كيف نجحت سنغافورة وتايوان وهونغ كونغ في مكافحة كورونا؟
في الوقت الذي تكافح فيه الدول الغربية لكبح انتشار وباء كورونا السريع، توفر إستراتيجية سنغافورة، المتمثلة في التحرك بسرعة لتعقب الحالات المشتبه فيها واختبارها، تقدم نموذجًا لمنع انتشار الوباء، حتى لو لم تستطع القضاء تمامًا على العدوى.
تركز الفرق الطبية في سنغافورة لمدة ساعتين على الكشف عن التفاصيل الأولى حول كيفية إصابة المرضى بفيروس كورونا والأشخاص الذين قد تنتقل العدوى إليهم.
ومن خلال عمل تحريات مفصلة، وجد المتتبعون الحكوميون، مجموعة من المطربين المتحمسين الذين أصيبوا، ونشروا الفيروس إلى أسرهم ثم إلى صالة رياضية وكنيسة، مما شكل أكبر تركيز للحالات في سنغافورة.
نستبق الفيروس
وقال ”فيرنون لي“، مدير قسم الأمراض المعدية في وزارة الصحة بسنغافورة: ”نريد أن نستبق الفيروس. وإذا طاردت الفيروس، فستظل دائمًا تتعقبه“.
ووفقًا لصحيفة ”نيويورك تايمز“ الأمريكية، تقدم سنغافورة وتايوان وهونج كونج، نماذج لمبادرات ناجحة حتى الآن، في مكافحة الوباء الذي أصاب أكثر من 182 ألف شخص وقتل ما لا يقل عن 7300 شخص في جميع أنحاء العالم. فعلى الرغم من إصابتها بالفيروس قبل شهور، لم تسجل هذه المجتمعات الآسيوية الثلاث سوى عدد قليل من الوفيات وحالات إصابة قليلة نسبيًا، على الرغم من أنها لا تزال تواجه المخاطر حيث يحمل الأشخاص من بؤر المرض في الولايات المتحدة وأوروبا وأماكن أخرى الفيروس معهم.
ولأن تقديم العلاج مبكرا هو المفتاح، يتم تنسيق تتبع العدوى وفرض الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي من قِبل قيادة راغبة في التصرف بسرعة وشفافية.
وفي سنغافورة، يتم نشر تفاصيل المكان الذي يعيش ويعمل ويلعب فيه المرضى بسرعة عبر الإنترنت، مما يسمح للآخرين بحماية أنفسهم. ويتم عزل كل من تواصل مع المرضى عن قرب للحد من الانتشار، وعززت الحكومة حدودها هذا الأسبوع للحماية من موجة جديدة من الإصابات المستوردة.
وبعض هذه الدروس متأخرة للغاية بالنسبة للولايات المتحدة وأوروبا، حيث تنتشر العدوى بينما تؤخر بعض الحكومات ردود أفعالها وتناقشها.
هذا وتم بناء أنظمة المراقبة اليقظة في سنغافورة وتايوان وهونغ كونغ على مدى سنوات بعد فشلها في وقف تفشي سارس قبل 17 عامًا، بينما قامت الولايات المتحدة بحل وحدة الاستجابة للأوبئة في عام 2018.
عيادات للأوبئة
وهناك أيضًا سؤال حول كيفية تكرار نماذج المراكز الآسيوية الأصغر في البلدان الغربية الكبيرة حيث قد ينزعج الناس عند استخدام كاميرات المراقبة أو سجلات الهجرة بحجة صحة الأمة، حيث تنتهك جهود السيطرة على المرض الحريات الفردية، وهو أمر قد تكون سنغافورة أكثر تقبلا له.
