سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم لم يستعن بكافر ضدّ إخوانه وجيرانه وقبيلته - معمر حبار
سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم لم يستعن بكافر ضدّ إخوانه العرب الذين كانوا يقاسمونه الصحراء ولا جيرانه ولا قبيلته رغم أنّهم كفار يحاربونه بكلّ الطرق ومن المثلة النيّرة على ذلك:
أوّلا مع مطعم بن عدي:
1. حين عاد سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم من الطّائف ولم يستجاب له وأراد أن يدخل مكة موطنه الأصلي استجار بمطعم بن عدي ولم يكن يومها مسلما والسبب - في تقديري - :
2. اعتبار قريش ذهاب سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم للطائف عملا عدوانيا ضدّها ولذلك منعته من دخول مكّة من جديد إلاّ تحت جوار أحد، مايعني أنّه لو خلّت قريش سبيل سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم وسمحت له بالدخول لمكّة موطنه الأصلي بمفرده وفي أمان وسلام ماكان له أن يستجير بكافر.
3. حين استجار سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم بمطعم بن عدي إنّما كان في الحقيقة يطبّق عرفا من أعراف العرب الثّابتة المشهورة والمتمثّل في حقّ الجوار أي مارس حقّه كعربي ولاجىء ليتمكّن من العودة لوطنه الأصلي المحروم منه.
4. التزم سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم بحقّ الجوار ولم يتعداه إلى الاعتداء على إخوانه العرب من قريش التي منعته من العودة لوطنه الأصلي إلاّ بجوار. ولم يستعن بمن منحه حقّ الجوار للاعتداء على إخوانه العرب أي لم يستعمل الاستعانة بمطعم بن عدي الذي يخالفه العقيدة ضدّ الذين يحاربون عقيدته باسم الأوثان.
5. كان المسلمون يومها قلّة وضعفاء ولا حقّ لهم في الجوار وسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم استجار بمطعم بن عدي لأنّه لم يجد مسلما قويا يجيره لأنّ المسلمين حينها كانوا ضعفاء ومهدّدون في حياتهم في كلّ لحظة وحين خاصّة بعد موت عمّه أبو طالب الذي كان يحميه من قريش وسيّدتنا خديجة رحمة الله عليها ورضي الله عنها وأرضاها . إذن سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم لم يجد مسلما قويا يطلب جواره باعتبارهم كانوا ضعفاء وإلاّ لما استجار بمطعم بن عدي.
ثانيا أمثلة متفرّقة:
6. حين ذهب سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى الطائف لم يطلب منهم المساعدة ضدّ قريش التي تحاربه وتضطهده رغم أنّه كان أحوج النّاس لهذه المساعدة لكنّه لم يفعل ولم يستعن أبدا بكافر ضدّ قريش رغم أنّهم كفار ويحاربونه منذ اليوم الأوّل لدعوته صلى الله عليه وسلّم.
7. بعث سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم اصحابه إلى الحبشة ولم يستعن بالحبشة ضدّ قريش التي كانت سببا في هجرة المستضعفين من المسلمين إلى الحبشة ولم يطلب منهم العون والمدد وهو أحوج النّاس إلى من يعينه ويخفّف عنه الحصار الذي ضربته عليه قريش وكذا التضييق والتشويه والكذب والزور الذي يتعرّض له على أيدي قريش وبشكل يومي ودائم.
8. أثناء العقبة الأولى والعقبة الثانية حين اجتمع سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم بأسيادنا الأنصار رضوان الله عليهم سرّا طلب منهم أن ينصروه في المدينة التي سيهاجر إليها حين يأذن الله له بالهجرة ولم يطلب منهم ابدا أن يعينوه ضدّ قريش التي تحاربه وتضطهده وهي السبب في هجرته من مكة موطنه الأصلي، مايعني أنّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم لم يستعن حتّى بمسلم ضدّ كافر فكيف بكافر ضدّ أخيه المسلم أو ضدّ قبيلته ولو كانوا كفارا ويحاربونه.
9. حين هاجر سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى المدينة استعان بـ"أريقط" دليلا ليدلّه على الطريق حيث اقتصرت مهمته على اتّباع أسلم الطرق ولم يتعداها إلى غيرها بدليل أنّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم لم يستعن به ضدّ قبيلته قريش وهي التي ظلّت إلى آخر دقيقة تحاربه وتضطهده.وما يجب قوله في مثل هذا المقام أنّ "أريقط" كان بالنسبة لسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم وسيلة لمعرفة غياهب الصحراء ودليلا يوصله إلى المدينة مقرّ سكناه الجديد في سلامة وأمن وقد أدى مهمته باحترافية عالية وبأداء في غاية الدّقة والإتقان.
