بسم الله الرحمن الرحيم
50- من دروس القران التوعوية :
التضليل السياسي والتضليل الاعلامي في القران والسنة :-
التضليل هو من الاضلال وهو حرف الناس او الاتباع عن الهدى والحق بتلبيس الامور عليهم واخفاء حقيقة الواقع عنهم؛ وذلك بالكذب والغرور وتزييف الرؤيا والنظرة للواقع بوضع غشاوة على الاعين؛ فلا يتم ادراك الحق ادراكا صحيحا؛وبالتالي لا يتخذ تجاهه الموقف والاجراء الصحيح ... وربما يتخذ الاجراء الخطأ الخادم لغايات المضلل !!
والتضليل السياسي هو توجيه الناس لقبول او خدمة فكرة معينة خبيثة ظاهرها النفع لهم؛ وباطنها الضرر والاذى الذي يحولهم خدما لتحقيق مصالح واهداف المجرمين ... والتضليل الاعلامي وسيلة واداة التضليل السياسي؛ فعلاقتهما علاقة تلازم لا ينفك احدهما عن الاخر ..
قال الله تعالى :- {وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) وَلِتَصْغَىٰ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ (113) الانعام}..ففي الآيات الكريمة بيان لسنة من السنن الربانية, سنة ماضية وجارية وباقية, سنة الصراع بين الحق والباطل, هذا الصراع الذي يضرب بجذوره في أعماق التاريخ، ويمتد إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
يعتمد التضليل السياسي والاعلامي على الكذب والخداع واشاعته والدعاية له ونشره؛ وأول خبر خادع وكاذب كان مع أبينا آدم عليه السلام وأمنا حواء لما جاء الشيطان وتوسل لهم؛ يقول تعالى في سورة طه: ﴿فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَىٰ﴾ [طه:120].
ومن إبليس إلى إنسان ، اكتسبت هذه السمة اللاأخلاقية والمدمرة للمجتمعات والأمم ، فقد أخبرنا القرآن الكريم بقصص الأنبياء والمرسلين وكيف ألقى عليها سادة شعوبهم بأنواع وألوان إخبارية مزيفة.
و راينا في ايات الانعام السابقة كيف قدم شياطين الانس على شياطين الجن؛ الذين يعتمدون زخرف القول واساليب التغرير في التضليل وحرف مسار البشرية عن الحق واخفاء الحقيقة ..
ومن القواعد المتبعة اليوم لتضليل الشعوب قاعدة شيطنة الخصوم؛ لتحشيد الشعب المعني خلف قيادة شيطانية للانقضاض على الغير وتحطيمه؛كافتعال احداث جسام تشعر الناس انهم في خطر كما فعلت امريكا في احداث البرجين التي سمحت لنفسها باحتلال العالم بدعم رأي شعبي مضلل واسع !!
وقد وضعت الدول المستعمرة قاعدة استرتيجية لتلفيق الأكاذيب و التي تقول: “إذا كنت تريد السيطرة على الناس ، فقل لهم أنهم في خطر ، وحذرهم من أن أمنهم مهدد ، ثم تشكك في وطنية خصومك".
بهذه الإستراتيجية العالمية الفعالة ، نجح أدولف هتلر في حشد ألمانيا النازية لدخول الحرب العالمية الثانية ، قال “جوزيف جوبلز” وزير الدعاية النازية، والمحرك العقلي لرأس “أدوولف هتلر”: (أعطني إعلاماً بلا ضمير، أعطيك شعباً بلا وعي).
وبنفس الطريقة نجحت الإدارة الأمريكية بعد أكثر من نصف قرن في إطلاق حملة إعلامية واسعة لإقناع شعبها بـ بحاجة لشن حرب على افغانستان ومن ثم العراق بأي ثمن؛ والذي ادى بالتالي لاحتلال الخليج دون قتال ؛ ومن ثم تفرد امريكا النجسة بقيادة العالم !!!
ولا يقتصر التضليل السياسي والاعلامي على نشر الشائعات والاكاذيب والشعارات الزائفة فقط على وسائل الاعلام ؛ بل يتعدى احيانا كثيرة ليمس الاديان ويستغلها او يعبث بها .. فنتذكر ان الحملات الصليبية انما كان الدعاية لها تقوم على الانتقام للسيد المسيح والصليب ورفعت شعار الصليب لتخطب ود البسطاء والسذج ..
وينشط التضليل الإعلامي بين المسلمين في نشر الأحاديث المفبركة و الملفقة عن النبي صلى الله عليه وسلم، او عن النبوءات والاسرائيليات التي قدموا لها بانها مقبولة في اسلامنا !! كما لاحظنا ذلك ابان فترة اعلان الحرب على العراق خاصة؛ فانتشرت كتب تبشر بالبالي لابس الكتان!! وانه هو من يزيل كيان المغضوب عليهم !! وكتب مثل حوار مع صديقي الجني !! وما حواه من نبوءات من احاديث منسوبة للنبي عليه السلام و ربطها بروايات من الاسفار..!!