وقالت ”لاليثا كوروباتام“، نائبة مدير قسم الأمراض المعدية في سنغافورة: ”ربما يكون ذلك بسبب سياقنا الآسيوي ، لكن مجتمعنا مهيأ لهذا نوعًا ما. سنستمر في القتال ، لأن العزل والحجر الصحي ينجحان.“
أمضت سنغافورة الغنية والمنظمة سنوات في بناء نظام صحي عام يشمل عيادات مخصصة للأوبئة والرسائل الرسمية التي تحث الجمهور على غسل أيديهم أو العطس في المناديل خلال موسم الأنفلونزا، ويمنح قانون الأمراض المعدية الدولة السلطة على تحديد أولويات الصالح العام قبل مخاوف الخصوصية.
وقالت ”كوروباتام“: ”خلال فترة السلم، نخطط لوباء مثل هذا“، وبصفتها زعيمة برنامج تتبع العدوى في سنغافورة ، كانت كوروباتام تعمل لمدة 16 ساعة يوميا لمدة شهرين على احتواء العدوى في الجزيرة الصغيرة التي تعتبر كل رحلاتها دولية“.
وفي الأيام الأولى من تفشي المرض، كانت سنغافورة معرضة بشدة لعدد كبير من سكان الصين الذين وصلوا خلال عطلة رأس السنة القمرية الجديدة.
وعكس تسجيل عشرات الحالات المؤكدة في سنغافورة في يناير فوائد توافر الاختبارات وإتاحته مجانًا، وعلى الرغم من أن العديد من الحالات كانت خفيفة ومن الصعب رصدها، إلا أن سنغافورة كانت تسابق الزمن لوقف انتشار العدوى محليا.
وقالت ”لينفا وانغ“ مدير برنامج الأمراض المعدية الناشئة في كلية الطب بجامعة ديوك الوطنية بسنغافورة: ”حتى تطور الوضع في إيطاليا وكوريا وإيران، كانت سنغافورة هي الأكثر تضررا خارج الصين، ولكن ذلك لم ينعكس على مشاعر الشعب لأن الحكومة كانت تتعامل بشفافية للغاية، ولأن هذا الرقم عنى أنهم ناجحون في تعقب كل حالة وعزلها“.
على الرغم من كل الذعر الذي ينتشر في جميع أنحاء العالم، لا يزال معظم السنغافوريين لا يرتدون أقنعة، لأن الحكومة أخبرتهم أنها ليست ضرورية لسلامتهم. ولا تزال هناك وفرة من ورق التواليت، ومعظم المدارس تعمل، على الرغم من أنها تعتمد أوقاتا مختلفة للغداء لتجنب الازدحام الشديد.
وحتى مساء يوم الثلاثاء كان لدى سنغافورة 266 حالة مؤكدة. وليس هناك سوى جزء صغير فقط منها غامضا، وغير مرتبط بالسفر الخارجي مؤخرا أو بؤر العدوى المحلية المحددة مسبقًا، والتي تشمل الكنائس وعشاء خاصا، وحتى الآن غادر المستشفى حوالي 115 مريضا، ولم تسجل سنغافورة أي حالة وفاة بسبب كورونا.
التحرك بسرعة
وعندما بدأت شائعات عن وجود فيروس تنفسي غامض ينتشر في الصين في بداية العام، تحركت سنغافورة بسرعة، وكانت واحدة من أوائل الدول التي حظرت جميع المسافرين من البر الرئيسي للصين، بدءًا من أواخر يناير، وقامت باختبار درجات حرارة كل من جاء إلى البلاد.
وفي دولة يبلغ عدد سكانها 5.7 مليون نسمة، طورت سنغافورة بسرعة القدرة على اختبار أكثر من ألفي شخص يوميًا للكشف عن الفيروس التاجي، وذلك مقارنة بولاية واشنطن، وهي واحدة من أكثر الأماكن تضررا في الولايات المتحدة التي تهدف مختبراتها العامة إلى اختبار 400 عينة في اليوم.
ويعد الاختبار مجانيا في سنغافورة، وكذلك العلاج الطبي لجميع السكان المحليين، ويوجد في سنغافورة 140 متتبعا للعدوى والذين يحددون تاريخ حالة كل مريض، إلى جانب الشرطة وأجهزة الأمن.
