إتباعُ السَّنن
السَّنَنِ وهو الطريق... وسَنَن الطريق وسُنَنُه وسِنَنُه وسُنُنُه: نَهْجُه... فالسنن: جمع سُنة، والأصلُ فيها الطريقة والسِّيرة.
روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم "لَتَتّبِعُنّ سَنَنَ الّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ. شِبْراً بِشِبْرٍ، وَذِرَاعاً بِذِرَاعٍ. حَتّىَ لَوْ دَخَلُوا فِي جُحْرِ ضَبَ لاَتّبَعْتُمُوهُمْ" قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللّهِ آلْيَهُودُ وَالنّصَارَىَ؟ قَالَ "فَمَنْ؟".
ولقد جاء في القرآن العظيم ما يبين ويشير الى ذلك حيث قال ربنا عز وجل :-
" كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ"(69) التوبة.
* قال القرطبى:
روى سعيد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (تأخذون كما أخذت الأمم قبلكم ذراعا بذراع وشبرا بشبر وباعا بباع حتى لو أن أحدا من أولئك دخل جحر ضب لدخلتموه). قال أبو هريرة: وإن شئتم فاقرؤوا القرآن: "كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة وأكثر أموالا وأولادا فاستمتعوا بخلاقهم" قال أبو هريرة: والخلاق، الدين "فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم" حتى فرغ من الآية. قالوا: يا نبي الله، فما صنعت اليهود والنصارى؟ قال: (وما الناس إلا هم). وفي الصحيح عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم (لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه) قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: (فمن)؟ وقال ابن عباس: ما أشبه الليلة بالبارحة، هؤلاء بنو إسرائيل شبهنا بهم.
وقد اجاد واحسن من قال:-
نُقلِّدُ فُحشَهُمْ في كُلِّ فنٍّ ----- ونفْعَلُ مِثْلَ ما يُمْلى علينَا
فإنْ لَبِسوا مُمَزْقَهُمْ لَبِسْنا -- وإنْ صنعوا لنا الزيَّ ارْتَديْنَا!
وإنْ جلَسوا بِقارِعَةٍ جَلسْنا-- وإنْ ساروا على أيْدٍ مشيْنا
وإنْ دخَلوا لِجُحْرِ الضَّبِّ يوماً --تبِعْناهُم كَقولِكَ يا نَبيْنَا
فلَيْتَ الحالَ إذْ كُنَّا فعلْنَا -- وبالتَّقْليْدِ حقَّاً قدْ بُليْنا
أخذْنا في الحضارةِ كُلَّ نفْعٍ-- وكُنَّا في التَّشبُّهِ عاقِلينَا
أنّتْبَعُ نهْجَ منْ ضلُّوا وزاغوا؟!--ونتْرُكُ هدْيَ خيْرِ المُرْسَلينا؟!
كفَانَا يا بَنيْ قوميْ جُنوناً ----- وجهْلاً مِثْلَ حُمْقِ الجاهِلينَا
اما كيف يتقى العبد الوقوع في اتباع السَنن؟:
فالجواب على ذلك يسير لكن العمل به هو الأهم حيث يقول الله تعالى:
"وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون"َ(153) الأنعام.
وعَنْ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بَعْدَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقَالَ رَجُلٌ إِنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ تأمر عليكم عَبْدٌ حَبَشِيٌّ فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بعدى يَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّهَا ضَلَالَةٌ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ"{ الترمذى..كتاب العلم }. اللهم احفظنا واعصمنا فلا حافظ ولا عاصم لنا سواك.
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في 2022-11-26, 7:45 pm عدل 1 مرات