السبت: 17 جمادى الأول 1436هجري، الموافق لـ 07 مارس 2015
من وحي المستشفيات
معمر حبار
econo.pers@gmail.com
زيارتي المتكررة للمستشفيات.. تلهم صاحب الأحرف، أن يعري بعض الخزي والعار الذي تعانيه مستشفيات الجزائر، وقد كان ذلك في مقال بعنوان " مستشفيات الجزائر .. خزي وعار".
وفي نفس الوقت، تمنحه الزيارة المتعددة، فرصة للتعبير عن بعض الصفاء الذي يلمسه.. واللمسة الروحية التي تعتريه في خضم جو المستشفى، ومنها..
نعم يحلم بها المريض.. بعد جوع وإرهاق.. أخذ مايسد بعض الرمق بسرعة .. في إنتظار الزيارة، وأحدق جيدا ومطولا في نوافذ غرف مرضى المستشفى التي تقابلني، وأقول لنفسي..
ويحك .. هناك بالداخل.. من لم يستطيع قضم التفاحة التي بين يديك.. ويتمنى جلسة العراء، التي تضجرين منها .. ويرجو الوقوف الذي أتعبك.. ويحسدك على شربة الماء السريعة ..
أشكري ربك على نعم يحلم بها .. ذاك الذي يتمنى النظر إلى النعم.
فضل خدمة المريض.. بعد أن قدمت قهوة هذا الصباح .. قلت للعاملين في المستشفى ..
هنيئا لكم.. لقد جاءتكم الجنة حبوا .. عضوا عليها بالنواجذ .. واخدموا هؤلاء المرضى..
واحذروا، أن يغركم.. الكتف العريض.. والكعب العالي.. أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ .
رحمة نازلة ورحمة صاعدة.. أزور المستشفى .. مرتين في اليوم.. ناهيك عن حالات الطوارىء ..
في كل مرة أمر بها عبر مصلحة حفظ الجثث.. ألتقي برجال .. علامات الحزن واضحة .. ينتظرون الميت الذي سيحملونه ..
وفي نفس اللحظة.. أرى في وجوه الآخرين.. ملامح السعادة.. لشفاء مريض.. ونجاح عملية.. وخروج مريض .. ومولود جديد في مستشفى آخر..
فسبحان ربي .. الذي رفع رحمته إليه .. وسبحانه الذي أنزلها برحمته.
الاتصالات التي قطعت الأحباب.. ألتقي بزميل.. في بهو المستشفى.. لم ألتقي به منذ مدة طويلة.. يقول بغضب..
كنا نلتقي .. ونجلس إلى بعض.. الليالي والأيام .. حين لم يكن لنا .. سيارة.. ولا محمول ..
وبعد أن دخلت التكنولوجيا.. ووسائل الراحة والترفيه.. قطعت عنا الأحباب.. ومنعنا أنفسنا من الأحباب..
ثم راح يستحضر.. أيام الفطرة والصفاء.. واللهو والعبث.. ويلعن الخيوط .. والآلة .. التي حرمت الطفل الرابض في الصدر .. من الحركة..والاتصال.
هذا هو المرض.. المرض لايضر.. والوقوف مع المريض نعمة ..
لكن أن يظل يرسل لك .. الرنة تلو الأخرى.. لتحدثه عن مريضك ..
فهذا لعمري.. لهو المرض.. الذي لايطاق حمله.
كبير المستشفى.. ماأحرنني .. وأنا أزور المستشفى..
تسول الكبار.. للحاجب والبواب.. ليسمح لهم بالدخول ..
وفساد الحاجب.. حين يسمح لهذا.. ويمنع ذاك..
لاألوم الحاجب.. بقدر ماألوم "الكبير!!" .. وهو يمتهن مهنة.. الصغير.
أصرخ، فالصراخ نعمة.. إلتقيت به صدفة في المستشفى .. سألته ، فأجاب..
إبني المولود البارحة .. تحت الرعاية المكثفة.. لأنه لم يصرخ أثناء ولادته.. ويحاول الأطباء الآن .. مساعدته في الصراخ .. ثم تحدث عن الهول الذي أصابه.. وأصاب الأم .. والأسرة جميعا..
عجيب أمر الإنسان.. هذا يحلم بالصراخ ويتمناه ويسعى إليه.. وذاك يضجر منه.. إنها نعمة الصراخ.. التي لايشعر بها، إلا من حرم.. نعمة الصراخ.
مرض الجامعة.. هناك ملاحظة لفتت إنتباهي.. وأنا أقارن بين المستشفيات .. التي أكثر من زيارتها هذه الأيام.. وجامعة الشلف.. التي أعمل بها منذ 23 سنة ..
المدفآت المائية لدى المستشفيات.. التي بنيت عقب زلزال 10 أكتوبر 1980.. تعمل بشكل يومي وجيد..
والمدفآت المائية .. التي أنفقت عليها جامعة الشلف .. أموالا طائلة.. سواء تعلق الأمر بالبنايات الجاهزة .. أو البنايات الحديثة جدا.. مازالت معطلة.. لم يستغلها الطالب، ولا العامل، ولا الأستاذ..
لماذا العطب.. يزداد في الحجم والعمق.. كلما إرتفع حجم التبذير؟.
عشق الطابور.. بعد صلاة الجمعة.. زرت المستشفى ..
طابور طويل مزدحم.. أمام مكتب طبيب الاستعجالات..
وفي المقابل.. كراسي عديدة فارغة ..
علمت حينها.. أن الأمة تعشق مرض الطابور.. فهي بحاجة إذن.. لحقنة الانتظار .. و جرعة من أدب الجلوس على الكرسي.
