(حزب الله لـ "القوات": لا نغطّي "العابثين بالأمن") --( لبنان أقوى من الفتنة - بقلم معن بشور)
لبنان أقوى من الفتنة
معن بشور
8/6/2020
شاء البعض أن يكون السادس من حزيران، يوم بدء الحرب العربية – الإسرائيلية على لبنان وفيه، قبل 38 عاماً يوماً لبدء "حرب" جديدة على هذا البلد مستغلاً جوع الناس ورفضهم للفساد والفاسدين والمفسدين، فيضع اللبنانيين مرة أخرى بوجه بعضهم البعض ويحقق بالفتنة ما عجزت عن تحقيقه الحرب القديمة التي تكسرت، أول ما تكسرت على اسوار العاصمة وفي شوارعها المضاءة بدماء الشهداء...
ولكن هذا "البعض" أخطأ التقدير مرة أخرى، بل لم يحسن قراءة الأوضاع الداخلية في لبنان، على ترديها، ولا حتى الأوضاع الإقليمية والدولية التي تشهد متغيرات لغير صالح القوى التي تقف وراء هذا "البعض" وتشجعه على ركوب موجات عنف انتحارية تستهدف البلد كله، بكل مكوناته ومقوماته في آن....
فرغم ادراكنا لهشاشة أوضاعنا الداخلية، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ورغم أجواء الغليان الشعبي الناجم عن تجاوز حال الفساد كل قدرة على الاحتمال، وتمادي القيمين على أمور البلاد في تجاهلهم لمطالب الناس وعدم تحسسهم بأوجاعها، إلا أن اللبنانيين بشكل عام، وأهل بيروت بشكل خاص، قد تعلموا من دروس الماضي، أن الوقوع في الفتنة هو أخطر من اي خطر اخر، ووجع الحرب في الشوارع والأزقة وعلى خطوط التماس أكثر إيلاماً من أي وجع آخر... بل بات اللبنانيون يدركون ان مستقبلهم على كل المستويات، مرتبط بوحدتهم وبسلمهم الأهلي، وان انتفاضتهم الرائعة في 17 تشرين اول كانت متوهجة يوم وحدّت اللبنانيين حول مطالب اجتماعية واقتصادية محددة، وانها فقدت بريقها يوم حاول البعض إحياءها على قاعدة شعارات تؤجج الأنقسام بين اللبنانيين...
ومن "يحلم" في الداخل او الخارج، في هذا الفريق او ذاك، أنه قادر على إعادة لبنان الى أجواء السبعينات والثمانينات من القرن الفائت، "واهم" جداّ، وغير مدرك لحساسية أغلبية اللبنانيين ورفضهم لأي محاولة لاعادتهم لأجواء "الحرب الأهلية" التي تزيد وجعهم وجعاً، وجوعهم جوعاّ، وخسائرهم خسائر، وفساد القيمين على أمورهم فساداً، وطائفية نظامهم ومذهبيته طائفية ومذهبية..
فهذا "الحالم" بفتنة جديدة، مستغلاً هتافاً مسيئاً الى رموز محترمة عند كل لبناني، وليس فقط عند أهل طائفة أو مذهب، لا يدرك ان هناك حقائق باتت راسخة في واقع لبنان وحياة اللبنانيين: أول هذه الحقائق ان الحرب كرقصة التانغو تحتاج الى راقصين إثنين، "فراقص" واحد لا يكفي، فكيف اذا كان هذا الراغب "بالرقص" عاجزاً عن اشعال حرب، فيما القادر على إشعالها غير راغب "بالرقص" الدموي أصلاً...
وهذه معادلة أكدنا عليها منذ ظن البعض انه قادر على استجرار البلاد الى "فتنة" جديدة بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري قبل 15 عاماّ.
وثاني هذه الحقائق: أن في البلاد جيش وقوى أمنية، موحدة القيادة والقرار، ومصممة على التصدي لأي عبث أمني، وأن ثقة المواطن الى أي فئة أنتمى، بهذا الجيش والقوى الأمنية تزداد يوماً بعد يوم على عكس ما كان عليه الأمر عام 1975، حيث أدت بعض الانزلاقات الى إنقسام في الجيش وحوله...فيما هناك ما يشبه الإجماع على جيشنا الوطني وقوانا الأمنية.
