Lamya Pharoan
مذكرات صيدلانيه متقاعده:
بعد ان انتهيت من ممارسة مهنة الصيدله لسنوات طويله،وبعد أن أصبحت أيامي في هذا العمر خاويه من كل شئ،وقد انتهت مهماتي في هذه الحياة، وبعد رحيل رفيق الدرب رحمه الله،بدأت خواطر الذكريات لكل مراحل حياتي،تزورني كل ليله،فأستعرضها على حلقات وكأنها مسلسل تليفزيوني ولكنه حقيقي،فطرأت على ذهني خاطره أسعدتني،وكانت ابنة أخي كنده حفظها الله قد أوحت لي بها ،فقررت أن أخط بعض الذكريات عن فترة ممارستي لهذه المهنه....
سأبدء من فترة افتتاحي لصيدليتي الخاصه والتي أسميتها(صيدلية الاقبال)تيمنا باسم والدتي رحمها الله،والتي كانت لدي اعز مخلوق في الدنيا،كان مقر الصيدليه في بلدة قطنا،حيث من المفروض قضاء عامين في الريف،هي فترةتمرين قبل الانتقال الى العاصمه...
اذكر في ايامي الاولى من ممارستي لهذه المهنه في هذه البلده الصغيره،جاءتني سيده كبيره في السن،ما أن رأتني حتى تهلل وجهها مشرقا بابتسامة عريضه،حيث قالت:الحمد لله وأخيرا اصبح لدينا صيدلانيه،فأنا متعصبه جدا وزوجي كذلك،وقد وصف لي الطبيب هذه الحقن المقويه منذ أكثر من شهر،ولم آخذها لأنني لاأريد الذهاب الى صيدلي،وها انت قد ارسلك الله لي ليكون الشفاء على يديك،والله قد استبشرت بك خيرا،وأشعر اني أعرفك منذ زمن بعيد،ثم قالت:
-يللا عطيني هالابره بايديكي الحلوين...
كانت أول ردة فعل لدي أن القيت نظره على يدي الحلوتين وهن يرتجفن من الخوف،فقد كنت مبتدئه في اعطاء الحقن،ولدي فوبيا فظيعه لهذا الامر،والمرأه كبيره في السن،لم أرد أن تكون أول تجربه لي في هذا البلد لسيده في هذا العمر،ربما أقضي عليها فتكون لي فاتحة شؤم في أول أيامي لممارسة هذه المهنه...
بدأت بالاعتذارعن القيام بتلك المهمه الصعبه موضحه لها اني لم أحقن احدا عمليا بعد،ولازلت في مرحلة التدريب،لكنها أصرت بأنها لن تأخذها عند صيدلي،قالت لي الست صيدلانيه حقا،قلت لها بل أنا كذلك،قالت:اذا خذيها لي،خلص جربي في أنا رضيانه شو ما صار...
عبثا حاولت اقناعها بالعدول عن تلك الرغبه الانتحاريه دون جدوى،اذا بها تعلن في عباره ختاميه:
أنا ما رح أمشي حتى تعطيني الابره....
أمام اصرارها العنيد،وأمام ضحكات العامل لدي ،سلمت أمري واستعنت بالله،أخذت السيرنغ بيدي الحلوتين اللتين ترتجفان،سألتها للمرة الأخيره:حضرتك متأكده؟ ضحكت ظنا منها اني أتمتع بحس دعابه مرهف!!
توكلت على الله وأخذت أسترجع ما تعلمته نظريا عن كيفية أخذ الحقن وأردد في نفسي: في الربع الوحشي للفخذ،عمودي على الجلد فتحة السن للأعلى...بسم الله الرحمن الرحيم...
الحمد لله انتهى الأمر،انني أشعر بألم الوخذ وكأن الابره قد اخترقت جلدي أنا وليس هي،قلت لها: فيها العافيه ان شا الله وأنا أتصبب عرقا،كأني خارجه لتوي من معركه،واذ بها ترد علي ردا بليغا للغايه...ممممممم.....فابتسمت ببلاهه وأنا اسألها ان كنت آلمتها!!؟ردت بالنفي التام وهذا غريب!!!ثم رحلت بعد أن شكرتني وهذا هو الأغرب
جلست على المقعد وأنا أشعر بتعب شديد كأني كنت في سباق طويل...الغريب انني لم أعد أرى هذه السيده بعدها ابدا،رغم ان علبة الحقن التي أحضرتها معها ذلك اليوم تحوي عشرة حقن،حتى هذا اليوم لم أعرف شيئا عن مصيرها بعد هذه الحقنه،لكني متأكده أنها لم تمت،لأن لو حصل لها مكروه،لكنت قضيت بقية تمريني في السجن.....فحمدا لله
لمياء