Hitskin.com
2024-11-08, 10:09 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي
الصحة تجارة مُرْبحة:
لقاح وباء "كوفيد 19" بين آمال البَشَرِيّة والمضاربة في البورصة
الطاهر المعز
أعلنت مجموعة "فايزر ( Pfizer ) أكبر شركة عالمية (أمريكية المَنْشَأ) للمُخْتَبَرات والعَقاقير، أن التّعاون بينها وبين الشركة الألمانية "بيونتيك" الناشئة، أسْفَر عن نتائج أوّلِية إيجابية واعدة، بشأن التجارب التي تسبق إنتاج لقاح ضد الفيروس التاجي "كوفيد 19"، بعد مرحلة تحديد أسباب انتشار الفيروس، وفهم خصائصه، وغير ذلك من الدّراسات الأولية الضّرورية التي تُساعد على إنتاج علاج أو لقاح.
لئن كانت مجموعة "فايزر" أقوى شركة عالمية في مجال الدواء، فإنها ليست الأكثر نجاعة أو الأكثر كفاءة في ميدان الرعاية الصحية، وإنما تتمتع "فايزر" بدعم قوي من أجهزة الدّولة الإتحادية الأمريكية، وبدعم جهاز إعلامي ودعائي (إشهاري) مُهَيْمن وناجع، ما هَمَّشَ أكثر من أربعين لقاحًا لا تزال في طور التّجارب (تمامًا مثل لقاح "فايزر" و "بيونتيك" أو "موديرنا")، ومن بينها عشرة لقاحات بلغت ما تسمّى "المرحلة الثالثة" من التّجارب، وتُحاول حكومات أوروبا والولايات المتحدة تفادي طرح اللقاح من قِبَلِ شركات صينية أو روسية، بدأت تجاربها في وقت مُبَكِّر، وقد تُنتج لقاحات ناجِعة قبل "فايزر" الأمريكية أو "سانوفي" الفرنسية أو غيرها من شركات أوروبا وأمريكا الشمالية وغيرها، لكن المعلومات التي نشرتها "فايزر" منقوصة ولا تُبَيِّنُ إن كان اللقاح المُنتظَر طَرحُهُ خلال النصف الثاني من سنة 2021، سيُمكّن من اكتساب مناعة دائمة، أم سوف يحتاج إلى التجديد بشكل دَوْرِي (سنويًّا أو كل خمس سنوات، أو غير ذلك)، ولم تُنْشَر معلومات عن "الأعراض الجانبية" أو "التّأثِيرات السّلبية" المُحتمَلَة، كما لا تتوفّر معلومات عن طريقة التّخزين، وملاءمتها لتجهيزات المستشفيات والصّيْدليات، أم ستُنتج "فايزر" (أو شركة متعاونة معها) تجهيزات خاصة، بدعم من الخزينة العامة، تبيعها وتجني منها أرباحًا إضافية...
سباق وتنافس محموم بين الشركات العالمية للأدوية:
اقتصر إعلان شركة "فايزر" على بيان صحفي مقتضب للإعلان عن "محاسن" لقاحها، من دون أي توضيحات أو ملخّص للدراسات أو المناهج البحثية، التي مكّنتها من التقدّم في تجاربها، أما أسهم الشركة فقد ارتفعت بنسبة 8%، يوم إعلان الشركة عن نتائج منقوصة وضبابية لِلِقَاحِهَا، وتمكّن "ألبرت بورلا"، المدير التنفيذي في شركة "فايزر"، من تحقيق أرباح بلغت 5,56 ملايين دولار، وحقّقت نائبته أرباحًا بقيمة 1,8 مليون دولارا، بحسب موقع صحيفة "فايننشال تايمز" (مساء الإثنين 09 تشرين الثاني/نوفمبر 2020)...
تُجْرِي شركة "موديرنا" الأميركية أبحاثاً حول لقاح لفيروس كورونا، واتُّهِمت بالإفراط في التفاؤل بشأن نتائج التجارب، وتمكنت من بعد جمع 1,3 مليار دولار من بيع الأسهم، بُعيد الإعلان عن تجربة اللقاح، وحقق المُديرون التنفيذيون أرباحًا بعشرات الملايين من الدولارات من الأسهم، كما أعلنت شركة "أسترازينكا" (بريطانية سُويْدية) منذ يوم السابع من تشرين الثاني/نوفمبر 2020، أنها بصدد إنتاج لقاح، بالتعاون مع جامعة "أكسورد" البريطانية، لكن صحيفة سويدية كشفت عن بعض الإحترازات العلمية، وأعلنت شركات أخرى عديدة أنها بصدد إنتاج لقاح، منها شركات "نوفافاكس" و "موديرنا"، وأعلنت شركة روسية إنتاج لقاح "سبوتنيك"، وكذلك الشركة البلجيكية "يانسن فَرْماسوتيكال"، كما أن ثلاث شركات صينية (سينوفاك و سينوفارم و كانسينو بيولوجيك ) منذ وقت مُبكِّر، وقبل الشركات الأوروبية والأمريكية، إنتاج لقاحات بنهاية سنة 2020 أو بداية سنة 2021، وبدأت التجارب السريرية للشركات الصينية والإختبارات على نطاق واسع، في روسيا وفي أمريكا الجنوبية (البرازيل وتشيلي) وفي الجزيرة العربية، لكن ضُغُوطًا أمريكية عرقلت بعض مراحل الإختبارات، في إطار التنافس أو خطط الولايات المتحدة لإقصاء الصين من المُنافسة...
