عند الخامسة من بعد عصر يوم الأربعاء الخامس عشر من سبتمبر كان الموعد واللقاء في صالون نون الأدبي
افتتحت الأستاذة فتحية اللقاء مرحبة بالحضور .. فقالت:
الحضور الكريم، كما عودناكم في صالون نون الأدبي نعرض كل ما هو قيم ومفيد، فمعنا اليوم كتاب وكاتب وناقد
لكن اسمحوا لي في البدء أن أرسل الدعوات والرحمات لمن فارقتنا بالأمس، من وقفت إلى جانب صالون نون الأدبي مذ كان فكرة، صاحبة التجربة الخلاقة، أول من ترجم أشعار اليوناني قسطنطين كفاكيس وشعر يوركا، وت . س . إليوت
اللهم ارحم الشاعرة الناقدة، الأديبة السياسية والمترجمة، الفنانة الجامعة الأستاذة سلافة حجاوي أم مصعب المستشارة السياسية للرئيس الراحل أبو عمار
الأستاذة سلافة حجاوي - أم مصعب وشعلة، رحمها الله وغفر لها
وعودا على تفاصيل لقاءنا لكتاب وكاتب وناقد
الكتاب هو رواية عمو القزم التي تدور أحداثها في حي شعبي بسيط الحال وتحديدا من منتصف الستينيات وحتى نهاية سبعينات القرن المنصرم، يستحضر لنا فيها روتين يومي لفئة من المجتمع، وقد جعل الحياة حلبة للصراع بين أشخاص يقيمون على ذات الأرض، مع ما بينهم من تباين في الصفات والأشكال والأخلاق، ما بين أتباع الفكر اليساري: عوض، وكمال، الفقير المتفوق في الدراسة، والمثقف، يعجز عن إكمال دراسته فيضطر للعمل لدى أبو أحمد لإعالة أسرته
محاسن قليلة الحظ من الجمال، وصفاء المنشغلة بتربية أولادها؛ ابنا أبله وفتاة جميلة(مريم)
الجدة التي تمثل الهدوء والسكينة، والكاظمة لغيظها
والد القزم أبو ماهر تزوج من الممرضة إلهام التي عملت في مؤسسة رعاية كبار السن والمعاقين التي تشرف عليها أميرة خليجية
عنصر الوراثة واضح، فأبو ماهر قصير جدا، وأنجب قزما
سلط الكاتب الضوء على قضية العمل في دول الخليج واضطرار الوالدين لترك أولادهم في غزة معتمدين على زيارة في أوقات متباعدة محملين بالهدايا التي قد تنسيهم الجوع العاطفي لعام كامل، الأم ذات عقلية تجارية تفكر بالتجارة والاستثمار
ماهر القزم، القزم الذي صور لنا الكاتب خبايا شخصيته وما يعانيه من انطوائية وتوتر، ومشاعر التوحد، نتيجة التهميش الذي يجده ممن حوله، مع إضفاء صبغة السحرية على ملامح شخصيته وقسماتها، فيؤكد بأن لكل منا قدراته ومواطن تفوقه رغم ضعفه، ثم إن كل ذي عاهة جبار
العربجي أبو أحمد الذي تنقل في العمل ما بين تربية المواشي، للبقالة لغسيل الأموال، بات يعرف بين سكان الحي بالخميني بعد دهس ابنه أحمد من قبل إحدى شاحنات نقل المواشي
الحاج عطية بائع البياضات وشريك أبو أحمد في غسيل الأموال
الأخرس: حلاق ويخلع الأسنان، ويقوم بعملية ختان الأطفال، تزوج من احدى بنات أبو أحمد المفتقرات للجمال
والمقرئ الضرير المبروك
بعد هذه اللمحة البسيطة عن رواية بنيت على الشخصيات، أنتقل للكاتب: إنه الأديب والروائي خلوصي عويضة: ابن مدينة غزة، الذي يحصى عدد مرات الحديث عنه في صالون نون الأدبي وقد بلغت في لقائنا هذا خمسة لقاءات، كيف لا وهو صاحب حبر الروح وماما فاطمة، المباهلة والأفعى تطوق الأرض ونشيد الحياة ورواية القزم
بدأ الأستاذ خلوصي حديثه مثنيا على جهود الصالون فقال: جميعنا متفقون بأن صالون نون الأدبي صاحب صولجان في الأدب والثقافة نشكر الجهود الحثيثة لربط المشهد الثقافي في غزة تحديدا، وفي فلسطين عموما
