المفاتيح كاتمة أسرار
دينا سليم – فلسطين
من بين سندس أودية عين كارم وعبق الزعتر هدرتُ بسيارتي أقتحم الهدوء العارم الذي خيم على البلدة الصغيرة، كنتُ قد أدمنتُ المرور في ذلك المكان الرائع وكأنني على موعد يجرفني الى ما قبل خمسين عام وأكثر، لم أكن مولودة بعد لكني كلما التقيتُ بتلك البقعة الأثرية،حاصرتني رؤية المجهول، زمن متروك يحثني باستمرار البحث عن أطلال بقايا زمان في ذلك المكان.
لمحت بيتا عتيقا مشققة جدرانهُ ، سوره كاد يؤول سقوطا ، همست في نفسي :" ربما هنا يمكن ذلك المجهول الذي يستحوذ على عقلي ! "
واذا بي أطرق بابا يظهر منه أحد الاشخاص بلباس أعرفه جيدا، ينظر لي بخوف يسألني مرتعبا أن كنت غريبه فقلت: "نعم" .صد الباب في وجهي، فتحته عنوة غير مرتابه ودخلت الى ساحة البيت العتيق، يا للهول! اني أرى التقاء الزمان بالمكان، ما تزال الشمس تسطع بنورها المتوهج تجعل المكان يتلالا حبورا توصي القمر بحنان أن يكو ن حارسا مقيما ان اضطرت إلى الهجره كما في كل مساء، تتناوب وإياه على احتضان صرخه من التاريخ، صداها يتاجج داخل بئر ماء .
أسرعت الى البئر أتفحصها، واذا بالشمس تسبقني فتلج حتى أعماقها تكشف أسرارها الدفينة، أسرار غاب منها بريقها ومكان الصدأ أوّل الزوار وآخرهم، أتيت بحبل مشنقه كان في المكان، ارتعد الرجل، هدّأتُ من روعه وأسكنت خوفه قائلة: "هذا الحبل لي سأنخفض به الى عمق البئر لبرهات وأخرج سريعا" صرخ مستنكرا وكأنه يقول:" كم أنت ضيفة مضجرة ثقيلة الظّل!"...
صعدت خارج البئر أحاول اسنتشاق الهواء النقي، ألملم أنفاسي الثقيلة وأحاول تنظيم دقات قلبي المعطلة، ارتعشت لهفة وعرقي يقطر من جبيني يغطي صدغيّ ووجنتيّ المحموتين.
ركنت طرف البئر ألوم نفسي على جهدي الذي ذهب هباء ، لم يعد المفتاح الذي خبّأه ابي في البئر يصلح لان يكون فاتح البيت الذي ولد فيه .
أسرعت نحو الباب العتيق أغادر السّنين الميته وعينا الرّجل تتبعاني، يتمتم مندهشا بلغة لا أفهمها لكني عرفت جيدا ما قيل وما سيقال أبدا :" لتبقى المفاتيح كاتمة الأسرار...."
دينا سليم – فلسطين
من بين سندس أودية عين كارم وعبق الزعتر هدرتُ بسيارتي أقتحم الهدوء العارم الذي خيم على البلدة الصغيرة، كنتُ قد أدمنتُ المرور في ذلك المكان الرائع وكأنني على موعد يجرفني الى ما قبل خمسين عام وأكثر، لم أكن مولودة بعد لكني كلما التقيتُ بتلك البقعة الأثرية،حاصرتني رؤية المجهول، زمن متروك يحثني باستمرار البحث عن أطلال بقايا زمان في ذلك المكان.
لمحت بيتا عتيقا مشققة جدرانهُ ، سوره كاد يؤول سقوطا ، همست في نفسي :" ربما هنا يمكن ذلك المجهول الذي يستحوذ على عقلي ! "
واذا بي أطرق بابا يظهر منه أحد الاشخاص بلباس أعرفه جيدا، ينظر لي بخوف يسألني مرتعبا أن كنت غريبه فقلت: "نعم" .صد الباب في وجهي، فتحته عنوة غير مرتابه ودخلت الى ساحة البيت العتيق، يا للهول! اني أرى التقاء الزمان بالمكان، ما تزال الشمس تسطع بنورها المتوهج تجعل المكان يتلالا حبورا توصي القمر بحنان أن يكو ن حارسا مقيما ان اضطرت إلى الهجره كما في كل مساء، تتناوب وإياه على احتضان صرخه من التاريخ، صداها يتاجج داخل بئر ماء .
أسرعت الى البئر أتفحصها، واذا بالشمس تسبقني فتلج حتى أعماقها تكشف أسرارها الدفينة، أسرار غاب منها بريقها ومكان الصدأ أوّل الزوار وآخرهم، أتيت بحبل مشنقه كان في المكان، ارتعد الرجل، هدّأتُ من روعه وأسكنت خوفه قائلة: "هذا الحبل لي سأنخفض به الى عمق البئر لبرهات وأخرج سريعا" صرخ مستنكرا وكأنه يقول:" كم أنت ضيفة مضجرة ثقيلة الظّل!"...
صعدت خارج البئر أحاول اسنتشاق الهواء النقي، ألملم أنفاسي الثقيلة وأحاول تنظيم دقات قلبي المعطلة، ارتعشت لهفة وعرقي يقطر من جبيني يغطي صدغيّ ووجنتيّ المحموتين.
ركنت طرف البئر ألوم نفسي على جهدي الذي ذهب هباء ، لم يعد المفتاح الذي خبّأه ابي في البئر يصلح لان يكون فاتح البيت الذي ولد فيه .
أسرعت نحو الباب العتيق أغادر السّنين الميته وعينا الرّجل تتبعاني، يتمتم مندهشا بلغة لا أفهمها لكني عرفت جيدا ما قيل وما سيقال أبدا :" لتبقى المفاتيح كاتمة الأسرار...."