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ) [رواه البخاري ومسلم].
قال المناوي: “إنَّ الكَذِبَ عليه أعظَمُ أنواعِ الكَذِبِ؛ لأدائِه إلى هَدمِ قواعِدِ الدِّينِ، وإفسادِ الشَّريعةِ، وإبطالِ الأحكامِ” [فيض القدير:2/476].
وقال ابنُ حجر: “قد اتَّفَق العُلَماءُ على تغليظِ الكَذِبِ على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأنَّه من الكبائِرِ، حتى بالغ الشيخُ أبو مُحمَّد الجويني فحَكَم بكُفِر من وقع منه ذلك، وكلامُ القاضي أبي بكر بن العربي يميلُ إليه” [فتح الباري:6/499].
وموقفنا هو التحقق والتدقيق والتحري والتبين والتمحيص لكل ما يُبث او يٌقال او يُسمع؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ [الحجرات: 6]، كما نهى الإسلام عن سماع الشائعة ونشرها، وذمَّ سبحانه وتعالى الذين يسَّمَّعون للمرجفين والمروجين للشائعات والفتن؛ فقال تعالى: ﴿لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾ [التوبة: 47].
وقد حرَّم الإسلام نشر الشائعات وترويجها، وتوعَّد فاعل ذلك بالعقاب الأليم في الدنيا والآخرة؛ فقال تعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النور: 19]، وهذا الوعيد الشديد فيمن أَحَبَّ وأراد أن تشيع الفاحشة بين المسلمين، فكيف الحال بمن يعمل على نشر الشائعات بالفعل! كما أشارت النصوص الشرعية إلى أن نشر الشائعات من شأن المنافقين وضعاف النفوس، وداخلٌ في نطاق الكذب، وهو محرَّم شرعًا.
فلما قال سبحانه في ايات الانعام المذكورة اعلاه :{فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُون} اي فاتركهم وابتعد عنهم وكذبهم وافتراءهم ، وهذه الجملة القرآنية توحي بالتهديد والوعيد. لانه في الحقيقة لا يستجيب لكذبهم وافتراءاتهم الا المتشككين والذين لا يؤمنون بالاخرة ؛ فربط سبحانه بين اتباعهم للكذب وتصديق الاشاعات والاستماع لها وبين عدم الايمان بالاخرة ؛ لانهم لم يتدبروا الامور فيعرفوا على العواقب ؛ فجرفهم تيار زخرف قول الشياطين : {وَلِتَصْغَىٰ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ}
(الإصغاء) استماع مع ميل واتباع، قال الإمام الراغب: (كنت أستمع لفلان كنت أسمعه) ، وهذا ينطبق على هذه الوسائط الفاسدة التي تلفت الأنظار ، وتأسر الأنظار ، وتسرق المشاعر ، وتتخذ. على العقول غشاوة ، وبالتالي تهيء للاعداء امتلاك القدرة على بسط النفوذ.
ومن التضليل السياسي والاعلامي اليوم هو تسمية الاشياء بغير مسمياتها؛
لتغيير المفاهيم والبديهيات التي ترسخت في العقول:
كالتعبير بالاستعمار بدل الاحتلال ، والمستعمرين بدلاً من المغتصبين ، المستوطنين بدلاً من المحتلين ، والقيادة الأخلاقية بدلاً من غسل الأدمغة ، ووزارة الدفاع بدلاً من وزارة الحرب ، والتبشير بدلاً من التنصير ، االمشروبات الروحية بدلاً من الخمر ، والفوائد والأرباح بدلاً من الربا ؛ والعلاقات خارج اطار الزواج بدلا عن الزنا ؛ والمثلية بدلا من السحاق و اللواط ؛ والترفيه بدل الدعارة ؛ والفن بدل المجون والفسق !!! ...
هذه دعوة لمقاطعة كل الضلالات والافتراءات التي يبررونها ويفبركونها ، بما في ذلك وسائلهم الإعلامية المضللة ، فينبغي أن تكون الدعوة للتخلي عنها ، بل ومواجهتها وكشفها، لئلا يثبتوها أو يروجوا لها.
فالحرب الضروس مستمرة بين الحق والباطل ما بقي على الارض اثنان !!
والخلاص من التضليل والضلال الاعلامي والسياسي انما يكون باتباع وتننفيذ قول الله تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} [الإسراء:36].
نعوذ بالله من شياطين الانس والجن ونساله الهدى العاصم من الضلالات والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
50- من دروس القران التوعوية :
التضليل السياسي والتضليل الاعلامي في القران والسنة :-
التضليل هو من الاضلال وهو حرف الناس او الاتباع عن الهدى والحق بتلبيس الامور عليهم واخفاء حقيقة الواقع عنهم؛ وذلك بالكذب والغرور وتزييف الرؤيا والنظرة للواقع بوضع غشاوة على الاعين؛ فلا يتم ادراك الحق ادراكا صحيحا؛وبالتالي لا يتخذ تجاهه الموقف والاجراء الصحيح ... وربما يتخذ الاجراء الخطأ الخادم لغايات المضلل !!
والتضليل السياسي هو توجيه الناس لقبول او خدمة فكرة معينة خبيثة ظاهرها النفع لهم؛ وباطنها الضرر والاذى الذي يحولهم خدما لتحقيق مصالح واهداف المجرمين ... والتضليل الاعلامي وسيلة واداة التضليل السياسي؛ فعلاقتهما علاقة تلازم لا ينفك احدهما عن الاخر ..
قال الله تعالى :- {وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) وَلِتَصْغَىٰ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ (113) الانعام}..ففي الآيات الكريمة بيان لسنة من السنن الربانية, سنة ماضية وجارية وباقية, سنة الصراع بين الحق والباطل, هذا الصراع الذي يضرب بجذوره في أعماق التاريخ، ويمتد إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
يعتمد التضليل السياسي والاعلامي على الكذب والخداع واشاعته والدعاية له ونشره؛ وأول خبر خادع وكاذب كان مع أبينا آدم عليه السلام وأمنا حواء لما جاء الشيطان وتوسل لهم؛ يقول تعالى في سورة طه: ﴿فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَىٰ﴾ [طه:120].
ومن إبليس إلى إنسان ، اكتسبت هذه السمة اللاأخلاقية والمدمرة للمجتمعات والأمم ، فقد أخبرنا القرآن الكريم بقصص الأنبياء والمرسلين وكيف ألقى عليها سادة شعوبهم بأنواع وألوان إخبارية مزيفة.
و راينا في ايات الانعام السابقة كيف قدم شياطين الانس على شياطين الجن؛ الذين يعتمدون زخرف القول واساليب التغرير في التضليل وحرف مسار البشرية عن الحق واخفاء الحقيقة ..
ومن القواعد المتبعة اليوم لتضليل الشعوب قاعدة شيطنة الخصوم؛ لتحشيد الشعب المعني خلف قيادة شيطانية للانقضاض على الغير وتحطيمه؛كافتعال احداث جسام تشعر الناس انهم في خطر كما فعلت امريكا في احداث البرجين التي سمحت لنفسها باحتلال العالم بدعم رأي شعبي مضلل واسع !!
وقد وضعت الدول المستعمرة قاعدة استرتيجية لتلفيق الأكاذيب و التي تقول: “إذا كنت تريد السيطرة على الناس ، فقل لهم أنهم في خطر ، وحذرهم من أن أمنهم مهدد ، ثم تشكك في وطنية خصومك".
بهذه الإستراتيجية العالمية الفعالة ، نجح أدولف هتلر في حشد ألمانيا النازية لدخول الحرب العالمية الثانية ، قال “جوزيف جوبلز” وزير الدعاية النازية، والمحرك العقلي لرأس “أدوولف هتلر”: (أعطني إعلاماً بلا ضمير، أعطيك شعباً بلا وعي).
وبنفس الطريقة نجحت الإدارة الأمريكية بعد أكثر من نصف قرن في إطلاق حملة إعلامية واسعة لإقناع شعبها بـ بحاجة لشن حرب على افغانستان ومن ثم العراق بأي ثمن؛ والذي ادى بالتالي لاحتلال الخليج دون قتال ؛ ومن ثم تفرد امريكا النجسة بقيادة العالم !!!
ولا يقتصر التضليل السياسي والاعلامي على نشر الشائعات والاكاذيب والشعارات الزائفة فقط على وسائل الاعلام ؛ بل يتعدى احيانا كثيرة ليمس الاديان ويستغلها او يعبث بها .. فنتذكر ان الحملات الصليبية انما كان الدعاية لها تقوم على الانتقام للسيد المسيح والصليب ورفعت شعار الصليب لتخطب ود البسطاء والسذج ..
وينشط التضليل الإعلامي بين المسلمين في نشر الأحاديث المفبركة و الملفقة عن النبي صلى الله عليه وسلم، او عن النبوءات والاسرائيليات التي قدموا لها بانها مقبولة في اسلامنا !! كما لاحظنا ذلك ابان فترة اعلان الحرب على العراق خاصة؛ فانتشرت كتب تبشر بالبالي لابس الكتان!! وانه هو من يزيل كيان المغضوب عليهم !! وكتب مثل حوار مع صديقي الجني !! وما حواه من نبوءات من احاديث منسوبة للنبي عليه السلام و ربطها بروايات من الاسفار..!!