خلفيات إعلان "فايزر":
إن مجمل هذه الإعلانات لا تؤدّي، خلال الأشهر القادمة، إلى خفض حِدّة ورُقعة انتشار الفيروس، ولكنها تؤدِّي إلى ارتفاع أسهم الشركات في أسواق الأسهم، وإلى مزيد من إثراء المسؤولين المُطّلِعِين على الأخبار، ولاحظت مؤسسة "غلوبال هيلث سنتر" (Center Global Health ) لمعهد الدراسات العليا الدولية والتنمية، أن هذه الشّركات أجرت التجارب على مجموعات يُشكل الشباب أغلبية داخلها، بينما عرف عن الفيروس تأثيره بشكل خاص على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا والأشخاص الذين يعانون من علامات "الاعتلال المشترك" مثل الأشخاص المصابين بداء السكري أو السمنة، ولا تنشُرُ هذه الشركات أي دراسة علمية متكاملة عن الأشخاص الذين خضعوا للتجارب، ولا عن حالتهم الصحية الكاملة، ونسبة المُصابين مِمَّن ظهرت، أو لم تظْهَرْ لديهم أعراض الإصابة، وما إلى ذلك من بيانات تُمكّن من إجراء دراسة نقدية للنتائج المُعْلَنَة من جانب واحد، بل تكتفي الشركات ببيان صحفي قصير، وتُمثل مجموعة "فايزر"، أكبر شركة عالمية للمختبرات والعقاقير، نموذجًا للشركات الإحتكارية التي تتردّد في المُتاجرة بصحة وحياة البشر، ما دامت تُمكنها من تحقيق وزيادة الأرباح، وأدّى إعلانها (الغامض والمُقتَضَب والمنقوص) إلى إنقاذ أسواق الأسهم من الرّكود، لتستفيد من هذه الطّفْرَة، شركات الأدوية، وكذلك مجمل الشركات الكُبرى المُدْرَجَة في أسواق الأسهم الرئيسية العالمية، أو قسم هام من القطاعات الرأسمالية، زَمَنَ الجائحة، وزَمَنَ الرُّكود والإنكماش، كما شكّل إعلان "فايزر و بيونتيك" ضغطًا على المُشترين (وهي الحكومات التي مَوّلت بحوث وتجارب الشركات الخاصة) للتعجيل بعقد صفقات ضخمة لشراء إنتاج لم تتأكّد بعد سلامتُه أو مُطابقتُه للمعايير الصّحّية، ولا تاريخ طرحه في الأسواق، ولا قُدْرَتُهُ على وقف العَدْوى (انتقال الفيروس من شخص إلى آخر)، مع الإشارة أن شركة "فايزر" (ومثيلاتها) لا تطرح مقدار الدّعم الحكومي من سعر التكلفة، بل تعتبره كاستثمار أو كإنفاق من جانبها، بحسب "مرصد الشفافية لسياسات الأدوية"، الذي أعلن أن الإتحاد الأوروبي سارع بعقد صفقة شراء ثلاثمائة مليون جرعة، دون تحديد سعر الجرعة الواحدة...
تُشير وكالة الأدوية الأوروبية ( EMA )، المسؤولية عن الترخيص لترويج الأدوية في أسواق الإتحاد الأوروبي، في أحد منشوراتها عن التجارب السريرية، بشكل عام، إنه كلما زاد عدد الأشخاص المُشاركين في تجربة الدّواء أو اللقاح، كلما ضَاقَ هامش الخطأ، وتتوجب دراسة أعراض المرض بين المتطوعين الذين تم تطعيمهم، وكذلك الحُدُود الزّمنية للحماية التي يُوفّرها اللقاح، والآثار الجانبية، خلال فترة زمنية مُعيّنة بعد التطعيم، ولم تُقدّم شركتا "فايزر" و "بيونتيك" معلومات وإجابات عن هذه التساؤلات المشروعة.
