موجز تاريخي عن الحلف الصليبي الصفوي “الغارة على العالم الإسلامي”
الجزء الأول
د. عامر الحموي
كاتب وأكاديمي سوري.
عرض مقالات الكاتب
عندما طرد الإسبان العرب من الأندلس عام 1492 م ، أعطاهم بابا الفاتكان (ملك أوربا الروحي وقتها) مع البرتغاليين، براءتين رسوليتين : الأولى: حق امتلاك أي أرض يحتلّونها أو يكتشفونها لكل واحد منهما. والثانية: حق التبشير والحرب الصليبية بدعم الفاتيكان من ناحية الجهة الغربية على بلاد المسلمين بعد أن فشلوا وعجزوا أن يحتلوها من الناحية الشرقية عقب طرد الصلبيين من بلاد الشام من قبل صلاح الدين و المماليك و بسبب الانتصارات العثمانية على جيوش أوربا الشرقية وزحفهم إلى قلب أوروبا، فهنا انطلق هذان المحتلان (الاسباني والبرتغالي) بحقدهم الدفين.
هنا اتحدّث أولاً عن الحملة الصليبية الإسبانية، فبعد أن قام الإسبان بالاستيلاء على سواحل كل المغرب العربي، وانكسرت الأساطيل الإسلامية أمامهم، التجأ قائد البحرية الجزائرية “خير الدين بربروس” بإسطوله المتواضع إلى الخليفة العثماني سليمان القانوني العثماني طالباً منه المعونة ضدّ الصليبيين، فنصّب الخليفة خير الدين بربروس قائداً على الأساطيل العثمانية غربي البحر المتوسط لتحرير بلاد المغرب العربي والأندلس، ولضرب الصليبين في عاصمتهم الروحية روما. و قدحقق خير الدين أغلب ما أراد لولا:
1-وقوف السعديين أثناءها (في المغرب) ضده .
2- طعن إسماعيل الصفوي ظهر العثمانيين بدعم من الإسبان والبرتغاليين.
أباد الإسبان مليون هندي أحمر من أجل المحاولة الفاشلة لتنصير الأمريكيتين (بعد اكتشافها من قبل كولومبوس)، وأنشأوا هناك مملكتهم التي عرفت بمملكة الهند الغربية. (كروستوفر كولومبوس عندما اكتشف أمريكا في 1492م – تاريخ طرد العرب من غرناطة- ظنّ أنه وصل الهند من طريق الغرب (حسب نظرية دوران الأرض التي قال بها بطليميوس الاسكندراني ثم الشريف الإدريسي و ابن الخازن الأندلسي).و مات كولومبوس في سجن الملكة “ازبيلا” (ملكة إسبانية) وهو يظن أنه وصل الهند بعد عبوره لبحر الظلمات (المحيط الأطلسي) حيث سجنته ازبيلا، بسبب أن ما أحضره من نباتات و مواد في رحلته إلى العالم الجديد لا يتطابق مع نباتات و مواد الهند فظنّت أنه يخدعها . حتى اكتشف البحارة البرتغالي “أمريكو فيزوبوتشي” أن هذه البلاد ليست الهند عام 1500 م ، بل هي عالم جديد ، حيث اكتشف البرازيل كبراءة ملك للبرتغاليين (و التي هي الدولة الوحيدة الآن التي تتكلم باللغة البرتغالية في أمريكا اللاتينية) وسمّيت القارتين على اسمه “أمريكا”.
كان الطريق إلى الهند من الشرق يحتكره المسلمون المماليك ثمّ العثمانيون ثمّ البرتغال. وما كانت سفن ” فرناندو ماجلان” الإسبانية، إلا حملة صليبية تحمل شعار الصليب. فعندما عبرت مضيق جبل النار (وهو أوّل من سمى المحيط بعد ممر النار بالهادئ ، لهدوء الأمواج بعدد الممر، وسمى مضيق جبل النار بمضيق ماجلان فيما بعد و قد أصبح حق ملكيا للإسبان بموجب البراءة البابوية) و اقتربت سفنه من جزر الملاو (الفليبين) التابعة لجزر البهار (إندنيسيا)، وكان أكثرها يدين بالإسلام، حيث عرف أهلها من الصلبان التي تحملها السفن كشعار لها بأنها حملة صليبية تستهدفهم، فتصدوا لسفن ماجلان، و قتلوه، و لم ينجو من الإسبان إلا 17 عشر رجلا، بعدها أسر البرتغال 12 منهم، لأنهم حلو في أراض برتغالية حسب حق الملكية الباباوي (لأن البرتغال هم أوّل من اكتشفوا سواحل افريقيا و طريق الرأس الصالح، و الهند حتى جزر البهار (إندونيسيا) و الصين) ومعهم حق براءة من البابا بامتلاك تلك البلاد و تنصيرها. بعد أن أسر البرتغاليون 12 شخص و أعدموهم ، لكي لا يعلم أحد منهم طريق الهند عبر افريقيا غير البرتغال، و الذين بقوا محافظين على ملكه وحدهم ببراءة بابوية مدة 100 عام حتى مجيء الهولنديين البروتستانت -بعد قضائهم على الامبراطورية الرومانية المقدسة حيث استباح روما (مارتن لوثر) زعيم البروتستانت لأتباعه مدة أشهر من قتل واغتصاب و سلب و بي. هنا هرب البابا إلى مدينة “كريمون” الفرنسيية، حيث استقبله ملك فرنسا “فرانسوا” و عقد حلف معه ضد الألمان، و أعلنت فرنسا نفسها (مرة ثانية بعد الحروب الصليبية) أنها حامية الكنيسة الكاثوليكية و سمت نفسها بـ ” بنت الكنيسة الكبرى” واتبعت سياسة الفرنسة (العالم الفرانكفوني “الفرنجي”).
