بسم الله الرحمن الرحيم
22- من دروس القران التوعوية :-
التيقظ الدائم والحذر الشامل على كافة الصعد !!
الحذر من الاعداء والتيقظ الدائم والتنبه الواعي على مقاصدهم ومخططاتهم هو من سمة المؤمن المرتبط بالله تعالى ..سواءً كان ذلك في المجال الفكري او في المجال العسكري الميداني .. فان اي اختراق يصل به العدو الى ثغور الامة يكشف سوءاتهم ويكشف عنهم ستر الله تعالى لهم:-
{ يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا ۗ إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ ۗ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (27)الاعراف} .. فمن كبريات المصائب وعظائم الامور ان يكشف العدو عن عورتك ويري الرجال سوأة المرأة وكذلك يري النساء سوأة الرجال!!! وهذا مما ينافي العفة والمروءة الفطرية في النفوس ...ثم تبين الايات بعد ذلك حجج الساعين لكشف سوءات المجتمعات .. واولها عنوان الحفاظ على التراث او الموروث حتى لو كان من امور الفحش والفواحش!! { وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا ۗ قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ ۖ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (28)الاعراف}.
وبين ربنا عز وجل ان شرعه هو القسط الذي يقيم الحياة البشرية في هذا الكون بالعدل؛ والعدل للوجود البشري هو التوجه للخالق المدبر الذي خلقكم من عدم ثم ينشئكم من بعد موتكم ويركم للحساب !! { قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ ۖ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ۚ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (29)الاعراف} ثم يُبين لنا ان حكمته اقتضت ان يجعل الناس فريقين؛ فريق اهل هداية ونور من الله يستضيئون به؛ وفريقا اخر حقت عليه الضلالة بما اختار من دروب غوايتها ؛ والمصيبة ان هؤلاء يستمرؤن الضلال ويظنون انفسهم انهم هم اهل الهدى والاحسان !! فقال سبحانه :- {فَرِيقًا هَدَىٰ وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ ۗ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ (30)الاعراف}..
ومما يسعى اليه الاعداء من اهل الضلال ان يفتنوا المؤمنين عن الحكم بما انزل الله واوحى الى نبيه صلى الله عليه واله وسلم؛ والفتنة عمل خفي يتوصل به الى انحراف المُستهدف عما هو عليه من امر ثابت مبدئي ؛ وهو ما يسمى ايضا بالكيد والمكر؛ وهو ايضا ما يُعرف اليوم ويُطلق عليه اسم المؤامرة ..ومن اعظم الفتن واكبر الكيد واخبث المؤامرات على هذه الامة ؛ هو عزل كتابها عن احكام حياتها؛ حيث ان الغاية من انزال الكتاب هو تحقيق الهداية بتوجيه فكر الامة وسلوكها بموجب احكامه و تشريعاتها .. فهو مقياس العقائد والافكار؛ وهو مقياس صدق الكتب التي بين يدي غيرنا من السابقين؛ وهو مقياس الثقافات رفضا وقبولا؛ وهو مقياس السلوك والتصرفات في الحياة؛ نقيس به كل الامور الموروثة ونطبق احكامه على الواقع وفيه ونستنبط منه احكام المستجدات لنوجد به الواقع الذي يجب ان يصنعه هو لا غيره!! فحذرنا من اتباعهم ومحاولاتهم صدنا عما انزل الله من نور لنا؛ خاصة اهل الكتاب الذين رضوا لأنفسهم ان يكون قدوتهم واسوتهم ومعبودهم الشيطان :-
{ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ۚ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)المائدة}...
وفي المجال العسكري حذرنا الله سبحانه من الغفلة عن مكائد ومصائد ومؤامرات الكافرين؛ وندبنا للنفير والاستعداد له دوما لحماية بيضة الامة والاسلام؛ وحذرنا من التبطيء والتخلف عن الجهاد في سبيله واعزاز الامة بدينه؛ وطلب منا ان نكون حاضنة طاهرة نقية؛ وناصحين امينين لمجاهدينا؛ وبين لنا ان طريق تحقيق العزة والفوز المستمرة الى يوم الدين هو طريق الجهاد وخياره؛ الذي لا يُبطله جور جائر ولا يوقفه عدل عادل ..!!
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُوا جَمِيعًا (71) وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُن مَّعَهُمْ شَهِيدًا (72) وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِّنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَن لَّمْ تَكُن بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا (73) ۞ فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ ۚ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (74)النساء}... وقد شرع سبحانه للمقاتلين صلاة الخوف بثلاث نماذج كي لا يؤخذ المجاهدون على حين غرة وفي حال غفلة منهم .. فقال لنا :-{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا ۖ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (239)البقرة}...
وعلى المستوى المجتمعي والاجتماعي حذرنا سبحانه من ان اول اسباب انهيار المجتمعات والتجمعات البشرية هو اشاعة الفاحشة بين الناس؛ سواءً كان ذلك بالشعر او الاغاني او الاعلام الساقط او التعليم الماجن ووسائله المنحطة ..!! فقال سبحانه {﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ(19النور ﴾.
وعلى المستوى السياسي الداخلي حذرنا من المنافقين دعاة الباطل وعملاء الاعداء ومنفذي مخططاتهم؛ فقال سبحانه منزلأ لنا سورة خالدة تحمل اسمهم وصفتهم ؛ دليل استمرار وجودهم في الامة على مر الازمان:- {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1) اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (2) ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ (3) ۞ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ۖ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ۖ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ ۖ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ۚ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۖ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ (4)المنافقون}.
وفي المجال الدعوي طلب منا ان نجاهد الكفار بالقران.. اي بالرد على ادعاءات ملل الكفار والتصدي لها بمفاهيم عقيدة وفكر القران فقال:- {فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (52)الفرقان}..
ولبيان طريق النهضة الصحيحة للامة من كبواتها وغفلاتها بين لنا الطريق فقال سبحانه:- { إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9)الاسراء}.. وبين لنا طريقة تحصيل ذلك والموصل اليه فقال:{وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)الانعام} .
وهذا الطريق هو سبيل الرسول والانبياء سلام ربي و صلواته عليه وعليهم أجمعين من قبل وهو سبيل وطريق اهل الاصلاح والتغيير المتبع عبر الازمان :- {وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۚ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ (104) وَكَأَيِّن مِّنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105) وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ (106) أَفَأَمِنُوا أَن تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِّنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (107) قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108) وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِم مِّنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ ۗ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۗ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَوْا ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (109) حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ ۖ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110) لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ ۗ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَٰكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111)يوسف}.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
22- من دروس القران التوعوية :-
التيقظ الدائم والحذر الشامل على كافة الصعد !!
الحذر من الاعداء والتيقظ الدائم والتنبه الواعي على مقاصدهم ومخططاتهم هو من سمة المؤمن المرتبط بالله تعالى ..سواءً كان ذلك في المجال الفكري او في المجال العسكري الميداني .. فان اي اختراق يصل به العدو الى ثغور الامة يكشف سوءاتهم ويكشف عنهم ستر الله تعالى لهم:-
{ يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا ۗ إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ ۗ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (27)الاعراف} .. فمن كبريات المصائب وعظائم الامور ان يكشف العدو عن عورتك ويري الرجال سوأة المرأة وكذلك يري النساء سوأة الرجال!!! وهذا مما ينافي العفة والمروءة الفطرية في النفوس ...ثم تبين الايات بعد ذلك حجج الساعين لكشف سوءات المجتمعات .. واولها عنوان الحفاظ على التراث او الموروث حتى لو كان من امور الفحش والفواحش!! { وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا ۗ قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ ۖ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (28)الاعراف}.
وبين ربنا عز وجل ان شرعه هو القسط الذي يقيم الحياة البشرية في هذا الكون بالعدل؛ والعدل للوجود البشري هو التوجه للخالق المدبر الذي خلقكم من عدم ثم ينشئكم من بعد موتكم ويركم للحساب !! { قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ ۖ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ۚ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (29)الاعراف} ثم يُبين لنا ان حكمته اقتضت ان يجعل الناس فريقين؛ فريق اهل هداية ونور من الله يستضيئون به؛ وفريقا اخر حقت عليه الضلالة بما اختار من دروب غوايتها ؛ والمصيبة ان هؤلاء يستمرؤن الضلال ويظنون انفسهم انهم هم اهل الهدى والاحسان !! فقال سبحانه :- {فَرِيقًا هَدَىٰ وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ ۗ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ (30)الاعراف}..