وثالث هذه الحقائق: ان القوى الخارجية ، إقليمية كانت أم دولية، الراغبة في الضغط على لبنان لصالح العدو الإسرائيلي الساعي بكل السبل الى تجريده من قوته المتمثلة بمعادلة " الشعب والجيش والمقاومة"، تشهد تراجعا داخل بلادها، كما باتت بدورها عاجزة عن تمويل حرب طاحنة في لبنان، كما هو الامر في سورية واليمن وليبيا، بل كما كان الأمر في لبنان نفسه خلال سنوات الحرب اللعينة، فكل هذه القوى تدرك حجم التكاليف المالية والبشرية، التي انفقتها في هذه الحروب ، وهي عاجزة في ظل الشح المالي الذي تعانيه عن تكرارانفاقها في لبنان. طبعاّ هذا لا يعني ان هذه القوى، الإقليمية والدولية، قد نفضت يدها من لبنان تماماً، لكنها تسعى الى إبقاء سيف الضغوط الإقليمية والمالية مسلطاّ على الدولة والمجتمع في لبنان مع بعض التوترات الأمنية "هنا وهناك" لكي توحي أن لبنان ليس مستقراً..
ولقد جاءت أحداث "السبت" الفتنوي مستغلة هتافات مسيئة لرموز دينية ، وهي هتافات مرفوضة من كل لبناني، بهدف اشعال نار الفتنة في أكثر من شارع في العاصمة وفي المناطق الأخرى، لكن الموقف المدين والمستنكر لهذه الهتافات للمرجعيات الدينية والسياسية المعنية، ووعي المجتمع الذي ذاق الأمرّين من مرارة الصراع الطائفي والمذهبي، والحضور القوي للجيش والقوى الأمنية، عطل الألغام التي كانت مزروعة وتعطلت "أحلام" من كان ينتظر تفجيرها...
المهم أن تقوم القيادة الحكيمة الحاضرة ،في أكثر من فريق، بمراجعة جريئة وصادقة للاداء وللخطاب السائد وللثقافة المعتمدة، كما تقوم بمحاسبة كل من يتثبت تورطه في فعل فتنوي وإنزال أقصى العقوبات به، سواء باطلاق هتاف او فبركة فيديو، او تحريض شارع . يكفي لبنان ما فيه من أوجاع ، فلا تضيفوا الى أوجاعه وجعاً جديداّ. ولكن ، رغم كل شيء، يبقى لبنان أقوى من الفتنة واصحاب الفتنة إلى أي فريق انتموا.
==================
حزب الله لـ "القوات": لا نغطّي "العابثين بالأمن"!
الاثنين 08 حزيران 2020
https://www.lebanondebate.com/news/483810?newsletter=1
"ليبانون ديبايت"- ملاك عقيل
لا مجال لحجبِ النكسة التي أُصيبت بها قوى "الثورة" في موقعة السادس من حزيران. فشلٌ في الحشدِ والتجييش رغمَ تفوّق لائحة المطالبِ المعيشية والاقتصادية والسياسية على مطلب نزع سلاح حزب الله، ارتفاع المتاريس المذكّرة بالحرب الأهلية، ووجوه بدت "مستوردة" من معامل "تصنيع" الشغب الى ملعب الفتنة والتخريب... كلها عوامل وُضِعّت بتصرّف الحكومة لتعطيها فرصة جديدة و"تطوّل من عمرها" في سياق السباق نحو إحداث خرقٍ في جدار الأزمة.
لم يخرج مشهد "سبت 6/6" عن التوقّعات المرسومة من قِبل الأجهزةِ الأمنية. فقبل أيام من ساعة الصفر تأكّدت مقاطعة قوى أساسية في الانتفاضة فضّلت إمّا قول كلمتها قبل يوم واحد أو الإنكفاء في منازلها، ومن هؤلاء شريحة هي الأكبر من مواطنين لا ينضوون تحت سقف مجموعات الحراك، وقد سلّمت إمّا بضرورة تمديد مهلة السماح للحكومة وإمّا عدم ثقتها بالجهات الداعية للتظاهرة.
