الاسباب و الأقدار
الأسباب إذا لم توافق القدر لا تجدي نفعا ولا تحدث ضرا ، و الاخذ بها و تحضيرها واعدادها واجب ...
والسبب هو ما لزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم، و هو في علم العقائد ما ادى الى النتيجة حتما ولا يتخلف .
والاسباب ظاهرة و خفية ، و مما يفتن الناس عن ربهم تعلق الناس بالاسباب الظاهرة، و اعتمادهم عليها لتحقيق النتائج ، دون ادراك صلتها بخالقها جل وعلا ، ففي نظر الناس أن سبب الشفاء اخذ الدواء ، في حين ان الشافي هو الله تعالى، فهو من يشفي بلا دواء ، و هو من يضع الشفاء في الدواء ان شاء ، فان لم ياذن للدواء بالعمل فلا شفاء . ومع ذلك انت مامور باخذ الدواء ومحاربة الاسقام والأدواء .
والموت والحياة سببهما الله تعالى ، فهو المحيي وهو المميت ، فان لم ياذن بالحياة فلن تكون لاي موجود في الوجود ، وان لم ياذن بالموت فلن يحصل لاي مخلوق من الخلائق . و مع ذلك فانت مامور بالاخذ بما يحافظ على الحياة ويحفظ على الاحياء حياتهم ،وممنوع من اقتراف ما يهدد امن وسلامة الحياة.
والنصر والتمكين من الله تغالى، فان قضى الله به فلا غالب لمن ينصره الله، ولو اجتمعت عليه من اقطارها، فالناصر هو الله، وما النصر الا من عند الله. وانت مأمور ببذل الوسع والجهد لتحضير واعداد العدة التي من شانها احقاقه .
والرزق من الله تعالى ، والسعي له واجب ، والله تعالى هو الرزاق الكريم ، و هو الرازق الذي بسط الرزق للناس في الارض، ومع ذلك لا بد من تمكين الناس و رعايتهم و تاهيلهم لنيل ارزاقهم بكل عز وكرامة ويسر وسهولة .
وخلاصة القول في هذا المقام ان النفع والضر بيد الله تعالى، فالله تعالى هو النافع وهو الضار ، لانه سبحانه مسبب الاسباب ومعطلها اذا شاء ، فخذ بالاسباب دوما،واعد لها ما يلزم من عدتها، وتوكل على مسبب الاسباب رب العباد ولا تياس ، فحكمة الله عظيمة، وليس دوما ندركها ، ومن ادرك شيئا منها لا ولن يحيط بها .
فالخفي في عمل الاسباب او تعطلها هو امر الله تعالى ومشيئته . فهو جل شانه مسبب الاسباب ومعطلها، فان شاء عملت وان شاء تعطلت، فلا تركن ايها الانسان على قدراتك وخبراتك وتجاربك وعلومك لوحدها وتغتر بها ، فلن تنفعك بمعزل عن ارادة الله ومشيئته، ولن تضر بها الا باذن الله .
فحقق الشروط المطلوبة لنجاح العمل ، وحقق الاسباب وخذ بها وانت في معية الله، طالبا توفيقه ، ولا تغفل عن ذكره طرفة عين، ولايغرنك امتلاكك الاسباب وتوفرها ، دون ان تربطها بعلتها العاملة فيها ، وهي ارادة الله تعالى ومشيئته، مالك الملك، الذي لاسكنة ولا حركة في الكون الا بمشيئته سبحانه وكما جاء فيما صح من الحديث القدسي: ياعبدي انت تريد وانا اريد ولا يكون الا ما اريد . وتذكر قوله تعالى مذكرا للصحابة وامة الاسلام وهم بقيادة رسول الله يوم حنين: (لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين اذ اعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الارض بما رحبت ثم وليتم مدبرين* ثم انزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وانزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين)25+26التوبة . فذكرهم جل وعلا بنصره لهم في مواطن الحروب ومعارك جهادهم الكثيرة السابقة، و كذلك يوم حنين، وان كانت بداية المعركة ليست لمصلحتهم، بل سلط عليهم عدوهم لاغترارهم بكثرتهم، التي جعلتهم يظنون انه لا غالب لهم اليوم ، وانها ستكون سببا في تحقيق النصر ، فاذاقهم الله طعم الهزيمة وتولية الادبار ، تاديبا وتربية لهم، ثم وهم في موطن الضعف، و اجواء الاعتبار و تلقن الدرس والشعور بالهزيمة، قلب لهم الدائرة والموازين، وامتن عليهم وكتب لهم النصر والتغلب على عدوهم ، فلذلك قال يومها لهم النبي سلام الله عليه و اله : ما غلب اثني عشر الفا من قلة، وكانوا يومها جيشهم تعداده اثني عشر الفا ، اذا مم غلبوا ؟!! انهم غلبوا يوم حصل الخلل في العقيدة القتالية عندهم ، فاعجبتهم الكثرة التي ظنوها محققة ومسببة للنصر، فليس من شان الاثني عشر الفا ان يغلبوا من قلة عدد، فهم عدد كاف لخوض المعركة مع الخصوم ، ولكن لم يربطوا النصر بواهبه وصانعه الحقيقي مسبب الاسباب و ربها ، بل ربطوه بما في نظرهم المادي الظاهري انه يصنعه ولا يصنع الهزيمة، فكان ما كان من هزيمة للكثرة المعجبة وتوليتها الادبار، فثبت النبي ونفر قليل حوله، ونادى فيهم انا النبي لا كذب انا ابن عبد المطلب ... وبسكينة الله وتثبيته للقلوب ، عاد الفرار كرارا ،فانقلبت الموازين في لحظات رهيبة عجيبة، وكان النصر من الله تعالى، وكان الدرس والعبرة والتربية ... فلذلك المؤمن سيف من سيوف الله ، يعمل في كل وقت وحين ، لانه يعلم علم اليقين انه ليس وحده ولو كان وحيدا بين البشر ، فان شاء ربك سخر لك الجبال والشجر والحجر وما لاتعلم من جند ربك تسبح وتؤب معك .
اللهم اجعلنا من عبادك المؤمنين المخلصين الذين لا يشركون ظاهرا ولا باطنا بك شيئا ، واجعلنا ممن تدافع عنهم يارب العالمين ، فانت حسبنا ونعم الوكيل ، في كل وقت وحين ، فهب لامتنا العزة والنصر والتمكين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الأسباب إذا لم توافق القدر لا تجدي نفعا ولا تحدث ضرا ، و الاخذ بها و تحضيرها واعدادها واجب ...
والسبب هو ما لزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم، و هو في علم العقائد ما ادى الى النتيجة حتما ولا يتخلف .
والاسباب ظاهرة و خفية ، و مما يفتن الناس عن ربهم تعلق الناس بالاسباب الظاهرة، و اعتمادهم عليها لتحقيق النتائج ، دون ادراك صلتها بخالقها جل وعلا ، ففي نظر الناس أن سبب الشفاء اخذ الدواء ، في حين ان الشافي هو الله تعالى، فهو من يشفي بلا دواء ، و هو من يضع الشفاء في الدواء ان شاء ، فان لم ياذن للدواء بالعمل فلا شفاء . ومع ذلك انت مامور باخذ الدواء ومحاربة الاسقام والأدواء .
والموت والحياة سببهما الله تعالى ، فهو المحيي وهو المميت ، فان لم ياذن بالحياة فلن تكون لاي موجود في الوجود ، وان لم ياذن بالموت فلن يحصل لاي مخلوق من الخلائق . و مع ذلك فانت مامور بالاخذ بما يحافظ على الحياة ويحفظ على الاحياء حياتهم ،وممنوع من اقتراف ما يهدد امن وسلامة الحياة.
والنصر والتمكين من الله تغالى، فان قضى الله به فلا غالب لمن ينصره الله، ولو اجتمعت عليه من اقطارها، فالناصر هو الله، وما النصر الا من عند الله. وانت مأمور ببذل الوسع والجهد لتحضير واعداد العدة التي من شانها احقاقه .
والرزق من الله تعالى ، والسعي له واجب ، والله تعالى هو الرزاق الكريم ، و هو الرازق الذي بسط الرزق للناس في الارض، ومع ذلك لا بد من تمكين الناس و رعايتهم و تاهيلهم لنيل ارزاقهم بكل عز وكرامة ويسر وسهولة .
وخلاصة القول في هذا المقام ان النفع والضر بيد الله تعالى، فالله تعالى هو النافع وهو الضار ، لانه سبحانه مسبب الاسباب ومعطلها اذا شاء ، فخذ بالاسباب دوما،واعد لها ما يلزم من عدتها، وتوكل على مسبب الاسباب رب العباد ولا تياس ، فحكمة الله عظيمة، وليس دوما ندركها ، ومن ادرك شيئا منها لا ولن يحيط بها .
فالخفي في عمل الاسباب او تعطلها هو امر الله تعالى ومشيئته . فهو جل شانه مسبب الاسباب ومعطلها، فان شاء عملت وان شاء تعطلت، فلا تركن ايها الانسان على قدراتك وخبراتك وتجاربك وعلومك لوحدها وتغتر بها ، فلن تنفعك بمعزل عن ارادة الله ومشيئته، ولن تضر بها الا باذن الله .
فحقق الشروط المطلوبة لنجاح العمل ، وحقق الاسباب وخذ بها وانت في معية الله، طالبا توفيقه ، ولا تغفل عن ذكره طرفة عين، ولايغرنك امتلاكك الاسباب وتوفرها ، دون ان تربطها بعلتها العاملة فيها ، وهي ارادة الله تعالى ومشيئته، مالك الملك، الذي لاسكنة ولا حركة في الكون الا بمشيئته سبحانه وكما جاء فيما صح من الحديث القدسي: ياعبدي انت تريد وانا اريد ولا يكون الا ما اريد . وتذكر قوله تعالى مذكرا للصحابة وامة الاسلام وهم بقيادة رسول الله يوم حنين: (لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين اذ اعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الارض بما رحبت ثم وليتم مدبرين* ثم انزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وانزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين)25+26التوبة . فذكرهم جل وعلا بنصره لهم في مواطن الحروب ومعارك جهادهم الكثيرة السابقة، و كذلك يوم حنين، وان كانت بداية المعركة ليست لمصلحتهم، بل سلط عليهم عدوهم لاغترارهم بكثرتهم، التي جعلتهم يظنون انه لا غالب لهم اليوم ، وانها ستكون سببا في تحقيق النصر ، فاذاقهم الله طعم الهزيمة وتولية الادبار ، تاديبا وتربية لهم، ثم وهم في موطن الضعف، و اجواء الاعتبار و تلقن الدرس والشعور بالهزيمة، قلب لهم الدائرة والموازين، وامتن عليهم وكتب لهم النصر والتغلب على عدوهم ، فلذلك قال يومها لهم النبي سلام الله عليه و اله : ما غلب اثني عشر الفا من قلة، وكانوا يومها جيشهم تعداده اثني عشر الفا ، اذا مم غلبوا ؟!! انهم غلبوا يوم حصل الخلل في العقيدة القتالية عندهم ، فاعجبتهم الكثرة التي ظنوها محققة ومسببة للنصر، فليس من شان الاثني عشر الفا ان يغلبوا من قلة عدد، فهم عدد كاف لخوض المعركة مع الخصوم ، ولكن لم يربطوا النصر بواهبه وصانعه الحقيقي مسبب الاسباب و ربها ، بل ربطوه بما في نظرهم المادي الظاهري انه يصنعه ولا يصنع الهزيمة، فكان ما كان من هزيمة للكثرة المعجبة وتوليتها الادبار، فثبت النبي ونفر قليل حوله، ونادى فيهم انا النبي لا كذب انا ابن عبد المطلب ... وبسكينة الله وتثبيته للقلوب ، عاد الفرار كرارا ،فانقلبت الموازين في لحظات رهيبة عجيبة، وكان النصر من الله تعالى، وكان الدرس والعبرة والتربية ... فلذلك المؤمن سيف من سيوف الله ، يعمل في كل وقت وحين ، لانه يعلم علم اليقين انه ليس وحده ولو كان وحيدا بين البشر ، فان شاء ربك سخر لك الجبال والشجر والحجر وما لاتعلم من جند ربك تسبح وتؤب معك .
اللهم اجعلنا من عبادك المؤمنين المخلصين الذين لا يشركون ظاهرا ولا باطنا بك شيئا ، واجعلنا ممن تدافع عنهم يارب العالمين ، فانت حسبنا ونعم الوكيل ، في كل وقت وحين ، فهب لامتنا العزة والنصر والتمكين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.