واتمنى ان يقرأها اهل العلم وطلبته ليعرفوا اين اماكنهم
فقال : هوّن عليك يا أمير المؤمنين ، أتأذن لي في كلامه ؟
فقال الواثق : قد أذنت لك .
فأقبل الشيخ على أحمد ، فقال : يا أحمد إلامَ دعوت الناس ؟
فقال أحمد : إلى القول بخلق القرآن .
فقال له الشيخ : مقالتك هذه التي دعوت الناس إليها ، من القول بخلق القرآن أداخله في الدين ، فلا يكون الدين تامًّا إَّلا بالقول بها ؟
قال : نعم .
قال الشيخ : فرسول الله صلى الله عليه وسلم دعا الناس إليها أم تركهم ؟
قال : لا .
قال له : يعلمها أم لم يعلمها ؟
قال : عَلِمَهَا .
قال: فلم دعوت إلى ما لم يدعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه ، وتركهم منه ؟
فأمسك.
ثم قال له : أخبرني يا أحمد ، قال الله في كتابه العزيز : <<الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ ديِنَكُمْ>> المائدة :3
فأمسك .
ثم قال بعد ساعة : أخبرني يا أحمد ، قال الله عز وجل : <<يَأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ>> المائدة : 67
فمقالتك هذه التي دعوت الناس إليها ، فيما بلَّغه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الأمة أم لا ؟
فأمسك.
ثم قال بعد ساعة : خبرني يا أحمد ، لمّا علم رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالتك التي دعوت الناس إليها ، أَتَّسع له أن أمسك عنها أم لا ؟
قال أحمد : بل اتَّسع له ذلك .
فقال الشيخ : وكذلك لأبي بكر ، وكذلك لعمر ، وكذلك لعثمان ، وكذلك لعلي رحمة الله عليهم ؟
قال : نعم .
فصرف وجهه إلى الواثق ، وقال : يا أمير المؤمنين ، إذا لم يَّسع لنا ما اتسع لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأصحابه فلا وسع الله علينا.
ثم قال الواثق : اقطعوا قيوده ، فلما فُكَّت ، جاذب عليها .
فقال الواثق : دعوه ، ثم قال : يا شيخ لما جاذبت عليها ؟
قال : لأني عقَدتُّ في نيتي أن أجاذب عليها ، فإذا أخذتها أوصيت أن تُجعل بين يدي كفني ، ثم أقول يا ربي ، سل عبدك : لِمَ قيدني ظلماً ، وارتاع بي أهلي ؟
فبكى الواثق ، والشيخ ، كل من حضر .
ثم قال له : يا شيخ اجعلني في حلٍّ .
فقال : يا أمير المؤمنين ، ما خرجت من منزلي حتى جعلتك في حلٍّ ، إعظاماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولقرابتك منه .
فتهلل وجه الواثق وسُرَّ .
ثم قال له : أَقم عندي آنس بك .
فقال له مكاني في الثغر أنفع ، وأنا شيخ كبير ، ولي حاجة .
قال : سل ما بدا لك .
قال : يأذن لي أمير المؤمنين ، في رجوعي إلى الموضع الذي أخرجني منه هذا الظالم .
قال : قد أذنت لك . وأمر له بجائزة ، فلم يقبلها .
قال المهتدي : فرجعت من ذلك الوقت عن تلك المقالة ، وأحسب – أيضاً – أن الواثق رجع عنها )).
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في 2021-05-07, 5:39 am عدل 1 مرات