ومما يسعى اليه الاعداء من اهل الضلال ان يفتنوا المؤمنين عن الحكم بما انزل الله واوحى الى نبيه صلى الله عليه واله وسلم؛ والفتنة عمل خفي يتوصل به الى انحراف المُستهدف عما هو عليه من امر ثابت مبدئي ؛ وهو ما يسمى ايضا بالكيد والمكر؛ وهو ايضا ما يُعرف اليوم ويُطلق عليه اسم المؤامرة ..ومن اعظم الفتن واكبر الكيد واخبث المؤامرات على هذه الامة ؛ هو عزل كتابها عن احكام حياتها؛ حيث ان الغاية من انزال الكتاب هو تحقيق الهداية بتوجيه فكر الامة وسلوكها بموجب احكامه و تشريعاتها .. فهو مقياس العقائد والافكار؛ وهو مقياس صدق الكتب التي بين يدي غيرنا من السابقين؛ وهو مقياس الثقافات رفضا وقبولا؛ وهو مقياس السلوك والتصرفات في الحياة؛ نقيس به كل الامور الموروثة ونطبق احكامه على الواقع وفيه ونستنبط منه احكام المستجدات لنوجد به الواقع الذي يجب ان يصنعه هو لا غيره!! فحذرنا من اتباعهم ومحاولاتهم صدنا عما انزل الله من نور لنا؛ خاصة اهل الكتاب الذين رضوا لأنفسهم ان يكون قدوتهم واسوتهم ومعبودهم الشيطان :-
{ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ۚ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)المائدة}...
وفي المجال العسكري حذرنا الله سبحانه من الغفلة عن مكائد ومصائد ومؤامرات الكافرين؛ وندبنا للنفير والاستعداد له دوما لحماية بيضة الامة والاسلام؛ وحذرنا من التبطيء والتخلف عن الجهاد في سبيله واعزاز الامة بدينه؛ وطلب منا ان نكون حاضنة طاهرة نقية؛ وناصحين امينين لمجاهدينا؛ وبين لنا ان طريق تحقيق العزة والفوز المستمرة الى يوم الدين هو طريق الجهاد وخياره؛ الذي لا يُبطله جور جائر ولا يوقفه عدل عادل ..!!
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُوا جَمِيعًا (71) وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُن مَّعَهُمْ شَهِيدًا (72) وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِّنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَن لَّمْ تَكُن بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا (73) ۞ فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ ۚ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (74)النساء}... وقد شرع سبحانه للمقاتلين صلاة الخوف بثلاث نماذج كي لا يؤخذ المجاهدون على حين غرة وفي حال غفلة منهم .. فقال لنا :-{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا ۖ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (239)البقرة}...
وعلى المستوى المجتمعي والاجتماعي حذرنا سبحانه من ان اول اسباب انهيار المجتمعات والتجمعات البشرية هو اشاعة الفاحشة بين الناس؛ سواءً كان ذلك بالشعر او الاغاني او الاعلام الساقط او التعليم الماجن ووسائله المنحطة ..!! فقال سبحانه {﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ(19النور ﴾.
وعلى المستوى السياسي الداخلي حذرنا من المنافقين دعاة الباطل وعملاء الاعداء ومنفذي مخططاتهم؛ فقال سبحانه منزلأ لنا سورة خالدة تحمل اسمهم وصفتهم ؛ دليل استمرار وجودهم في الامة على مر الازمان:- {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1) اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (2) ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ (3) ۞ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ۖ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ۖ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ ۖ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ۚ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۖ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ (4)المنافقون}.
وفي المجال الدعوي طلب منا ان نجاهد الكفار بالقران.. اي بالرد على ادعاءات ملل الكفار والتصدي لها بمفاهيم عقيدة وفكر القران فقال:- {فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (52)الفرقان}..
ولبيان طريق النهضة الصحيحة للامة من كبواتها وغفلاتها بين لنا الطريق فقال سبحانه:- { إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9)الاسراء}.. وبين لنا طريقة تحصيل ذلك والموصل اليه فقال:{وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)الانعام} .
وهذا الطريق هو سبيل الرسول والانبياء سلام ربي و صلواته عليه وعليهم أجمعين من قبل وهو سبيل وطريق اهل الاصلاح والتغيير المتبع عبر الازمان :- {وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۚ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ (104) وَكَأَيِّن مِّنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105) وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ (106) أَفَأَمِنُوا أَن تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِّنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (107) قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108) وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِم مِّنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ ۗ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۗ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَوْا ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (109) حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ ۖ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110) لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ ۗ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَٰكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111)يوسف}.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...