بسم الله الرحمن الرحيم
27- من دروس القران التوعوية :-
لزوم ووجوب التحري وطلب الهداية الى الصراط المستقيم !!
بعد ما تقدم في حلقات الدروس السابقة حري بنا ان نتعرف على ملامح و
معالم الصراط المستقيم..في القران الكريم ...
هذا الصراط الذي نطلب الاهتداء اليه على الاقل في اليوم 17 مرة اثناء تلاوتنا لسورة الفاتحة في صلاتنا المفروضة عدا عن السنن والنوافل ..
فما هو الصراط المستقيم وماذا يقول القران عنه..؟؟
ففي سورة الفاتحة نجد قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}[الفاتحة:6] ثم يفسّره بأنه: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ *غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ* وَلا الضَّالِّينَ}[الفاتحة:7]. فأول ما يجب معرفته هو مغايرته في سمته ونهجه لمسار الضالين وكذلك لمسار المغضوب عليهم ومنهجهم ...
قال القاسمي: "الصّراط المستقيم: أصله الطّريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف. ويُستعار لكل قول أو عمل يبلغ به صاحبه الغاية الحميدة، فالطّريق الواضح للحسّ، كالحقّ للعقل، في أنَّه: إذا سير بهما أبلغا السّالك النّهاية الحسنى".[تفسير القاسمي1/19].
قال ابن عاشور: "والصّراط في هذه الآية (آية الفاتحة) مستعار لمعنى الحقّ الذي يبلغ به مدركه إلى الفوز برضاء الله؛ لأنَّ ذلك الفوز هو الذي جاء الإسلام بطلبه.
والمستقيم: اسم فاعل من استقام، مطاوع قوّمته فاستقام.
والمستقيم: الذي لا اعوجاج فيه ولا تعاريج، وأحسن الطرق الذي يكون مستقيمًا، وهو الجادّة؛ لأنَّه باستقامته يكون أقرب إلى المكان المقصود من غيره، فلا يضلّ فيه سالكه، ولا يتردّد ولا يتحيَّر.
والمستقيم هنا مستعار للحق البيّن الذي لا تُخالطه شبهة باطل، فهو كالطّريق الذي لا تتخلّله بنيات. ثم قال: والأظهر عندي أنَّ المراد بالصّراط المستقيم: المعارف الصالحات كلّها من اعتقاد وعمل[تفسير التحرير والتنوير(1/1/190)].
وقد ورد لفظ (الصّراط المستقيم)، في القرآن الكريم عشرات المرَّات، وجاء -أيضًا- بلفظ: {صِرَاطاً مُسْتَقِيماً}[النساء: 68] و {صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ}[الأعراف:16] و {صِرَاطِي مُسْتَقِيماً}[الأنعام:153] ونحو ذلك.
وفي البقرة جاء قوله تعالى: {يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[البقرة:142].
وعيسى -عليه السلام- في سورة آل عمران يقول لقومه: {إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ}[آل عمران:51].
ونجد أن سورة الأنعام من أكثر السّور التي ورد فيها الحديث عن الصّراط المستقيم: {مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[الأنعام:39]، {وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[الأنعام:87]، {وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً}[الأنعام:126]، {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ}[الأنعام:153]، {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[الأنعام:161].
وفي سورة إبراهيم سمَّاه صراط العزيز الحميد: {لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}[إبراهيم:1] وفي سورة طه وصفه بالسّويّ، فقال: {فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى}[طـه:135] وفي الحجّ أضافه للحميد فقال: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ}[الحج:24] وفي (المؤمنون) عرَّفه دون وصف أو إضافة: {وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ}[المؤمنون:74] وفي سورة مريم يقول إبراهيم -عليه السلام- لأبيه: {فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً}[مريم:43] ويقول الله في سورة الأنعام: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}[الأنعام:153].
قال تعالى: {وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[الأنعام:87]. قال مجاهد: "وسدَّدناهم فأرشدناهم إلى طريق غير معوجّ، وذلك دين الله الذي لا عِوَجَ فيه، وهو الإسلام الذي ارتضاه ربّنا لأنبيائه، وأمر به عباده"[تفسير الطبري7/262].
وفي قوله تعالى: {وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً} [الأنعام:126]. قال الطبري: "هو صراط ربك. يقول: طريق ربّك، ودينه الذي ارتضاه لنفسه دينًا، وجعله مستقيمًا لا اعوجاج فيه".[تفسير الطبري8/32].
وفي قوله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ}[الأنعام:153].
قال الطبري: هو صراطه، يعني طريقه ودينه الذي ارتضاه لعباده، {مُسْتَقِيماً}[الأنعام:153]. يعني قويمًا لا اعوجاج به عن الحق[تفسير الطبري8/87].