للمرة الخامسة أحل ضيفا على صالون نون فأشعر بالامتنان العميق اتجاه الدكتورة مي والأستاذة فتحية
سيدتان في أمة من الناس في البذل والعطاء، أسأل الله أن يبارك لهم بالأجر والعمل والأمل أيضا
والشكر موصول للقامة الأدبية الباسقة الدكتور عبد الرحيم حمدان على القراءة التي سيتفضل بها بشأن روايتي عمو القزم، أرجو أن تكون ندوة أدبية جميلة حافلة بثمار المعرفة، وشكرا للحضور الكريم
بعد أن أنهى الروائي خلوصي حديثه قالت الأستاذة فتحية: ويصل بنا قطار المعرفة إلى الناقد فهو الأستاذ الدكتور عبد الرحيم حمدان، ناقد أدبي وأكاديمي
طاف البلاد سعيا للعلم والمعرفة، فحصل على ليسانس في اللغة العربية واللغات الشرقية وآدابها- جامعة الإسكندريةـ كلية الآداب – مصر (1972)
وحصل على ماجستير في الأدب والنقد – من جامعة الفاتح ـ كلية التربية ـ ليبيا )1983(
وكانت الدكتوراه في الأدب والنقد – تخصص أدب أندلسي، من جامعة عين شمس – مصر) 1998) .
هو عضو في عدد من الجمعيات والملتقيات الفكرية
[rtl]تنقل داخل الكلية في عدة مواقع ما بين: رئيس القسم الأكاديمي إلى رئيس قسم المكتبات، إلى رئيس فريق عمل البحث العلمي في كلية فلسطين التقنية لعضو مجلس كلية فلسطين التقنية [/rtl]
[rtl]شارك في العديد من المؤتمرات والندوات، وله العديد من الكتب والدراسات والقراءات النقدية[/rtl]
[rtl]ليست هذه المرة الأولى التي نستضيف بها أستاذنا وكاتبنا الأستاذ الدكتور عبد الرحيم، حيث كان له جولة معنا في الصالون، نرحب به وله الكلمة[/rtl]
بعد حمد الله والصلاة على رسول الله، بدأ الدكتور عبد الرحيم بتقديم الشكر، فقال الشكر الجزيل لصالون نون الذي تربطني به رابطة قوية، وأعتقد أن هذه المرة السادسة التي أتحدث فيها بهذا الصالون
كما أشكر الأستاذ الأديب خلوصي عويضة المتألق، على ما قدمه من مؤلفات أدبية وروائية، وكذلك أشكر الأخوة الحاضرين، وأشكر الأختين دكتورة مي نايف وفتحية صرصور، ثم قال:
في الواقع إن الحديث عن روايات الأستاذ خلوصي حديث واسع ومتفرق، لكنني اختصرت حديثي في رواية عمو القزم على تناول عنصر من عناصر الرواية وهو عنصر الشخصيات الواقعية السحرية، وبدأ الدكتور بتوضيح مفهوم الواقعية السحرية التي تمثل إحدى التيّــارات الحديثة في کتابة الروايــة ونقدها، ولمعرفة طبيعة هذا التيار يجدر إدراك مفهوم كل من الواقعية والسحرية. والواقعية لا يعني نسخ الواقع حرفياً بشخوصه وأحداثه؛ لأن ذلك لا ينتج رواية فنية تضاف إلى الواقع آليات جديدة هي السحرية
مكانة الرواية بين الروايات العالمية التي اتخذت من شخصية القزم مادة روائية: رواية القزم للسويدي بار لاغركفيست شخصية القزم فيها شخصية خيالية غير واقعية.
[rtl]- عنصر الشخصيات في الرواية؛ بوصفه مكوناً جوهرياً من مكونات المعمار الفني للرواية.[/rtl]
وقدم الدكتور ملخصا للرواية، فقال: تعد هذه الرواية بمثابة سيرة ذاتية له، وهي أشبه ما تكون بمذكرات القزم فيها هو الراوي، ومن الواضح أنه مغرم بتسجيل تجاربه في قالب الذاتية، يَسمع فيها المتلقي الأحاديثَ الداخلية التي كانت تدور في نفس القزم، وأبانت عن مشاعره وروايته للأحداث من خلال وجهة نظره، ويتم فيها وصف كل شيء من وجهة نظره. وكان القزم يروي ذكرياته بطريقة الانتقال من الحاضر الى الماضي .
