الثلاثاء 7 شعبان 1439 هـ الموافق لـ 24 أفريل 2017
القراءة بين متعة الورق وزر العصر - معمر حبار
ألتقي منذ ثلاثة بزميلي نصر الدين مزيان وهو أستاذ بجامعة الشلف تخصّص الري في مقرّ انقطاعات الجزائر وأنا أقرأ كتابا في انتظار دوري. وبينما نحن متّجهون إلى المقهى لنأخذ قسطا من الراحة باعتباره كان قادما من العمل قبل الذهاب إلى البيت، إذ به يفتح محفظته القديمة ويريني كتابا باللّغة الفرنسية يتعلّق بتخصّصه، ثمّ يقول:
دائما أحمل كتابا وأقرأه أثناء وقت الفراغ، ونفس الكتاب يوجد على الشبكة العنكبوتية وبطريقة أكثر جاذبية من نسختي القديمة عبر أداء جيّد وممتع من خلال الصوت والصورة، لكنّي ما زلت أفضّل معانقة الكتاب والسّياحة عبر أوراقه. وأخبرني أنّه تمّ نشر دكتوراه العالم الأمريكي هوكينغ أسبوعا قبل وفاته، فكانت النتيجة 36 مليون قرأ الدكتوراه خلال يومين فقط، ما يدل على أنّ البحوث الجادّة تبقى طيّ الكتمان والجاد يبحث عنه الجميع وبأيّ ثمن.
عدت بالذاكرة إلى الوراء وأنا أستحضر ما ذكره زميلنا منير خلوفي وهو رجل كثير القراءة عبر إحدى تدخلاته حين قال: كتب التراث لم تكن تحتوي يومها على الفهرس حتّى إذا احتاج القارىء إلى أمر بعينه قرأ الكتاب كلّه فاستفاد ممّا كان يبحث عنه وممّا صادفه ولم يكن يبحث عنه، وساهم عدم وجود الفهرس في إيجاد قارئ نجيب لا يكلّ ولا يملّ لأنّه يقرأ الكتاب كلّه لأجل معلومة لا تتعدى سطرا أو سطرين وتلك من ميزات عدم وجود الفهرس يومها.
ومنذ عامين أتحدّث مع زميلي بوحجلة وهو أستاذ الفلسفة بجامعة الشلف عن المطويات الخاصّة بالدروس المقدّمة للسنة الخامسة ابتدائي والرابعة متوسط والثالثة ثانوي أي السنوات المتعلّقة بالامتحانات، فيجيب: هذه المطويات من أسوء ما يقدّم للتلميذ الجزائري لأنّها تمنعه من قراءة الكتاب وتجعله كسولا يكتفي بالمختصر دون الرجوع إلى الأصل لأنّ العلم لا يكتفي بالمختصر ولا يستغني أبدا عن الكتاب الجامع. وأعترف أنّي أبديت لزميلي إعجابي بالمطويات خاصّة وأنّها تقدّم بشكل جميل ورائع لم نكن نحلم به ونحن طلبة نعيش الفقر والحاجة.
وبتاريخ 11 مارس 2017، أراسل أستاذا جزائريا من جامعة وهران عبر الخاص برتبة "بروفسور" من 9 نقاط حول آخر كتاب له يتعلّق بتاريخ المنطقة، أستنكر عليه وبشدّة اعتماده على المواقع في تصحيح الأحاديث النبوية الشريفة وتضعيفها، وأطلب منه أن يعتمد على أمّات الكتب بتعبير أهل اللّغة العربية خاصّة وأنّها متوفرة ويمكن شراءها وبطبعات مختلفة وتحقيقات متعدّدة، وممّا قلته له : "مصيبة البروفسور أنّه أشار إلى المواقع في مسائل عامة ذات مراجع متوفّرة ، وكان عليه أن يعود إليها ويشير إليها، لكنّه الكسل الذي أصاب القلوب وجعله يسقط في فخّ السّهولة".
وخلال هذا الأسبوع وأنا أقرأ الكتاب في الطابور أنتظر دوري يطلب منّي أحد الموظفين أن أتخلّى عن الكتاب الورقي ويعرض علّي بطاقة تعبئة تحتوي على الآلاف من الكتب عبر الشبكة العنكبوتية لأنّها الأسهل والأرخص سعرا، فرحت أشرح له فضائل معانقة الكتاب دون أن أنسى فوائد الزرّ الذي أصبح من لوازم العصر وضروراته.
قراءة الكتاب والسّياحة والغوص في أعماقه والسّباحة عبر شواطئه متعة لا تضاهيها متعة، والزرّ المعاصر يضيء الطريق ولا يمنع القراءة ولا يلغي الكتاب لكنّه يظلّ يساعد ويعين بما امتاز به من قدرة وطاقة استيعاب وسهولة في الحمل ومرونة في البحث.
القراءة بين متعة الورق وزر العصر - معمر حبار
ألتقي منذ ثلاثة بزميلي نصر الدين مزيان وهو أستاذ بجامعة الشلف تخصّص الري في مقرّ انقطاعات الجزائر وأنا أقرأ كتابا في انتظار دوري. وبينما نحن متّجهون إلى المقهى لنأخذ قسطا من الراحة باعتباره كان قادما من العمل قبل الذهاب إلى البيت، إذ به يفتح محفظته القديمة ويريني كتابا باللّغة الفرنسية يتعلّق بتخصّصه، ثمّ يقول:
دائما أحمل كتابا وأقرأه أثناء وقت الفراغ، ونفس الكتاب يوجد على الشبكة العنكبوتية وبطريقة أكثر جاذبية من نسختي القديمة عبر أداء جيّد وممتع من خلال الصوت والصورة، لكنّي ما زلت أفضّل معانقة الكتاب والسّياحة عبر أوراقه. وأخبرني أنّه تمّ نشر دكتوراه العالم الأمريكي هوكينغ أسبوعا قبل وفاته، فكانت النتيجة 36 مليون قرأ الدكتوراه خلال يومين فقط، ما يدل على أنّ البحوث الجادّة تبقى طيّ الكتمان والجاد يبحث عنه الجميع وبأيّ ثمن.
عدت بالذاكرة إلى الوراء وأنا أستحضر ما ذكره زميلنا منير خلوفي وهو رجل كثير القراءة عبر إحدى تدخلاته حين قال: كتب التراث لم تكن تحتوي يومها على الفهرس حتّى إذا احتاج القارىء إلى أمر بعينه قرأ الكتاب كلّه فاستفاد ممّا كان يبحث عنه وممّا صادفه ولم يكن يبحث عنه، وساهم عدم وجود الفهرس في إيجاد قارئ نجيب لا يكلّ ولا يملّ لأنّه يقرأ الكتاب كلّه لأجل معلومة لا تتعدى سطرا أو سطرين وتلك من ميزات عدم وجود الفهرس يومها.
ومنذ عامين أتحدّث مع زميلي بوحجلة وهو أستاذ الفلسفة بجامعة الشلف عن المطويات الخاصّة بالدروس المقدّمة للسنة الخامسة ابتدائي والرابعة متوسط والثالثة ثانوي أي السنوات المتعلّقة بالامتحانات، فيجيب: هذه المطويات من أسوء ما يقدّم للتلميذ الجزائري لأنّها تمنعه من قراءة الكتاب وتجعله كسولا يكتفي بالمختصر دون الرجوع إلى الأصل لأنّ العلم لا يكتفي بالمختصر ولا يستغني أبدا عن الكتاب الجامع. وأعترف أنّي أبديت لزميلي إعجابي بالمطويات خاصّة وأنّها تقدّم بشكل جميل ورائع لم نكن نحلم به ونحن طلبة نعيش الفقر والحاجة.
وبتاريخ 11 مارس 2017، أراسل أستاذا جزائريا من جامعة وهران عبر الخاص برتبة "بروفسور" من 9 نقاط حول آخر كتاب له يتعلّق بتاريخ المنطقة، أستنكر عليه وبشدّة اعتماده على المواقع في تصحيح الأحاديث النبوية الشريفة وتضعيفها، وأطلب منه أن يعتمد على أمّات الكتب بتعبير أهل اللّغة العربية خاصّة وأنّها متوفرة ويمكن شراءها وبطبعات مختلفة وتحقيقات متعدّدة، وممّا قلته له : "مصيبة البروفسور أنّه أشار إلى المواقع في مسائل عامة ذات مراجع متوفّرة ، وكان عليه أن يعود إليها ويشير إليها، لكنّه الكسل الذي أصاب القلوب وجعله يسقط في فخّ السّهولة".
وخلال هذا الأسبوع وأنا أقرأ الكتاب في الطابور أنتظر دوري يطلب منّي أحد الموظفين أن أتخلّى عن الكتاب الورقي ويعرض علّي بطاقة تعبئة تحتوي على الآلاف من الكتب عبر الشبكة العنكبوتية لأنّها الأسهل والأرخص سعرا، فرحت أشرح له فضائل معانقة الكتاب دون أن أنسى فوائد الزرّ الذي أصبح من لوازم العصر وضروراته.
قراءة الكتاب والسّياحة والغوص في أعماقه والسّباحة عبر شواطئه متعة لا تضاهيها متعة، والزرّ المعاصر يضيء الطريق ولا يمنع القراءة ولا يلغي الكتاب لكنّه يظلّ يساعد ويعين بما امتاز به من قدرة وطاقة استيعاب وسهولة في الحمل ومرونة في البحث.