وفي قوله تعالى: {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[الأنعام:161]. قال الطبري: يقول: "قل لهم: إنَّني أرشدني ربي إلى الطّريق القويم، هو دين الله الذي ابتعثه به، وذلك الحنيفيَّة المسلمة، فوفّقني له"[تفسير الطبري8/111].
وفي سورة الأعراف: {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ}[الأعراف:16].
قال الطبري: يقول: "لأجلسنَّ لبني آدم صراطك المستقيم، يعني طريقك القويم، وذلك دين الله الحقّ، وهو الإسلام وشرائعه". ونقل نحو ذلك عن مجاهد. [تفسير الطبري8/134].
وفي قوله تعالى في سورة مريم: {فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً}[مريم:43].
قال الطبري: يقول: "أبصِّرك هدي الطّريق المستوي الذي لا تضلّ فيه إن لزمته، وهو دين الله الذي لا اعوجاج فيه"[تفسير الطبري16/90].
وفي قوله تعالى: {وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ}[المؤمنون:74].
قال الطبري: يقول عن محجّة الطّريق، وقصد السّبيل، وذلك دين الله الذي ارتضاه لعباده العادلون[تفسير الطبري18/44].
وبناءًً على ما سبق يتضح لنا ان الصراط يشمل امرين مهمين : اولهما النور الذي به يستنير العقل والبصيرة ، وهو الايمان او العقيدة التي تعتبر القاعدة الفكرية والتي بها تبنى الافكار والمفاهيم والقيم؛ وعلى اساسها تُقاس قبولا او رفضا ، والثاني الشريعة والتي هي مقياس السلوك؛ وبها يُقيم العمل فيكون مقبولا او مرفوضا ... وبذلك يتوجب ان يكون الفكر والتشريع قائم على معتقد صحيح متميز ؛ومخالف للأغيار من اهل الضلال والغضب؛فكما سبق وقلنا في سورة الفاتحة نجد قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}[الفاتحة:6] ثم يفسّره بأنه: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ}[الفاتحة]. وهذا يمنعنا من تقليد غيرنا ويمنعنا من تتبع خطواتهم ومناهج ضلالاتهم؛ ويحذرنا من الدخول في جحور ضبابهم العفنة !!!
اللهم اهدنا وابناء امتنا صراطك المستقيم وانر به عقولنا وبصائرنا وزك به نفوسنا واقم به حياتنا الى ان نلقاك ونحن على ذلك .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
27- من دروس القران التوعوية :-
لزوم ووجوب التحري وطلب الهداية الى الصراط المستقيم !!
بعد ما تقدم في حلقات الدروس السابقة حري بنا ان نتعرف على ملامح و
معالم الصراط المستقيم..في القران الكريم ...
هذا الصراط الذي نطلب الاهتداء اليه على الاقل في اليوم 17 مرة اثناء تلاوتنا لسورة الفاتحة في صلاتنا المفروضة عدا عن السنن والنوافل ..
فما هو الصراط المستقيم وماذا يقول القران عنه..؟؟
ففي سورة الفاتحة نجد قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}[الفاتحة:6] ثم يفسّره بأنه: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ *غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ* وَلا الضَّالِّينَ}[الفاتحة:7]. فأول ما يجب معرفته هو مغايرته في سمته ونهجه لمسار الضالين وكذلك لمسار المغضوب عليهم ومنهجهم ...
قال القاسمي: "الصّراط المستقيم: أصله الطّريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف. ويُستعار لكل قول أو عمل يبلغ به صاحبه الغاية الحميدة، فالطّريق الواضح للحسّ، كالحقّ للعقل، في أنَّه: إذا سير بهما أبلغا السّالك النّهاية الحسنى".[تفسير القاسمي1/19].
قال ابن عاشور: "والصّراط في هذه الآية (آية الفاتحة) مستعار لمعنى الحقّ الذي يبلغ به مدركه إلى الفوز برضاء الله؛ لأنَّ ذلك الفوز هو الذي جاء الإسلام بطلبه.
والمستقيم: اسم فاعل من استقام، مطاوع قوّمته فاستقام.
والمستقيم: الذي لا اعوجاج فيه ولا تعاريج، وأحسن الطرق الذي يكون مستقيمًا، وهو الجادّة؛ لأنَّه باستقامته يكون أقرب إلى المكان المقصود من غيره، فلا يضلّ فيه سالكه، ولا يتردّد ولا يتحيَّر.
والمستقيم هنا مستعار للحق البيّن الذي لا تُخالطه شبهة باطل، فهو كالطّريق الذي لا تتخلّله بنيات. ثم قال: والأظهر عندي أنَّ المراد بالصّراط المستقيم: المعارف الصالحات كلّها من اعتقاد وعمل[تفسير التحرير والتنوير(1/1/190)].
