السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من استعمالات الصناعات اللغوية
الهُيامُ: داء يأْخذ الإِبلَ فتَهِيم في الأَرضِ لا ترعى، و هو مرض يصيب الابل يجعلها تطلب الماء وتشربه فلا تروى، ولا ترعى، فلذلك شبه الله تعالى حال اهل النار في الشرب كحال الابل الهائمة، اي التي اصابها داء الهيام، فتشرب ولا تحس بالارتواء مهما شربت: { ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ(51) لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (52) فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (53) فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنْ الْحَمِيمِ (54) فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (55) هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ(56)} الواقعة
واُستعمل لفظ الهيام واطلق على من اخذ عقله العشق والهوى فهام على وجهه كالمجنون لا يدري ماذا يفعل ، ومنه اُخذ معنى الهيام للتائه الحائر والمخالف في فعله وفكره للمقصد، فيقال له هائم، كما ويطلق على كثبان الرمل التي لا ترتوي من ماء السماء في الصحراء.
وقد اطلق في القران على الشعراء بصيغة الفعل فقال :- وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا ۗ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ (227 الشعراء). ولفهم النص فلا بد من معرفة الواقع الذي نزل فيه، فلقد كان الشعر هو وسيلة الاعلام والتدوين عند العرب لسرعة ويسر حفظه ويسر نقله ونشره وذيوع امره، وكان الشعراء هم من يدون الحوادث، ويضفي عليها المدح والتكريم، اوالذم و الوضاعة، فيزينون باطلا بالهوى فيمدحونه،÷ ويصدون عن حق بالهوى فيذمونه، فهم كانوا بمثابة الماكنة الاعلامية فيما سلف من عصور، بما يمتلكون من ملكات لغوية تمكنهم من استعمال وجوه اللغة واساليبها في التاثير في السامع والمتلقي، وتجعل و تمنح لهم القدرة ليوظفوها في خدمة اغراضهم الشعرية الاعلامية والدعائية.
قال الراغب الاصفهاني :- (ألم تر أنهم في كل واد يهيمون) أي: في كل نوع من الكلام يغلون في المدح والذم، وسائر الأنواع المختلفات. وقال الطبري :- وقوله : ( ألم تر أنهم في كل واد يهيمون ) : قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : في كل لغو يخوضون . وقال الضحاك عن ابن عباس : في كل فن من الكلام . وكذا قال مجاهد وغيره . وقال الحسن البصري : قد - والله - رأينا أوديتهم التي يهيمون فيها ، مرة في شتمة فلان ، ومرة في مدحة فلان . وقال قتادة : الشاعر يمدح قوما بباطل ، ويذم قوما بباطل .
ونلتفت هنا الى من يُشغل واقع الشعراء سابقا في ايامنا هذه، ويحتل مكانتهم ، فنجد انهم الكتاب والادباء والصحفيين و الاعلاميين بشكل عام، فهم من يتبوؤن الصدارة في مخاطبة الناس، وحلوا محل الشعراء في نقل الاحداث وتدوين الحادثات وتوجيه الراي العام، ونشر ما يخطط لهم نشره او يطلب منهم، وغالبا تكسبا لفتات لقمة عيش يلقي بها المترفون لهم.
وهنا نقول لهم انظروا ماذا سبق هذه الايات التي سقناها من سورة الشعراء،تجدون قول الله عز وجل:- (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَىٰ مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَىٰ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (222الشعراء) ، فاحذروا ان يلق احدكم ربه افاكاً مزينا للباطل مجانبا للحق اثيماً مروجا للاثام، متلقيا عن الشياطين و بوقا لها . فكما ان الدال على الخير كفاعله، فكذلك الدال على الشر كصانعه، بل وزيادة، فقد روى الامام مسلم في صحيحه عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا ، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ . وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا ، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ ) .
وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إنَّ الْعَبْد لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمةِ مَا يَتَبيَّنُ فيهَا يَزِلُّ بهَا إِلَى النَّارِ أبْعَدَ مِمَّا بيْنَ المشْرِقِ والمغْرِبِ. متفقٌ عليهِ
ونسال الله تعالى لنا ولكم العفو والعافية والمعافاة الدائمة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من استعمالات الصناعات اللغوية
الهُيامُ: داء يأْخذ الإِبلَ فتَهِيم في الأَرضِ لا ترعى، و هو مرض يصيب الابل يجعلها تطلب الماء وتشربه فلا تروى، ولا ترعى، فلذلك شبه الله تعالى حال اهل النار في الشرب كحال الابل الهائمة، اي التي اصابها داء الهيام، فتشرب ولا تحس بالارتواء مهما شربت: { ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ(51) لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (52) فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (53) فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنْ الْحَمِيمِ (54) فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (55) هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ(56)} الواقعة
واُستعمل لفظ الهيام واطلق على من اخذ عقله العشق والهوى فهام على وجهه كالمجنون لا يدري ماذا يفعل ، ومنه اُخذ معنى الهيام للتائه الحائر والمخالف في فعله وفكره للمقصد، فيقال له هائم، كما ويطلق على كثبان الرمل التي لا ترتوي من ماء السماء في الصحراء.
وقد اطلق في القران على الشعراء بصيغة الفعل فقال :- وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا ۗ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ (227 الشعراء). ولفهم النص فلا بد من معرفة الواقع الذي نزل فيه، فلقد كان الشعر هو وسيلة الاعلام والتدوين عند العرب لسرعة ويسر حفظه ويسر نقله ونشره وذيوع امره، وكان الشعراء هم من يدون الحوادث، ويضفي عليها المدح والتكريم، اوالذم و الوضاعة، فيزينون باطلا بالهوى فيمدحونه،÷ ويصدون عن حق بالهوى فيذمونه، فهم كانوا بمثابة الماكنة الاعلامية فيما سلف من عصور، بما يمتلكون من ملكات لغوية تمكنهم من استعمال وجوه اللغة واساليبها في التاثير في السامع والمتلقي، وتجعل و تمنح لهم القدرة ليوظفوها في خدمة اغراضهم الشعرية الاعلامية والدعائية.
قال الراغب الاصفهاني :- (ألم تر أنهم في كل واد يهيمون) أي: في كل نوع من الكلام يغلون في المدح والذم، وسائر الأنواع المختلفات. وقال الطبري :- وقوله : ( ألم تر أنهم في كل واد يهيمون ) : قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : في كل لغو يخوضون . وقال الضحاك عن ابن عباس : في كل فن من الكلام . وكذا قال مجاهد وغيره . وقال الحسن البصري : قد - والله - رأينا أوديتهم التي يهيمون فيها ، مرة في شتمة فلان ، ومرة في مدحة فلان . وقال قتادة : الشاعر يمدح قوما بباطل ، ويذم قوما بباطل .
ونلتفت هنا الى من يُشغل واقع الشعراء سابقا في ايامنا هذه، ويحتل مكانتهم ، فنجد انهم الكتاب والادباء والصحفيين و الاعلاميين بشكل عام، فهم من يتبوؤن الصدارة في مخاطبة الناس، وحلوا محل الشعراء في نقل الاحداث وتدوين الحادثات وتوجيه الراي العام، ونشر ما يخطط لهم نشره او يطلب منهم، وغالبا تكسبا لفتات لقمة عيش يلقي بها المترفون لهم.
وهنا نقول لهم انظروا ماذا سبق هذه الايات التي سقناها من سورة الشعراء،تجدون قول الله عز وجل:- (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَىٰ مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَىٰ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (222الشعراء) ، فاحذروا ان يلق احدكم ربه افاكاً مزينا للباطل مجانبا للحق اثيماً مروجا للاثام، متلقيا عن الشياطين و بوقا لها . فكما ان الدال على الخير كفاعله، فكذلك الدال على الشر كصانعه، بل وزيادة، فقد روى الامام مسلم في صحيحه عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا ، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ . وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا ، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ ) .
وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إنَّ الْعَبْد لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمةِ مَا يَتَبيَّنُ فيهَا يَزِلُّ بهَا إِلَى النَّارِ أبْعَدَ مِمَّا بيْنَ المشْرِقِ والمغْرِبِ. متفقٌ عليهِ
ونسال الله تعالى لنا ولكم العفو والعافية والمعافاة الدائمة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.