وفي مقابلِ مشاركة شعبية خجولة لمتظاهرين راهنوا على نجاح التحرّك وبعض قوى الحراك المنبثقة من 17 تشرين، برزت مجموعات منظّمة أتت من البقاع والشمال محسوبة بشكلٍ أساس على الوزير السابق أشرف ريفي وبهاء الحريري صبغت التظاهرة بـ "لونها"، مع غياب شبه تام لتيار المستقبل وحضور مدروس وغير استفزازي للأحزاب المسيحية المعارضة، ومشاركة دون المستوى لمجموعات "حزب سبعة" و"أنا خط أحمر" بوصفها واجهة التظاهرة...
الأمرُ المؤكّد أن بعض قوى السلطة نجحت في "تفخيخ" التظاهرة بتكبيرِ حجر مطلب نزع السلاح، ما قادَ الى تفريغِ التحرّك من مضمونه بالكامل وحوّله الى مسلسلٍ من الشغب لامسَ الخطوط الحمر في أكثر من منطقة.
ومن هذا المنطلق، رَسّمت كل من "القوات اللبنانية" و"الكتائب" الحدود مع مطلب نزع السلاح فردّ الحزبان الطابة الى ملعب "حزب الله" واللاعبين على هذا الوتر بنزع بند السلاح من جدول نهار "النزلة" الى وسط بيروت.
وبرأي مطلعين، الرسالة المسيحية على خط عين الرمانة-الشياح كانت الأكثر حساسية وأهمية باعتبارها ورقة قابلة للاستغلال وقد تكون معبر معراب تحديداً للتخاطب مع المجتمع الدولي وتذكيره، وإن عبر خط تماس الحرب الأهلية، بأن السلاح هو سبب كلّ علّة، وعنوان مفتوح على الفوضى بأي لحظة ما يبرّر طلب النجدة دوليًا!
لكن خطورة استيقاظ الحساسيات الطائفية والحزبية على هذا المحور استدعى، وفق المعلومات، اتصال أحد مسؤولي حزب الله بمسؤول في "القوات" جرى خلاله التأكيد من جانب الأول على عدم وجود ايعاز أو قرار حزبي بإحداث توتر على خط عين الرمانة والجزم "بعدم تغطية حزب الله للزعران والمخرّبين والعابثين بالسلم الأهلي ولأي عمل يمكن أن يندرج في إطار التعبئة الفتنوية".
وفي السياق نفسه، يؤكّد مطلعون أن سلسلة الردود الشاجبة للاساءات التي طالت السيدة عائشة أمّ المؤمنين، ومن ضمنها بيان حزب الله غير المسبوق، امتدت لتشمل اتصالات من مسؤولي حزب الله بقيادات "تيار المستقبل" بهدف الاستنكار والتبرّؤ من العاملين على خط الفتنة السنية والشيعية، مع العلم أن خطوط التواصل بين الطرفَين بقيت مفتوحة طوال يوم التظاهر حتى الفجر.
يقول مصدر أمني بارز "في ظل استنفار عناصر "حركة أمل" على الأرض والساحة السنية غير المٌأتمِرة بمرجعية واحدة مع وجود مجموعات خارجة عن سيطرة "تيار المستقبل"، بدا حزب الله يوم السبت الطرف الأكثر حرصًا على منع وقوع الكارثة، بالتنسيق مع الجيش والقوى الأمنية التي عملت وسط حقل ألغام حقيقي".
على خطّ موازٍ، فإن السيناريو الأمني المتنقل بين محاور ساحة الشهداء-الخندق الغميق والطريق الجديدة-البربور والشياح- عين الرمانة وخط عينة التينة وخط مجلس النواب وسيناريو قطع الطرقات في المناطق بدت الأجهزة الأمنية متحسّبة له بالكامل الأمر الذي ساهم، بتأكيد مصادر أمنية، بإطفاء أكثر من نقطة اشتعال بسرعة وبحِكمة ما مَنعَ تفلّت خطوط التماس بما كان يمكن أن يقود الى خروج الأمر عن السيطرة.