وبعد أسابيع من التحقيق واستخدام اختبار الأجسام المضادة الجديدة التي يمكن أن تكشف الأشخاص الذين تعافوا، تمكن مسؤولو الصحة من ربط مجموعتين كنسيتين من 33 شخصًا بعشاء رأس السنة القمرية الذي حضره أعضاء من كلتا المجموعتين، ولم تظهر على الأشخاص الذين نقلوا المرض بين المجموعتين الكنيستين أي أعراض خطيرة.
ويتم وضع أي شخص تواصل عن قرب مع المرضى في الحجر الصحي الإلزامي لوقف انتشار العدوى، وتم عزل ما يقرب من 5000 شخص، أولئك الذين يتهربون من أوامر الحجر الصحي يمكن أن يواجهوا اتهامات جنائية.
ويتم اختبار جميع مرضى الالتهاب الرئوي في سنغافورة للكشف عن الفيروس التاجي، وكل من يعاني من مرض خطير، كما يتم تحديد الحالات الإيجابية في المطار والعيادات الحكومية، وفي معظم الأحيان من خلال تتبع الاتصال.
وقد تم تشكيل نظام الوباء في سنغافورة إثر تفشي السارس عام 2003، عندما توفي 33 شخصا من أصل 238 حالة مؤكدة، وكما هو الحال في هونغ كونغ، كان العاملون الطبيون من بين الضحايا في سنغافورة.
تجربة هونغ كونغ
دفعت الخسائر الفادحة في هونغ كونغ بسبب مرض السارس، والتي وصلت إلى حوالي 300 حالة وفاة، السكان في الأراضي الصينية شبه المستقلة إلى تعزيز قدراتها الوقائية من الأمراض، الأمر الذي أفادها هذه المرة، ومع تردد السلطات المحلية في البداية فيما إذا كانت ستغلق الحدود مع البر الرئيسي الصيني، بدأ الجميع تقريبًا يخزنون معقم اليدين، ووضعت مراكز التسوق والمكاتب ماسحات ضوئية حرارية.
وقال ”كووك كا كي“، وهو مشرع وطبيب في هونغ كونغ: ”إن أهم شيء هو أن لدى سكان هونغ كونغ ذكريات عميقة عن تفشي السارس، ولذلك قام كل مواطن بدوره، بما في ذلك ارتداء الأقنعة وغسل أيديهم واتخاذ الاحتياطات اللازمة، مثل تجنب الأماكن والتجمعات المزدحمة“.
وفي نهاية المطاف اعتمدت حكومة هونغ كونغ نفس مستوى الحذر الشعبي، وتم تشديد الحدود، وأًمر موظفو الخدمة المدنية بالعمل من المنزل، مما دفع المزيد من الشركات إلى أن تحذو حذوهم، وتم إغلاق المدارس في يناير، حتى نهاية أبريل على الأقل.
وتصرفت تايوان بشكل أسرع. فمثل هونج كونج وسنغافورة، كانت هناك رحلات جوية مباشرة تربط تايوان بمدينة ووهان التي نشأ فيها الفيروس، بدأ مركز قيادة الصحة الوطنية التايواني الذي تم إنشاؤه بعد أن قتل السارس 37 شخصًا في طلب فحص الركاب من ووهان في أواخر ديسمبر حتى قبل أن تعترف بكين بأن الفيروس التاجي ينتشر بين البشر.
قال ”جوزيف وو“، وزير خارجية تايوان: ”بعد أن تعلمنا درسنا من سارس، بمجرد أن بدأ تفشي المرض ، اعتمدنا نهجا كاملا“.
وبحلول نهاية يناير، علقت تايوان رحلاتها الجوية من الصين، على الرغم من نصيحة منظمة الصحة العالمية ضد ذلك، وقال ”جيسون وانغ“، مدير مركز السياسات والنتائج والوقاية في جامعة ستانفورد، إن الحكومة تبنت أيضًا سياسة جمع البيانات، ودمجت قاعدة بيانات التأمين الصحي الوطنية الخاصة بها مع معلومات الهجرة والجمارك لتتبع الحالات المحتملة.
