عنان نجيب
من اسباب فشل العمل الوطني والاسلامي بمدينة القدس
رؤية لمركز مدينة القدس للدراسات والأبحاث
اردنا خلال هذا المقال أن نسلط الضوء على عدد من الأسباب التي تحول دون أن تأخذ معركة القدس مداها الطبيعي، لعل وعسى أن تصل هذه الكلمات إلى مدارك الأخوة الجادين في نصرة القدس للعمل معا على تفكيك رموزها ومعادلاتها، كي لا تبقى معوقا أمام أي مشروع وطني يهدف إلى إيجاد حالة نضالية تنقذ هذه المدينة المغلوب على أمرها، رغم قناعاتنا التامة أن هذه المعوقات لا تخفى على الكثير ممن يعملون للقدس، ولكن للأسف فإن للمصالح التنظيمية والفئوية دورها في القفز عن جملة هذه المعوقات والحقائق، والتي منها:
اولا: حالة الانقسام، ثم الانقسام، ثم الانقسام.
هذا العار الذي لحق بنا يشكل أحد أهم العوامل الرئيسة التي حالت وتحول دون التقاء القوى الحية على برنامج عمل وطني منظم لطرد التشرذم بالفعل الشعبي، وليكون العمل الجماعي المنظم من خلال القوى الوطنية والاسلامية الفاعلة مرجعية لأهل هذه المدينة تلتف حوله وتلجأ إليه ، وهذا لا يمكن ان يتحقق دون المصالحة الوطنية الشاملة ..
ثانيا: دعم صمود المواطن المقدسي.
ما يقدم للقدس وأهلها من قبل المؤسسات العربية والإسلامية لدعم رباطهم وصمودهم يختزله البعض (أصحاب حصة الأسد كما يقولون) في تقوية وخدمة أطرهم السياسية والتنظيمية، وحصرهذا الدعم في أنصارهم ومؤسساتهم على حساب أهل القدس دون رقيب أو حسيب، فهؤلاء المنتفعون يجعلون مما يقدم لمدينة القدس - رغم ضالته وعدم كفايته لسد ولو حاجيات ثانوية تسهم في تخفيف المعاناة للمواطن المقدسي – في خدمة أطرهم التنظيمية وما يلحق بها من مؤسسات.
فلا يغرن أحدا ما يسمعه عن وجود برامج دعم للقدس وأهلها، فلا تعدو هذه البرامج الداعمة سوى برامج نخبوية، الفئة المستفيدة منها هي أصحاب الإنتماء وفي أغلبهم ليسوا بحاجة.
ثالثا: حرف بوصلة الفعاليات الشعبية عن مسارها الطبيعي
يقوم البعض للاسف بتجريم العمل المقاوم وحصر المقاومة في أشكال سلمية بمشاركة قوى سلام صهيونية وأجنبية، فللأسف الحاصل اليوم في مدينة القدس أن أغلب التجمعات الشعبية والجماهيرية يحرص القائمون عليها على ضرورة المرافقة بها سلمي واشراك قوى ما يسمى السلام الاسرائيلي فيها وهذا الحرف لسلاح العمل الشعبي يندرج في إطار محاربة مفهوم المقاومة الحقيقية وخنقها، وتقديمها في فعاليات سلمية، وتجريم أي عمل مقاوم، كل ذلك في سبيل إحداث حالة من الإستسلام مستقبلا بالأمر الواقع الذي يفرضه الإحتلال علينا فهذا الحرف لسلاح العمل الجماهيري أدى الى شبه انعدام للتجمعات الغاضبة للمقدسيين، فلا بد لأي عامل مخلص لهذه القضية المركزية أن يكشف هذا التزوير.
الحاصل لمعنى المقاومة الحقيقي، وإلا لسوف نفقد تدريجيا قوة الشارع الشعبي الذي هو في حقيقة الحال الوقود الدافع نحو المواجهة مع هذا المحتل وإعلان عدم الإستسلام والتسليم.
هنا نتوجه بالتحية إلى الأخوة المخلصين في التيار الوطني، وأناشدهم بضرورة عدم الانحدار في التعاطي مع هؤلاء المزورين لمفهوم المقاومة الحقيقية.
رابعا: ظاهرة انتشار الأجسام الطفيلية في جسد مدينة القدس
ونقصد هنا تحديدا هذه الطوابير التي هي بالعشرات مما يسمى بمؤسسات العمل الأهلي، هذه المؤسسات التي تتخذ من القدس ومعاناة أهلها جسرا للمرور إلى مآرب القائمين عليها وهنا لا نعمم، حيث نسمع جعجعة ولا نرى طحينا، وكل ما تنقله وسائل الاعلام حول نشاطات وفعاليات أغلب تلك المؤسسات ما هو الا تسابق محموم بين تلك المؤسسات اتجاه جيوب الممول، حتى لو كان الممول صنادوق تعايش.
نعم إن غياب المرجعيات الوطنية والإسلامية في مدينة القدس فتح المجال أمام هذه الأجسام أن يتجرأ بعضها بأن يقدم نفسه على أنه مرجعية القدس وعنوانها، هذا من جانب فلسفة وجودها، أما من جانب خدماتها فإن أغلب تلك المؤسسات تحمل في أجنداتها الداخلية أهدافا لا تقل بحال من الأحوال عن برامج ومؤسسات التعايش التي لا يتسع هذا المقال للحديث عنها، وللاختصار فإن العديد من تلك المؤسسات تحاول بل وتعمل على تكريس ثقافة غربية وقحة بعيدة.
عن قيمنا وأخلاقنا، كتلك المهرجانات التي تنظم في المدينة من فنية وموسيقية وغيرها، فان العديد من هذه المؤسسات يعمل على تعزيز مفاهيم حرية المرأة والتركيز على ترسيخ حرية الفتاة كما يراها الغرب وغيرها من المحاولات التي تندرج في إطار الغزو الفكري الذي يستهدف قيمنا ومفاهيمنا وقناعاتنا المستمدة من الإسلام العظيم.
وأخيرانقول : (اللهم لا تجعلها صرخة في واد)، وأننا على يقين تام بأن ما سقناه من حقائق عن بعض هذه المعوقات للعمل الوطني والإسلامي المنظم لا تخفى على الكثير من المخلصين، وحبذا لو تستغل ايام وفعاليات نصرة القدس والقضية الفلسطينية في الدعوة إلى إيجاد برنامج عملي شامل تلتزم به القوى الحية في المدينة، ويكون بمثابة وثيقة وطنية ومرجعية يعتد بها .