين في شمال سيناء.
الهدف من توتير الأوضاع في المنطقة (ج) في شمال شرق سيناء وغرب العريش بمحاذاة فلسطين (قطاع غزة 14كم)، جعلها حدود مرنة يتحدد شكلها الثابت حسب التفاوض والنجاحات التي تتحقق نحو التفريغ بدفع السكان للهجرة.
حرب سجائر الرويال الوطنية
علينا ألا نسقط من حساباتنا دلالات التواريخ وأحداثها وأدوار الفاعلين فيها، ففي 2 إبريل، 2017 المتحدث العسكري يعلن السيطرة على جبل الحلال، و في 16 إبريل، 2017 نهاية التفاهمات بين مهربي السجاير الرويال (ترابين) والدواعش واشتعال حرب بينهم، في 20 إبريل 2017 فيديو تسريب سيناء على قناة مكملين عن القتل خارج إطار القانون، و في 22 إبريل، 2017 أهل السنة والجماعة بسيناء تصدر بياناً للمصالحة بين مهربي السجاير الرويال (ترابين) والدواعش، وفي 25 إبريل 2017 كان رفض الوساطة بخطف قابله حرق، و في 3 مايو 2017 الصهيوني يوني بن مناحم يكتب: “داعش يتورط في سيناء”، وفي 4 مايو 2017 ترباني غزاوي من دواعشها يدعى “أبو هاشم الترباني”[6] يبث كلمة صوتيه داعمة لأقرانه في جنوب رفح، و في 7 مايو 2017 زنانات العدو الصهيوني تقصف مناطق جنوب رفح ووسط سيناء، وفي 10 مايو 2017 كان يوم حاسم حيث تواترت أنباء عن نتائج المعارك، و في 15 مايو 2017 أصدر مَن أطلوا على أنفسهم أحرار قبيلة السواركة بياناً مطول ومشروط للمشاركة في حرب القبائل المقدسة.
في البداية علينا أن ندرك أن أبطال المعركة الإعلامية والتي تلعب أدوار فاعله في حرب سجاير الرويال مقيمين بالقاهرة وغزة وتل أبيب ولا علاقهم لهم بميدان الحرب.
بعد إعلان السيطرة على جبل الحلال في ثاني أيام شهر إبريل 2017، تلاه تواتر أنباء عن خرق جماعات التهريب اتفاقها الضمني مع الدواعش بعدم التعرض المتبادل مقابل عدم كشف أمانهم، ونشاط مريح لعمليات تهريب السجائر وأكثرها الرويال عبر الحدود، دون أن يؤدي قرار السيسي 444 لسنة 2014 بشأن اخلاء المناطق المتاخمة للحدود لمسافة 5 كم جدواه، والمهم أننا سيطرنا على جبل الحلال، أما الحدود لها ناسها الدواعش وجماعات التهريب وصديق الدفيء المسالم، أي نهاية التفاهمات بينهم.
و في 16 إبريل، 2017 جاء رد الجماعات الصهيو-وهابية الداعشية (ولاية سيناء) على خرق التفاهمات بأن استوقفت شاحنتين محملتين بالسجاير الرويال معدة للتهريب تابعتين لمهربين “ترابين” إلى فلسطين أو إسرائيل، وأشعلوا النيران في شاحنتي “السجائر” بعد جلد اثنين “ترابين” كانا برفقتهما واحتجزوهما كرهائن.. فلاحقهم نفر من جماعتهم وتبادلوا النار مع الدواعش.
وبنعرات قبلية استدعي بعض المتعصبين من التاريخ أجواء حرب الترابين والسواركة البعيد، وجالوا وصالوا في صفحات التواصل الاجتماعي ليعلنوا أن قبيلة الترابين تواجه ولاية سيناء من السواركة والترابين بعد إطلاقهم الرصاص على “مقعد” عائلة “الحكي” التابعة للقبيلة.
و في اليوم التالي مباشرة استقل أفراد القبيلة ما يقرب من 12 سيارة دفع رباعي، وحاصروا سوق البرث جنوب رفح، السوق المعتاد لتسوق “الدواعش”، وألقوا القبض على اثنين من التنظيم، وبحوزتهما جهازين اتصال، واقتيادهما إلى وسط سيناء.
حتى طل إبراهيم المنيعي (سواركة) في 17 إبريل، 2017 اليوم من خلال منشور[7] كتبه على صفحته الشخصية بـ”فيسبوك”، ليرد على هذه الأصوات أخذ عنوان عاجل: “قبيلة (الترابين) تطالب التنظيم “داعش” بإطلاق سراح المخطوفين لديه من كافة القبائل والعائلات مقابل إطلاق سراح ثلاثة من أفراد التنظيم المخطوفين لديهم”.
بعدها تغيرت نغمة مطلقي النعرات ومشعلي الحرب القبلية على مواقع التواصل الاجتماعي، فنشرت مجموعة من المجموعات الداعمة للحرب القبلية على الدواعش على “فيسبوك”: “حالة من الترقب والحذر تسيطر على شمال سيناء، بعد “حرب السجائر” التي اندلعت على مدار اليومين الماضيين، بين أعضاء تنظيم داعش وأبناء قبيلة الترابين،ـ (تم التراجع عن اتهام قبيلتي السواركة والرميلات وأصبح أعضاء التنظيم) ـ على خلفية إحراق التنظيم لشاحنتي “سجائر” حاول أبناء القبيلة تهريبها عبر الحدود إلى غزة.
و في يوم 18/04/2017 تم تعميم رواية تناولتها الصحف وبني عليها متحدثي المكتب (مكتب شئون القبائل)، حيث جاءت الرواية كالآتي: “المعركة بدأت بقيام “الدواعش” من غير أبناء سيناء، والقادمين من باقي المحافظات إلى شبه الجزيرة، والذين يتحكمون في قيادة التنظيم بنسبة ٩٠٪، ـ (وهو تأكيد مرة أخرى على عدم اتهام قبيلتي السواركة والرميلات بالدعشنة، والتراجع عن حملة التشوية المقررة إعلامياً للمصريين سكان سيناء عقب كل حدث) ـ بكسر الاتفاق الضمني مع القبائل حول مرور البضائع المهربة ـ (ولا يكل ولا يمل المتحدثون باسم الترابين تارة وباسم اتحاد القبائل تارة أخرى أنهم ينسقوا مع الجيش والشرطة وأنهم داعمين للدولة في حربها على الإرهاب وبالتالي هذا الاتفاق تحت رعاية السيسي الذي وضعوا على كتفه عباءة الولاء) ـ عندما أشعلوا النيران في شاحنتي “السجائر” وخطفوا اثنين من أبناء قبلية “الترابين” وقاموا بجلدهم، كما تعقبوا شحنة بضائع أخرى على طريق “الحكل”، في الكيلو ١٧ جنوب رفح ـ (تقع في منطقة سيطرة قبيلة الترابين وهي الحدود المشتركة مع فلسطين التي يحتلها العدو الصهيوني عام 1948، حيث الحدود مع فلسطين (قطاع غزة 14 كم) و في نطاق سيطرة قبيلتي السواركة والرميلات) ـ واستولوا على السيارات، وعندما أطلق شاب من “الترابين” النار في اتجاههم، ـ (ليس الدواعش فقط المسلحين) ـ رد الإرهابيون بإطلاق الرصاص على “المقعد” أو المجلس العربي لعائلة “الحكي” التابعة للقبيلة.