هرب خمسة من 17 رجل إسباني (بعد اعدام البرتغال لـ 12 منهم) ووصلوا أخيرا إسبانيا ، وكان ذلك عهد ملك اسبانيا فيليب الثاني -في عهده حدثت معركة الملوك الثلاثة في المغرب ضد أميرها أحمد المنصور حيث انتصر عليهم و قتل ملك البرتغال سبستيان، هنا قام فيليب باحتلال البرتغال، فسقطت أغلب مستعمرات البرتغال تحت الاستعمارين الهولاندي و البريطاني بعد خسارة فيليب (أقوى ملك أوربي) أما بريطانيا في معركة الأرامادا (أثر تحطّم أسطوله الضخم في عاصفة بحرية)، -المعركة التي أظهرت بريطانيا إلى الوجود كقوة دولية لأول مرّة- أمر فيليب الثاني بإرسال قوة إسبانية إلى “جزر المالاو” حيث أباد فيها كثير من المسلمين ، و حوّلهم إلى أقليّة ، وغيّر اسم الجزر لتكون على اسمه فيليبين بعد مقتل أعظم قائد لإسبانيا فيها ” ماجيلان” (وقبره ما زال هناك).
أعود للكلام عن البرتغاليين و علاقتهم بالصفويين : فأوّل من شن حروبه الصليبية البرتغالية ضد المغرب العربي الأمير هنري الملاح 1414 م (الابن الثالث لجاوا الأول، ملك البرتغال). حيث سمع من مسلمي الأندلس عن وجود بلاد الحبشة المسيحية في إفريقيا، و التي فيها ملك مسيحي يحارب المسلمين اسمه النجاشي ، فأراد هنري الوصول إليه و الوصول إلى الصين، لكي يتحالف معهم ضد المسلمين، و ليضعوا المسلمين بين فكي كماش . ويحقق هدف يطمح إليه وهو “تدمير الكعبة الشريفة”. ولكن هنري توفي قبل تحقيق حلمه . فتولّى الأمر ملك البرتغال “جون الثاني” بن جوا الأول، وفي عهده اكتشف رأس الرجاء الصالح، و وصل البرتغاليين الهند و الحبشة بقيادة “فاسكو ديغاما” الإيطالي الكاثوليكي عام 1497م وأوّل من اطلق اسم رأس الرجاء الصالح على الرأس في جنوب إفريقيا، هو ملك البرتغال جون الثاني، وذلك للتعبير عن ابتهاجه باكتشاف طريق بحري جديد إلى الهند، يُغني أوروبا عن سلك طريق المماليك المسلمين عن طريق الحرير القديم، أو طريق البحر المتوسط إلى الأحمر فالهند المحتكر له المماليك المسلمين مع حليفتهم مدينة فنيسيا (البندقية) حليفة العثمانيين ضد البابوية. بعد أن حرّم بابا الفتيكان “أوريان الثاني” (الذي دعا إلى الحملات الصليبة) التعامل و التجارة مع المسلمين، كسر هذا التحريم كّل من البندقية و جنوا ، حيث أنّه بدون طريق الهند و التجارة مع المسلمين من الصعب للأوربيين أن يبقوا على قيد الحياة ، فأوربا ليس فيها موارد طبيعية و لا مواد أولية ، و لا حتى ليس هناك ما يكفي من المواد الزراعية لسد لقمة العيش، لذلك كانت كل من البندقية و جنوى سوق سوداء لأوربا ثم تبعتها كل من فلورنسا و مدن شمال إيطاليا ، و من ثمّ كان من تلك الأموال الفاحشة التي جنتها تلك المدن بداية الحضارة الأوربية الحديثة لأوربا في شمال إيطاليا أو ما يعرف بعصر النهضة بعد عصر الظلمات (العصور الوسطى).