10. حين دخل سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم المدينة عقد اتّفاقيات مع اليهود باعتبارهم السكان الأصليين للمدينة وممّا جاء في الاتّفاقية: يلتزم اليهود الحياد في أيّ حرب يخوضها سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم ولا يحقّ لهم بحال مساعدة العدو ضدّ المسلمين لأنّ ذلك من الخيانة العظمى التي تستوجب اقصى العقوبات . ما يعني أنّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم لم يطلب العون والمدد من اليهود ضدّ قبيلته قريش ولم يستعن بيهودي ضدّ قبيلته قريش وهو حينها أحوج النّاس للعون والمدد ضدّ قريش التي حاربته واضطهدته.
11. المتتبّع للغزوات التي خاضها سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم ضد يهود بني قريظة ويهود بني قينقاع ويهود بني النضير يلاحظ أنّها كانت لسبب وحيد يتمثّل في كونهم كانوا عونا وسندا للعدو أي كانوا أعداء للوطن باعتبار المدينة كانت موطن اليهود قبل أن تكون موطن سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم وأمست بعد الهجرة موطن الجميع. وما يجب التأكيد عليه في مثل هذا المقام لم تكن الغزوات ضدّ اليهود لأنّهم رفضوا أن يكونوا عونا للمسلمين ضدّ قريش لأنّها لم تكن أبدا ضمن الاتفاقيات المبرمة مع سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم لكن خيانة وغدر اليهود للوطن كان سببا في طردهم ونفيهم.
12. حين افلتت عير قريش من أسيادنا الصحابة رضوان الله عليهم وأعلن سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلّحة الحرب وراح يكرّرها مرّتين أن أشيروا علي حتّى تفطّن سيّدنا الصحابي الأنصاري قائلا: كأنّك تريدنا يا رسول الله صلى الله عليه وسلّم ثمّ راح يطمئن سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنّنا نحن الأنصار معك ولو خضت البحر لخضناه معك والسبب في ذلك أنّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم لم يطلب منهم في العقبة الولى ولا الثانية أن يكونوا جنودا له في حربه ضدّ قبيلته قريش وهويومها الضعيف المحتاج للعون والمساعدة ماتطلّب تثبيت الموقف من جديد وفي هذه الحالة لايقال استعان سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالأنصار ضدّ قبيلته قريش لأنّ الوطن الذي يسكنوه منذ أمد أمسى وطنا لسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم فهم يدافعون الآن عن وطن واحد رفقة إخوانهم المهاجرين ضدّ أي معتدي كان.
13. بعد فتح مكّة بعث سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم رسائل لملوك الروم والفرس وغيرهم يدعوهم للإسلام ولم يطلب من أحد العون والمدد ضدّ العرب الذين لم يدخلوا بعد في الإسلام أي لم يستعن بكافر ضدّ إخوانه العرب ولو كانوا كفارا ويحاربونه.
14. في الحروب الأولى التي خاضها سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم ضدّ الروم وكانت شاقة وعسيرة ومكلّفة لم يستعن حينها بالملوك الأجانب وهو المحتاج للعون والمدد ضدّ أعظم قوّة يومها فوق الأرض.
15. قال سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم حين رأى جيشا من اليهود في غزوة أحد: لانستعين بمشرك على كافر وظلّت قاعدة ذهبية في عدم الاستعانة بكافر ضدّ كافر فكيف بالأخ والجار ولو كان كافرا مشركا.
16. في صلح الحديبية والتي كانت في ظاهرها ضدّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم م يستعن بأحد ضدّ قبيلته قريش ويكفي أنّه لم يستعن بمسلم أسلم وأراد أن ينضم للمسلمين ضدّ قبيلته قريش لأنّ بنود الصلح لاتقبل ذلك وترفضه وظلّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم يرفض الاستعانة بالمسلم الجديد حتّى تدخلت قريش وطلبت من سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن يقبله ضمن صفوفه ويعتبرها استثناء فرضته الظروف.
17. خلاصة: لم يستعن سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم بكافر ضدّ إخوانه وضدّ قبيلته وجيرانه وهم كفار يحاربونه ويطاردونه ويضطهدونه في كلّ حين وبكلّ الوسائل القذرة.