بسم الله الرحمن الرحيم
ما معنى اصول الفقه في اللغة والاصطلاح؟
(اصول الفقه): لفظ مركب من كلمتين، اصول، وهي جمع اصل، والاصل اساس الشيء الذي يستند بناءه عليه حسيا او معنويا، كالقبائل مثلا اصول العشائر، والجماجم اصول القبائل، والنبع اصل النهر، وكالجذع او الجذور للشجرة التي فروعها منشعبة منها أغصانها، قال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ} [ابراهيم:24] . و الاصل هو كل ما يبتنى عليه سواءا كان الابتناء حسيا كابتناء الجدران على الاساس، او معنويا كابتناء المعلول على العلة. وتطلق كلمة الاصل في اصطلاحات الفقهاء لتشمل اربعة معاني وهي :-
1. الدليل: كقولهم، أصل هذه المسألة الكتاب والسنة، ومنه أيضا أصول الفقه، أي أدلته.
2. الرجحان: كقولهم: الأصل في الكلام الحقيقة، أي الراجح عند السامع والمتبادر إلى ذهنه هو الحقيقة لا المجاز.
3. القاعدة المستمرة: كقولهم: إباحة الميتة للمضطر على خلاف الأصل، أي على خلاف القاعدة المستمرة.
4. الصورة التي قيس عليها: وهي أحد أركان القياس، إذ لا بد فيه من أصل يقاس عليه، وفرع يلحقه حكم الأصل.
والفقه هو دقة الفهم او الفهم الدقيق العميق.الذي به يتوصل الى حقيقة المراد من الكلام وما يحمله الكلام من اوجه. و في الاصطلاح: فهو العلم بالأحكام، الشرعية، العملية، المتعلقة بافعال العباد، المكتسب، من أدلتها التفصيلية.
وقد اصبحت كلمة " أصول الفقه " لقبا لفن مخصوص وهو: «منهج الاستدلال الفقهي» حسب الاصول والقواعد المعتبرة والمقررة عند اهل المذهب ومجتهديه، فنقول اصول المالكية او الاحناف او الشافعية او الحنابلة او غيرهم ، و أصول الفقه علم جليل القدر، بالغ الأهمية، غزير الفائدة، وفائدته: التَّمَكُّن من حصول قدرة يستطيع بها استخراج الأحكام الشرعية من أدلتها على أسس سليمة. وتكوين العقلية الاجتهادية لدى المسلم اللبيب الذي يحذقه ويتقنه، فتتكون لديه الملكة الفقهية التي بها يستطيع النظر في النصوص واستخراج الاحكام واستنباطها منها . وأما غايته فهي: الوصول إلى الأحكام الشرعية من الأدلة التفصيلية بواسطته.
على معنى انه لا بد من العلم به لنستفيد الحكم الشرعي من الدليل التفصيلي، لأن الدليل الاجمالي وحده قد لا يفيد، فلا بد من الدليل التغصيلي لنصل إلى النتيجة.كقوله تعالى: (ذلك الكتب لاَ رَيْبَ فِيْهِ ) نكرة في سياق النفي، والنكرة في سياق النفي تفيد العموم، إذن فقوله ( لا ريب ) عام لجميع أنواع الريب، فلا يوجد أي نوع منها في القرآن. فافاد العموم هنا مقصده وهو نفي الريب عن عموم اي ولفظ القران. وكقوله تعالى (واذا حللتم فاصطادوا )ولم يرتب على ذلك ثوابا ولا عقابا فعلمنا هنا ان الامر جاء بعد الحظر، فانما يكون للافادة لاباحة والاذن وازالة الحظر، لانه كان محظورا بالاحرام ،وكذا في قوله (( وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ) فعلم منه اباحة الاكل و الشرب للصائم من بعد تحقق الغروب الى وقت تحقق دخول الفجر الصادق ثم استئناف الصيام الى تحقق الغروب،وكذا كقوله تعالى ( أقيموا الصلاة ) أمر بإقامتها، إلا أننا لا نعرف ما المراد بالأمر، هل هو الوجوب أو غيره، فإذا عرفنا أن اقامتها رتب عليها الثواب وان تركها رتب عليه العقاب علمنا ان الامر هنا للوجوب فتبين لنا من المثال انه لا بد من ا لدليل الإجمالي والدليل التفصيلي، وإلا لما وصلنا إلى الحكم الشرعي،وبهذا نعلم أنه لولا الأصول لما عرفت الأحكام.
وبسبب الجهل بالأصول ضل كثير من الناس، فأحلوا الحرام، وحرموا الحلال، ظناً منهم بأن، معرفة ا لدليل الاجمالي دون التفصيلي كافية جهلاً وغروراً .
فلو أنهم عرفوا أصول الفقه لأعرضوا عن كثير مما افتروا به على شرع الله بجهلهم،ولأمسكوا كثيراً من سهامهم التي يفوقونها لأئمة هذا الدين بغرورهم .فلذلك قالوا من :" من حُرم الأصول حُرم الوصول " .
فلا يمكن أن نصل إلى العلوم إلا بأصولها وقواعدها.
وموضوعه: أدلة الفقه الإجمالية، وما يتوصل به إلى الأدلة وطرق الاستدلال. فهو مباحث تشمل الامور التالية:-الأول: دلائل الفقه الإجمالية.
والثاني: كيفية الاستفادة منها.
والثالث: حال المستفيد وصفته. فلذلك وجدنا شروط المجتهد واصناف المجتهدين هي من مباحث هذا العلم.فاصول الفقه ونتاجها الفقه هو علم الدين والدين لا يؤخذ عن فاسق ولا عن جاهل ولا عن مجهول الحال ... وهذا ما يجب ان نتنبه اليه خاصة في عصر الدجاجلة وتجار الدين والفتاوى !!!
ولذلك قالوا: أصول الفقه، ولم يقولوا: أصل الفقه.والخلاصة ان اصول الفقه علم وهو«علم يدرس أدلة الفقه الإجمالية، وما يتوصل به إلى الأدلة، وطرق استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها، والاجتهاد والاستدلال وحال المستفيد». وبناء على ماسبق نستطيع القول بان علم اصول الفقه هو العلم بالقواعد الكلية والادلة القطعية وطرق الاستدلال من اهله التي يستنبط بهاالاحكام الشرعية من ادلتها التفصيلية. فهو ما يبنى عليه الفقه وبه يكون ويحصل.
ويجب ان يرافق طالب هذا العلم العلم باللغة ومعانيها، وعلم فقه اللغة واساليب الكلامـ لان البحث في امور الاستنباط مباحث في النصوص الشرعية، والتي لا تفقه الا بتراكيب العربية واصولها، واساليب اهلها في الكلام والتعبير والوضع اللغوي، ثم معرفة اسباب النزول ومناسبات التشريع و ورود النص التشريعي فيها، فهي مهمة جدا في تحديد توجيه النص و الاستدلال، ومعرفة الناسخ من المنسوخ، وغير ذلك من العلوم المساعدة، وعلى راس العلوم تقوى الله العظيم ومخافته واخلاص النية في الطلب لله تعالى، لان طالب العلم الشرعي انما يبحث دوما عن مراد الله تعالى واتباع ما يرضيه سبحانه، ليعبد الله على علم وليطيعه على بينة لقوله تعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم) وراس الامر التقوى (.. واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم).والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في 2021-10-20, 2:01 am عدل 1 مرات