من وحي المستشفيات
معمر حبار
econo.pers@gmail.com
زيارتي المتكررة للمستشفيات.. تلهم صاحب الأحرف، أن يعري بعض الخزي والعار الذي تعانيه مستشفيات الجزائر، وقد كان ذلك في مقال بعنوان " مستشفيات الجزائر .. خزي وعار".
وفي نفس الوقت، تمنحه الزيارة المتعددة، فرصة للتعبير عن بعض الصفاء الذي يلمسه.. واللمسة الروحية التي تعتريه في خضم جو المستشفى، ومنها..
نعم يحلم بها المريض.. بعد جوع وإرهاق.. أخذ مايسد بعض الرمق بسرعة .. في إنتظار الزيارة، وأحدق جيدا ومطولا في نوافذ غرف مرضى المستشفى التي تقابلني، وأقول لنفسي..
ويحك .. هناك بالداخل.. من لم يستطيع قضم التفاحة التي بين يديك.. ويتمنى جلسة العراء، التي تضجرين منها .. ويرجو الوقوف الذي أتعبك.. ويحسدك على شربة الماء السريعة ..
أشكري ربك على نعم يحلم بها .. ذاك الذي يتمنى النظر إلى النعم.
فضل خدمة المريض.. بعد أن قدمت قهوة هذا الصباح .. قلت للعاملين في المستشفى ..
هنيئا لكم.. لقد جاءتكم الجنة حبوا .. عضوا عليها بالنواجذ .. واخدموا هؤلاء المرضى..
واحذروا، أن يغركم.. الكتف العريض.. والكعب العالي.. أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ .
رحمة نازلة ورحمة صاعدة.. أزور المستشفى .. مرتين في اليوم.. ناهيك عن حالات الطوارىء ..
في كل مرة أمر بها عبر مصلحة حفظ الجثث.. ألتقي برجال .. علامات الحزن واضحة .. ينتظرون الميت الذي سيحملونه ..
وفي نفس اللحظة.. أرى في وجوه الآخرين.. ملامح السعادة.. لشفاء مريض.. ونجاح عملية.. وخروج مريض .. ومولود جديد في مستشفى آخر..
فسبحان ربي .. الذي رفع رحمته إليه .. وسبحانه الذي أنزلها برحمته.
الاتصالات التي قطعت الأحباب.. ألتقي بزميل.. في بهو المستشفى.. لم ألتقي به منذ مدة طويلة.. يقول بغضب..
كنا نلتقي .. ونجلس إلى بعض.. الليالي والأيام .. حين لم يكن لنا .. سيارة.. ولا محمول ..
وبعد أن دخلت التكنولوجيا.. ووسائل الراحة والترفيه.. قطعت عنا الأحباب.. ومنعنا أنفسنا من الأحباب..
ثم راح يستحضر.. أيام الفطرة والصفاء.. واللهو والعبث.. ويلعن الخيوط .. والآلة .. التي حرمت الطفل الرابض في الصدر .. من الحركة..والاتصال.
هذا هو المرض.. المرض لايضر.. والوقوف مع المريض نعمة ..
لكن أن يظل يرسل لك .. الرنة تلو الأخرى.. لتحدثه عن مريضك ..
فهذا لعمري.. لهو المرض.. الذي لايطاق حمله.
كبير المستشفى.. ماأحرنني .. وأنا أزور المستشفى..
تسول الكبار.. للحاجب والبواب.. ليسمح لهم بالدخول ..
وفساد الحاجب.. حين يسمح لهذا.. ويمنع ذاك..
لاألوم الحاجب.. بقدر ماألوم "الكبير!!" .. وهو يمتهن مهنة.. الصغير.
أصرخ، فالصراخ نعمة.. إلتقيت به صدفة في المستشفى .. سألته ، فأجاب..
إبني المولود البارحة .. تحت الرعاية المكثفة.. لأنه لم يصرخ أثناء ولادته.. ويحاول الأطباء الآن .. مساعدته في الصراخ .. ثم تحدث عن الهول الذي أصابه.. وأصاب الأم .. والأسرة جميعا..
عجيب أمر الإنسان.. هذا يحلم بالصراخ ويتمناه ويسعى إليه.. وذاك يضجر منه.. إنها نعمة الصراخ.. التي لايشعر بها، إلا من حرم.. نعمة الصراخ.
مرض الجامعة.. هناك ملاحظة لفتت إنتباهي.. وأنا أقارن بين المستشفيات .. التي أكثر من زيارتها هذه الأيام.. وجامعة الشلف.. التي أعمل بها منذ 23 سنة ..
المدفآت المائية لدى المستشفيات.. التي بنيت عقب زلزال 10 أكتوبر 1980.. تعمل بشكل يومي وجيد..
والمدفآت المائية .. التي أنفقت عليها جامعة الشلف .. أموالا طائلة.. سواء تعلق الأمر بالبنايات الجاهزة .. أو البنايات الحديثة جدا.. مازالت معطلة.. لم يستغلها الطالب، ولا العامل، ولا الأستاذ..
لماذا العطب.. يزداد في الحجم والعمق.. كلما إرتفع حجم التبذير؟.
عشق الطابور.. بعد صلاة الجمعة.. زرت المستشفى ..
طابور طويل مزدحم.. أمام مكتب طبيب الاستعجالات..
وفي المقابل.. كراسي عديدة فارغة ..
علمت حينها.. أن الأمة تعشق مرض الطابور.. فهي بحاجة إذن.. لحقنة الانتظار .. و جرعة من أدب الجلوس على الكرسي.