الجزء الأول
د. عامر الحموي
كاتب وأكاديمي سوري.
عرض مقالات الكاتب
عندما طرد الإسبان العرب من الأندلس عام 1492 م ، أعطاهم بابا الفاتكان (ملك أوربا الروحي وقتها) مع البرتغاليين، براءتين رسوليتين : الأولى: حق امتلاك أي أرض يحتلّونها أو يكتشفونها لكل واحد منهما. والثانية: حق التبشير والحرب الصليبية بدعم الفاتيكان من ناحية الجهة الغربية على بلاد المسلمين بعد أن فشلوا وعجزوا أن يحتلوها من الناحية الشرقية عقب طرد الصلبيين من بلاد الشام من قبل صلاح الدين و المماليك و بسبب الانتصارات العثمانية على جيوش أوربا الشرقية وزحفهم إلى قلب أوروبا، فهنا انطلق هذان المحتلان (الاسباني والبرتغالي) بحقدهم الدفين.
هنا اتحدّث أولاً عن الحملة الصليبية الإسبانية، فبعد أن قام الإسبان بالاستيلاء على سواحل كل المغرب العربي، وانكسرت الأساطيل الإسلامية أمامهم، التجأ قائد البحرية الجزائرية “خير الدين بربروس” بإسطوله المتواضع إلى الخليفة العثماني سليمان القانوني العثماني طالباً منه المعونة ضدّ الصليبيين، فنصّب الخليفة خير الدين بربروس قائداً على الأساطيل العثمانية غربي البحر المتوسط لتحرير بلاد المغرب العربي والأندلس، ولضرب الصليبين في عاصمتهم الروحية روما. و قدحقق خير الدين أغلب ما أراد لولا:
1-وقوف السعديين أثناءها (في المغرب) ضده .
2- طعن إسماعيل الصفوي ظهر العثمانيين بدعم من الإسبان والبرتغاليين.
أباد الإسبان مليون هندي أحمر من أجل المحاولة الفاشلة لتنصير الأمريكيتين (بعد اكتشافها من قبل كولومبوس)، وأنشأوا هناك مملكتهم التي عرفت بمملكة الهند الغربية. (كروستوفر كولومبوس عندما اكتشف أمريكا في 1492م – تاريخ طرد العرب من غرناطة- ظنّ أنه وصل الهند من طريق الغرب (حسب نظرية دوران الأرض التي قال بها بطليميوس الاسكندراني ثم الشريف الإدريسي و ابن الخازن الأندلسي).و مات كولومبوس في سجن الملكة “ازبيلا” (ملكة إسبانية) وهو يظن أنه وصل الهند بعد عبوره لبحر الظلمات (المحيط الأطلسي) حيث سجنته ازبيلا، بسبب أن ما أحضره من نباتات و مواد في رحلته إلى العالم الجديد لا يتطابق مع نباتات و مواد الهند فظنّت أنه يخدعها . حتى اكتشف البحارة البرتغالي “أمريكو فيزوبوتشي” أن هذه البلاد ليست الهند عام 1500 م ، بل هي عالم جديد ، حيث اكتشف البرازيل كبراءة ملك للبرتغاليين (و التي هي الدولة الوحيدة الآن التي تتكلم باللغة البرتغالية في أمريكا اللاتينية) وسمّيت القارتين على اسمه “أمريكا”.
كان الطريق إلى الهند من الشرق يحتكره المسلمون المماليك ثمّ العثمانيون ثمّ البرتغال. وما كانت سفن ” فرناندو ماجلان” الإسبانية، إلا حملة صليبية تحمل شعار الصليب. فعندما عبرت مضيق جبل النار (وهو أوّل من سمى المحيط بعد ممر النار بالهادئ ، لهدوء الأمواج بعدد الممر، وسمى مضيق جبل النار بمضيق ماجلان فيما بعد و قد أصبح حق ملكيا للإسبان بموجب البراءة البابوية) و اقتربت سفنه من جزر الملاو (الفليبين) التابعة لجزر البهار (إندنيسيا)، وكان أكثرها يدين بالإسلام، حيث عرف أهلها من الصلبان التي تحملها السفن كشعار لها بأنها حملة صليبية تستهدفهم، فتصدوا لسفن ماجلان، و قتلوه، و لم ينجو من الإسبان إلا 17 عشر رجلا، بعدها أسر البرتغال 12 منهم، لأنهم حلو في أراض برتغالية حسب حق الملكية الباباوي (لأن البرتغال هم أوّل من اكتشفوا سواحل افريقيا و طريق الرأس الصالح، و الهند حتى جزر البهار (إندونيسيا) و الصين) ومعهم حق براءة من البابا بامتلاك تلك البلاد و تنصيرها. بعد أن أسر البرتغاليون 12 شخص و أعدموهم ، لكي لا يعلم أحد منهم طريق الهند عبر افريقيا غير البرتغال، و الذين بقوا محافظين على ملكه وحدهم ببراءة بابوية مدة 100 عام حتى مجيء الهولنديين البروتستانت -بعد قضائهم على الامبراطورية الرومانية المقدسة حيث استباح روما (مارتن لوثر) زعيم البروتستانت لأتباعه مدة أشهر من قتل واغتصاب و سلب و بي. هنا هرب البابا إلى مدينة “كريمون” الفرنسيية، حيث استقبله ملك فرنسا “فرانسوا” و عقد حلف معه ضد الألمان، و أعلنت فرنسا نفسها (مرة ثانية بعد الحروب الصليبية) أنها حامية الكنيسة الكاثوليكية و سمت نفسها بـ ” بنت الكنيسة الكبرى” واتبعت سياسة الفرنسة (العالم الفرانكفوني “الفرنجي”).
