يومياتي مع السرطان....
"انا بدي اكون قوية متلها"
ميساء ابو غنام
اوقفتني وبشكل ملح على حاجز قلنديا الفاصل بين رام الله والقدس،سيدة تقارب السبعين من عمرها،تحمل حقيبتها وورقة بيدها،سألتها هل تحملين هوية القدس،اجابت نعم وابني ينتظرني على الجهة المقابلة من ناحية القدس ولا استطيع المشي واجتياز الحاجز،صعدت السيارة وانا بطريقي نحو الجندي لاجراء الفحص الروتيني لبطاقة الهوية وفحص الصندوق الخلفي والامامي،اخفضت صوت الموسيقى واخذت بطاقة هوية السيدة وهويتي وسلمتها للجندي ومن ثم نزلت وفتحت الصندوق وبعد ان اطمأن الجندي انني لا احمل ممنوعات تعيق اجتيازي نظر لي ومن ثم للسيدة المحجبة الجالسة بجانبي وقال لي بالعبرية رحلة موفقة،طبعا هذه النظرة تعود لكوني صلعاء بدون شعر واضع عدسات لاصقة على عيناي،مما فتح المجال لديه للشك، ربما اكون روسية او قادمة من اوروبا او الدول الاسكندنافية،وقد اعتدت على هذه النظرات من قبل جنود الاحتلال الذين يختبرونني بالحديث معي باللغة العبرية ليتأكدوا من عروبتي، لانه ومن المفترض ان يتحدث اهل القدس العبرية منذ عزلهم عشر سنوات عن الضفة الغربية،وبالتالي بداية انصهارهم في المجتمع الاسرائيلي والتعلم في الجامعات الاسرائيلية والعمل في الفنادق والمطاعم والمقاهي والمؤسسات الاسرائيلية.اجتزت الحاجز وبدات السيدة بالحديث الي قائلة"شوفي يما هاي الورقة من الدكتور بقولولي عندي سرطان شوفي"اخذت الورقة ونظرت اليها وبها مصطلحات طبية اعتقد انها شبيهة بفحوصاتي،اعدت الورقة لها وقلت"ما فهمت الورقة مصطلحات طبية لازم الدكتور يشوفها ويقلك بس ما تخافي انا معي سرطان وبتعالج ما تهكلي هم عادي وخليك قوية".بدأت السيدة بالصراخ ووضع يديها على وجهها وتبكي قائلة"انت معك سرطان حيانه عليك ليش يما انت لسه باول عمرك ليش يما حيانة عليك"،وصلت للمكان الذي ترغب النزول فيه وكان ابنها ينتظرها للتوجه للطبيب،وقفت بجانب باب السيارة وما زالت تبكي وتتحدث عن مدى صدمتها لحالتي ويديها على وجهها،تركت المكان ونسيت القصة.قبل يومين توجهت الى محل جابر للخضار والفواكه لشراء احتياجات البيت،لم ارغب النزول من السيارة فناديت صبيا اعتدت الشراء منه وابلغته بما اريد،عاد وسلمني ما طلبت قائلا"الحساب مدفوع"...نظرت اليه بتعجب"مين اللي دفع انا مش شايفة حدا بعرفو جوا"قال لي "ستي اللي وصلتيها على الحاجز"فسألته اين هي لا اراها،اجابني لحظة ونادى والده،جاء الاب وقال"امي الها ثلاث ايام ما بتحكي الا عنك وبدها تشوفك وكتير زعلانه عليك وبتقول ازا هي عندها سرطان وعايشة هيك ومبسوطة ليش انا ازعل وبدي اكون قوية زيها، وطلبت مني اعزمك وما اخد منك لما تشتري"ضحكت وقلت له يسعدني ذلك واعطيته تفاصيلي على الانترنت والفيس بوك وطلبت منه اطلاع والدته على ذلك لتراني.غادرت الى بيتي اتحدث مع نفسي قالة"اقرب الناس اللي ما اهتموا بمرضي وهاي الست العجوز عم بتفكر في ثلاثة ايام وانا نسيتها بعد ما تركت السيارة لازم اروح وازورها".