وقد ورد لفظ (الصّراط المستقيم)، في القرآن الكريم عشرات المرَّات، وجاء -أيضًا- بلفظ: {صِرَاطاً مُسْتَقِيماً}[النساء: 68] و {صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ}[الأعراف:16] و {صِرَاطِي مُسْتَقِيماً}[الأنعام:153] ونحو ذلك.
وفي البقرة جاء قوله تعالى: {يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[البقرة:142].
وعيسى -عليه السلام- في سورة آل عمران يقول لقومه: {إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ}[آل عمران:51].
ونجد أن سورة الأنعام من أكثر السّور التي ورد فيها الحديث عن الصّراط المستقيم: {مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[الأنعام:39]، {وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[الأنعام:87]، {وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً}[الأنعام:126]، {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ}[الأنعام:153]، {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[الأنعام:161].
وفي سورة إبراهيم سمَّاه صراط العزيز الحميد: {لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}[إبراهيم:1] وفي سورة طه وصفه بالسّويّ، فقال: {فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى}[طـه:135] وفي الحجّ أضافه للحميد فقال: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ}[الحج:24] وفي (المؤمنون) عرَّفه دون وصف أو إضافة: {وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ}[المؤمنون:74] وفي سورة مريم يقول إبراهيم -عليه السلام- لأبيه: {فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً}[مريم:43] ويقول الله في سورة الأنعام: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}[الأنعام:153].
قال تعالى: {وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[الأنعام:87]. قال مجاهد: "وسدَّدناهم فأرشدناهم إلى طريق غير معوجّ، وذلك دين الله الذي لا عِوَجَ فيه، وهو الإسلام الذي ارتضاه ربّنا لأنبيائه، وأمر به عباده"[تفسير الطبري7/262].
وفي قوله تعالى: {وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً} [الأنعام:126]. قال الطبري: "هو صراط ربك. يقول: طريق ربّك، ودينه الذي ارتضاه لنفسه دينًا، وجعله مستقيمًا لا اعوجاج فيه".[تفسير الطبري8/32].
وفي قوله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ}[الأنعام:153].
قال الطبري: هو صراطه، يعني طريقه ودينه الذي ارتضاه لعباده، {مُسْتَقِيماً}[الأنعام:153]. يعني قويمًا لا اعوجاج به عن الحق[تفسير الطبري8/87].
وفي قوله تعالى: {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[الأنعام:161]. قال الطبري: يقول: "قل لهم: إنَّني أرشدني ربي إلى الطّريق القويم، هو دين الله الذي ابتعثه به، وذلك الحنيفيَّة المسلمة، فوفّقني له"[تفسير الطبري8/111].
وفي سورة الأعراف: {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ}[الأعراف:16].
قال الطبري: يقول: "لأجلسنَّ لبني آدم صراطك المستقيم، يعني طريقك القويم، وذلك دين الله الحقّ، وهو الإسلام وشرائعه". ونقل نحو ذلك عن مجاهد. [تفسير الطبري8/134].
وفي قوله تعالى في سورة مريم: {فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً}[مريم:43].
قال الطبري: يقول: "أبصِّرك هدي الطّريق المستوي الذي لا تضلّ فيه إن لزمته، وهو دين الله الذي لا اعوجاج فيه"[تفسير الطبري16/90].
وفي قوله تعالى: {وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ}[المؤمنون:74].
قال الطبري: يقول عن محجّة الطّريق، وقصد السّبيل، وذلك دين الله الذي ارتضاه لعباده العادلون[تفسير الطبري18/44].
وبناءًً على ما سبق يتضح لنا ان الصراط يشمل امرين مهمين : اولهما النور الذي به يستنير العقل والبصيرة ، وهو الايمان او العقيدة التي تعتبر القاعدة الفكرية والتي بها تبنى الافكار والمفاهيم والقيم؛ وعلى اساسها تُقاس قبولا او رفضا ، والثاني الشريعة والتي هي مقياس السلوك؛ وبها يُقيم العمل فيكون مقبولا او مرفوضا ... وبذلك يتوجب ان يكون الفكر والتشريع قائم على معتقد صحيح متميز ؛ومخالف للأغيار من اهل الضلال والغضب؛فكما سبق وقلنا في سورة الفاتحة نجد قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}[الفاتحة:6] ثم يفسّره بأنه: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ}[الفاتحة]. وهذا يمنعنا من تقليد غيرنا ويمنعنا من تتبع خطواتهم ومناهج ضلالاتهم؛ ويحذرنا من الدخول في جحور ضبابهم العفنة !!!
اللهم اهدنا وابناء امتنا صراطك المستقيم وانر به عقولنا وبصائرنا وزك به نفوسنا واقم به حياتنا الى ان نلقاك ونحن على ذلك .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .