الأسباب إذا لم توافق القدر لا تجدي لا نفعا ولا ضرا، والاخذ بها وتحضيرها واجب،
والسبب هو ما لزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم فهو في علم العقائد ما ادى الى النتيجة حتما ولا يتخلف.
والاسباب ظاهرة وخفية
ومما يفتن الناس عن ربهم تعلق الناس بالاسباب الظاهرة واعتمادهم عليها لتحقيق النتائج
ففي نظر الناس ان سبب الشفاء اخذ الدواء في حين ان الشافي هو الله تعالى، فهو من يشفي بلا دواء وهو من يضع الشفاء في الدواء، فان لم ياذن للدواء بالعمل فلا شفاء. فهو خالق الداء وهو خالق الشفاء، ومع ذلك انت مامور باخذ الدواء ومحاربة الاسقام والأدواء.
والموت والحياة سببها الله تعالى، فهو المحيي وهو المميت، فان لم ياذن بالحياة فلن تكون لاي مخلوق، وان لم ياذن بالموت فلن يحصل.ومع ذلك انت مامور بالاخذ بما يحافظ على الحياة ويحفظ على الاحياء حياتهم.
والنصر والتمكين من الله، فان قضى الله به فلا غالب لمن ينصره الله ولو اجتمعت عليه من اقطارها، فالناصر هو الله وما النصر الا من عند الله.
والرزق من الله، والسعي له واجب، والله تعالى هو الرزاق الكريم، وهو الرازق الذي بسط الرزق للناس، ومع ذلك لا بد من تمكين الناس وتاهيلهم لنيل ارزاقهم بكل عز وكرامة ويسر وسهولة.
وخلاصة القول في هذا المقام ان النفع والضر بيد الله تعالى، فالله تعالى هو النافع وهو الضار، لانه سبحانه مسبب الاسباب ومعطلها اذا شاء، فخذ بالاسباب دوما وتوكل على مسبب الاسباب رب العباد، ولا تياس فحكمة الله عظيمة، وليس دوما ندركها، ومن ادرك شيئا منها لا ولن يحيط بها.
فالخفي في عمل الاسباب او تعطلها، هو امر الله تعالى ومشيئته. فهو جل شانه مسبب الاسباب ومعطلها فان شاء عملت وان شاء تعطلت، فلا تركن ايها الانسان على قدراتك وخبراتك وتجاربك وعلومك لوحدها، فلن تنفعك بمعزل عن ارادة الله ، ولن تضر بها الا باذن الله.
فحقق الشروط المطلوبة لنجاح العمل وحقق الاسباب وخذ بها وانت في معية الله، ولا تغفل عن ذكره طرفة عين، ولايغرنك امتلاكك الاسباب وتوفرها دون ان تربطها بعلتها العاملة فيها، وهي ارادة الله ومشيئته مالك الملك الذي لاسكنة ولا حركة في الكون الا بمشيئته سبحانه، وكما جاء فيما صح من الحديث القدسي ياعبدي انت تريد وانا اريد ولا يكون الا ما اريد. وتذكر قوله تعالى مذكرا للصحابة وامة الاسلام وهم بقيادة رسول الله يوم حنين (لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين اذ اعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الارض بما رحبت ثم وليتم مدبرين* ثم انزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وانزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين)25+26التوبة. فذكرهم جل وعلا بنصره لهم في مواطن الحروب ومعارك جهادهم الكثيرة السابقة، وكذلك يوم حنين وان كانت بداية المعركة ليست لمصلحتهم، بل سلط عليهم عدوهم لاغترارهم بكثرتهم التي جعلتهم يظنون انه لا غالب لهم ذاك اليوم، فاذاقهم الله طعم الهزيمة وتولية الادبار، تاديبا وتربية لهم، ثم وهم في موطن الضعف وتلقن الدرس والشعور بالهزيمة، قلب لهم الدائرة وامتن عليهم وكتب لهم النصر. فلذلك قال يومها لهم النبي سلام الله عليه ما غلب اثني عشر الفا من قلة، وكان يومها جيشهم تعداده اثني عشر الفا، اذا مم غلبوا ؟!
انهم غلبوا يوم حصل الخلل في العقيدة القتالية عندهم، فاعجبتهم الكثرة، فليس من شان الاثني عشر الفا ان يغلبوا من قلة عدد، فهم عدد كاف لخوض المعركة مع الخصوم، ولكن لم يربطوا النصر بواهبه وصانعه الحقيقي مسبب الاسباب رب الارباب، بل ربطوه بما في نظرهم المادي الظاهري انه يصنعه ولا يصنع الهزيمة، فكان ما كان من هزيمة للكثرة المعجبة، وتوليتها الادبار، فثبت النبي سلام الله عليه و نفر قليل حوله ، ونادى فيهم انا النبي لا كذب انا ابن عبد المطلب، وبسكينة الله وتثبيته للقلوب، عاد الفرار كرارا، فانقلبت الموازين في لحظات رهيبة عجيبة، وكان النصر من الله، وكان الدرس والعبرة والتربية. فلذلك المؤمن سيف من سيوف الله يعمل في كل وقت وحين، لانه يعلم علم اليقين انه ليس وحده ولو كان وحيدا بين البشر، فان شاء ربك سخر لك الجبال والشجر والحجر، وما لاتعلم من جند ربك تسبح وتؤب معك.
اللهم اجعلنا من عبادك المؤمنين المخلصين الذين لا يشركون ظاهرا ولا باطنا بك شيئا واجعلنا ممن تدافع عنهم يارب فانت حسبنا ونعم الوكيل في كل وقت وحين فهب لامتنا العزة والنصر والتمكين والسلامة من الاوبئة والبلاء والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته .
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في 2020-04-20, 1:13 am عدل 1 مرات