تتمحور الرواية حول القزم ماهر، وهو الشخصية الرئيسة فيها، فالشخصية تحاول أنْ تعبر عن رؤية هذه الفئة المهمشة إلى المجتمع، والتي تعيش على الهامش، وتسبر أغوارها؛ لتكشف عن أبعادها النفسية، وفيما تختلف فيه عن سائر فئات أفراد المجتمع، ويبدو أن شخصية القزم قد وظُفِّتْ؛ لتكون تجسيدًا للجوانب المظلمة والمضيئة في المجتمع.
جرت أحداث هذه الرواية في حي شعبي من أحياء مدينة غزة، في منتصف الستينيات ونهاية سبعينيات القرن الفائت، والقزم في الرواية شخصية خيالية غير واقعية، تستمد ملامحها من واقع المجتمع الذي تعيش فيه، فهو شخصية فنية مصطنعة، أضفى الكاتب على معالمها سمات سحرية خيالية.
[rtl]وفي المقاربة النقدية للرواية قال: اقتصرت الدراسة على إبراز ملامح الشخصية الرئيسة من وجهة نظره الذاتية، وحللت الشخصيات الأخرى من منظاره، وعرضت لشخصية القزم من منظار تلك الشخصيات الأخرى نفسها، وعليه، جاءت الدراسة في ثلاثة أبعاد وكانت على النحو الآتي: [/rtl]
البعد الأول: صورة القزم من منظور نفسه هو: (العرق دساس – نزعة عرق – الجينات الوراثية - الصدق والواقعية والأمانة في الحديث)،
يقول القزم:
- لماذا توقفتْ قامتي عن النمو لأعلى؟ لماذا أنا قصير جداً كالقزم هكذا؟ وهل هناك أمل في أنْ تنمو قامتي ولو قليلاً؟ ومتى؟ (رواية عمو القزم ص47 )، ويعود ليسأل نفسه مرة أخرى قائلاً:
"لم تقل جدتي إنني نزعة عرق! ألم يجد هذا العرق اللعين غيري ينزع إليه؟ ملعونة جينات العروق من جذور شرشها، كم تفجع مآسيها!! (رواية عمو القزم ص ١٩٩).
البعد الثاني: صورة الشخصيات الأخرى من منظور القزم: "كـان (كمـال) قصـيراً جـداً؛ وإلى حـد مـا دمـيمـاً مثـلي مـع فـروق طفيفـة في المظهـر، فهـو يـزيـدنـي طـولاً بربـع مـتر تقريبـاً، أي أننـي أصـل إلى كتفـه عندمـا أجـاوره واقفـاً أو ماشـياً، وقـد أبلغنـي مـرة أنَّ طـولـه مـتر وربـع بالتـام فـلـم أصدقـه، لكنـي لم أشـعره بذلـك، ولا حاولت أن أقيـس طـول قامتـي بعدمـا انتحـر سراب الأمـل ببـزوغ شـاربي، لعـل ذلـك كان لبواعـث خفيـة، لم أدرك كنههـا وقتئـذ؛ فتلـك أيضـاً مـن مفارقـات حيـاتي العديدة.( رواية عمو القزم ص: 53).
البعد الثالث: صورة القزم من منظور الشخصيات الأخرى:
تحمل شخصية (نص انصيص) دلالات السحر والشيطنة والحكايات الشعبية الخرافية، ذلك أن هذه الشخصية ترمز للشخص القزم، ضئيل حجم البنية الجسدية، فثمة حكايات خرافي تحكي: أنه أنقذ أخويه من شر الغولة، وأنقذ القرية بذكائه وحسن حيلته بأجمعها من شرها، وكان القزم ماهر يعترف هو نفسه بهذا الوصف، يقول:
[rtl]- ماشي يا نص انصيص، راح أصدقك، واشوفك إخلاصك من خيانتك (رواية عمو القزم ص :36)، وفي موضع آخر يقول سمعه قاصداً إهانة ماهر القزم والسخرية منه:[/rtl]
- قسماً يا نص انصيص، إنك ابن حرام صرف، وبقص إيدي إن ما كنت عارف كل شيء (رواية عمو القزم ص60).