وعندما تم اكتشاف حالات فيروس كورونا على متن سفينة ”دايموند برينسس“ بعد التوقف في تايوان، تم إرسال رسائل نصية إلى كل هاتف محمول في الجزيرة، مع سرد كل مطعم وموقع سياحي ووجهة زارها ركاب السفينة أثناء إجازتهم على الشاطئ.
وحتى يوم الثلاثاء، سجلت تايوان 77 حالة من حالات الإصابة بالفيروس، وعلى الرغم من أن النقاد قلقون من أن الاختبار ليس واسع الانتشار بما فيه الكفاية، عاد الطلاب إلى المدرسة في أواخر فبراير.
ومع تصاعد موجات جديدة من الفيروس في جميع أنحاء العالم ، يستعد مسؤولو الصحة العامة في المناطق الثلاث لمعركة أطول.
ويوم الثلاثاء، أعلنت حكومة هونغ كونغ، حيث تم وجود تأكيد 157 حالة فقط، أن الحجر الصحي الإلزامي لمدة 14 يومًا لجميع المسافرين من الخارج يبدأ في وقت لاحق من الأسبوع الجاري.
وستفرض تايوان الحجر الصحي الذاتي على الوافدين من 20 دولة وثلاث ولايات أمريكية، وحذر رئيس الوزراء السنغافوري ”لي هسين لونج“ الأسبوع الماضي من أن عدد الحالات في البلاد سيزداد بشكل حاد. وأعلنت سنغافورة عن 23 مريضاً جديداً بفيروس كورونا يوم الثلاثاء بما في ذلك 17 حالة مستوردة، وهو أعلى معدل ليوم واحد.
كما قامت الحكومة بتقييد حدودها أكثر، ويجب على الوافدين من جنوب شرق آسيا وأجزاء من أوروبا الخضوع الآن للحجر الذاتي لمدة 14 يومًا.
وقال دكتور ”لي“، رئيس قسم الأمراض المعدية في سنغافورة: ”إن العالم بقوة أضعف حلقة به، والأمراض لا تحترم الحدود“.
في الوقت الذي تكافح فيه الدول الغربية لكبح انتشار وباء كورونا السريع، توفر إستراتيجية سنغافورة، المتمثلة في التحرك بسرعة لتعقب الحالات المشتبه فيها واختبارها، تقدم نموذجًا لمنع انتشار الوباء، حتى لو لم تستطع القضاء تمامًا على العدوى.
تركز الفرق الطبية في سنغافورة لمدة ساعتين على الكشف عن التفاصيل الأولى حول كيفية إصابة المرضى بفيروس كورونا والأشخاص الذين قد تنتقل العدوى إليهم.
ومن خلال عمل تحريات مفصلة، وجد المتتبعون الحكوميون، مجموعة من المطربين المتحمسين الذين أصيبوا، ونشروا الفيروس إلى أسرهم ثم إلى صالة رياضية وكنيسة، مما شكل أكبر تركيز للحالات في سنغافورة.
نستبق الفيروس
وقال ”فيرنون لي“، مدير قسم الأمراض المعدية في وزارة الصحة بسنغافورة: ”نريد أن نستبق الفيروس. وإذا طاردت الفيروس، فستظل دائمًا تتعقبه“.
ووفقًا لصحيفة ”نيويورك تايمز“ الأمريكية، تقدم سنغافورة وتايوان وهونج كونج، نماذج لمبادرات ناجحة حتى الآن، في مكافحة الوباء الذي أصاب أكثر من 182 ألف شخص وقتل ما لا يقل عن 7300 شخص في جميع أنحاء العالم. فعلى الرغم من إصابتها بالفيروس قبل شهور، لم تسجل هذه المجتمعات الآسيوية الثلاث سوى عدد قليل من الوفيات وحالات إصابة قليلة نسبيًا، على الرغم من أنها لا تزال تواجه المخاطر حيث يحمل الأشخاص من بؤر المرض في الولايات المتحدة وأوروبا وأماكن أخرى الفيروس معهم.
