بسم الله الرحمن الرحيم
23- من دروس القران التوعوية :-
وجوب معرفة الأعداء !!!
في الحلقات الماضية اشرنا الى ان القران الكريم حذرنا وما زال يحذرنا من الاعدء؛ و العدو يُظهر عداوته تارةً في المجالات السياسية وأخرى في المجالات الاقتصادية والثقافية والأخلاقية وحتى الاختراقات العسكرية، وكذلك الاختراقات الامنية؛ وأحياناً أخرى يدخل من بوابة حقوق الاقليات العرقية والاثنية والدينية لاثارة الفتن وضرب النسيج الاجتماعي ، وكذلك من بوابة حقوق المرأة وحقوق الطفل والطفولة!! لضرب العلاقات الاسرية والترابط الاسري؛ والمصيبة ان تلك الدعاوى اوجدت في مجتماعتنا تشريعا وقوانين ترعاها وتنفذها الدول !!
والقران الكريم حين يتناول موضع الاعداء ودراسة نفسياتهم وطرق تفكيرهم والاسباب الدافعة لتفكيرهم انما يحذرنا دوما من الغفلة ويوجب علينا التنبه والتيقظ والوعي الدائم باعين متفتحة لا تغفل لحظة عن ساحات الاعداء من ناحية ؛ومن ناحية اخرى لا نغفل عن حراسة ثغور الامة المادية والمعنوية التي قد يستهدفها العدو ويعبر ساحاتنا من خلالها ...فالعدو إمّا أن يكون داخلياً وإمّا أن يكون خارجياً... وإمّا أنه يأتي مرتدياً ثوب النصح و الصداقة ؛ وإمّا أنه يدخل ساحة الخصام والمنازلة صراحة... !!
ان عداوة الكفار لنا بكل اصنافهم وعلى اختلاف مللهم ونحلهم متجذرة وأزلية وذات تاريخ قديم؛ يقول القرآن الكريم محذرا : -{إِنَّ الْكافِرِینَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِینا(101)النساء}. وكذلك يبين لنا القران الكريم ان عداوة اليهود والمشركين أيضاً عميقة متجذرة في نفوسهم وعقلياتهم كما نجد في قوله تعالى: - {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِینَ آمَنُوا الْیهُود( 82)المائدة}.. وبين لنا الله سبحانه ان مقصدهم الاخير هو اطفاء نور الله في الامة التي اصطفاها به على العالمين ليكونوا خير امة اخرجت للناس فقال لنا منبها على غايتهم ومقصدهم في قوله تعالى:- {یرِیدُونَ لِیطْفِئُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفَوَاهِهِمْ وَاللّهُ مُتِّمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ(الصف 8-92)}...
فلذلك جاء التنبيه للمؤمنين بان لا يثقوا بالكفار ولا يطمئنوا لاظهارهم المودة والصداقة؛ فانما هي وسيلة للدخول الى تخومكم وتحطيم حصونكم ؛
{یٰا أَیهَا الَّذِینَ آمَنُوا لاتَتَّخِذُوا عَدُوِّی وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِیاءَ تُلْقُونَ إِلَیهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ(1)الممتحنة}.. وقال سبحانه:- {وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ۖ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (109)البقرة}.. وعليه فلا يحق للمجتمع المؤمن أن تكون له علاقات صداقة ومودة مع أعداء الله؛ كونهم لا يريدون بنا خيرا ويتربصون بنا الدوائر؛ فلا يأمن مكرهم وغدرهم مؤمن عاقل ؛ كيف لا وقد فضح الله بعض اساليبهم الخفية التي يتبعونها وفضح لكم نواياهم فقال:- {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (71) وَقَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (72) وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَىٰ هُدَى اللَّهِ أَن يُؤْتَىٰ أَحَدٌ مِّثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِندَ رَبِّكُمْ ۗ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (73) يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (74)المائدة}..
