الكلمة واثرها في الحياة
الكلمة لغة :- اللفظة، وتطلق على القصيدة وعلى الحديث قل او كثر، والكلمة الباقية كلمة التوحيد//عن القاموس المحيط للفيروز ابادي .
وواقع الكلمة انها تعبير لفظي عن صورة ذهنية او احاسيس نفسية او مشاعر قلبية، يلفظها اللسان ويخرجها معبرا عنها وراسما لها باحرف صوتية، لينقلها الى مسامع الاخرين، ليخاطب بها مدارك عقولهم اومشاعر قلوبهم اواحاسيس نفوسهم، اما لينقل لهم صورة بذهنه، واما ليرسم لهم صورة في اذهانهم وانفسهم يطلبها منهم او ليضعهم في تصورها.
اهتم العرب في جاهليتهم قبل اسلامهم بالكلمة، حتى ان الرجل ليقتل في سبيل التزامه بكلمته،واشتهروا يصناعة وصياغة الكلمة ،حتى اصبح لها اسواق يبغونها فيها ويحجونها للاستماع الى الكلمة من مهرة صناعها، وجاء الاسلام بمعجزة بلاغة الكلمة وبيانها، واكد منحى الاهتمام بالكلمة في حياة اهله واتباعه، وجعل الكلمة موقفا يشكر عليه المرء او يذم، ويؤجر به او يؤثم ، ويكتب مؤمنا ام كافرا.
فالعقيدة كلمة، والحكم الشرعي كلمة، والوعد كلمة، والاسلام كلمة، والكفر كلمة، والزواج كلمة، والطلاق كلمة، والعقد والعهد والايجاب والقبول مبنى العقود كل ذلك كلمة ..
والفعل او التوقف عنه تسبقه كلمة، والرفض او القبول كلمة، وحياتك كلها تبنى على الكلمة.
ان الكلمة حكم لتصورعقلي يتجسد في موقف سلوكي عملي او احساس نفسي او شعور قلبي يدفع الانسان لاتخاذ الموقف والتعبير عنه بفعل او رد فعل.
فلذلك اهتم الاسلام بالكلمة لكبير خطرها وعظيم اثرها، فاحصاها ربنا على الانسان ليحاسب على الفاظه وكلماته:فقال تعالى:- (وكل شيء احصيناه في امام مبين) وقال سبحانه :- (ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد) وذلك لخطر الكلمة واثرها في الوجود وحياة البشر،وشرع تعالى احكاما خاصة بالكلمة فحرم الكذب واوجب الصدق، وبين لنا ان الكلمة من الخير ترفعك الدرجات في الجنة، وان الكلمة من السوء يتلفظ الانسان بها لايلقي لاثرها وخطرها بالا تخر به سبعين خريفا في جهنم لا يصل الى قعرها. و قدضرب القران لها الامثال فقال:-
(الم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة اصلها ثابت وفرعها في السماء* تؤتي اكلها كل حين باذن ربها ويضرب الله الامثال للناس لعلهم يتذكرون)24+25س ابراهيم.
في هذا التصوير القرآني الرائع يجسد الله تعالى لنا صورة الكلمة الطيبة بشجرة طيبة الثمر والنبت، اصلها العقيدة الثابتة لانها اساس التفكير الذي تصوره الكلمة وتنقله الى فضاء الاذهان، فتسمعه الاذان وتتبع احسنه فيسموا بها السامع سلوكا وتهذيبا وعملا، فتؤتي ثمارها في كل حين، لان الكلمة الطيبة اجر وثواب لكل عامل بها يستمر ادراره لصحيفة القائل طالما عمل بها، فكانت للقائل صدقة جارية له اجرها واجر من عمل بها الى يوم القيامة.
انها بعكس صورة الكلمة الخبيثة التي يفشيها قائلها في الناس او كاتبها فيحمل اوزارها واوزار من عمل بها الى يوم القيامة . تلك الكلمة التي لااساس لها ولا اصل لها يقره معتقدنا، ويطلقها صاحبها على غير هدى ودون ان يلقي لها بالا او متقصدا، ويتبعها متلقفها دون ان يبحث ويدقق في اصل وجودها ونشاتها، واحيانا يقلد بها تقليدا اعمى ولا يدري انه يخدم بها شياطين الانس والجن، ويفسد بها في الارض دون ان يستند في لفظها الى اساس عقائدي او قرار يتوثق به منها، ومن امثلة ذلك وصف الاسلام زورا بالديمقراطية وهي نظام كفر والدعوة للقومية المنبوذة شرعا والمنعوتة بانها نتنة، وامرنا ان ندعها، او الدعوة للوطنية التي ما عرفت في ادبيات امتنا الا لما فرضها المستعمر الشيطاني على امتنا بديلا للوثنية البغيضة، ليفرق جمعنا ويمزق شملنا،واستأجر لها دعاة مرتزقة سوغوها للبشر، في حين ان موطن الانسان هو الارض كاملة حيث مهدها الله تعالى لعيش بني ادم وكلفهم بعمارتها مستخلفين في ذلك بطاعته وحسب منهجه وشريعته. واسمع هذه المعاني وصورتها حيث يرسمها لك كلام ربك الذي ارادك هاديا مهتديا وليس ضالا مضلا:
(ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الارض ما لها من قرار).
(يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الاخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء).26+27س ابراهيم
فيا كتابنا ويا خطبائنا ويا من تتصدرون الحديث للناس اتقوا الله في كلامكم وقولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم، واعلموا ان القول المنحرف عن العقيدة والشريعة يفسد اعمالكم، و دوما قولوا للناس حسنا وليس سوءا، وكونوا ثابتين بالقول الثابت المستند الى الايمان والعقيدة، ولا تكونوا مذبذبين لا الى اولاء ولا الى هؤلاء، كي لايضل الله اعمالكم ويكتبكم في الظالمين، ونسال الله العفو والعافية والسداد في القول والرشاد في العمل، والسلامة في العاقبة، وحسن القول والاتباع وممن يستمعون القول فيتبعون احسنه .. وختاما ان حرب الكلمة اشد فتكا من حرب المدفع والطائرة، فحرب السلاح قد تقضي بها على جيش، ولكن حرب الكلمة تطمس بها امة باكملها ولكم وعليكم سلام الله تعالى وبركانه —
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في 2023-10-04, 2:25 pm عدل 1 مرات