حديث الصباح
التعريف بمفهوم ومعنى الرويبضة
نستخلص من المادة المعجمية للرويبضة ان الرويبضة لغةً من ربض والرابض من الغنم والشياه المستلقي ارضا او القاعد منها والربوض ملاصقة الارض، فيقال ربض الجدي او الخروف فهو رابض، وهو للشياه والدواب كالبروك للابل، والرويبضة منها ما كان كثير الربوض، وصغر للذم والتحقير، وعادة يكون من كسل وتوعك اصابه او مرض الم به، ونقل لوصف الرجل التافه الذي يعجز عن حسم الامور ويفتقد العزم والحزم، والذي يعجز عن النهوض بمعالي المعاني والقيم التي تتطلب عادة علوا الهمم، فهو هابط لا ناهض وسافل لا يرتقي ، فلا يكون له وجود بين الناس ولا اثر او تاثير ، وهو امعة مع كل ناعق بخراب وذل وهوان، وهو كل وضيع في النسب او الاخلاق او الثقافة والفكر من اهل الانحلال والسقوط ، فهو بين الناس وضيع لا يُفتقد اذا غاب ولا يُعدُ ان حضر. جاهل لكل فضيلة عارف بكل رذيلة او يعرف جليل المعاني ويعجز عنها ولا ينهض الا لسخيفها وتافه الامور، سفيه ان قال، طائش ان عمل . وللزيادة في الاحتقار صُغر اللفظ فلم يوصف بانه رابض بل وُصف رويبضة ومن فوائد التصغير للصفات ملازمتها للموصوف.
والمصيبة الكبرى ان يتحول الزمان ليصبح زمن الرويبضة مواتيا لظهور الرويبضات
فعاثوا في الارض فساداً واهلكوا الحرث والنسل ووأدوا الفضل والفضيلة واستحييوا كل شائنة ورذيلة.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « قَبْلَ السَّاعَةِ سِنُونَ خَدَّاعَةٌ ، يُصَدَّقُ فِيهِنَّ الكَاذِبُ ، وَيُكَذَّبُ فِيهِنَّ الصَّادِقُ ، وَيَخُونُ فِيهِنَّ الأَمِينُ ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الخَائِنُ ، وَيَنْطِقُ فِيهِنَّ الرُّوَيْبِضَةُ » . رواه الحاكم في المستدرك (4/465) ، وقال : هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ ، ووافقه الذهبيّ .
قِيلَ : يَا رَسُولَ اللهِ : وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ ؟ قَالَ : المَرْؤُ التَّافِهُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ العَامَّةِ .وفي رواية : « إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ سِنِينَ خَدَّاعَةً » مسند البزار (7/174) وفي رواية أخرى : « يَكُونُ أَمَامَ الدَّجَّالِ سِنُونَ خَوَادِعٌ » المعجم الكبير للطبراني (12/438).
فمصيبة كبرى ان يُناط امر الناس في الامة الى رويبضاتهم، ومصيبة اعظم ان يناط امر دينها ورشدها وهدايتها الى رويبضاتها، وقد احسن الأفوه الأوديّ في قصيدته المشهورة حيث يقول:
فينا مَعاشِرُ لَم يَبنوا لِقِومِهِمُ ** وَإِنَّ بَني قَومِهِم ما أَفسَدوا عادوا
لا يَرشُدون وَلَن يَرعوا لِمُرشِدِهم ** فَالغَيُّ مِنهُم مَعاً وَالجَهلُ ميعادُ
كَانوا كَمِثلِ لُقَيمٍ في عَشيرَتِهِ إذ ** أُهلِكَت بِالَّذي قَد قَدَّمَت عادُ
أَو بَعدَه كِقُدارٍ حينَ تابَعَهُ ** عَلى الغِوايَةِ أَقوامٌ فَقَد بادوا
وَالبَيتُ لا يُبتَنى إِلّا لَهُ عَمَدٌ ** وَلا عِمادَ إِذا لَم تُرسَ أَوتادُ
فَإِن تَجَمَّعَ أَوتادٌ وَأَعمِدَةٌ ** وَساكِنٌ بَلَغوا الأَمرَ الَّذي كادوا
وَإِن تَجَمَّعَ أَقوامٌ ذَوو حَسَبٍ ** اِصطادَ أَمرَهُمُ بِالرُشدِ مُصطادُ
لا يَصلُحُ الناسُ فَوضى لا سَراةَ لَهُم ** وَلا سَراةَ إِذا جُهّالُهُم سادوا
تُلفى الأُمورُ بِأَهلِ الرُشدِ ما صَلَحَت ** فَإِن تَوَلَّوا فَبِالأَشرارِ تَنقادُ
إِذا تَوَلّى سَراةُ القَومِ أَمرَهُمُ ** نَما عَلى ذاك أَمرُ القَومِ فَاِزدادوا
أَمارَةُ الغَيِّ أَن تَلقى الجَميعَ لَدى ال ** إِبرامِ لِلأَمرِ وَالأَذنابُ أَكتادُ
كَيفَ الرَشادُ إِذا ما كُنتَ في نَفَرٍ ** لَهُم عَنِ الرُشدِ أَغلالٌ وَأَقيادُ
أَعطَوا غُواتَهَمُ جَهلاً مَقادَتَهُم ** فَكُلُّهُم في حِبالِ الغَيِّ مُنقادُ
واسعد الله صباحكم بكل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
التعريف بمفهوم ومعنى الرويبضة
نستخلص من المادة المعجمية للرويبضة ان الرويبضة لغةً من ربض والرابض من الغنم والشياه المستلقي ارضا او القاعد منها والربوض ملاصقة الارض، فيقال ربض الجدي او الخروف فهو رابض، وهو للشياه والدواب كالبروك للابل، والرويبضة منها ما كان كثير الربوض، وصغر للذم والتحقير، وعادة يكون من كسل وتوعك اصابه او مرض الم به، ونقل لوصف الرجل التافه الذي يعجز عن حسم الامور ويفتقد العزم والحزم، والذي يعجز عن النهوض بمعالي المعاني والقيم التي تتطلب عادة علوا الهمم، فهو هابط لا ناهض وسافل لا يرتقي ، فلا يكون له وجود بين الناس ولا اثر او تاثير ، وهو امعة مع كل ناعق بخراب وذل وهوان، وهو كل وضيع في النسب او الاخلاق او الثقافة والفكر من اهل الانحلال والسقوط ، فهو بين الناس وضيع لا يُفتقد اذا غاب ولا يُعدُ ان حضر. جاهل لكل فضيلة عارف بكل رذيلة او يعرف جليل المعاني ويعجز عنها ولا ينهض الا لسخيفها وتافه الامور، سفيه ان قال، طائش ان عمل . وللزيادة في الاحتقار صُغر اللفظ فلم يوصف بانه رابض بل وُصف رويبضة ومن فوائد التصغير للصفات ملازمتها للموصوف.