ويحسم الله تعالى في سورة البقرة الجدال في مودة وموادة اهل الكتاب تحديدا كي لا يبقي لمدع شبهة حجة؛ فيقول سبحانه:- {وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴿١٢٠ البقرة﴾(120)}.. فهذه الآية تخاطب النبي الكريم صلى الله عليه واله وسلم وجميع المسلمين على مر العصور موضحة لهم حقيقة ثابتة ثبات اليقين بهذا القران؛ أن اليهود والنصارى لن يرضوا عنكم إلّا إذا استسلمتم لهم دون أي قيد أو شرط؛ وأن تتخلوا عن جميع قيم ومفاهيم وتعاليم دينكم، مما يرتب وجوب عليكم صدّهم ومقاومتهم للحيلولة دون تحقيق مآربهم ومقاصدهم الخبيثة بكل حزم؛ واعلموا أن السبيل الوحيد لبلوغ السعادة هو ما يأتي به الوحي، لا الانجرار وراء تحقيق رغبات هذا وذاك...ولكي تتميز هذه الامة عن غيرها بصبغة خاصة متمايزة عن صبغات غيرها من اهل الاهواء من مجوس وصليبين ويهود وغيرهم فقال سبحانه {وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا ۚ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ ﴿٣٧ الرعد﴾} قال الامام الطبري رحمه الله في تفسيرها : "يقول تعالى ذكره : وكما أنزلنا عليك الكتاب ، يا محمد ، فأنكره بعض الأحزاب ، كذلك أيضا أنزلنا الحكم والدين حكما عربيا وجعل ذلك ( عربيا ) ، ووصفه به لأنه أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم وهو عربي ، فنسب الدين إليه ، إذ كان عليه أنزل ، فكذب به الأحزاب . ثم نهاه جل ثناؤه عن ترك ما أنزل إليه واتباع الأحزاب ، وتهدده على ذلك إن فعله فقال : ( ولئن اتبعت ) يا محمد ( أهواءهم ) ، أهواء هؤلاء الأحزاب ورضاهم ومحبتهم وانتقلت من دينك إلى دينهم ، ما لك من يقيك من عذاب الله إن عذبك على اتباعك أهواءهم ، وما لك من ناصر ينصرك فيستنقذك من الله إن هو عاقبك ، يقول : فاحذر أن تتبع أهواءهم" .
وما وهن المسلمون الا يوم أمنوا كيد الاعداء من مختلف الملل وغفلوا عن مساعي مدرسة النفاق التي سعت وما زالت تسعى لتحطيم حصوننا من الداخل؛ففرقونا شيعا واحزابا كل حزب بما لديهم والعياذ بالله فرحون!! وغفلنا في تعاملنا معهم عن قول الله عز وجل : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ۚ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (73) التوبة}..فقد كان النبي صلوات ربي وسلامه عليه كريما متسامحا في معاملته للمنافقين قبل هذه الاية الا انه بعد نزولها اصبح معهم شديدا صارما حسب ما نقله المفسرون ....فمصيبة كبرى ان تنافق الامة منافقيها !!!
فلذلك لنحذر ونكشف الاعداء والمنافقين واصحاب الاهواء ومثيري الفتن والاقلام المأجورة والاعلام المأجور والموجه، ولنحافظ على لحمتنا وتماسكنا تحت شعار {انما المؤمنون اخوة}
ونختم بقوله تعالى :- {فَلِذَٰلِكَ فَادْعُ ۖ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ ۖ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ ۖ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ ۖ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ ۖ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ ۖ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ۖ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا ۖ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴿١٥ الشورى﴾}...والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
23- من دروس القران التوعوية :-
وجوب معرفة الأعداء !!!
في الحلقات الماضية اشرنا الى ان القران الكريم حذرنا وما زال يحذرنا من الاعدء؛ و العدو يُظهر عداوته تارةً في المجالات السياسية وأخرى في المجالات الاقتصادية والثقافية والأخلاقية وحتى الاختراقات العسكرية، وكذلك الاختراقات الامنية؛ وأحياناً أخرى يدخل من بوابة حقوق الاقليات العرقية والاثنية والدينية لاثارة الفتن وضرب النسيج الاجتماعي ، وكذلك من بوابة حقوق المرأة وحقوق الطفل والطفولة!! لضرب العلاقات الاسرية والترابط الاسري؛ والمصيبة ان تلك الدعاوى اوجدت في مجتماعتنا تشريعا وقوانين ترعاها وتنفذها الدول !!
والقران الكريم حين يتناول موضع الاعداء ودراسة نفسياتهم وطرق تفكيرهم والاسباب الدافعة لتفكيرهم انما يحذرنا دوما من الغفلة ويوجب علينا التنبه والتيقظ والوعي الدائم باعين متفتحة لا تغفل لحظة عن ساحات الاعداء من ناحية ؛ومن ناحية اخرى لا نغفل عن حراسة ثغور الامة المادية والمعنوية التي قد يستهدفها العدو ويعبر ساحاتنا من خلالها ...فالعدو إمّا أن يكون داخلياً وإمّا أن يكون خارجياً... وإمّا أنه يأتي مرتدياً ثوب النصح و الصداقة ؛ وإمّا أنه يدخل ساحة الخصام والمنازلة صراحة... !!
ان عداوة الكفار لنا بكل اصنافهم وعلى اختلاف مللهم ونحلهم متجذرة وأزلية وذات تاريخ قديم؛ يقول القرآن الكريم محذرا : -{إِنَّ الْكافِرِینَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِینا(101)النساء}. وكذلك يبين لنا القران الكريم ان عداوة اليهود والمشركين أيضاً عميقة متجذرة في نفوسهم وعقلياتهم كما نجد في قوله تعالى: - {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِینَ آمَنُوا الْیهُود( 82)المائدة}.. وبين لنا الله سبحانه ان مقصدهم الاخير هو اطفاء نور الله في الامة التي اصطفاها به على العالمين ليكونوا خير امة اخرجت للناس فقال لنا منبها على غايتهم ومقصدهم في قوله تعالى:- {یرِیدُونَ لِیطْفِئُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفَوَاهِهِمْ وَاللّهُ مُتِّمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ(الصف 8-92)}...