وفي هذا الإطار، لم يكن إعلان الجيش عن توقيف سوري وفلسطيني وسودانيين شاركوا في أعمال الشغب والاعتداء على الأملاك العامة مجرد تفصيل في ظل إتكاء بعض المجموعات المتحمّسة للشارع، تحديدًا تلك المحسوبة على بهاء الحريري وريفي، على زنود مجموعات مختصّة بأعمال التخريب والاعتداء على الأملاك العامة وعلى فئة من غير اللبنانيين لفرض الفوضى الشاملة كمعبر للتغيير الحكومي والاقتصاص من حزب الله.
وفيما شَهِد محور بربور-الطريق الجديدة أعنف مواجهاتٍ استمرت لساعات وتخلّلها إطلاق نار بشكل كثيف بالاتجاهين واتصالات مع حزبيين وزعماء أحياء لتهدئة الأوضاع تشير مصادر مواكبة الى أن هذا الأمر كان يمكن أن يؤدي الى فتح باب الفوضى، وبالتالي فإن الجيش ملزم بالحسم بشكل أكبر مستخدمًا حتى آلياته العسكرية لتطويق العناصر المتفلّتة ومنع تكرار التلاعب بالخطوط الحمر.
لكن ما هي خلاصة "السبت الفاشل"؟
بين 17 تشرين وما تلاه من موجات شعبية أسقطت حكومة سعد الحريري وبين السادس من حزيران تاريخ "تعويم" حكومة حسان دياب ترتسم معالم مرحلة أشدّ قساوة في ظل وضع مالي اقتصادي لا يزال "يُصورِخ" نحو الهاوية وشارع قابل للإنفجار بكافة خطوط تماسه!
الحكومةُ من جهتها، تبدو محصّنة بمتراسَين أساسيَين: عدم وجود بديل عنها وانتفاضة وضعت على الرفّ في ظلّ واقع بدأ يتكرّس قائم على معادلة "الشارع= الفتنة".!
لبنان أقوى من الفتنة
معن بشور
8/6/2020
شاء البعض أن يكون السادس من حزيران، يوم بدء الحرب العربية – الإسرائيلية على لبنان وفيه، قبل 38 عاماً يوماً لبدء "حرب" جديدة على هذا البلد مستغلاً جوع الناس ورفضهم للفساد والفاسدين والمفسدين، فيضع اللبنانيين مرة أخرى بوجه بعضهم البعض ويحقق بالفتنة ما عجزت عن تحقيقه الحرب القديمة التي تكسرت، أول ما تكسرت على اسوار العاصمة وفي شوارعها المضاءة بدماء الشهداء...
ولكن هذا "البعض" أخطأ التقدير مرة أخرى، بل لم يحسن قراءة الأوضاع الداخلية في لبنان، على ترديها، ولا حتى الأوضاع الإقليمية والدولية التي تشهد متغيرات لغير صالح القوى التي تقف وراء هذا "البعض" وتشجعه على ركوب موجات عنف انتحارية تستهدف البلد كله، بكل مكوناته ومقوماته في آن....
فرغم ادراكنا لهشاشة أوضاعنا الداخلية، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ورغم أجواء الغليان الشعبي الناجم عن تجاوز حال الفساد كل قدرة على الاحتمال، وتمادي القيمين على أمور البلاد في تجاهلهم لمطالب الناس وعدم تحسسهم بأوجاعها، إلا أن اللبنانيين بشكل عام، وأهل بيروت بشكل خاص، قد تعلموا من دروس الماضي، أن الوقوع في الفتنة هو أخطر من اي خطر اخر، ووجع الحرب في الشوارع والأزقة وعلى خطوط التماس أكثر إيلاماً من أي وجع آخر... بل بات اللبنانيون يدركون ان مستقبلهم على كل المستويات، مرتبط بوحدتهم وبسلمهم الأهلي، وان انتفاضتهم الرائعة في 17 تشرين اول كانت متوهجة يوم وحدّت اللبنانيين حول مطالب اجتماعية واقتصادية محددة، وانها فقدت بريقها يوم حاول البعض إحياءها على قاعدة شعارات تؤجج الأنقسام بين اللبنانيين...