ولأن تقديم العلاج مبكرا هو المفتاح، يتم تنسيق تتبع العدوى وفرض الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي من قِبل قيادة راغبة في التصرف بسرعة وشفافية.
وفي سنغافورة، يتم نشر تفاصيل المكان الذي يعيش ويعمل ويلعب فيه المرضى بسرعة عبر الإنترنت، مما يسمح للآخرين بحماية أنفسهم. ويتم عزل كل من تواصل مع المرضى عن قرب للحد من الانتشار، وعززت الحكومة حدودها هذا الأسبوع للحماية من موجة جديدة من الإصابات المستوردة.
وبعض هذه الدروس متأخرة للغاية بالنسبة للولايات المتحدة وأوروبا، حيث تنتشر العدوى بينما تؤخر بعض الحكومات ردود أفعالها وتناقشها.
هذا وتم بناء أنظمة المراقبة اليقظة في سنغافورة وتايوان وهونغ كونغ على مدى سنوات بعد فشلها في وقف تفشي سارس قبل 17 عامًا، بينما قامت الولايات المتحدة بحل وحدة الاستجابة للأوبئة في عام 2018.
عيادات للأوبئة
وهناك أيضًا سؤال حول كيفية تكرار نماذج المراكز الآسيوية الأصغر في البلدان الغربية الكبيرة حيث قد ينزعج الناس عند استخدام كاميرات المراقبة أو سجلات الهجرة بحجة صحة الأمة، حيث تنتهك جهود السيطرة على المرض الحريات الفردية، وهو أمر قد تكون سنغافورة أكثر تقبلا له.
وقالت ”لاليثا كوروباتام“، نائبة مدير قسم الأمراض المعدية في سنغافورة: ”ربما يكون ذلك بسبب سياقنا الآسيوي ، لكن مجتمعنا مهيأ لهذا نوعًا ما. سنستمر في القتال ، لأن العزل والحجر الصحي ينجحان.“
أمضت سنغافورة الغنية والمنظمة سنوات في بناء نظام صحي عام يشمل عيادات مخصصة للأوبئة والرسائل الرسمية التي تحث الجمهور على غسل أيديهم أو العطس في المناديل خلال موسم الأنفلونزا، ويمنح قانون الأمراض المعدية الدولة السلطة على تحديد أولويات الصالح العام قبل مخاوف الخصوصية.
وقالت ”كوروباتام“: ”خلال فترة السلم، نخطط لوباء مثل هذا“، وبصفتها زعيمة برنامج تتبع العدوى في سنغافورة ، كانت كوروباتام تعمل لمدة 16 ساعة يوميا لمدة شهرين على احتواء العدوى في الجزيرة الصغيرة التي تعتبر كل رحلاتها دولية“.
وفي الأيام الأولى من تفشي المرض، كانت سنغافورة معرضة بشدة لعدد كبير من سكان الصين الذين وصلوا خلال عطلة رأس السنة القمرية الجديدة.
وعكس تسجيل عشرات الحالات المؤكدة في سنغافورة في يناير فوائد توافر الاختبارات وإتاحته مجانًا، وعلى الرغم من أن العديد من الحالات كانت خفيفة ومن الصعب رصدها، إلا أن سنغافورة كانت تسابق الزمن لوقف انتشار العدوى محليا.
وقالت ”لينفا وانغ“ مدير برنامج الأمراض المعدية الناشئة في كلية الطب بجامعة ديوك الوطنية بسنغافورة: ”حتى تطور الوضع في إيطاليا وكوريا وإيران، كانت سنغافورة هي الأكثر تضررا خارج الصين، ولكن ذلك لم ينعكس على مشاعر الشعب لأن الحكومة كانت تتعامل بشفافية للغاية، ولأن هذا الرقم عنى أنهم ناجحون في تعقب كل حالة وعزلها“.
على الرغم من كل الذعر الذي ينتشر في جميع أنحاء العالم، لا يزال معظم السنغافوريين لا يرتدون أقنعة، لأن الحكومة أخبرتهم أنها ليست ضرورية لسلامتهم. ولا تزال هناك وفرة من ورق التواليت، ومعظم المدارس تعمل، على الرغم من أنها تعتمد أوقاتا مختلفة للغداء لتجنب الازدحام الشديد.
وحتى مساء يوم الثلاثاء كان لدى سنغافورة 266 حالة مؤكدة. وليس هناك سوى جزء صغير فقط منها غامضا، وغير مرتبط بالسفر الخارجي مؤخرا أو بؤر العدوى المحلية المحددة مسبقًا، والتي تشمل الكنائس وعشاء خاصا، وحتى الآن غادر المستشفى حوالي 115 مريضا، ولم تسجل سنغافورة أي حالة وفاة بسبب كورونا.
التحرك بسرعة
وعندما بدأت شائعات عن وجود فيروس تنفسي غامض ينتشر في الصين في بداية العام، تحركت سنغافورة بسرعة، وكانت واحدة من أوائل الدول التي حظرت جميع المسافرين من البر الرئيسي للصين، بدءًا من أواخر يناير، وقامت باختبار درجات حرارة كل من جاء إلى البلاد.
وفي دولة يبلغ عدد سكانها 5.7 مليون نسمة، طورت سنغافورة بسرعة القدرة على اختبار أكثر من ألفي شخص يوميًا للكشف عن الفيروس التاجي، وذلك مقارنة بولاية واشنطن، وهي واحدة من أكثر الأماكن تضررا في الولايات المتحدة التي تهدف مختبراتها العامة إلى اختبار 400 عينة في اليوم.
ويعد الاختبار مجانيا في سنغافورة، وكذلك العلاج الطبي لجميع السكان المحليين، ويوجد في سنغافورة 140 متتبعا للعدوى والذين يحددون تاريخ حالة كل مريض، إلى جانب الشرطة وأجهزة الأمن.
وبعد أسابيع من التحقيق واستخدام اختبار الأجسام المضادة الجديدة التي يمكن أن تكشف الأشخاص الذين تعافوا، تمكن مسؤولو الصحة من ربط مجموعتين كنسيتين من 33 شخصًا بعشاء رأس السنة القمرية الذي حضره أعضاء من كلتا المجموعتين، ولم تظهر على الأشخاص الذين نقلوا المرض بين المجموعتين الكنيستين أي أعراض خطيرة.
ويتم وضع أي شخص تواصل عن قرب مع المرضى في الحجر الصحي الإلزامي لوقف انتشار العدوى، وتم عزل ما يقرب من 5000 شخص، أولئك الذين يتهربون من أوامر الحجر الصحي يمكن أن يواجهوا اتهامات جنائية.
ويتم اختبار جميع مرضى الالتهاب الرئوي في سنغافورة للكشف عن الفيروس التاجي، وكل من يعاني من مرض خطير، كما يتم تحديد الحالات الإيجابية في المطار والعيادات الحكومية، وفي معظم الأحيان من خلال تتبع الاتصال.
وقد تم تشكيل نظام الوباء في سنغافورة إثر تفشي السارس عام 2003، عندما توفي 33 شخصا من أصل 238 حالة مؤكدة، وكما هو الحال في هونغ كونغ، كان العاملون الطبيون من بين الضحايا في سنغافورة.
تجربة هونغ كونغ
دفعت الخسائر الفادحة في هونغ كونغ بسبب مرض السارس، والتي وصلت إلى حوالي 300 حالة وفاة، السكان في الأراضي الصينية شبه المستقلة إلى تعزيز قدراتها الوقائية من الأمراض، الأمر الذي أفادها هذه المرة، ومع تردد السلطات المحلية في البداية فيما إذا كانت ستغلق الحدود مع البر الرئيسي الصيني، بدأ الجميع تقريبًا يخزنون معقم اليدين، ووضعت مراكز التسوق والمكاتب ماسحات ضوئية حرارية.
