بسم الله الرحمن الرحيم
48 - من دروس القران التوعوية :
المرض في القران الكريم :-
بعد ان تحدثنا بالامس في الحلقة السابقة -47- من هذه السلسلة المباركة عن الشفاء في القران وانواعه ، فنتحدث اليوم عن الامراض وانواعها في قراننا الكريم :-
وردت كلمة المرض ومشتقاتها في القران الكريم في عدة ايات كريمة؛ والمدقق في معاني الايات المتدبر لها يجدها عنت بالمرض امرين رئيسيين:-
1- مرض الابدان والاجساد والاعضاء؛ وهو مرض خلقي ومرض سببي !!
فاما الخلقي فهو ما يولد عليه الانسان ، من نقص في احدى الحواس او تشوهها او عجز في احد الاعضاء او عجز في الاداء الوظيفي لبعض الاجهزة؛ و هذا بالطبع لا يتنافى مع قوله تعالى :- ( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) التين).. فهذه السنة الاصلية في استقامة الخلق ، الا ان هذه السنة تترتب عليها سنة العقاب ان تخلف الانسان عن الاستقامة بها ومعها..لانه قال بعدها :- (ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) التين ) وكذلك لا تناقض قوله تعالى:-
(الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا ۖ مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ الرَّحْمَٰنِ مِن تَفَاوُتٍ ۖ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ (3)تبارك). لانه قال في موضع اخر :- ( وَمَن نُّعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ ۖ أَفَلَا يَعْقِلُونَ (68)يس).. و النكس: قلب الشيء على رأسه، ومنه: نكس الولد: إذا خرج رجله قبل رأسه، قال تعالى: ﴿ثم نكسوا على رؤسهم﴾ [الأنبياء/65] ...ففي اية يس يقول سبحانه في وصف آخر أطوار حياة الإنسان: {ومن نعمره ننكسه في الخلق أفلا يعقلون} (يس:68) فتخبر هذه الآية الكريمة أن من طال عمره تنكس في خلقه، أي: انقلب حاله، وارتدت قواه، وتراجعت قدراته متجهة نحو الضعف والوهن، وصار كمن انتكس وانقلب رأساً على عقب، ويكشف هذا الوصف القرآني الدقيق العلم بحالة عامة من التدهور والارتداد والانقلاب في كل امر معنوي او حسي ... وان الجري وراء الشهوة دون التقيد بنظام الله تعالى في اشباعها سبب من اسباب المواليد المعاقين ذوي العاهات الخلقية ؛ وهذا مما يوجب علينا الوقوف مليا امام شرع الله تعالى واتباعه والتقيد به؛ فان شذذنا فانما نشذ عن نواميس الفطرة وسنن الخلق ؛ فالزوج الذي يجامع زوجته في المحيض مثلا لا يأمن ان تأتيه ذرية معاقة؛ فالناهي هو اللطيف العليم الخبير بما يصلح الخلق :- (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ۖ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ ۖ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222)البقرة) .. وهذه الاية الكريمة دلتنا بصراحة ووضوح ان هناك عوامل تشوه الاجنة وتؤذي تمام خلقهم ؛ فمثلا من ذلك وصفات بعض الجهلة من المتطببين ادعياء المعرفة؛
وخطر الاشعة السينية والنووية على الاجنة اثبتته واكتشفته الدراسات العلمية الحديثة .. فكل ذلك من المؤثرات على اكمال الخلق واحسان تقويمه؛ والذي جعله الله سنة لها اسبابها التي تترتب عليها مسبباتها ..
واما امراض الجسد بالعوارض كالحمى والالتهاب و غيرها معدية كانت ام غير معدية فان الله تعالى وجهنا فيها لاخذ العلاج بعد التوكل على الله تعالى؛ فتأمل وتدبر قول الله تعالى:{ وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا ۚ يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (69) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ ۚ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (70)النحل}. وهذا اشارة واضحة لوجود علاجات الامراض في الطبيعة التي خلقها الله تعالى وامر النحل ان تأخذ من زهورها الرحيق فتصنع منه العسل!!!
وجاء في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال -: “ما أنزل الله داء إلا قد أنزل له شفاء، علمه من علمه، وجهله من جهله”.[مسند الامام احمد]، ووأيضا الحديث الآخر عند احمد وهو: قوله ﷺ : «تداووا عباد الله، فإن الله عز وجل لم ينزل داء، إلا أنزل معه شفاء، إلا الموت، والهرم».
2- اما الامراض النفسية المنعكسة اثارها على الفرد والجماعة والمؤثرة في السلوك الجمعي للمجتمع في القران الكريم فقد اشارت لها ولعلاجها عدة ايات كثيرة ؛ ولكن لا ينتفع بها الا المؤمن الطالب للحق كما في قوله سبحانه و تعالى: « وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا» سورة الاسراء- الآية82. وقد سمى الله تعالى تلك الامراض بامراض القلب او بامراض القلوب ؛ وذلك لما في ذلك من علاقة بين تشوش الفكر وضلال العقل المؤدي الى تشوه النفس ومرضها ؛ وابرز اسبابه الارتياب والشك واتباع الظن مع استحكام الهوى واتباع تحقيق الملذات باية وسيلة ...ومن هؤلاء وابرزهم أئمة الكفر ودعاة الطاغوت وكذلك اهل النفاق المذبذبين المحتارين فلا هم الى هؤلاء ولا الى هؤلاء !! فهم كما وصفهم الله -عز وجل-: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا} [البقرة:10]..
والايات في ذكر اصحاب امراض النفس والقلوب كثيرة ولا علاج منها الا بالتوبة واخلاص العبودية والطاعة الحقة لله عز وجل ..
اللهم نسالك الشفاء من الامراض والادواء في النفوس والابدان وجنبنا اللهم الفتن ما ظهر منها وما بطن ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
48 - من دروس القران التوعوية :
المرض في القران الكريم :-
بعد ان تحدثنا بالامس في الحلقة السابقة -47- من هذه السلسلة المباركة عن الشفاء في القران وانواعه ، فنتحدث اليوم عن الامراض وانواعها في قراننا الكريم :-
وردت كلمة المرض ومشتقاتها في القران الكريم في عدة ايات كريمة؛ والمدقق في معاني الايات المتدبر لها يجدها عنت بالمرض امرين رئيسيين:-
1- مرض الابدان والاجساد والاعضاء؛ وهو مرض خلقي ومرض سببي !!
فاما الخلقي فهو ما يولد عليه الانسان ، من نقص في احدى الحواس او تشوهها او عجز في احد الاعضاء او عجز في الاداء الوظيفي لبعض الاجهزة؛ و هذا بالطبع لا يتنافى مع قوله تعالى :- ( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) التين).. فهذه السنة الاصلية في استقامة الخلق ، الا ان هذه السنة تترتب عليها سنة العقاب ان تخلف الانسان عن الاستقامة بها ومعها..لانه قال بعدها :- (ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) التين ) وكذلك لا تناقض قوله تعالى:-
(الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا ۖ مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ الرَّحْمَٰنِ مِن تَفَاوُتٍ ۖ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ (3)تبارك). لانه قال في موضع اخر :- ( وَمَن نُّعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ ۖ أَفَلَا يَعْقِلُونَ (68)يس).. و النكس: قلب الشيء على رأسه، ومنه: نكس الولد: إذا خرج رجله قبل رأسه، قال تعالى: ﴿ثم نكسوا على رؤسهم﴾ [الأنبياء/65] ...ففي اية يس يقول سبحانه في وصف آخر أطوار حياة الإنسان: {ومن نعمره ننكسه في الخلق أفلا يعقلون} (يس:68) فتخبر هذه الآية الكريمة أن من طال عمره تنكس في خلقه، أي: انقلب حاله، وارتدت قواه، وتراجعت قدراته متجهة نحو الضعف والوهن، وصار كمن انتكس وانقلب رأساً على عقب، ويكشف هذا الوصف القرآني الدقيق العلم بحالة عامة من التدهور والارتداد والانقلاب في كل امر معنوي او حسي ... وان الجري وراء الشهوة دون التقيد بنظام الله تعالى في اشباعها سبب من اسباب المواليد المعاقين ذوي العاهات الخلقية ؛ وهذا مما يوجب علينا الوقوف مليا امام شرع الله تعالى واتباعه والتقيد به؛ فان شذذنا فانما نشذ عن نواميس الفطرة وسنن الخلق ؛ فالزوج الذي يجامع زوجته في المحيض مثلا لا يأمن ان تأتيه ذرية معاقة؛ فالناهي هو اللطيف العليم الخبير بما يصلح الخلق :- (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ۖ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ ۖ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222)البقرة) .. وهذه الاية الكريمة دلتنا بصراحة ووضوح ان هناك عوامل تشوه الاجنة وتؤذي تمام خلقهم ؛ فمثلا من ذلك وصفات بعض الجهلة من المتطببين ادعياء المعرفة؛
وخطر الاشعة السينية والنووية على الاجنة اثبتته واكتشفته الدراسات العلمية الحديثة .. فكل ذلك من المؤثرات على اكمال الخلق واحسان تقويمه؛ والذي جعله الله سنة لها اسبابها التي تترتب عليها مسبباتها ..
واما امراض الجسد بالعوارض كالحمى والالتهاب و غيرها معدية كانت ام غير معدية فان الله تعالى وجهنا فيها لاخذ العلاج بعد التوكل على الله تعالى؛ فتأمل وتدبر قول الله تعالى:{ وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا ۚ يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (69) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ ۚ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (70)النحل}. وهذا اشارة واضحة لوجود علاجات الامراض في الطبيعة التي خلقها الله تعالى وامر النحل ان تأخذ من زهورها الرحيق فتصنع منه العسل!!!
وجاء في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال -: “ما أنزل الله داء إلا قد أنزل له شفاء، علمه من علمه، وجهله من جهله”.[مسند الامام احمد]، ووأيضا الحديث الآخر عند احمد وهو: قوله ﷺ : «تداووا عباد الله، فإن الله عز وجل لم ينزل داء، إلا أنزل معه شفاء، إلا الموت، والهرم».
2- اما الامراض النفسية المنعكسة اثارها على الفرد والجماعة والمؤثرة في السلوك الجمعي للمجتمع في القران الكريم فقد اشارت لها ولعلاجها عدة ايات كثيرة ؛ ولكن لا ينتفع بها الا المؤمن الطالب للحق كما في قوله سبحانه و تعالى: « وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا» سورة الاسراء- الآية82. وقد سمى الله تعالى تلك الامراض بامراض القلب او بامراض القلوب ؛ وذلك لما في ذلك من علاقة بين تشوش الفكر وضلال العقل المؤدي الى تشوه النفس ومرضها ؛ وابرز اسبابه الارتياب والشك واتباع الظن مع استحكام الهوى واتباع تحقيق الملذات باية وسيلة ...ومن هؤلاء وابرزهم أئمة الكفر ودعاة الطاغوت وكذلك اهل النفاق المذبذبين المحتارين فلا هم الى هؤلاء ولا الى هؤلاء !! فهم كما وصفهم الله -عز وجل-: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا} [البقرة:10]..
والايات في ذكر اصحاب امراض النفس والقلوب كثيرة ولا علاج منها الا بالتوبة واخلاص العبودية والطاعة الحقة لله عز وجل ..
اللهم نسالك الشفاء من الامراض والادواء في النفوس والابدان وجنبنا اللهم الفتن ما ظهر منها وما بطن ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..