ومن "يحلم" في الداخل او الخارج، في هذا الفريق او ذاك، أنه قادر على إعادة لبنان الى أجواء السبعينات والثمانينات من القرن الفائت، "واهم" جداّ، وغير مدرك لحساسية أغلبية اللبنانيين ورفضهم لأي محاولة لاعادتهم لأجواء "الحرب الأهلية" التي تزيد وجعهم وجعاً، وجوعهم جوعاّ، وخسائرهم خسائر، وفساد القيمين على أمورهم فساداً، وطائفية نظامهم ومذهبيته طائفية ومذهبية..
فهذا "الحالم" بفتنة جديدة، مستغلاً هتافاً مسيئاً الى رموز محترمة عند كل لبناني، وليس فقط عند أهل طائفة أو مذهب، لا يدرك ان هناك حقائق باتت راسخة في واقع لبنان وحياة اللبنانيين: أول هذه الحقائق ان الحرب كرقصة التانغو تحتاج الى راقصين إثنين، "فراقص" واحد لا يكفي، فكيف اذا كان هذا الراغب "بالرقص" عاجزاً عن اشعال حرب، فيما القادر على إشعالها غير راغب "بالرقص" الدموي أصلاً...
وهذه معادلة أكدنا عليها منذ ظن البعض انه قادر على استجرار البلاد الى "فتنة" جديدة بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري قبل 15 عاماّ.
وثاني هذه الحقائق: أن في البلاد جيش وقوى أمنية، موحدة القيادة والقرار، ومصممة على التصدي لأي عبث أمني، وأن ثقة المواطن الى أي فئة أنتمى، بهذا الجيش والقوى الأمنية تزداد يوماً بعد يوم على عكس ما كان عليه الأمر عام 1975، حيث أدت بعض الانزلاقات الى إنقسام في الجيش وحوله...فيما هناك ما يشبه الإجماع على جيشنا الوطني وقوانا الأمنية.
وثالث هذه الحقائق: ان القوى الخارجية ، إقليمية كانت أم دولية، الراغبة في الضغط على لبنان لصالح العدو الإسرائيلي الساعي بكل السبل الى تجريده من قوته المتمثلة بمعادلة " الشعب والجيش والمقاومة"، تشهد تراجعا داخل بلادها، كما باتت بدورها عاجزة عن تمويل حرب طاحنة في لبنان، كما هو الامر في سورية واليمن وليبيا، بل كما كان الأمر في لبنان نفسه خلال سنوات الحرب اللعينة، فكل هذه القوى تدرك حجم التكاليف المالية والبشرية، التي انفقتها في هذه الحروب ، وهي عاجزة في ظل الشح المالي الذي تعانيه عن تكرارانفاقها في لبنان. طبعاّ هذا لا يعني ان هذه القوى، الإقليمية والدولية، قد نفضت يدها من لبنان تماماً، لكنها تسعى الى إبقاء سيف الضغوط الإقليمية والمالية مسلطاّ على الدولة والمجتمع في لبنان مع بعض التوترات الأمنية "هنا وهناك" لكي توحي أن لبنان ليس مستقراً..
ولقد جاءت أحداث "السبت" الفتنوي مستغلة هتافات مسيئة لرموز دينية ، وهي هتافات مرفوضة من كل لبناني، بهدف اشعال نار الفتنة في أكثر من شارع في العاصمة وفي المناطق الأخرى، لكن الموقف المدين والمستنكر لهذه الهتافات للمرجعيات الدينية والسياسية المعنية، ووعي المجتمع الذي ذاق الأمرّين من مرارة الصراع الطائفي والمذهبي، والحضور القوي للجيش والقوى الأمنية، عطل الألغام التي كانت مزروعة وتعطلت "أحلام" من كان ينتظر تفجيرها...
