بِسْمِ اللهِ الرّحْمَنِ الرّحيمِ
نقض
الاشتراكية الماركسية
1
الاشتراكية الماركسية كانت في أول النصف الثاني من القرن التاسع عشر أيام حياة ماركس الذي توفي سنة 1883 مجرد فكرة فلسفية عن الحياة، ولكنها اليوم في أول النصف الثاني من القرن العشرين تحتل وجوداً ضخماً في العالم، إذ تقوم على أساسها دولة كبرى هي روسيا وإلى جانبها عدة دول تعد مئات الملايين من البشر تحاول السير في تطبيق هذه الاشتراكية الماركسية، ثم لها دعاوة عالمية واسعة، واتباع منتشرون، حتى أنه لا تكاد تجد دولة تخلوا من اشتراكيين ماركسيين. وفي البلاد الإسلامية كلها ولا سيما سورية والعراق ومصر وإندونيسيا والهند استهوت الاشتراكية فكرياً، ولدى النزر القليل عقائدياً، الكثير من أبناء المسلمين، فكان لا بد من الوقوف معها ساعة من نقاش يكشف فيها عن وجه الحق، ويعرض فيها صواب الرأي، بعمق واستنارة حتى تنجلي الحقائق، ويبرز زيف الباطل، فلعل معتنقي هذه الفكرة البالغة الخطر على الإنسان يبصرون النور، فيثوبوا إلى الحق، ويسيروا في طريق الهدى، ويدركوا مدى ما كانوا فيه من ضلال ما بعده ضلال، ويروا أن واجبهم حرب هذا الكفر والإلحاد.
إن الاشتراكية الماركسية منبثقة عن فكرة كلية عن الكون والإنسان والحياة، فهي منبثقة عن عقيدة فيها قابلية الاعتقاد، لأنها فكرة أساسية، وفيها قابلية التطبيق، لأنها تنبثق عنها أحكام لمعالجة مشاكل الحياة، ويمكن أن تنبني عليها أفكار عن الحياة. ثم أنها فكرة وطريقة، أي عقيدة عقلية وأحكام لمعالجة مشاكل الحياة، مصحوبة بأحكام تبين كيفية تنفيذ العقيدة وتنفيذ معالجات الحياة، ويوجد للفظها مدلول يمكن أن توضع الإصبع عليه. ولذلك فإن فيها قابلية لأن يوجد لها رأي عام، ومن هنا كان خطرها أفظع. غير أن كونها يمكن أن يوجد لها رأي عام، وكونها يمكن تطبيقها لا يعني أنها صحيحة، بل يعني أنها اشتراكية حقيقية لا اشتراكية إسمية كما هي الحال فيما يسمى باشتراكية الدولة. وأنها مبدأ كفر كما أن الرأسمالية مبدأ كفر. فكما أن النصرانية دين كفر تماماً كاليهودية والوثنية فكذلك الاشتراكية مبدأ كفر تماماً كالرأسمالية. فهي مبدأ ولا ريب، ولكنه مبدأ باطل في فكرته وطريقته.
ولأجل إدراك ذلك إدراكاً كامل الوضوح لا بد من إعطاء صورة واضحة عن واقع هذه الاشتراكية الماركسية أولاً كما وردت في الكتب الاشتراكية والشيوعية ثم نقضها من أساسها.