حديث الصيام -15-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حديثنا هذه الليلة عن قاعدة اصولية فقهية سالني بعض الاخوة الاكارم بيانها
وهي قاعدة:- ” الحكم على الشيء فرعٌ عن تَصوره ”
فنقول وبالله المستعان وبعد الصلاة والتسليم على من اوتي جوامع الكلم وحسن البيان صلى الله عليه واله وصحبه اجمعين:-
هذه القاعدة علاوة على انها قاعدة اصولية وفقهية اساسية ومعتبرة عند كل فقهاء الملة الا انها ايضا قاعدة فكرية ضرورية لاجراء العملية العقلية على اي موضوع في تخصص كان.
فالانسان وعقله البشري المحدود لا يستطيع ان يصدر حكما على اي واقع او حدث حتى يكون عنده معلومات عن هذا الواقع وكلما زادت المعلومات دقة اتضح الواقع واتضحت صورته للباحث او المفكر ليتسنى له اصدار حكمه عليه او انزال احكام الله تعالى بنصوصها الكلية او بعللها الشرعية على الوقائع والاحداث والمستجدات والنوازل، ففهم الواقع المراد الحكم عليه جزء من الحكم ذاته المراد انزاله عليه، وهذا مرادف لما يسميه الاصوليون عندنا تحقيق المناط، اي بحث الواقع المراد اناطة الحكم به. قال الجرجاني رحمه الله في التعريفات: "التصور: حصول صورة الشيء في العقل".
وهذه القاعدة شانها شان القواعد الاصولية والقواعد الفقهية المعتبرة ماخوذة من مجموعة ادلة شرعية، ومن ادلتها في كتاب الله تعالى قوله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ} سورة النحل الآية 116. فبينت الاية الكريمة ان حق التحليل والتحريم اي المنع والاباحة لله عز وجل لانه تعالى الحاكم على افعال العباد فهو ربهم وسيدهم وهم خلقه وعبيده فليس لسواه حق التحريم او التحليل لهم.
فاذا علم ذلك فان الله تعالى المتصرف بخلقه وشؤنهم يامرنا التحري في الوقائع واحكامها ودرايتها وعلمها فقهها اي دقة فهم امورها وخفاياها، ل قوله تعالى:{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} سورة الإسراء الآية 36 والاقتفاء هو الاتباع فمنعنا ان نتبع ما ليس لنا به احاطة وعلم، ومنها قوله تعالى:{وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا} سورة الكهف الآية 68.
قال ابن القيم رحمه الله :[ وَلا يَتَمَكَّنُ الْمُفْتِي وَلا الْحَاكِمُ من الْفَتْوَى وَالْحُكْمِ بِالْحَقِّ إلا بِنَوْعَيْنِ من الْفَهْمِ:
أَحَدُهُمَا: فَهْمُ الْوَاقِعِ، وَالْفِقْهِ فيه، وَاسْتِنْبَاطُ عِلْمِ حَقِيقَةِ ما وَقَعَ بِالْقَرَائِنِ وَالأَمَارَاتِ وَالْعَلامَاتِ؛ حتى يُحِيطَ بِهِ عِلْمًا.
وَالنَّوْعُ الثَّانِي: فَهْمُ الْوَاجِبِ في الْوَاقِعِ، وهو فَهْمُ حُكْمِ اللَّهِ الذي حَكَمَ بِهِ في كِتَابِهِ، أو على لِسَانِ رسوله صلى الله عليه وسلم في هذا الْوَاقِعِ، ثُمَّ يُطَبِّقُ أَحَدُهُمَا على الآخَرِ.فَمَنْ بَذَلَ جَهْدَهُ، وَاسْتَفْرَغَ وُسْعَهُ في ذلك لم يَعْدَمْ أَجْرَيْنِ أو أَجْرًا.
فَالْعَالِمُ من يَتَوَصَّلُ بِمَعْرِفَةِ الْوَاقِعِ وَالتَّفَقُّهِ فيه إلَى مَعْرِفَةِ حُكْمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ…ومن تأمل الشريعة وقضايا الصحابة وجدها طافحةً بهذا، ومن سلك غيرَ هذا أضاعَ على الناس حقوقهم، ونسبه إلى الشريعة التي بعث الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم ] إعلام الموقعين 1/187.
أوصى يحيى بن خالد ابنَه جعفرًا فقال: "لا تُردَّ على أحد جوابًا حتى تفهم كلامه، فإن ذلك يصرفُك عن جواب كلامه إلى غيره، ويؤكد الجهلَ عليك، ولكن افهم عنه، فإذا فهمتَه فأجِبْه، ولا تعجَلْ بالجواب قبل الاستفهام، ولا تستحِ أن تستفهمَ إذا لم تفهم؛ فإن الجواب قبل الفَهم حمقٌ"
جعلنا الله واياكم ممن يستمعون القول فيتبعون احسنه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حديثنا هذه الليلة عن قاعدة اصولية فقهية سالني بعض الاخوة الاكارم بيانها
وهي قاعدة:- ” الحكم على الشيء فرعٌ عن تَصوره ”
فنقول وبالله المستعان وبعد الصلاة والتسليم على من اوتي جوامع الكلم وحسن البيان صلى الله عليه واله وصحبه اجمعين:-
هذه القاعدة علاوة على انها قاعدة اصولية وفقهية اساسية ومعتبرة عند كل فقهاء الملة الا انها ايضا قاعدة فكرية ضرورية لاجراء العملية العقلية على اي موضوع في تخصص كان.
فالانسان وعقله البشري المحدود لا يستطيع ان يصدر حكما على اي واقع او حدث حتى يكون عنده معلومات عن هذا الواقع وكلما زادت المعلومات دقة اتضح الواقع واتضحت صورته للباحث او المفكر ليتسنى له اصدار حكمه عليه او انزال احكام الله تعالى بنصوصها الكلية او بعللها الشرعية على الوقائع والاحداث والمستجدات والنوازل، ففهم الواقع المراد الحكم عليه جزء من الحكم ذاته المراد انزاله عليه، وهذا مرادف لما يسميه الاصوليون عندنا تحقيق المناط، اي بحث الواقع المراد اناطة الحكم به. قال الجرجاني رحمه الله في التعريفات: "التصور: حصول صورة الشيء في العقل".
وهذه القاعدة شانها شان القواعد الاصولية والقواعد الفقهية المعتبرة ماخوذة من مجموعة ادلة شرعية، ومن ادلتها في كتاب الله تعالى قوله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ} سورة النحل الآية 116. فبينت الاية الكريمة ان حق التحليل والتحريم اي المنع والاباحة لله عز وجل لانه تعالى الحاكم على افعال العباد فهو ربهم وسيدهم وهم خلقه وعبيده فليس لسواه حق التحريم او التحليل لهم.
فاذا علم ذلك فان الله تعالى المتصرف بخلقه وشؤنهم يامرنا التحري في الوقائع واحكامها ودرايتها وعلمها فقهها اي دقة فهم امورها وخفاياها، ل قوله تعالى:{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} سورة الإسراء الآية 36 والاقتفاء هو الاتباع فمنعنا ان نتبع ما ليس لنا به احاطة وعلم، ومنها قوله تعالى:{وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا} سورة الكهف الآية 68.
قال ابن القيم رحمه الله :[ وَلا يَتَمَكَّنُ الْمُفْتِي وَلا الْحَاكِمُ من الْفَتْوَى وَالْحُكْمِ بِالْحَقِّ إلا بِنَوْعَيْنِ من الْفَهْمِ:
أَحَدُهُمَا: فَهْمُ الْوَاقِعِ، وَالْفِقْهِ فيه، وَاسْتِنْبَاطُ عِلْمِ حَقِيقَةِ ما وَقَعَ بِالْقَرَائِنِ وَالأَمَارَاتِ وَالْعَلامَاتِ؛ حتى يُحِيطَ بِهِ عِلْمًا.
وَالنَّوْعُ الثَّانِي: فَهْمُ الْوَاجِبِ في الْوَاقِعِ، وهو فَهْمُ حُكْمِ اللَّهِ الذي حَكَمَ بِهِ في كِتَابِهِ، أو على لِسَانِ رسوله صلى الله عليه وسلم في هذا الْوَاقِعِ، ثُمَّ يُطَبِّقُ أَحَدُهُمَا على الآخَرِ.فَمَنْ بَذَلَ جَهْدَهُ، وَاسْتَفْرَغَ وُسْعَهُ في ذلك لم يَعْدَمْ أَجْرَيْنِ أو أَجْرًا.
فَالْعَالِمُ من يَتَوَصَّلُ بِمَعْرِفَةِ الْوَاقِعِ وَالتَّفَقُّهِ فيه إلَى مَعْرِفَةِ حُكْمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ…ومن تأمل الشريعة وقضايا الصحابة وجدها طافحةً بهذا، ومن سلك غيرَ هذا أضاعَ على الناس حقوقهم، ونسبه إلى الشريعة التي بعث الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم ] إعلام الموقعين 1/187.
أوصى يحيى بن خالد ابنَه جعفرًا فقال: "لا تُردَّ على أحد جوابًا حتى تفهم كلامه، فإن ذلك يصرفُك عن جواب كلامه إلى غيره، ويؤكد الجهلَ عليك، ولكن افهم عنه، فإذا فهمتَه فأجِبْه، ولا تعجَلْ بالجواب قبل الاستفهام، ولا تستحِ أن تستفهمَ إذا لم تفهم؛ فإن الجواب قبل الفَهم حمقٌ"
جعلنا الله واياكم ممن يستمعون القول فيتبعون احسنه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.