المهم أن تقوم القيادة الحكيمة الحاضرة ،في أكثر من فريق، بمراجعة جريئة وصادقة للاداء وللخطاب السائد وللثقافة المعتمدة، كما تقوم بمحاسبة كل من يتثبت تورطه في فعل فتنوي وإنزال أقصى العقوبات به، سواء باطلاق هتاف او فبركة فيديو، او تحريض شارع . يكفي لبنان ما فيه من أوجاع ، فلا تضيفوا الى أوجاعه وجعاً جديداّ. ولكن ، رغم كل شيء، يبقى لبنان أقوى من الفتنة واصحاب الفتنة إلى أي فريق انتموا.
==================
حزب الله لـ "القوات": لا نغطّي "العابثين بالأمن"!
الاثنين 08 حزيران 2020
https://www.lebanondebate.com/news/483810?newsletter=1
"ليبانون ديبايت"- ملاك عقيل
لا مجال لحجبِ النكسة التي أُصيبت بها قوى "الثورة" في موقعة السادس من حزيران. فشلٌ في الحشدِ والتجييش رغمَ تفوّق لائحة المطالبِ المعيشية والاقتصادية والسياسية على مطلب نزع سلاح حزب الله، ارتفاع المتاريس المذكّرة بالحرب الأهلية، ووجوه بدت "مستوردة" من معامل "تصنيع" الشغب الى ملعب الفتنة والتخريب... كلها عوامل وُضِعّت بتصرّف الحكومة لتعطيها فرصة جديدة و"تطوّل من عمرها" في سياق السباق نحو إحداث خرقٍ في جدار الأزمة.
لم يخرج مشهد "سبت 6/6" عن التوقّعات المرسومة من قِبل الأجهزةِ الأمنية. فقبل أيام من ساعة الصفر تأكّدت مقاطعة قوى أساسية في الانتفاضة فضّلت إمّا قول كلمتها قبل يوم واحد أو الإنكفاء في منازلها، ومن هؤلاء شريحة هي الأكبر من مواطنين لا ينضوون تحت سقف مجموعات الحراك، وقد سلّمت إمّا بضرورة تمديد مهلة السماح للحكومة وإمّا عدم ثقتها بالجهات الداعية للتظاهرة.
وفي مقابلِ مشاركة شعبية خجولة لمتظاهرين راهنوا على نجاح التحرّك وبعض قوى الحراك المنبثقة من 17 تشرين، برزت مجموعات منظّمة أتت من البقاع والشمال محسوبة بشكلٍ أساس على الوزير السابق أشرف ريفي وبهاء الحريري صبغت التظاهرة بـ "لونها"، مع غياب شبه تام لتيار المستقبل وحضور مدروس وغير استفزازي للأحزاب المسيحية المعارضة، ومشاركة دون المستوى لمجموعات "حزب سبعة" و"أنا خط أحمر" بوصفها واجهة التظاهرة...
الأمرُ المؤكّد أن بعض قوى السلطة نجحت في "تفخيخ" التظاهرة بتكبيرِ حجر مطلب نزع السلاح، ما قادَ الى تفريغِ التحرّك من مضمونه بالكامل وحوّله الى مسلسلٍ من الشغب لامسَ الخطوط الحمر في أكثر من منطقة.
ومن هذا المنطلق، رَسّمت كل من "القوات اللبنانية" و"الكتائب" الحدود مع مطلب نزع السلاح فردّ الحزبان الطابة الى ملعب "حزب الله" واللاعبين على هذا الوتر بنزع بند السلاح من جدول نهار "النزلة" الى وسط بيروت.
وبرأي مطلعين، الرسالة المسيحية على خط عين الرمانة-الشياح كانت الأكثر حساسية وأهمية باعتبارها ورقة قابلة للاستغلال وقد تكون معبر معراب تحديداً للتخاطب مع المجتمع الدولي وتذكيره، وإن عبر خط تماس الحرب الأهلية، بأن السلاح هو سبب كلّ علّة، وعنوان مفتوح على الفوضى بأي لحظة ما يبرّر طلب النجدة دوليًا!