"انا بدي اكون قوية متلها"
ميساء ابو غنام
اوقفتني وبشكل ملح على حاجز قلنديا الفاصل بين رام الله والقدس،سيدة تقارب السبعين من عمرها،تحمل حقيبتها وورقة بيدها،سألتها هل تحملين هوية القدس،اجابت نعم وابني ينتظرني على الجهة المقابلة من ناحية القدس ولا استطيع المشي واجتياز الحاجز،صعدت السيارة وانا بطريقي نحو الجندي لاجراء الفحص الروتيني لبطاقة الهوية وفحص الصندوق الخلفي والامامي،اخفضت صوت الموسيقى واخذت بطاقة هوية السيدة وهويتي وسلمتها للجندي ومن ثم نزلت وفتحت الصندوق وبعد ان اطمأن الجندي انني لا احمل ممنوعات تعيق اجتيازي نظر لي ومن ثم للسيدة المحجبة الجالسة بجانبي وقال لي بالعبرية رحلة موفقة،طبعا هذه النظرة تعود لكوني صلعاء بدون شعر واضع عدسات لاصقة على عيناي،مما فتح المجال لديه للشك، ربما اكون روسية او قادمة من اوروبا او الدول الاسكندنافية،وقد اعتدت على هذه النظرات من قبل جنود الاحتلال الذين يختبرونني بالحديث معي باللغة العبرية ليتأكدوا من عروبتي، لانه ومن المفترض ان يتحدث اهل القدس العبرية منذ عزلهم عشر سنوات عن الضفة الغربية،وبالتالي بداية انصهارهم في المجتمع الاسرائيلي والتعلم في الجامعات الاسرائيلية والعمل في الفنادق والمطاعم والمقاهي والمؤسسات الاسرائيلية.اجتزت الحاجز وبدات السيدة بالحديث الي قائلة"شوفي يما هاي الورقة من الدكتور بقولولي عندي سرطان شوفي"اخذت الورقة ونظرت اليها وبها مصطلحات طبية اعتقد انها شبيهة بفحوصاتي،اعدت الورقة لها وقلت"ما فهمت الورقة مصطلحات طبية لازم الدكتور يشوفها ويقلك بس ما تخافي انا معي سرطان وبتعالج ما تهكلي هم عادي وخليك قوية".بدأت السيدة بالصراخ ووضع يديها على وجهها وتبكي قائلة"انت معك سرطان حيانه عليك ليش يما انت لسه باول عمرك ليش يما حيانة عليك"،وصلت للمكان الذي ترغب النزول فيه وكان ابنها ينتظرها للتوجه للطبيب،وقفت بجانب باب السيارة وما زالت تبكي وتتحدث عن مدى صدمتها لحالتي ويديها على وجهها،تركت المكان ونسيت القصة.قبل يومين توجهت الى محل جابر للخضار والفواكه لشراء احتياجات البيت،لم ارغب النزول من السيارة فناديت صبيا اعتدت الشراء منه وابلغته بما اريد،عاد وسلمني ما طلبت قائلا"الحساب مدفوع"...نظرت اليه بتعجب"مين اللي دفع انا مش شايفة حدا بعرفو جوا"قال لي "ستي اللي وصلتيها على الحاجز"فسألته اين هي لا اراها،اجابني لحظة ونادى والده،جاء الاب وقال"امي الها ثلاث ايام ما بتحكي الا عنك وبدها تشوفك وكتير زعلانه عليك وبتقول ازا هي عندها سرطان وعايشة هيك ومبسوطة ليش انا ازعل وبدي اكون قوية زيها، وطلبت مني اعزمك وما اخد منك لما تشتري"ضحكت وقلت له يسعدني ذلك واعطيته تفاصيلي على الانترنت والفيس بوك وطلبت منه اطلاع والدته على ذلك لتراني.غادرت الى بيتي اتحدث مع نفسي قالة"اقرب الناس اللي ما اهتموا بمرضي وهاي الست العجوز عم بتفكر في ثلاثة ايام وانا نسيتها بعد ما تركت السيارة لازم اروح وازورها".