فلذلك جاء التنبيه للمؤمنين بان لا يثقوا بالكفار ولا يطمئنوا لاظهارهم المودة والصداقة؛ فانما هي وسيلة للدخول الى تخومكم وتحطيم حصونكم ؛
{یٰا أَیهَا الَّذِینَ آمَنُوا لاتَتَّخِذُوا عَدُوِّی وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِیاءَ تُلْقُونَ إِلَیهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ(1)الممتحنة}.. وقال سبحانه:- {وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ۖ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (109)البقرة}.. وعليه فلا يحق للمجتمع المؤمن أن تكون له علاقات صداقة ومودة مع أعداء الله؛ كونهم لا يريدون بنا خيرا ويتربصون بنا الدوائر؛ فلا يأمن مكرهم وغدرهم مؤمن عاقل ؛ كيف لا وقد فضح الله بعض اساليبهم الخفية التي يتبعونها وفضح لكم نواياهم فقال:- {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (71) وَقَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (72) وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَىٰ هُدَى اللَّهِ أَن يُؤْتَىٰ أَحَدٌ مِّثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِندَ رَبِّكُمْ ۗ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (73) يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (74)المائدة}..
ويحسم الله تعالى في سورة البقرة الجدال في مودة وموادة اهل الكتاب تحديدا كي لا يبقي لمدع شبهة حجة؛ فيقول سبحانه:- {وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴿١٢٠ البقرة﴾(120)}.. فهذه الآية تخاطب النبي الكريم صلى الله عليه واله وسلم وجميع المسلمين على مر العصور موضحة لهم حقيقة ثابتة ثبات اليقين بهذا القران؛ أن اليهود والنصارى لن يرضوا عنكم إلّا إذا استسلمتم لهم دون أي قيد أو شرط؛ وأن تتخلوا عن جميع قيم ومفاهيم وتعاليم دينكم، مما يرتب وجوب عليكم صدّهم ومقاومتهم للحيلولة دون تحقيق مآربهم ومقاصدهم الخبيثة بكل حزم؛ واعلموا أن السبيل الوحيد لبلوغ السعادة هو ما يأتي به الوحي، لا الانجرار وراء تحقيق رغبات هذا وذاك...ولكي تتميز هذه الامة عن غيرها بصبغة خاصة متمايزة عن صبغات غيرها من اهل الاهواء من مجوس وصليبين ويهود وغيرهم فقال سبحانه {وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا ۚ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ ﴿٣٧ الرعد﴾} قال الامام الطبري رحمه الله في تفسيرها : "يقول تعالى ذكره : وكما أنزلنا عليك الكتاب ، يا محمد ، فأنكره بعض الأحزاب ، كذلك أيضا أنزلنا الحكم والدين حكما عربيا وجعل ذلك ( عربيا ) ، ووصفه به لأنه أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم وهو عربي ، فنسب الدين إليه ، إذ كان عليه أنزل ، فكذب به الأحزاب . ثم نهاه جل ثناؤه عن ترك ما أنزل إليه واتباع الأحزاب ، وتهدده على ذلك إن فعله فقال : ( ولئن اتبعت ) يا محمد ( أهواءهم ) ، أهواء هؤلاء الأحزاب ورضاهم ومحبتهم وانتقلت من دينك إلى دينهم ، ما لك من يقيك من عذاب الله إن عذبك على اتباعك أهواءهم ، وما لك من ناصر ينصرك فيستنقذك من الله إن هو عاقبك ، يقول : فاحذر أن تتبع أهواءهم" .
وما وهن المسلمون الا يوم أمنوا كيد الاعداء من مختلف الملل وغفلوا عن مساعي مدرسة النفاق التي سعت وما زالت تسعى لتحطيم حصوننا من الداخل؛ففرقونا شيعا واحزابا كل حزب بما لديهم والعياذ بالله فرحون!! وغفلنا في تعاملنا معهم عن قول الله عز وجل : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ۚ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (73) التوبة}..فقد كان النبي صلوات ربي وسلامه عليه كريما متسامحا في معاملته للمنافقين قبل هذه الاية الا انه بعد نزولها اصبح معهم شديدا صارما حسب ما نقله المفسرون ....فمصيبة كبرى ان تنافق الامة منافقيها !!!
فلذلك لنحذر ونكشف الاعداء والمنافقين واصحاب الاهواء ومثيري الفتن والاقلام المأجورة والاعلام المأجور والموجه، ولنحافظ على لحمتنا وتماسكنا تحت شعار {انما المؤمنون اخوة}
ونختم بقوله تعالى :- {فَلِذَٰلِكَ فَادْعُ ۖ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ ۖ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ ۖ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ ۖ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ ۖ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ ۖ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ۖ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا ۖ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴿١٥ الشورى﴾}...والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..