لقد تم اختبار اللقاح بشكل أساسي على الشباب الأصحاء، بدل الأشخاص المستهدفين، أو المعرضين للخطر أو كبار السن، ما يترك ثغرات في عملية تقويم المنتجات الصحية. أما سعر الجرعة الواحدة فيُقَدّرُ بثلاثين دولارا في الولايات المتحدة، ليصل سعر اللقاح الكامل (جرعَتَيْن ) إلى ستين دولارا للشخص الواحد، ما يجعله حكرًا على الدّول الغنية، التي تحتكر مجمل الإنتاج المحتمل بحلول نهاية عام 2020، أو بداية 2021، والذي لن يزيد عن خمسين مليون جرعة، وقع شراؤها بشكل مُسبق، قبل إنتاجها، وطلبت الولايات المتحدة حوالي 600 مليون جرعة، وبذلك لن يكون لقاحًا يمكن استخدامه من أجل إنقاذ سكان البلدان الفقيرة، قبل سنة 2022، خاصة في ظل صعوبة التخزين في درجة حرارة تنزل عن السبعين تحت الصّفر (70 درجة سالبة)، بينما لا تمتلك معظم مستشفيات العالم ثلاجات تنزل درجة حرارتها إلى عشرين درجة تحت الصّفر، وأعلنت شركة "فايزر" أنها قادرة على تخزين اللقاح، شرط حصولها على استثمارات ضخمة من الدّول لتخزين اللقاح ولتدريب المُكَلّفين بالإشراف على التّخزين.
لقد طورت "فايزر"، وشركات أخرى رأسمالية احتكارية مُعَوْلَمة، لقاحًا باستخدام مبالغ كبيرة من المال العام، حُرِمَ منها الفُقراء والمُعطّلون عن العمل، والمواطنون بشكل عام، ومع ذلك فإن هذه الشركات تتعامل بضبابية كاملة.
إن المعلومات المتوفرة غير كاملة، ولا تُمكّن من الوُثُوق بالإعلان الإشهاري الذي أصدرَتْهُ مجموعة "فايزر"، و لا يمكن لأحد، الحكم على فعالية اللقاح، من خلال النتائج الأولية، الجُزئية المنشورة، دون أية شفافية، ولم تفتح "فايزر" المجال لأطراف علمية "مُحايدة" لمراقبة ومراجعة "بروتوكول" ونتائج التجارب، والتّأثيرات الجانبية...
أولوية الصّالح العام على أرباح الشركات:
نشرت وكالة "رويترز" و وكالة الصحافة الفرنسية أ.ف.ب. يوم 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2020 أخبارًا تثشير إلى تبذير الحكومات المال العمومي، من خلال تمويل الشركات الإحتكارية، وكَسْبِ رؤساء المختبرات التي تطور اللقاحات بالمال العام، ملايين الدولارات من خلال المضاربة بأسهم الشركات التي يُديرُونَها...
قدّرت منظمة الدفاع عن دافعي الضرائب في الولايات المتحدة ( Accountable US ) أن مُدَراء خمس شركات أدوية (فايزر ، موديرنا ، نوفافاكس ...) حققوا من المُضاربة بأسهمهم، بين 15 أيار/مايو و 31 آب/أغسطس 2020، أكثر من 145 مليون دولارا، فيما تُطَوِّرُ هذه الشركات لقاحات ضد وباء الفيروس التّاجي (كوفيد 19) بواسطة المال العام، وتبجّح المدير التنفيذي لشركة الأدوية الأمريكية العملاقة "فايزر" ( Pfizer ) بإعلان النسبة المُرتفعة لفعالية لقاح الشركة (وفقًا للبيانات الأولية)، فارتفعت أسهم الشركة، رغم شحّ المعلومات عن اللقاح المُحتمَل، واغتنم مديرها التنفيذي الفُرْصَة لبيع 5,6 ملايين سهم، كما باع العديد من المديرين التنفيذيين في شركة موديرنا أسهمًا، خلال الفترة المذكورة، بقيمة فاقت مائة مليون دولار، بعد إعلان الحكومة الأمريكية أنها تعهدت بضخ حوالي 2,5 مليار دولار، إذا ما تمكنت الشركة (موديرنا) من إتمام تجارب اللقاح الذي تنتجه، رغم عدم طرح شركة "موديرنا" أي عقار جديد منذ إنشائها سنة 2010، لكن إعلان الحكومة رفع سعر السّهم الواحد من 19 دولارا إلى تسعين دولارا، خلال خمسة أشهر، وباع رئيس شركة "نوفافاكس" ( Novavax ) أسهمًا بقيمة 4,2 ملايين دولارا، بعد إعلان الحكومة الأمريكية ضخ تمويل للشركة بقيمة 1,6 مليار دولار، يوم 18 آب/أغسطس 2020، بحسب منظمة الدّفاع عن دافعي الضرائب التي أكّدت أن الإعلان عن قُرْب موعد إنتاج لقاحات جديدة تزامن مع هبوط في أسعار الأسهم، وبفضل هذه الإعلانات، السّابقة لأوانها، لأنها لا تضمن أَمْنَ وفعالية هذه اللقاحات، ارتفعت قيمة الأسهم واستفاد المديرون التنفيذيون من اطلاعهم، قبل غيرهم، على المراحل التي قطعتها هذه الأبحاث ، ليجْنوا أرباحًا هامة، في سياق أزمة صحية واقتصادية عالمية، ما يُؤَدِّي الى التشكيك المَشْرُوع في النتائج التي تعلنها هذه الشركات، وما إذا كانت مجرد وسيلة لرفع أسعار أسهمها في أسواق الأوراق المالية وتحقيق أرباح خيالية.