لكن خطورة استيقاظ الحساسيات الطائفية والحزبية على هذا المحور استدعى، وفق المعلومات، اتصال أحد مسؤولي حزب الله بمسؤول في "القوات" جرى خلاله التأكيد من جانب الأول على عدم وجود ايعاز أو قرار حزبي بإحداث توتر على خط عين الرمانة والجزم "بعدم تغطية حزب الله للزعران والمخرّبين والعابثين بالسلم الأهلي ولأي عمل يمكن أن يندرج في إطار التعبئة الفتنوية".
وفي السياق نفسه، يؤكّد مطلعون أن سلسلة الردود الشاجبة للاساءات التي طالت السيدة عائشة أمّ المؤمنين، ومن ضمنها بيان حزب الله غير المسبوق، امتدت لتشمل اتصالات من مسؤولي حزب الله بقيادات "تيار المستقبل" بهدف الاستنكار والتبرّؤ من العاملين على خط الفتنة السنية والشيعية، مع العلم أن خطوط التواصل بين الطرفَين بقيت مفتوحة طوال يوم التظاهر حتى الفجر.
يقول مصدر أمني بارز "في ظل استنفار عناصر "حركة أمل" على الأرض والساحة السنية غير المٌأتمِرة بمرجعية واحدة مع وجود مجموعات خارجة عن سيطرة "تيار المستقبل"، بدا حزب الله يوم السبت الطرف الأكثر حرصًا على منع وقوع الكارثة، بالتنسيق مع الجيش والقوى الأمنية التي عملت وسط حقل ألغام حقيقي".
على خطّ موازٍ، فإن السيناريو الأمني المتنقل بين محاور ساحة الشهداء-الخندق الغميق والطريق الجديدة-البربور والشياح- عين الرمانة وخط عينة التينة وخط مجلس النواب وسيناريو قطع الطرقات في المناطق بدت الأجهزة الأمنية متحسّبة له بالكامل الأمر الذي ساهم، بتأكيد مصادر أمنية، بإطفاء أكثر من نقطة اشتعال بسرعة وبحِكمة ما مَنعَ تفلّت خطوط التماس بما كان يمكن أن يقود الى خروج الأمر عن السيطرة.
وفي هذا الإطار، لم يكن إعلان الجيش عن توقيف سوري وفلسطيني وسودانيين شاركوا في أعمال الشغب والاعتداء على الأملاك العامة مجرد تفصيل في ظل إتكاء بعض المجموعات المتحمّسة للشارع، تحديدًا تلك المحسوبة على بهاء الحريري وريفي، على زنود مجموعات مختصّة بأعمال التخريب والاعتداء على الأملاك العامة وعلى فئة من غير اللبنانيين لفرض الفوضى الشاملة كمعبر للتغيير الحكومي والاقتصاص من حزب الله.
وفيما شَهِد محور بربور-الطريق الجديدة أعنف مواجهاتٍ استمرت لساعات وتخلّلها إطلاق نار بشكل كثيف بالاتجاهين واتصالات مع حزبيين وزعماء أحياء لتهدئة الأوضاع تشير مصادر مواكبة الى أن هذا الأمر كان يمكن أن يؤدي الى فتح باب الفوضى، وبالتالي فإن الجيش ملزم بالحسم بشكل أكبر مستخدمًا حتى آلياته العسكرية لتطويق العناصر المتفلّتة ومنع تكرار التلاعب بالخطوط الحمر.
لكن ما هي خلاصة "السبت الفاشل"؟
بين 17 تشرين وما تلاه من موجات شعبية أسقطت حكومة سعد الحريري وبين السادس من حزيران تاريخ "تعويم" حكومة حسان دياب ترتسم معالم مرحلة أشدّ قساوة في ظل وضع مالي اقتصادي لا يزال "يُصورِخ" نحو الهاوية وشارع قابل للإنفجار بكافة خطوط تماسه!
الحكومةُ من جهتها، تبدو محصّنة بمتراسَين أساسيَين: عدم وجود بديل عنها وانتفاضة وضعت على الرفّ في ظلّ واقع بدأ يتكرّس قائم على معادلة "الشارع= الفتنة".!