هرب خمسة من 17 رجل إسباني (بعد اعدام البرتغال لـ 12 منهم) ووصلوا أخيرا إسبانيا ، وكان ذلك عهد ملك اسبانيا فيليب الثاني -في عهده حدثت معركة الملوك الثلاثة في المغرب ضد أميرها أحمد المنصور حيث انتصر عليهم و قتل ملك البرتغال سبستيان، هنا قام فيليب باحتلال البرتغال، فسقطت أغلب مستعمرات البرتغال تحت الاستعمارين الهولاندي و البريطاني بعد خسارة فيليب (أقوى ملك أوربي) أما بريطانيا في معركة الأرامادا (أثر تحطّم أسطوله الضخم في عاصفة بحرية)، -المعركة التي أظهرت بريطانيا إلى الوجود كقوة دولية لأول مرّة- أمر فيليب الثاني بإرسال قوة إسبانية إلى “جزر المالاو” حيث أباد فيها كثير من المسلمين ، و حوّلهم إلى أقليّة ، وغيّر اسم الجزر لتكون على اسمه فيليبين بعد مقتل أعظم قائد لإسبانيا فيها ” ماجيلان” (وقبره ما زال هناك).
أعود للكلام عن البرتغاليين و علاقتهم بالصفويين : فأوّل من شن حروبه الصليبية البرتغالية ضد المغرب العربي الأمير هنري الملاح 1414 م (الابن الثالث لجاوا الأول، ملك البرتغال). حيث سمع من مسلمي الأندلس عن وجود بلاد الحبشة المسيحية في إفريقيا، و التي فيها ملك مسيحي يحارب المسلمين اسمه النجاشي ، فأراد هنري الوصول إليه و الوصول إلى الصين، لكي يتحالف معهم ضد المسلمين، و ليضعوا المسلمين بين فكي كماش . ويحقق هدف يطمح إليه وهو “تدمير الكعبة الشريفة”. ولكن هنري توفي قبل تحقيق حلمه . فتولّى الأمر ملك البرتغال “جون الثاني” بن جوا الأول، وفي عهده اكتشف رأس الرجاء الصالح، و وصل البرتغاليين الهند و الحبشة بقيادة “فاسكو ديغاما” الإيطالي الكاثوليكي عام 1497م وأوّل من اطلق اسم رأس الرجاء الصالح على الرأس في جنوب إفريقيا، هو ملك البرتغال جون الثاني، وذلك للتعبير عن ابتهاجه باكتشاف طريق بحري جديد إلى الهند، يُغني أوروبا عن سلك طريق المماليك المسلمين عن طريق الحرير القديم، أو طريق البحر المتوسط إلى الأحمر فالهند المحتكر له المماليك المسلمين مع حليفتهم مدينة فنيسيا (البندقية) حليفة العثمانيين ضد البابوية. بعد أن حرّم بابا الفتيكان “أوريان الثاني” (الذي دعا إلى الحملات الصليبة) التعامل و التجارة مع المسلمين، كسر هذا التحريم كّل من البندقية و جنوا ، حيث أنّه بدون طريق الهند و التجارة مع المسلمين من الصعب للأوربيين أن يبقوا على قيد الحياة ، فأوربا ليس فيها موارد طبيعية و لا مواد أولية ، و لا حتى ليس هناك ما يكفي من المواد الزراعية لسد لقمة العيش، لذلك كانت كل من البندقية و جنوى سوق سوداء لأوربا ثم تبعتها كل من فلورنسا و مدن شمال إيطاليا ، و من ثمّ كان من تلك الأموال الفاحشة التي جنتها تلك المدن بداية الحضارة الأوربية الحديثة لأوربا في شمال إيطاليا أو ما يعرف بعصر النهضة بعد عصر الظلمات (العصور الوسطى).