الارهاب مصطلح فضفاض، اصبح يطلق اليوم دون تحديد لمفهومه اوتعريف يقيد معانيه ويحصرها، ذلك انهم لو عرفوه باي تعريف فانه سينطبق على جميع دول العاالم اليوم، واخذت كل دولة وجهة في اطلاقه على ما يهدد امنها ومصالحها وحياة افرادها ومواطنيها ودورها ونفوذها.. حتى المحتل الغاصب اصبح يطلقه على اي نشاط مقاوم للاحتلال.
والارهاب بمعنى القتل المروع بلا سبب او مقابل المال والدفع والاجرام المرعب وامتهانه ليس من ثقافة العرب لا في جاهليتهم ولا بعد اسلامهم، ولا من ثقافة الشرق وحضاراته اجمالا .. فوجدنا مثلا العرب على مر التاريخ تعظم الدماء، وتستفظع اراقتها، فاذا ما روى الراوي منهم تاريخ موقعة او معركة قال لك :وقتل في هذه الموقعة خلق كثير. فاذا ذكر اسماءهم وجدتهم لا يتجاوزون الخمسة او العشرة رجال ، وهذا ان دل على شيئ فانما يدل على استفضاعهم لاراقة الدم. ولا يذهب عندهم دم هدرا، الا من اهدر اهله دمه. فكانوا يقولون دعوا دما اهدره اهله. والدم المعصوم عندهم لا بد فيه من الثار والقصاص له او الدية عند المصالحة عليه. وحضارات المشرق كانت تعظم كل ذي روح حي حتى وجدنا منهم من يعبد الصرصار والفار ...
اما الناظر في المكون الثقافي لفكر الغرب وثقافته، يجده قائما على الفكر الاغريقي ابتداءً، ذلك الفكر الذي امن بتعدد الآلهة والاوثان، وتخيلها متقاتلة ومتحاربة فيما بينها حسب اساطيره وخرافاته، ويقتل الاله اخاه الاله الاخر لاتفه الاسباب، او لاجل امراة لاله اخر ارادها القاتل لنفسه، ويكفيك هذا وحده سببا لاسترخاص القتل والاعتداء على حياة الاخرين. لان مثل هذا التصور يعزز النظرة الانانية الشهوانية، ويجعلك ترتكب جريمة القتل دون ان تنظر اليها على انها جريمة، لان الاصل في العالم العلوي ان يكون قدوة للعالم السفلي...
والمكون الثاني للثقافة الغربية هو التوراة او العهد القديم وما فيه من اوهام واساطير واهواء اقحمت فيه لتغير مساره النوراني ككتاب سماوي الاصل في نزوله، و انه فيه نور للعالمين..فانظر فيه الى تحريق اريحا وغيرها على اهلها...وانظر الى قصص فظاعة االتقتيل في حروبهم ومسيرة حياتهم.. وانظر كيف يستخف بالاجناس ويجعل جنس بني اسرائيل فوق كل اجناس البشرية..وان المستحق للحياة ومتعها فقط هم، وغيرهم ممن يسمونهم الاممين ما خلقهم الله الا لخدمتهم حسب زعمهم..والمكون الثالث الحضارة الرومانية الوثنية ثم المسيحية التي اتبعت انجيلا ايضا محرفا، يدعوا الى سلام موهوم كاذب مقصور على ملتهم، بل انهم في ملتهم تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى،يبيد بعضهم بعضا، ويعتبرون انجيلهم امتداد لعهد التوراة فتلقائيا هم متاثرون بما فيه...
ثم جاءت الحضارة الراسمالية وليدة متطورة عن حضارة الاقطاع، وما كان فيها من قسوة ونظرة دونية لطبقة خدام الارض وعبيدها، حتى ان السيد كان اذا قتل خادمه ليس لاحد ان يحاسبه، ولو عذبه والهب ظهره بالسياط لايوجد له من يجيره او ينصفه ويرفع الظلم عنه. فاتسعت في النظام الراسمالي دائرة اقطاع راس المال واتسع نطاق الاقنان ..الطبقة العاملة .. لتصبح الشركات العملاقة وعابرة القارات لتشمل في استعبادها و عبوديتها اصنافا شتى من البشرية كعمال وموظفين، واقطاعات لا متناهية وراء الحدود، بالامتيازات المفروضة والاحتكارات المحمية، واصبحت الدولة في الغرب راعية لمصالح هذه الشركات، تشتري وتوظف حكاما في العالم يحافظون على ديمومة مصالح هذه الشركات واقطاعاتها، وترتهن بدورها ثروات العالم وتحتكر اقوات العالمين، فظهرت مصطلحات التخلص من المعارضين، والتصفية الجسدية، ووحدات المهام القذرة في اجهزتهم الامنية واستخباراتهم، وظهر مصطلح القاتل الماجور .. واصبح القتل مهنة مرخصة تؤسس له شركات تجارية، ووتر بلاك الامريكية سيئة الصيت ليست عنكم ببعيد، ولا اختها ونظيرتها الروسية فاجنر.
فجذور فكر الارهاب والاستهانة بالدماء، هي هناك لمن اراد ان يبحث عنها ويجتثها ويجففها..حتى المسلمين الذين يمتهنون الارهاب اليوم ما هم الا افراد تربوا على ايدي دوائر مخابراتهم وفي احضان عملائهم، واستدرجوا لمثل تلك الاعمال المشينة التي يرفضها الاسلام ولا يعتبرها جزءا من طريقة حمل دعوته للعالمين، ساعدهم في ذلك وهيأ لهم ردود افعالهم على الواقع الذي خلقوه لنا ، والمتصادم في اصل وجوده مع عقيدتنا وقيمنا .. فلم يقم ديننا بالقتل ..ودولة الرسول سلام الله عليه قامت في المدينة لم ترق في سبيل اقامتها قطرة دم واحدة .. واستلم الخلافة ابو بكر وثم عمر ومن بعده عثمان لم ترق قطرة دم واحدة ..
ولم يُكره صاحب دين على ترك دينه ..ولم يُغتصب مال من صاحبه .. ولم يُنتهك عرض امرأة .. دين انسانية وسعادة للبشرية، لاجنس ولاعنصر خير من الاخر، ولا كرامة لاحد على احد الا بالتقوى ...البشر سواسي كاسنان المشط، لاعالم اول ولا عالم ثان ولا عالم ثالث.. الارض مهيئة ومعدة لعيش البشر جميعا .. مؤمنهم وكافرهم.. ابيضهم واسودهم..قويهم وضعيفهم.. غنيهم وفقيرهم..بلا حسد ولا كراهية ولا بغضاء...هذه هي مفاهيم وقيم الاسلام الحنيف وهذه ثمار عقيدته، يمنع التأله في الارض لاي كان، وينفي الالوهية الا لمستحقها خالق الكون والانسان والحياة، فلا رب اعلى الا هو سبحانه، ولا طاعة وتبعية مطلقة لسواه. ولا منقذ اليوم للبشرية المعذبة الا مفاهيم الاسلام وقيمه وافكاره واحكامه، فقد سقطت كافة مباديء التجارب البشرية وبان عوارها وانكشف زيفها، فلا امن ولا امان ولا عصمة لدماء البشر، الا بالايمان بالاسلام، رحمة الله للعالمين، و اتباع مفاهيمه واحكامه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في 2023-02-07, 10:02 am عدل 7 مرات