1- سلسلة الشرك والتوحيد ضدان (1)
الحلقة الاولى
الشرك في اللغة من اشركه في الامر اي قرنه في الطلب وفي المغنم والمغرم فهو شريك وما بينهما يسمى شراكة وشركة، ومنه قوله تعالى على لسان سيدنا موسى : (وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) [طه: 32] اي اجعله شريكا لي فيه .
وقال الرّاغب الاصفهاني في مفرداته: الشّركة والمشاركة: خلط الملكين، وقيل: أن يوجد شيء لاثنين فصاعدا، عينا كان ذلك الشّيء أو معنى، يقال: شركته، وأشركته وشاركته، وتشاركوا، واشتركوا في كذا، والشّريك: المشارك، وجمعه شركاء وأشراك مثل شريف وشرفاء وأشراف، والمرأة شريكة، والنّساء شرائك، والمشرك من أشرك باللّه تعالى، أي جعل له شريكا في ملكه، والمشركون في قوله تعالى: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ) [التوبة: 5] أكثر الفقهاء يحملونه على الكفّار جميعا.
ومرجع مادة الشرك الى الخلط والضم والمساهمة في الامر العيني او المعنوي ( أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ )4الاحقاف.
الشرك اصطلاحا: -
قال المناويّ في كتابه التوقيف: الشّرك إمّا أكبر، وهو إثبات الشّريك للّه تعالى، أو أصغر وهو مراعاة غير اللّه في بعض الأمور .
وعرّفه الذهبي رحمه الله بقوله: هو أن تجعل لله نداً، وهو خلقك، ويمكن القول بأن الشرك في الشرع هو أنْ يصرف العبدُ شيئاً من أنواع العبادة لغير الله تعالى من أصنام أو أوثان، أو أشجار، أو أحجار، أو إنس، أو جن، أو قبور، أو أجرام سماوية، أو قوى طبيعية، أو غير ذلك.
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة الشرك وعظم جرمه، ففي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أيُّ الذنبِ أعظم عند الله؟ قال: "أن تجعل لله نداً وهو خلقك.." فالمشاركة تقتضي المحاصصة والمناددة. ومن هنا يتبين لنا أن من صرف شيئاً من أنواع العبادة كالدعاء والذبح والنذر والصلاة والاستغاثة والخوف والرجاء والتوكل او اسند شيئا من امور التدبير والعناية كاتشريع مثلا ونحوها، لغير الله تعالى فقد أشرك بالله عز وجل.
ولو عدنا الى تاريخ نشوء الشرك في البشرية لوجدنا استزلال الشيطان للعقل البشري بادخال الوهم والظن عليه وعلى منهج تفكيره . فكما اوهم الشيطان ابوينا واستزلهما ليقعا لافي معصية الله تعالى تحت تاثير الوهم بالخلود وتحت تاثير المقاسمة والايمان فصدقاه فاخرجهما من الجنة وهبطا الى الارض، وكذلك يوم لعنه الله وتوعد بان يقعد لهما ولذرياتهما الصراط المستقيم ليثني او يزحزح بني البشر عنه، فادخل على العقل البشري في فترت الفترة، وغياب الرسل الهداة على البشر يوم كادوا ان يهتدوا بالعقل وسلموا بوجوب وجود واجب الوجود جل وعلا ، الا انه زين لهم البحث في ماهيته وكيفيته وصورته ، ويظهر هذا جليا لكل من يطلع على الفلسفة الاغريقية ومباحثها،
فلما زين لهم بحث ما وراء الطبيعة لم يجدوا لذلك سبيلا الا الخيال وتصوراته التي انحطت بالفكر والعقل ، وهبطت به ليخلد الى الارض فقالوا بنظرية قياس الغائب على الحاضر، فقاسوا الاله عز وجل على انفسهم وعلى المخلوقات ، فافترضوا له التكاثر والتزاوج والتوالد، واعتبروا ذلك عالما علويا وهم عالم سفلي ، بل اسوأ من ذلك ذهب بهم الخيال الواهم الى اعتبار ذلك المجتمع الالهي او مجتمع الالهة مجتمعا متصارعا متحاربا ، يقتتلون فيه الالهة المزعومة المتخيلة من اجل الاهة حسناء، وهكذا بدأ الشرك المفلسف يدب في الارض وبدات افكاره ومفاهيمه ومضامينها تتفشى في بني البشر، حتى بلغ الامر باهل رسالات التوحيد من قلنا بالتأثر بسقطاتهم وفكرهم الذي هبط بالانسان والانسانية وانحدر بالبشرية الى اسفل سافلين، وقد اشار القران الكريم كما قال بعض اهل العلم والتفسير الى ذلك بقوله تعالى في سورة التوبة :-(وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ۖ ذَٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ ۖ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۚ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ (30) اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَٰهًا وَاحِدًا ۖ لَّا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31). واكتفي اليوم بهذا القدر ولنا ان شاء الله تعالى لقاء اخر لنكمل هذا البحث مستعينين بالله تعالى الواحد الاحد وطالبين منه العون والمدد اللّهمّ، إنّا نسألك صحّة التّوحيد والإخلاص في الإيمان، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحلقة الاولى
الشرك في اللغة من اشركه في الامر اي قرنه في الطلب وفي المغنم والمغرم فهو شريك وما بينهما يسمى شراكة وشركة، ومنه قوله تعالى على لسان سيدنا موسى : (وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) [طه: 32] اي اجعله شريكا لي فيه .
وقال الرّاغب الاصفهاني في مفرداته: الشّركة والمشاركة: خلط الملكين، وقيل: أن يوجد شيء لاثنين فصاعدا، عينا كان ذلك الشّيء أو معنى، يقال: شركته، وأشركته وشاركته، وتشاركوا، واشتركوا في كذا، والشّريك: المشارك، وجمعه شركاء وأشراك مثل شريف وشرفاء وأشراف، والمرأة شريكة، والنّساء شرائك، والمشرك من أشرك باللّه تعالى، أي جعل له شريكا في ملكه، والمشركون في قوله تعالى: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ) [التوبة: 5] أكثر الفقهاء يحملونه على الكفّار جميعا.
ومرجع مادة الشرك الى الخلط والضم والمساهمة في الامر العيني او المعنوي ( أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ )4الاحقاف.
الشرك اصطلاحا: -
قال المناويّ في كتابه التوقيف: الشّرك إمّا أكبر، وهو إثبات الشّريك للّه تعالى، أو أصغر وهو مراعاة غير اللّه في بعض الأمور .
وعرّفه الذهبي رحمه الله بقوله: هو أن تجعل لله نداً، وهو خلقك، ويمكن القول بأن الشرك في الشرع هو أنْ يصرف العبدُ شيئاً من أنواع العبادة لغير الله تعالى من أصنام أو أوثان، أو أشجار، أو أحجار، أو إنس، أو جن، أو قبور، أو أجرام سماوية، أو قوى طبيعية، أو غير ذلك.
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة الشرك وعظم جرمه، ففي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أيُّ الذنبِ أعظم عند الله؟ قال: "أن تجعل لله نداً وهو خلقك.." فالمشاركة تقتضي المحاصصة والمناددة. ومن هنا يتبين لنا أن من صرف شيئاً من أنواع العبادة كالدعاء والذبح والنذر والصلاة والاستغاثة والخوف والرجاء والتوكل او اسند شيئا من امور التدبير والعناية كاتشريع مثلا ونحوها، لغير الله تعالى فقد أشرك بالله عز وجل.
ولو عدنا الى تاريخ نشوء الشرك في البشرية لوجدنا استزلال الشيطان للعقل البشري بادخال الوهم والظن عليه وعلى منهج تفكيره . فكما اوهم الشيطان ابوينا واستزلهما ليقعا لافي معصية الله تعالى تحت تاثير الوهم بالخلود وتحت تاثير المقاسمة والايمان فصدقاه فاخرجهما من الجنة وهبطا الى الارض، وكذلك يوم لعنه الله وتوعد بان يقعد لهما ولذرياتهما الصراط المستقيم ليثني او يزحزح بني البشر عنه، فادخل على العقل البشري في فترت الفترة، وغياب الرسل الهداة على البشر يوم كادوا ان يهتدوا بالعقل وسلموا بوجوب وجود واجب الوجود جل وعلا ، الا انه زين لهم البحث في ماهيته وكيفيته وصورته ، ويظهر هذا جليا لكل من يطلع على الفلسفة الاغريقية ومباحثها،
فلما زين لهم بحث ما وراء الطبيعة لم يجدوا لذلك سبيلا الا الخيال وتصوراته التي انحطت بالفكر والعقل ، وهبطت به ليخلد الى الارض فقالوا بنظرية قياس الغائب على الحاضر، فقاسوا الاله عز وجل على انفسهم وعلى المخلوقات ، فافترضوا له التكاثر والتزاوج والتوالد، واعتبروا ذلك عالما علويا وهم عالم سفلي ، بل اسوأ من ذلك ذهب بهم الخيال الواهم الى اعتبار ذلك المجتمع الالهي او مجتمع الالهة مجتمعا متصارعا متحاربا ، يقتتلون فيه الالهة المزعومة المتخيلة من اجل الاهة حسناء، وهكذا بدأ الشرك المفلسف يدب في الارض وبدات افكاره ومفاهيمه ومضامينها تتفشى في بني البشر، حتى بلغ الامر باهل رسالات التوحيد من قلنا بالتأثر بسقطاتهم وفكرهم الذي هبط بالانسان والانسانية وانحدر بالبشرية الى اسفل سافلين، وقد اشار القران الكريم كما قال بعض اهل العلم والتفسير الى ذلك بقوله تعالى في سورة التوبة :-(وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ۖ ذَٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ ۖ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۚ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ (30) اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَٰهًا وَاحِدًا ۖ لَّا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31). واكتفي اليوم بهذا القدر ولنا ان شاء الله تعالى لقاء اخر لنكمل هذا البحث مستعينين بالله تعالى الواحد الاحد وطالبين منه العون والمدد اللّهمّ، إنّا نسألك صحّة التّوحيد والإخلاص في الإيمان، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.