- يا مسخوط، يا قرد، يا نص انصيص، يا سحلية، ويوما أضاف حشرة فشفني وجعها (رواية عمو القزم : ص 92 ( ، ويقول له في سمعة مناسبة أخرى مستهزئأ :
- ماشي يا نص انصيص، راح اصدقك ، واشوف إخلاصك من خيانتك (رواية عمو القزم : ص ٣٦ ).
وعن الخصائص الموضوعية والفنية للرواية قال الدكتور عبد الرحيم:
- جماليات اختيار الكاتب لموضوع روايته، فالأقزام شريحة اجتماعية لها تطلعاتها ومكانتها ونظرة المجتمع إليها.
- فن كتابة السيرة الذاتية، فالرواية سيرة ذاتية لشخصية القزم، فالقزم هو الراوي، وسيرة للشخصيات من حوله.
- قدرة الكاتب على تحليل الشخصيات، ورسم أبعادها المختلفة الجسمية والنفسية والاجتماعية والفكرية والثقافية، فضلاً عن بيان أنواع الشخصيات: الرئيسة والثانوية والشخصيات النامية المتطورة والشخصيات الثابتة الجامدة.
- التوثيق الصادق للحياة والبيئة التي عاشت فيها الشخصيات في غزة مثل: الشوارع والبيوت في الحارات الغزية والشخصيات المعروفة مثل المصور كيغام( رائد التصوير في غزة)،
- الاستعانة بالموروث الشعبي والحكايات والأناشيد
- ثقافة الاديب المتنوعة والواسعة ثقافة دينية ونفسية وفلسفية.
- لغة الرواية المزاوجة بين اللغة الرصينة العادية واللغة المحكية واللغة الشعرية.
- آليات السرد الحديثة إظهار عنصر الفضاء المكاني في الرواية السرد والوصف والحوار بنوعيه والاسترجاع والأحلام.
- المبالغة والإغراق في التفاصيل في إظهار قدرات ومهارات وإمكانات القزم.
- الاعتماد على عنصر الصراع بين العقل والقلب الضمير والاتكاء على شخصية القرين.
- التطابق بين زمن الرواية وزمن كتابتها، والذي جاء بعد احداثها بحقبة زمنية ليست بالبعيدة.
- النقد الاجتماعي لظواهر اجتماعية للقزم ماهر وجهة نظر فيها.
بعد أن أنهى الدكتور عبد الرحيم قراءته الماتعة فتحت الأستاذة فتحية مجالا لتساؤلات الحضور، فكان أول المداخلين الأستاذ حمدي الحطاب، الذي أعرب عن سعادته لحضور هذا اللقاء، وعن الرواية قال: الرواية ممتعة، وقد أعجبني الحديث عن القرين، فماهر أخذ السلبي وترك الإيجابي، ثم عرج على مسلسل صراع الوحوش الأجنبي، كيف أن القزم كان متمرد وطاغية، إلا أنه في النهاية كان هو رقم واحد
وأضاف: خلوصي يشعر بمعاناة الشعب، فليس غريبا أن يجمع بين العقل والقلب والضمير، فهكذا هو خلوصي
أخذ المعاناة من بيئته
اختتم بحض الجميع على قراءة هذه الرواية
المداخلة الثانية كانت للأستاذة أمال عبد المنعم التي شكرت الصالون، وشكرت الدكتور والأستاذ خلوصي، الذي سلط الضوء على شريحة مهمشة ومسحوقة هي شريحة الأقزام والمعاقين عموما
المجتمع الأوروبي يمنحهم أهمية واهتمام، بعكس ما عندنا، لا أحد يهتم بهم، بل يسخرون منهم
ثم قالت: جميل أن ماهر اشتغل على نفسه، ليصبح في مكان أفضل
الدكتور مطيع أبو جبل الذي يحضر جلسات الصالون للمرة الأولى قال: قرأت كثيرا عن الصالون، كنت أظن أن لا دور لي به، لكن من الآن أعتقد أنني سأكون دائم الحضور، ثم قال:
أنا لم أقرأ الرواية، لكن كل الشكر للكاتب الذي جسد هذه الشخصية، وأشكر الدكتور عبد الرحيم لهذا النقد البناء لهذه الشخصية
الأستاذ محمد تيم بعد أن شكر الصالون والمتحدثين وجه للكاتب سؤالا:
هل كان سيتغير شيء لو أسميت الرواية القزم دون عمو؟
هل سيكون للنقاد اعتراض على ذلك؟
الدكتورة مي آخر المتحدثين، بدأت مرحبة بالجميع، ثم وجهت للكاتب سؤالا: هل ممكن نعتبر القزم كرمز وليس شخصية، أي أن المجتمع متقزم؟
في ردود سريعة على المداخلين قال الدكتور عبد الرحيم: كتبت العتبات النصية في رواية عمو القزم فيما يتصل بالشخصيات، فعمو القزم شخصية، تحدثت في دراسة عن الفائدة من كلمة عمو، والقزم ماذا أفاد، وتحدثت عن الرسمة واللون، وردا على مقترح الدكتورة مي بجعل القزم رمز للشعب، فالرواية فن مفتوح وفن مراوغ، ولها أن تؤل ذلك كما تريد، وأن تدافع عن وجهة نظرها، لأن الكلمة الأخيرة في الفنون الأدبية لم تُقل بعد، كل إنسان حر في التأويل بشرط أن يدافع عن رأيه ثم الناس تقتنع أو يقولون رأيهم فيما تقول
ورد الأستاذ خلوصي على موضوع السياسة في الرواية، فقال: الجانب السياسي حاضرا بقوة في الرواية، فشخصية الخميني لها دلالات ومعان كثيرة، وكمال الذي نجا من القزامة بأعجوبة، دخل السجن، دخله وهو يساري ورث السارية عن أبيه، وخرج من السجن وهو متدين، فهذا يشير إلى ظاهرة التحول من اليسار إلى اليمين، وهذه كانت كثيرة داخل السجون، فالتحول الفكري من اليمين لليسار ومن اليسار لليمين كان حاضرا
في الرواية، عندما تصالح ماهر مع نفسه وأمه، وبدأت فكرة الزواج تراوده ذهب لبنت الخميني البقال الذي كان يعمل عنده صبي بقال
الرواية مليئة بالأحداث التي تترك أثر بحيث أنها يمكن أن تضحك وتُبكي، وممكن تعطي القارئ إحساس كبير بحزن رحيم والكاتب إذا استطاع أن يقتنص دمعة أو بسمة من القارئ يكون نجح باستراق عوالمه الداخلية
عندما فكر ماهر أن يتزوج ذهب للمختبر وعمل فحص للسائل المنوي، فقال له المحلل أنت فلتة زمانك، عندك
مائتي مليون، فقال أستطيع أن أنجب شعبا من الأقزام، هذا هو انعكاس فكره للواقع الذي يحياه، لأنه كان في بعد سياسي قوي جدا وحاضر في الاخطبوط المتمثل بالجمارك، كنت وأنا طفل أرى بأم عيني كيف كانت المحال تسرع باغلاق أبوابها عندما تأتي سيارة الضريبة، ثم هناك من كون ثراء من وراء عملية تحويل أموال المعتقلين في السجون، كانوا يعملوا توكيل لشخص يستلم المخصص نيابة عنهم من مكتب المنظمة في عمان، وكانت لهم عمولة
الرواية حافلة، ومليئة بالمجاز السياسي، وأيضا العامل الاقتصادي حاضرا بقوة، وأعتقد أنني حاولت جهدي لأن أقدم عملا يفتح آفاق جديدة رحبة أمام الرواية العربية، أنا أحاول أن أخرج بالرواية الفلسطينية من قوقعة السيرة الذاتية لأن أغلب ما يُكتب جوهره السيرة الذاتية
قبل الختام سألت الأستاذة فتحية الروائي ما جديدك؟
رد الأستاذ خلوصي قائلا: الكتابة عندي فعل ألم بامتياز لأن الكتابة أمانة لذا فهي بحر من الألم
قد يكون لدي رواية حكاية الولد الكبير، عن الحارة الفلسطينية، لكن لابد للعمل الروائي أن تنضج الفكرة، وأتأكد أنه لم يسبقني به أحد، لأنني أحب أن أكون متفردا بعمل لم يسبقني إليه أحد
اختتمت الأستاذة فتحية اللقاء بحمد الله أن نُفذ هذا اللقاء والذي كان معدا له في فبراير من العام 2020م بتأخير عام ونصف عن موعده