والمصيبة الكبرى ان يتحول الزمان ليصبح زمن الرويبضة مواتيا لظهور الرويبضات
فعاثوا في الارض فساداً واهلكوا الحرث والنسل ووأدوا الفضل والفضيلة واستحييوا كل شائنة ورذيلة.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « قَبْلَ السَّاعَةِ سِنُونَ خَدَّاعَةٌ ، يُصَدَّقُ فِيهِنَّ الكَاذِبُ ، وَيُكَذَّبُ فِيهِنَّ الصَّادِقُ ، وَيَخُونُ فِيهِنَّ الأَمِينُ ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الخَائِنُ ، وَيَنْطِقُ فِيهِنَّ الرُّوَيْبِضَةُ » . رواه الحاكم في المستدرك (4/465) ، وقال : هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ ، ووافقه الذهبيّ .
قِيلَ : يَا رَسُولَ اللهِ : وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ ؟ قَالَ : المَرْؤُ التَّافِهُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ العَامَّةِ .وفي رواية : « إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ سِنِينَ خَدَّاعَةً » مسند البزار (7/174) وفي رواية أخرى : « يَكُونُ أَمَامَ الدَّجَّالِ سِنُونَ خَوَادِعٌ » المعجم الكبير للطبراني (12/438).
فمصيبة كبرى ان يُناط امر الناس في الامة الى رويبضاتهم، ومصيبة اعظم ان يناط امر دينها ورشدها وهدايتها الى رويبضاتها، وقد احسن الأفوه الأوديّ في قصيدته المشهورة حيث يقول:
فينا مَعاشِرُ لَم يَبنوا لِقِومِهِمُ ** وَإِنَّ بَني قَومِهِم ما أَفسَدوا عادوا
لا يَرشُدون وَلَن يَرعوا لِمُرشِدِهم ** فَالغَيُّ مِنهُم مَعاً وَالجَهلُ ميعادُ
كَانوا كَمِثلِ لُقَيمٍ في عَشيرَتِهِ إذ ** أُهلِكَت بِالَّذي قَد قَدَّمَت عادُ
أَو بَعدَه كِقُدارٍ حينَ تابَعَهُ ** عَلى الغِوايَةِ أَقوامٌ فَقَد بادوا
وَالبَيتُ لا يُبتَنى إِلّا لَهُ عَمَدٌ ** وَلا عِمادَ إِذا لَم تُرسَ أَوتادُ
فَإِن تَجَمَّعَ أَوتادٌ وَأَعمِدَةٌ ** وَساكِنٌ بَلَغوا الأَمرَ الَّذي كادوا
وَإِن تَجَمَّعَ أَقوامٌ ذَوو حَسَبٍ ** اِصطادَ أَمرَهُمُ بِالرُشدِ مُصطادُ
لا يَصلُحُ الناسُ فَوضى لا سَراةَ لَهُم ** وَلا سَراةَ إِذا جُهّالُهُم سادوا
تُلفى الأُمورُ بِأَهلِ الرُشدِ ما صَلَحَت ** فَإِن تَوَلَّوا فَبِالأَشرارِ تَنقادُ
إِذا تَوَلّى سَراةُ القَومِ أَمرَهُمُ ** نَما عَلى ذاك أَمرُ القَومِ فَاِزدادوا
أَمارَةُ الغَيِّ أَن تَلقى الجَميعَ لَدى ال ** إِبرامِ لِلأَمرِ وَالأَذنابُ أَكتادُ
كَيفَ الرَشادُ إِذا ما كُنتَ في نَفَرٍ ** لَهُم عَنِ الرُشدِ أَغلالٌ وَأَقيادُ
أَعطَوا غُواتَهَمُ جَهلاً مَقادَتَهُم ** فَكُلُّهُم في حِبالِ الغَيِّ مُنقادُ
واسعد الله صباحكم بكل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته