بسم الله الرحمن الرحيم
{ إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ ٱلْكَوْثَرَ } * { فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنْحَرْ } * { إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلأَبْتَرُ }
المتحدث رب العزة جل وعلا..والضمير انا للتفخيم والتعظيم و اعطيناك اي وهبناك وملكناك و الكوثر من الكثرة والتكاثر، وقيل فيه انه نهر في الجنة اعطيه لامته لكونها اكثر الامم يوم القيامة سوادا..والكوثر وزن فوعل من كثرة ، ولعل من اسباب النزول ان بعضهم يوم مات ابنه ابراهيم عليه السلام قال عنه سلام الله عليه انه اصبح ابترا ..وكثير قالوها من اهل الشرك والكفر وبعض اهل الكتاب، ونعتوه بالابتر سلام عليه والابتر مقطوع الذرية تاملا في ان ينقطع ذكره وصيته بعد موته كما تتمنى انفسهم السوء الحاسدة الحاقدة.
فكافاه الله تعالى بالكوثر اي كثرة الأتباع الذاكرين له والمصلين عليه صلى الله عليه وسلم، حيث زكلما ذكر اسمه، و المعظمين لمكانته كما وعده في الانشراح فقال له (ورفعنا لك ذكرك). والناس عادة يطلبون الولد ليستمر نسلهم في حمل اسمهم وذكرهم وميراثهم فاكرمه الله تعالى بان جعل ورثته شعوبا وقائل وفصائل شتى من العرب والعجم .فصل لربك ..أَيْ كَمَا أَعْطَيْنَاك الْخَيْر الْكَثِير فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَمِنْ ذَلِكَ النَّهَر الَّذِي تَقَدَّمَ صِفَته فَأَخْلِصْ لِرَبِّك صَلَاتك الْمَكْتُوبَة وَالنَّافِلَة وَنَحْرك فَاعْبُدْهُ وَحْده لَا شَرِيك لَهُ . وانحر..الْمُرَاد بِالنَّحْرِ ذَبْح الْمَنَاسِك وَلِهَذَا كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْعِيد ثُمَّ يَنْحَر نُسُكه وَيَقُول " مَنْ صَلَّى صَلَاتنَا وَنَسَكَ نُسُكنَا فَقَدْ أَصَابَ النُّسُك وَمَنْ نَسَكَ قَبْل الصَّلَاة فَلَا نُسُك لَهُ ". قَالَ أَبُو جَعْفَر اِبْن جَرِير وَالصَّوَاب قَوْل مَنْ قَالَ إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ فَاجْعَلْ صَلَاتك كُلّهَا لِرَبِّك خَالِصًا دُون مَا سِوَاهُ مِنْ الْأَنْدَاد وَالْآلِهَة وَكَذَلِكَ نَحْرك اِجْعَلْهُ لَهُ دُون الْأَوْثَان شُكْرًا لَهُ عَلَى مَا أَعْطَاك مِنْ الْكَرَامَة وَالْخَيْر الَّذِي لَا كِفَاء لَهُ وَخَصَّك بِهِ . ان شانئك ..الشانيء هو المبغض والذي ينسب اليه سيء الصفات ويسبه باقذع الالقاب والنعوت، و هو اي ذاك الشانيء المبعد المسيء اليك هو الابتر اي هو المنقطع الذرية ومنقطع الذكر الحسن الطيب ومنقطع الاثر، فحتى ذريته تتبرأ منه و تعتر به..واني والله لا ارى من هذا النص الا تحذيرا لكل شانيء للنبي ولكل مبغض معاد له ان الله سيقطع نسله وذكره ويقتلع جذوره من الوجود سواء كان ذلك شخص او نظام او مذهب ولنا عبرة في ابي لهب وابي جهل ولنا عبرة في كسرى الذي اراد جلبه سلام الله عليه وقتله فقتله الله على يد ابنه اقرب الناس اليه كسرويه ثم ازال الله كسرى وملكه الى الابد فلا كسرى بعد كسرى. وهذا بلا شك يعطينا البشرى و اليقين بان الله تعالى لا محالة قاطع دابر الكافرين المبغضين الشانئين لهذا الدين.
اللهم انك اعطيته الكوثر وانك بترت كل من شنأه وانك عصمته من الناس حيا وانك كفيته المستهزئين فاحفظ دينه وامته بعد موته واهلك شانئيه ونظمهم ودمر كياناتهم واجعل امته هم الوارثين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في 2019-01-22, 10:27 am عدل 1 مرات