من جهة أخرى، وفي حال نجاح الإختبارات وطَرْح اللقاح أو اللقاحات في الأسواق، فإن شركتي "فايزر" و "بيوتيك"، المتحالِفَتَيْن (ضدنا وضدّ صحّتنا) تعلنان إن إنتاج اللقاح يتطلب وقتًا طويلاً، وأنه لا يمكن تلقيح الجميع، لأننا لسنا متساوين أما المرض وأمام الموت، بل تُفرقنا المواقع الطّبَقِيّة، وموقع الإقامة، في البلدان الرأسمالية الإمبريالية أو في البلدان الواقعة تحت الهيمنة، إذ سمحت حكومات الدّول الإمبريالية لنفسها بتمويل أبحاث الشركات الخاصة العملاقة (مثل فايزر وغيرها)، من المال العام، عبر حيلة تتمثل في شراء مُسبق لحوالي ثلاثمائة مليون جرعة، من قِبَل الإتحاد الأوروبي، ما لن يسمح بتلقيح سوى 150 مليون شخص (من ضمن حوالي أربعمائة مليون نسمة) بمعدّل حقنتين لكل فرد.
نشرت مجموعة من الشخصيات ومن المنظمات (من بينها منظمات تدافع عن حقوق المُصابين بأمراض مُزْمِنَة)، بنهاية شهر أيار/مايو 2020، بيانًا تدعو من خلاله إلى جعل قطاع الصحة قطاعًا عامًّا، وجعل إنتاج القطاع العام للأدوية، من الأولويات السياسية والإقتصادية والصّحّيّة، وذلك إثر إعلان حكومات الدّول الرأسمالية المتطورة أنها لا تمتلك مخزونًا من الأقنعة وأجهزة الوقاية من الأوبئة، ما عَجَّل بانتشار وباء الفيروس التّاجي، ولاحظت هذه المنظمات نقص الأدوية في المستشفيات العمومية، منذ أصبحت الصحة تجارة خاضعة لقوانين السوق، وبالأخص، إثر خصخصة إنتاج الأدوية وأدوات الوقاية الصحية، ليصبح تعظيم الأرباح هدفًا وحيدًا لتصنيعها وترويجها، في حين تستفيد هذه الشركات الرأسمالية من المساعدات الحكومية، بدون شُرُوط، وفي حين يُحْرَمُ الفُقراء من الرعاية الصحية، ما يجعل المواطنين يُسدّدون ثمن الأدوية والمنتجات الصحية مَرّتَيْن على الأقل: مرة من خلال دعم البحث، بأشكال متعددة ، ومرة أخرى من خلال شراء الأدوية بأسعار باهظة، وما انفكت ترتفع دون أي مبرر.
دَمّرت الأنظمة الحاكمة في أوروبا والولايات المتحدة، وغيرها من الأنظمة الرأسمالية المتقدّمة في دول "المركز"، القطاع العام ومنظومة البحث العلمي (باستثناء البحوث الأمنية والعسكرية) والرّعاية الصّحّية، عبر خصخصتها بشكل بعيد عن الشّفافية، ما يعرض صحة المواطنين، والفقراء منهم بشكل خاص، للخطر، وأصبحت شركات المُختبرات والعقاقير تُطَوِّعُ البحوث والإنتاج الدوائي والقطاع الصّحي بمُجْمَلِهِ (الوقاية واللقاحات والأدوية والعلاج والأجهزة والمعدات الطبية...) لقوانين السوق، ولا تخضع لاحتياجات المجتمع المحلي أو الإنساني، لأن التعاون الدّولي ضروري لمجابهة الجوائح والأوبئة.
لذلك وجب إبعاد قطاعات أساسية مثل الغذاء والمياه والصحة وغيرها عن منطق السوق وإخضاع تسجيل الأدوية والمنتجات الصحية لمنطق المصلحة العامة.
عندما تُمَوِّل الدولة بُحُوثَ الشركات الخاصة، وعندما تشتري الدّولة مسبقًا، منتجًا غير موجود بأسعار مرتفعة، قد لا يقع إنتاجه أصلاً، يرتفع سعر السّهم، وبذلك تقوم الدّولة بتأميم الخسائر وخصخصة الأرباح.
استغلت الشركات الإحتكارية للمختبرات والأدوية أزمة "كوفيد -19 " لتحقيق المزيد من الأرباح، ونهب المال العام (بتواطؤ من حكومات الدول الرأسمالية الإمبريالية) ليصبح الوباء وسيلة لزيادة أرباح الشركات الرأسمالية التي تُطالب باحتكار اللقاح لفترة طويلة (بمعدل 15 سنة) بناءً على قواعد "براءات الاختراع"، التي حَدّدتها الشركات متعددة الجنسيات لصناعة الأدوية...
لقاح وباء "كوفيد 19" بين آمال البَشَرِيّة والمضاربة في البورصة
الطاهر المعز
أعلنت مجموعة "فايزر ( Pfizer ) أكبر شركة عالمية (أمريكية المَنْشَأ) للمُخْتَبَرات والعَقاقير، أن التّعاون بينها وبين الشركة الألمانية "بيونتيك" الناشئة، أسْفَر عن نتائج أوّلِية إيجابية واعدة، بشأن التجارب التي تسبق إنتاج لقاح ضد الفيروس التاجي "كوفيد 19"، بعد مرحلة تحديد أسباب انتشار الفيروس، وفهم خصائصه، وغير ذلك من الدّراسات الأولية الضّرورية التي تُساعد على إنتاج علاج أو لقاح.
لئن كانت مجموعة "فايزر" أقوى شركة عالمية في مجال الدواء، فإنها ليست الأكثر نجاعة أو الأكثر كفاءة في ميدان الرعاية الصحية، وإنما تتمتع "فايزر" بدعم قوي من أجهزة الدّولة الإتحادية الأمريكية، وبدعم جهاز إعلامي ودعائي (إشهاري) مُهَيْمن وناجع، ما هَمَّشَ أكثر من أربعين لقاحًا لا تزال في طور التّجارب (تمامًا مثل لقاح "فايزر" و "بيونتيك" أو "موديرنا")، ومن بينها عشرة لقاحات بلغت ما تسمّى "المرحلة الثالثة" من التّجارب، وتُحاول حكومات أوروبا والولايات المتحدة تفادي طرح اللقاح من قِبَلِ شركات صينية أو روسية، بدأت تجاربها في وقت مُبَكِّر، وقد تُنتج لقاحات ناجِعة قبل "فايزر" الأمريكية أو "سانوفي" الفرنسية أو غيرها من شركات أوروبا وأمريكا الشمالية وغيرها، لكن المعلومات التي نشرتها "فايزر" منقوصة ولا تُبَيِّنُ إن كان اللقاح المُنتظَر طَرحُهُ خلال النصف الثاني من سنة 2021، سيُمكّن من اكتساب مناعة دائمة، أم سوف يحتاج إلى التجديد بشكل دَوْرِي (سنويًّا أو كل خمس سنوات، أو غير ذلك)، ولم تُنْشَر معلومات عن "الأعراض الجانبية" أو "التّأثِيرات السّلبية" المُحتمَلَة، كما لا تتوفّر معلومات عن طريقة التّخزين، وملاءمتها لتجهيزات المستشفيات والصّيْدليات، أم ستُنتج "فايزر" (أو شركة متعاونة معها) تجهيزات خاصة، بدعم من الخزينة العامة، تبيعها وتجني منها أرباحًا إضافية...
سباق وتنافس محموم بين الشركات العالمية للأدوية:
اقتصر إعلان شركة "فايزر" على بيان صحفي مقتضب للإعلان عن "محاسن" لقاحها، من دون أي توضيحات أو ملخّص للدراسات أو المناهج البحثية، التي مكّنتها من التقدّم في تجاربها، أما أسهم الشركة فقد ارتفعت بنسبة 8%، يوم إعلان الشركة عن نتائج منقوصة وضبابية لِلِقَاحِهَا، وتمكّن "ألبرت بورلا"، المدير التنفيذي في شركة "فايزر"، من تحقيق أرباح بلغت 5,56 ملايين دولار، وحقّقت نائبته أرباحًا بقيمة 1,8 مليون دولارا، بحسب موقع صحيفة "فايننشال تايمز" (مساء الإثنين 09 تشرين الثاني/نوفمبر 2020)...
تُجْرِي شركة "موديرنا" الأميركية أبحاثاً حول لقاح لفيروس كورونا، واتُّهِمت بالإفراط في التفاؤل بشأن نتائج التجارب، وتمكنت من بعد جمع 1,3 مليار دولار من بيع الأسهم، بُعيد الإعلان عن تجربة اللقاح، وحقق المُديرون التنفيذيون أرباحًا بعشرات الملايين من الدولارات من الأسهم، كما أعلنت شركة "أسترازينكا" (بريطانية سُويْدية) منذ يوم السابع من تشرين الثاني/نوفمبر 2020، أنها بصدد إنتاج لقاح، بالتعاون مع جامعة "أكسورد" البريطانية، لكن صحيفة سويدية كشفت عن بعض الإحترازات العلمية، وأعلنت شركات أخرى عديدة أنها بصدد إنتاج لقاح، منها شركات "نوفافاكس" و "موديرنا"، وأعلنت شركة روسية إنتاج لقاح "سبوتنيك"، وكذلك الشركة البلجيكية "يانسن فَرْماسوتيكال"، كما أن ثلاث شركات صينية (سينوفاك و سينوفارم و كانسينو بيولوجيك ) منذ وقت مُبكِّر، وقبل الشركات الأوروبية والأمريكية، إنتاج لقاحات بنهاية سنة 2020 أو بداية سنة 2021، وبدأت التجارب السريرية للشركات الصينية والإختبارات على نطاق واسع، في روسيا وفي أمريكا الجنوبية (البرازيل وتشيلي) وفي الجزيرة العربية، لكن ضُغُوطًا أمريكية عرقلت بعض مراحل الإختبارات، في إطار التنافس أو خطط الولايات المتحدة لإقصاء الصين من المُنافسة...
خلفيات إعلان "فايزر":
إن مجمل هذه الإعلانات لا تؤدّي، خلال الأشهر القادمة، إلى خفض حِدّة ورُقعة انتشار الفيروس، ولكنها تؤدِّي إلى ارتفاع أسهم الشركات في أسواق الأسهم، وإلى مزيد من إثراء المسؤولين المُطّلِعِين على الأخبار، ولاحظت مؤسسة "غلوبال هيلث سنتر" (Center Global Health ) لمعهد الدراسات العليا الدولية والتنمية، أن هذه الشّركات أجرت التجارب على مجموعات يُشكل الشباب أغلبية داخلها، بينما عرف عن الفيروس تأثيره بشكل خاص على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا والأشخاص الذين يعانون من علامات "الاعتلال المشترك" مثل الأشخاص المصابين بداء السكري أو السمنة، ولا تنشُرُ هذه الشركات أي دراسة علمية متكاملة عن الأشخاص الذين خضعوا للتجارب، ولا عن حالتهم الصحية الكاملة، ونسبة المُصابين مِمَّن ظهرت، أو لم تظْهَرْ لديهم أعراض الإصابة، وما إلى ذلك من بيانات تُمكّن من إجراء دراسة نقدية للنتائج المُعْلَنَة من جانب واحد، بل تكتفي الشركات ببيان صحفي قصير، وتُمثل مجموعة "فايزر"، أكبر شركة عالمية للمختبرات والعقاقير، نموذجًا للشركات الإحتكارية التي تتردّد في المُتاجرة بصحة وحياة البشر، ما دامت تُمكنها من تحقيق وزيادة الأرباح، وأدّى إعلانها (الغامض والمُقتَضَب والمنقوص) إلى إنقاذ أسواق الأسهم من الرّكود، لتستفيد من هذه الطّفْرَة، شركات الأدوية، وكذلك مجمل الشركات الكُبرى المُدْرَجَة في أسواق الأسهم الرئيسية العالمية، أو قسم هام من القطاعات الرأسمالية، زَمَنَ الجائحة، وزَمَنَ الرُّكود والإنكماش، كما شكّل إعلان "فايزر و بيونتيك" ضغطًا على المُشترين (وهي الحكومات التي مَوّلت بحوث وتجارب الشركات الخاصة) للتعجيل بعقد صفقات ضخمة لشراء إنتاج لم تتأكّد بعد سلامتُه أو مُطابقتُه للمعايير الصّحّية، ولا تاريخ طرحه في الأسواق، ولا قُدْرَتُهُ على وقف العَدْوى (انتقال الفيروس من شخص إلى آخر)، مع الإشارة أن شركة "فايزر" (ومثيلاتها) لا تطرح مقدار الدّعم الحكومي من سعر التكلفة، بل تعتبره كاستثمار أو كإنفاق من جانبها، بحسب "مرصد الشفافية لسياسات الأدوية"، الذي أعلن أن الإتحاد الأوروبي سارع بعقد صفقة شراء ثلاثمائة مليون جرعة، دون تحديد سعر الجرعة الواحدة...
تُشير وكالة الأدوية الأوروبية ( EMA )، المسؤولية عن الترخيص لترويج الأدوية في أسواق الإتحاد الأوروبي، في أحد منشوراتها عن التجارب السريرية، بشكل عام، إنه كلما زاد عدد الأشخاص المُشاركين في تجربة الدّواء أو اللقاح، كلما ضَاقَ هامش الخطأ، وتتوجب دراسة أعراض المرض بين المتطوعين الذين تم تطعيمهم، وكذلك الحُدُود الزّمنية للحماية التي يُوفّرها اللقاح، والآثار الجانبية، خلال فترة زمنية مُعيّنة بعد التطعيم، ولم تُقدّم شركتا "فايزر" و "بيونتيك" معلومات وإجابات عن هذه التساؤلات المشروعة.
لقد تم اختبار اللقاح بشكل أساسي على الشباب الأصحاء، بدل الأشخاص المستهدفين، أو المعرضين للخطر أو كبار السن، ما يترك ثغرات في عملية تقويم المنتجات الصحية. أما سعر الجرعة الواحدة فيُقَدّرُ بثلاثين دولارا في الولايات المتحدة، ليصل سعر اللقاح الكامل (جرعَتَيْن ) إلى ستين دولارا للشخص الواحد، ما يجعله حكرًا على الدّول الغنية، التي تحتكر مجمل الإنتاج المحتمل بحلول نهاية عام 2020، أو بداية 2021، والذي لن يزيد عن خمسين مليون جرعة، وقع شراؤها بشكل مُسبق، قبل إنتاجها، وطلبت الولايات المتحدة حوالي 600 مليون جرعة، وبذلك لن يكون لقاحًا يمكن استخدامه من أجل إنقاذ سكان البلدان الفقيرة، قبل سنة 2022، خاصة في ظل صعوبة التخزين في درجة حرارة تنزل عن السبعين تحت الصّفر (70 درجة سالبة)، بينما لا تمتلك معظم مستشفيات العالم ثلاجات تنزل درجة حرارتها إلى عشرين درجة تحت الصّفر، وأعلنت شركة "فايزر" أنها قادرة على تخزين اللقاح، شرط حصولها على استثمارات ضخمة من الدّول لتخزين اللقاح ولتدريب المُكَلّفين بالإشراف على التّخزين.
لقد طورت "فايزر"، وشركات أخرى رأسمالية احتكارية مُعَوْلَمة، لقاحًا باستخدام مبالغ كبيرة من المال العام، حُرِمَ منها الفُقراء والمُعطّلون عن العمل، والمواطنون بشكل عام، ومع ذلك فإن هذه الشركات تتعامل بضبابية كاملة.
إن المعلومات المتوفرة غير كاملة، ولا تُمكّن من الوُثُوق بالإعلان الإشهاري الذي أصدرَتْهُ مجموعة "فايزر"، و لا يمكن لأحد، الحكم على فعالية اللقاح، من خلال النتائج الأولية، الجُزئية المنشورة، دون أية شفافية، ولم تفتح "فايزر" المجال لأطراف علمية "مُحايدة" لمراقبة ومراجعة "بروتوكول" ونتائج التجارب، والتّأثيرات الجانبية...
أولوية الصّالح العام على أرباح الشركات:
نشرت وكالة "رويترز" و وكالة الصحافة الفرنسية أ.ف.ب. يوم 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2020 أخبارًا تثشير إلى تبذير الحكومات المال العمومي، من خلال تمويل الشركات الإحتكارية، وكَسْبِ رؤساء المختبرات التي تطور اللقاحات بالمال العام، ملايين الدولارات من خلال المضاربة بأسهم الشركات التي يُديرُونَها...
قدّرت منظمة الدفاع عن دافعي الضرائب في الولايات المتحدة ( Accountable US ) أن مُدَراء خمس شركات أدوية (فايزر ، موديرنا ، نوفافاكس ...) حققوا من المُضاربة بأسهمهم، بين 15 أيار/مايو و 31 آب/أغسطس 2020، أكثر من 145 مليون دولارا، فيما تُطَوِّرُ هذه الشركات لقاحات ضد وباء الفيروس التّاجي (كوفيد 19) بواسطة المال العام، وتبجّح المدير التنفيذي لشركة الأدوية الأمريكية العملاقة "فايزر" ( Pfizer ) بإعلان النسبة المُرتفعة لفعالية لقاح الشركة (وفقًا للبيانات الأولية)، فارتفعت أسهم الشركة، رغم شحّ المعلومات عن اللقاح المُحتمَل، واغتنم مديرها التنفيذي الفُرْصَة لبيع 5,6 ملايين سهم، كما باع العديد من المديرين التنفيذيين في شركة موديرنا أسهمًا، خلال الفترة المذكورة، بقيمة فاقت مائة مليون دولار، بعد إعلان الحكومة الأمريكية أنها تعهدت بضخ حوالي 2,5 مليار دولار، إذا ما تمكنت الشركة (موديرنا) من إتمام تجارب اللقاح الذي تنتجه، رغم عدم طرح شركة "موديرنا" أي عقار جديد منذ إنشائها سنة 2010، لكن إعلان الحكومة رفع سعر السّهم الواحد من 19 دولارا إلى تسعين دولارا، خلال خمسة أشهر، وباع رئيس شركة "نوفافاكس" ( Novavax ) أسهمًا بقيمة 4,2 ملايين دولارا، بعد إعلان الحكومة الأمريكية ضخ تمويل للشركة بقيمة 1,6 مليار دولار، يوم 18 آب/أغسطس 2020، بحسب منظمة الدّفاع عن دافعي الضرائب التي أكّدت أن الإعلان عن قُرْب موعد إنتاج لقاحات جديدة تزامن مع هبوط في أسعار الأسهم، وبفضل هذه الإعلانات، السّابقة لأوانها، لأنها لا تضمن أَمْنَ وفعالية هذه اللقاحات، ارتفعت قيمة الأسهم واستفاد المديرون التنفيذيون من اطلاعهم، قبل غيرهم، على المراحل التي قطعتها هذه الأبحاث ، ليجْنوا أرباحًا هامة، في سياق أزمة صحية واقتصادية عالمية، ما يُؤَدِّي الى التشكيك المَشْرُوع في النتائج التي تعلنها هذه الشركات، وما إذا كانت مجرد وسيلة لرفع أسعار أسهمها في أسواق الأوراق المالية وتحقيق أرباح خيالية.
