والعقل هو القدرة على التفكير ، اي قدرة الانسان المودعة فيه من الله عز وجل، على الاحساس بالواقع وبالتالي نقله عبر الحواس الى الدماغ ثم تفسيره بما عند الانسان من معلومات سابقة معطاة له ممن قبله، او مكتسبة له بالبحث والخبرة والاطلاع والتجاريب .
وحتى يستقيم العقل وينضبط تفكيره لا بد من ان يبنى على قاعدة فكرية تؤهله للنظر، وتكون هي قاعدته التي ينطلق منها للتفكير وعلى اساسها يستقريء ويستنبط الافكار والمعالجات الفكرية حيال الاحداث والوقائع، و تكون هي منظاره الذي ينظر به ويرى الوجود من خلاله..
وهذه القاعدة الفكرية او المكون العقلي للانسان، هي ما نسميه العقيدة، و التي بها وعلى اساسها يقاس الفكر، وبها او عليها يبنى... وعلى اساسها ينظر العقل. قال الله تعالى واصفا عقيدة الاسلام، الدين الذي ارتضاه تعالى للانسانية وبعث به محمدا صلى الله علبه وسلم للبشرية كافة..:- ((الله نور السموات والارض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كانها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية..) من سورة النور- فهي عقيدة انسانية لا غربية ولا شرقية تنظر للانسان كانسان واحد من اصل وجذر واحد وجنس واحد، ولا تفرق بين بني هذا الجنس لا بلون ولا بلسان ولا بسكنى مكان، وهو سبحانه خالقهم وربهم الواحد الذي خلقهم جميعا لعبادته وطاعته ..((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً{1}النساء1.).
حيث لا يستقر الانسان ولا يهدأ ويبقى مضطرب النفس مشتت الفكر، الا اذا حلت له هذه العقدة، وتكون اجابتها هي منظاره وقاعدته الفكرية وعقيدته التي منها وبها ينظر للحياة وموجوداتها و على اساسها يبني افكاره و ينبثق عنها او يبنى عليها مبدؤه ، فتنطلق مسيرته في هذا الكون على خطى ثابتة ونقطة انطلاق متينة. ومن هنا جاءت عقيدة الاسلام تقول له وحاسمة لكل اسئلته وحالة له عقدته الكبرى = لااله الا الله ..اي لاخالق موجد ولا مدبر للكون الا الله الخالق المدبر لكل الوجود ومافيه وفق حكمته وخبرته ولطفه بمن وبما خلق..
فلا يكون لك سعادة ولا طريق استقامة الا بتدبيره سبحانه، ووفق = محمد رسول الله - الذي ارسله لك بالهداية لتهتدي للاستقامة ويكون لك قدوة واسوة حسنة وهاديا لك على تدبيره سبحانه الذي رضيه لك، لينسجم وجودك مع بقية مفردات هذا الوجود، الذي استقام بنور الله وهديه وسننه، فلا تكون شاذا في الوجود ولا نشازا في الخلق والايجاد. فانظر الى النجوم والكواكب فان ما شذ منها او خرج عن مساره المرسوم له تكون نهايته الاحتراق، فلا تحرق نفسك ايها الانسان، بالمعصية والضلال والشذوذ عن منهج ربك، الذي اختاره لك وارسل به نبيك بشيرا ونذيرا ورحمة للناس كافة، ليخرجهم من ظلمات ومتاهات وحيرة العقول، الى نور المعرفة والحق والحقيقة، لتكون المجتمع الانساني الطاهر الواحد الموحد والموحد لله الواحد، والمتاخي فيه جنس بني الانسان، و المسلم ارادته لربه وعلى منهجه، وليس وفق الهوى ولا بتعدد قواعد الرؤى، فاذا توحدت الرؤيا توحدت المسيرة واتجهت وجهتها الصحيحة، واذا توحدت المقاييس امنت الحياة وعمها الود والوئام، وانتشر في ربوع الارض السلام والامن والطمأنينة،
وسادتها قيم الرقي والحضارة، وفرغت البشرية لبناء المدنية، لتصنع من الارض نموذجا من نماذج الجنة التي وعد المتقون، ليؤهلوا لدخول الجنة دار السلام بسلام. ((يا ايها الذين امنوا استجيبوا لله وللرسول اذا دعاكم لما يحييكم واعلموا ان الله يحول بين المرء وقلبه وانه اليه تحشرون)الانفال24.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في 2021-01-21, 3:57 am عدل 1 مرات