9- الحلقة التاسعة من سلسلة اثر العبادات التربوي على النفس والسلوك :-
---أ-عبادة الذكر :-أ-
التعريف اللغوي :
-------
بالرجوع الى معاجم اللغة نجد ان معنى الذِّكْرُ : هو التَّلَفُّظُ والنُطْقُ بِاللِّسانِ، يُقالُ: ذكَرَ اسْمَ اللهِ، يَذْكُرُهُ، ذِكْراً، أي: نَطَقَ بِهِ، وشَيْءٌ مَذْكُورٌ، أيْ: مَنْطوقٌ بِهِ، وضِدُّهُ: السُّكوتُ والغفلًة والنسيان . ويُطْلَقُ على الشَّيْءِ الـمَنْطوقِ. ويأْتـي بِـمعنى: اسْتِحْضار الشَّيْءِ في القَلْبِ، وضِدُّهُ: النِّسْيانُ، كَقَوْلِـهِم: ذكَرَ الشَّيْءَ بعد نِسْيانِهِ، أيْ: اسْتَحْضَرَهُ واسْتَعادَهُ في ذِهْنِهِ وقَلْبِهِ. ومِن مَعَانِيه: الـحِفْظُ، والشَّرَفُ والصيت. وجَمْعُ الذِّكْرِ: أَذْكارٌ.
المعنى الاصطلاحي الشرعي للذكر:-
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
كُلُّ قَوْلٍ باللسان يَشْتَمِلُ على تَعْظِيمِ وتمجيد اللهِ تعالى وعلى مَـحَـبَّتِهِ وخشيته في القلب وتفكر الذهن فيما يوجب طاعته ويستلزم محبته. وكل عمل وطاعة بموجب ما انزل سبحانه ذكر . قال الله تعالى :- (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا ۚ أُولَـٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ ۚ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴿١١٤ البقرة﴾
فالذكرعبادة اللسان والقلب والفكر، وهو عبادة مطلوبة لا ينبغي لمؤمن نسيانها او الغفلة عنها ، وذلك كما في قوله تعالى:- (قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَـٰكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّىٰ نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا ﴿١٨ الفرقان﴾.
،وقال الله تعالى طالبا من عباده هذه العبادة :- ( فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ)(152- سورة البقرة).
والذكر المطلوب شرعا هو الذكر المانع من المعاصي والدافع للعمل بالطاعات والقربات، اي الذكر الذي يتطلب من الانسان الوقوف على اوامر الله تعالى فيعملها ، والوقوف عند نواهي الله فيجتنبها ، وهو من صفات المؤمنين الذين لا يغيب عنهم ذكر ربهم تعالى،فان سهو او غفلوا باسباب المشاغل التي يعظمها في نفوسهم الشيطان ذكروا الله فعادوا الى حكمه وامره مسرعين، قال تعالى في سورة الاعراف :- (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ (201الاعراف). ومن هنا جائت تسمية القران الكريم بالذكر،لان فيه العبرة والعظة والاوامر والنواهي التي شرعها الله لعباده ، وارادهم ان يبنوا صلتهم به تعالى على اساسها ، وقد قلنا في حلقة سابقة ان قراءة القران وتلاوته تقتضي اتباع احكامه فتحل حلاله وتحرم حرامه وتبني عقلك وفكرك بموجب مفاهيمه وعقيدته التي يرسمها لك فلذلك سمى هذا القران بالذكر... كما في قوله سبحانه :- (ص ۚ وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ ﴿١ -ص﴾ و قوله تعالى: - (وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ [الانبياء: 50]. وقوله سبحانه:- ( ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ [آل عمران:58]. وأُطلق ايضا على الكتب السابقة كما في قوله تعالى :- ( فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ) [النحل: 43]. لان الاصل في هذه الكتب ان تذكر المؤمن وتربطه بشرع ربه تعالى ، فنسيها الناس وهجروها فأرسل الله تعالى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بالكتاب المحفوظ ، ليبقى ذكرا محفوظا للبشرية الى ان يرث الله الارض ومن عليها :قال تعالى :- ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) [ الحجر : 9 ].
وقال عن هلاكه للامم السابقة وارساله رسولنا بالذكر المبارك :- (وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُّكْرًا (( 8 )) فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا (9) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا ۚ قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا (10) رَّسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا (11)(سورة الطلاق) .
وان شاء الله في حلقة قادمة سنتناول معاني الاذكار المشروعة والمستحبة ، ونسال الله تعالى القبول منا ومنكم والعزة والنصر والتمكين للامة وان يفرج كربات اهلنا المرابطين والمجاهدجين في بيت المقدس واكنافه .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ....
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في 2024-03-16, 10:43 am عدل 2 مرات