وقال ”كووك كا كي“، وهو مشرع وطبيب في هونغ كونغ: ”إن أهم شيء هو أن لدى سكان هونغ كونغ ذكريات عميقة عن تفشي السارس، ولذلك قام كل مواطن بدوره، بما في ذلك ارتداء الأقنعة وغسل أيديهم واتخاذ الاحتياطات اللازمة، مثل تجنب الأماكن والتجمعات المزدحمة“.
وفي نهاية المطاف اعتمدت حكومة هونغ كونغ نفس مستوى الحذر الشعبي، وتم تشديد الحدود، وأًمر موظفو الخدمة المدنية بالعمل من المنزل، مما دفع المزيد من الشركات إلى أن تحذو حذوهم، وتم إغلاق المدارس في يناير، حتى نهاية أبريل على الأقل.
وتصرفت تايوان بشكل أسرع. فمثل هونج كونج وسنغافورة، كانت هناك رحلات جوية مباشرة تربط تايوان بمدينة ووهان التي نشأ فيها الفيروس، بدأ مركز قيادة الصحة الوطنية التايواني الذي تم إنشاؤه بعد أن قتل السارس 37 شخصًا في طلب فحص الركاب من ووهان في أواخر ديسمبر حتى قبل أن تعترف بكين بأن الفيروس التاجي ينتشر بين البشر.
قال ”جوزيف وو“، وزير خارجية تايوان: ”بعد أن تعلمنا درسنا من سارس، بمجرد أن بدأ تفشي المرض ، اعتمدنا نهجا كاملا“.
وبحلول نهاية يناير، علقت تايوان رحلاتها الجوية من الصين، على الرغم من نصيحة منظمة الصحة العالمية ضد ذلك، وقال ”جيسون وانغ“، مدير مركز السياسات والنتائج والوقاية في جامعة ستانفورد، إن الحكومة تبنت أيضًا سياسة جمع البيانات، ودمجت قاعدة بيانات التأمين الصحي الوطنية الخاصة بها مع معلومات الهجرة والجمارك لتتبع الحالات المحتملة.
وعندما تم اكتشاف حالات فيروس كورونا على متن سفينة ”دايموند برينسس“ بعد التوقف في تايوان، تم إرسال رسائل نصية إلى كل هاتف محمول في الجزيرة، مع سرد كل مطعم وموقع سياحي ووجهة زارها ركاب السفينة أثناء إجازتهم على الشاطئ.
وحتى يوم الثلاثاء، سجلت تايوان 77 حالة من حالات الإصابة بالفيروس، وعلى الرغم من أن النقاد قلقون من أن الاختبار ليس واسع الانتشار بما فيه الكفاية، عاد الطلاب إلى المدرسة في أواخر فبراير.
ومع تصاعد موجات جديدة من الفيروس في جميع أنحاء العالم ، يستعد مسؤولو الصحة العامة في المناطق الثلاث لمعركة أطول.
ويوم الثلاثاء، أعلنت حكومة هونغ كونغ، حيث تم وجود تأكيد 157 حالة فقط، أن الحجر الصحي الإلزامي لمدة 14 يومًا لجميع المسافرين من الخارج يبدأ في وقت لاحق من الأسبوع الجاري.
وستفرض تايوان الحجر الصحي الذاتي على الوافدين من 20 دولة وثلاث ولايات أمريكية، وحذر رئيس الوزراء السنغافوري ”لي هسين لونج“ الأسبوع الماضي من أن عدد الحالات في البلاد سيزداد بشكل حاد. وأعلنت سنغافورة عن 23 مريضاً جديداً بفيروس كورونا يوم الثلاثاء بما في ذلك 17 حالة مستوردة، وهو أعلى معدل ليوم واحد.
كما قامت الحكومة بتقييد حدودها أكثر، ويجب على الوافدين من جنوب شرق آسيا وأجزاء من أوروبا الخضوع الآن للحجر الذاتي لمدة 14 يومًا.
وقال دكتور ”لي“، رئيس قسم الأمراض المعدية في سنغافورة: ”إن العالم بقوة أضعف حلقة به، والأمراض لا تحترم الحدود“.