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ) [رواه البخاري ومسلم].
قال المناوي: “إنَّ الكَذِبَ عليه أعظَمُ أنواعِ الكَذِبِ؛ لأدائِه إلى هَدمِ قواعِدِ الدِّينِ، وإفسادِ الشَّريعةِ، وإبطالِ الأحكامِ” [فيض القدير:2/476].
وقال ابنُ حجر: “قد اتَّفَق العُلَماءُ على تغليظِ الكَذِبِ على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأنَّه من الكبائِرِ، حتى بالغ الشيخُ أبو مُحمَّد الجويني فحَكَم بكُفِر من وقع منه ذلك، وكلامُ القاضي أبي بكر بن العربي يميلُ إليه” [فتح الباري:6/499].
وموقفنا هو التحقق والتدقيق والتحري والتبين والتمحيص لكل ما يُبث او يٌقال او يُسمع؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ [الحجرات: 6]، كما نهى الإسلام عن سماع الشائعة ونشرها، وذمَّ سبحانه وتعالى الذين يسَّمَّعون للمرجفين والمروجين للشائعات والفتن؛ فقال تعالى: ﴿لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾ [التوبة: 47].
وقد حرَّم الإسلام نشر الشائعات وترويجها، وتوعَّد فاعل ذلك بالعقاب الأليم في الدنيا والآخرة؛ فقال تعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النور: 19]، وهذا الوعيد الشديد فيمن أَحَبَّ وأراد أن تشيع الفاحشة بين المسلمين، فكيف الحال بمن يعمل على نشر الشائعات بالفعل! كما أشارت النصوص الشرعية إلى أن نشر الشائعات من شأن المنافقين وضعاف النفوس، وداخلٌ في نطاق الكذب، وهو محرَّم شرعًا.
فلما قال سبحانه في ايات الانعام المذكورة اعلاه :{فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُون} اي فاتركهم وابتعد عنهم وكذبهم وافتراءهم ، وهذه الجملة القرآنية توحي بالتهديد والوعيد. لانه في الحقيقة لا يستجيب لكذبهم وافتراءاتهم الا المتشككين والذين لا يؤمنون بالاخرة ؛ فربط سبحانه بين اتباعهم للكذب وتصديق الاشاعات والاستماع لها وبين عدم الايمان بالاخرة ؛ لانهم لم يتدبروا الامور فيعرفوا على العواقب ؛ فجرفهم تيار زخرف قول الشياطين : {وَلِتَصْغَىٰ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ}
(الإصغاء) استماع مع ميل واتباع، قال الإمام الراغب: (كنت أستمع لفلان كنت أسمعه) ، وهذا ينطبق على هذه الوسائط الفاسدة التي تلفت الأنظار ، وتأسر الأنظار ، وتسرق المشاعر ، وتتخذ. على العقول غشاوة ، وبالتالي تهيء للاعداء امتلاك القدرة على بسط النفوذ.
ومن التضليل السياسي والاعلامي اليوم هو تسمية الاشياء بغير مسمياتها؛
لتغيير المفاهيم والبديهيات التي ترسخت في العقول:
كالتعبير بالاستعمار بدل الاحتلال ، والمستعمرين بدلاً من المغتصبين ، المستوطنين بدلاً من المحتلين ، والقيادة الأخلاقية بدلاً من غسل الأدمغة ، ووزارة الدفاع بدلاً من وزارة الحرب ، والتبشير بدلاً من التنصير ، االمشروبات الروحية بدلاً من الخمر ، والفوائد والأرباح بدلاً من الربا ؛ والعلاقات خارج اطار الزواج بدلا عن الزنا ؛ والمثلية بدلا من السحاق و اللواط ؛ والترفيه بدل الدعارة ؛ والفن بدل المجون والفسق !!! ...
هذه دعوة لمقاطعة كل الضلالات والافتراءات التي يبررونها ويفبركونها ، بما في ذلك وسائلهم الإعلامية المضللة ، فينبغي أن تكون الدعوة للتخلي عنها ، بل ومواجهتها وكشفها، لئلا يثبتوها أو يروجوا لها.
فالحرب الضروس مستمرة بين الحق والباطل ما بقي على الارض اثنان !!
والخلاص من التضليل والضلال الاعلامي والسياسي انما يكون باتباع وتننفيذ قول الله تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} [الإسراء:36].
نعوذ بالله من شياطين الانس والجن ونساله الهدى العاصم من الضلالات والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...