من جهة أخرى، وفي حال نجاح الإختبارات وطَرْح اللقاح أو اللقاحات في الأسواق، فإن شركتي "فايزر" و "بيوتيك"، المتحالِفَتَيْن (ضدنا وضدّ صحّتنا) تعلنان إن إنتاج اللقاح يتطلب وقتًا طويلاً، وأنه لا يمكن تلقيح الجميع، لأننا لسنا متساوين أما المرض وأمام الموت، بل تُفرقنا المواقع الطّبَقِيّة، وموقع الإقامة، في البلدان الرأسمالية الإمبريالية أو في البلدان الواقعة تحت الهيمنة، إذ سمحت حكومات الدّول الإمبريالية لنفسها بتمويل أبحاث الشركات الخاصة العملاقة (مثل فايزر وغيرها)، من المال العام، عبر حيلة تتمثل في شراء مُسبق لحوالي ثلاثمائة مليون جرعة، من قِبَل الإتحاد الأوروبي، ما لن يسمح بتلقيح سوى 150 مليون شخص (من ضمن حوالي أربعمائة مليون نسمة) بمعدّل حقنتين لكل فرد.
نشرت مجموعة من الشخصيات ومن المنظمات (من بينها منظمات تدافع عن حقوق المُصابين بأمراض مُزْمِنَة)، بنهاية شهر أيار/مايو 2020، بيانًا تدعو من خلاله إلى جعل قطاع الصحة قطاعًا عامًّا، وجعل إنتاج القطاع العام للأدوية، من الأولويات السياسية والإقتصادية والصّحّيّة، وذلك إثر إعلان حكومات الدّول الرأسمالية المتطورة أنها لا تمتلك مخزونًا من الأقنعة وأجهزة الوقاية من الأوبئة، ما عَجَّل بانتشار وباء الفيروس التّاجي، ولاحظت هذه المنظمات نقص الأدوية في المستشفيات العمومية، منذ أصبحت الصحة تجارة خاضعة لقوانين السوق، وبالأخص، إثر خصخصة إنتاج الأدوية وأدوات الوقاية الصحية، ليصبح تعظيم الأرباح هدفًا وحيدًا لتصنيعها وترويجها، في حين تستفيد هذه الشركات الرأسمالية من المساعدات الحكومية، بدون شُرُوط، وفي حين يُحْرَمُ الفُقراء من الرعاية الصحية، ما يجعل المواطنين يُسدّدون ثمن الأدوية والمنتجات الصحية مَرّتَيْن على الأقل: مرة من خلال دعم البحث، بأشكال متعددة ، ومرة أخرى من خلال شراء الأدوية بأسعار باهظة، وما انفكت ترتفع دون أي مبرر.
دَمّرت الأنظمة الحاكمة في أوروبا والولايات المتحدة، وغيرها من الأنظمة الرأسمالية المتقدّمة في دول "المركز"، القطاع العام ومنظومة البحث العلمي (باستثناء البحوث الأمنية والعسكرية) والرّعاية الصّحّية، عبر خصخصتها بشكل بعيد عن الشّفافية، ما يعرض صحة المواطنين، والفقراء منهم بشكل خاص، للخطر، وأصبحت شركات المُختبرات والعقاقير تُطَوِّعُ البحوث والإنتاج الدوائي والقطاع الصّحي بمُجْمَلِهِ (الوقاية واللقاحات والأدوية والعلاج والأجهزة والمعدات الطبية...) لقوانين السوق، ولا تخضع لاحتياجات المجتمع المحلي أو الإنساني، لأن التعاون الدّولي ضروري لمجابهة الجوائح والأوبئة.
لذلك وجب إبعاد قطاعات أساسية مثل الغذاء والمياه والصحة وغيرها عن منطق السوق وإخضاع تسجيل الأدوية والمنتجات الصحية لمنطق المصلحة العامة.
عندما تُمَوِّل الدولة بُحُوثَ الشركات الخاصة، وعندما تشتري الدّولة مسبقًا، منتجًا غير موجود بأسعار مرتفعة، قد لا يقع إنتاجه أصلاً، يرتفع سعر السّهم، وبذلك تقوم الدّولة بتأميم الخسائر وخصخصة الأرباح.
استغلت الشركات الإحتكارية للمختبرات والأدوية أزمة "كوفيد -19 " لتحقيق المزيد من الأرباح، ونهب المال العام (بتواطؤ من حكومات الدول الرأسمالية الإمبريالية) ليصبح الوباء وسيلة لزيادة أرباح الشركات الرأسمالية التي تُطالب باحتكار اللقاح لفترة طويلة (بمعدل 15 سنة) بناءً على قواعد "براءات الاختراع"، التي حَدّدتها الشركات متعددة الجنسيات لصناعة الأدوية...
