النزعة الإجرامية والجهر بالجريمة والعنف اللفظي
الدكتور عادل عامر
من العنف اللفظي والاستعداد للتعدي على الأخر جسديا أمر ملحوظ لدى أفراد المجتمع العربي. ربما الخوف في نفوس الناشئة أدى إلى نشوء ثقافة الصمت فيحدث الالتزام الخائف الذي يؤدي بدوره لظهور السلوك الانتهازي الذي يستخدم العنف كإحدى مفرداته.العنف في الأسرة والشارع والمدرسة والجامعات وداخل أقبية السجون كلها باتت ظواهر تستحق التوقف عندها من الجهات المختصة. المجتمع مصدر للحماية والتضامن من أجل الأطفال مثلا ولكنه يمكن أيضاً أن يكون مكاناً للعنف بما في ذلك عنف الإقران والعنف المرتبط بالمسدسات والأسلحة الاخري, وعنف العصابات والشرطة, والعنف الجسدي والجنسي, والاتجار بالبشر. وقد يكون العنف مرتبطاً أيضاً بوسائط الإعلام وبالتكنولوجيات الجديدة للمعلومات والاتصال. وقد وُثقت في السنوات الأخيرة عمليات البلطجة الحاسوبية من خلال الانترنت أو الهواتف المحمولة. ومن أجل البدء في حل هذه المشكلة علينا إصلاح النظام السياسي وجعله أكثر إنسانية واحتراما لحقوق الإنسان وأن توضع قوانين واضحة لا لبس فيها حول شكل النظام الاجتماعي السياسي السائد في أي بلد, أي أن تكون هناك سلطة واحدة لا تعلو عليها سلطة العشيرة أو الطائفة أو الدين. وإذا وضعنا هذا الأساس نستطيع الانتقال نحو خطوة بناء نظام تربوي غير قائم على القسر والإجبار. ومن خلال سن قوانين تحمي المرأة والطفل وهما الأكثر تعرضا للعنف في مجتمعاتنا نستطيع توفير بيئة مناسبة لتطور مجتمعاتنا باتجاه نبذ العنف وإدانته. وللعنف أيضا جذور في طبيعة النظام الاقتصادي القائم ومدى الضمانات الاجتماعية التي تستطيع تقديمها الدولة للأسر التي لا تستطيع توفير غذاءها اليومي, الدراسات كلها تثبت بأن الأسر التي يعاني فيها أحد الأبوين من البطالة يزداد العنف فيها وإذا علمنا بأن الرجل هو المعيل الرئيسي في مجتمعاتنا وبنسبة كبيرة. مسببات العنف متعددة لكن الذي يهمنا منها المسببات الاقتصادية والاجتماعية وبالذات في اغلب الدول العربية وهناك العنف المتولد نتيجة ارتفاع الأسعار والفساد وهذا يولد بغضا وشحناء بين أبناء المجتمع وكذلك تعبئته بالكراهية. فقد لاحظت في شهر رمضان أكثر من مشاجرة بين صاحب التاكسي والراكب وبين صاحب السوبر الماركت مع المشتري وبين المراجعين في الإدارات مع الموظفين وكلها ظواهر من المؤكد أنها تزول بزوال المؤثر أو السبب. اما شمولية التشخيص فعلماء الاجتماع والمتخصصون لهم نظرة أكثر معرفة ومن الممكن ان نسمع وجهة نظر علمية أكثر تشخيصا لهذه الظاهرة التي تعكر صفو الاستقرار والسكينة في أوساط المجتمع. لعلّ من الضروري أن يتم الحديث دوما عن ضروب من العنف لا, بل يمكن التوقف
أخيرا عند نوعين منهما
1- العنف الأكبر
2- العنف الأصغر وواضح أن العنف الأكبر هو العنف الرسمي, وهو الغطاء لأي عنف آخر ويبقى السؤال منذ ضريبة هابيل الكبرى: إلام العنف وكيف نعيش في عالم بلا عنف يبقى السؤال قائما أجل. العنف وبكل أشكاله أداة هدم للمجتمعات والإفراد - وباختصار أسبابه وتعريفه التالي: العنف سلوك سلبي نابع من نفس ضعيفة المفاهيم الدينية والدنيوية تجلت بردة فعل مغايرة للسلوك السوي. العنف محصلة اعتماد النفس البشرية على المؤشرات الدنيوية البحت من دون الارتكاز على التعاليم الدينية كقاعدة - والتي جاءت بكل المعايير كضابط ومهذب لسلوكيات البشر. العنف ردة فعل لانعدام العدالة وتوزيع الثروة وتكافؤ الفرص والتمايز الطبقي. العنف ردة فعل لعدم تواؤم ما بين يحمله الإنسان من دين وقيم وأخلاق وعادات وتقاليد والوافد من الأخر المغاير لها "حضارة من دون ثقافة تؤدي للانحطاط" العنف ردة فعل للإحكام الجائرة والنظريات الفوقية المتوحشة والمتسلطة "سياسة من ليس معنا ضدنا" العنف ردة فعل للفرد المنوي إلغائه من الأخر "فقدان الديمقراطية" العنف يتوالد عن تشابك الآراء وعدم القدرة على التمييز ما بين الصح والخطأ لعدم وجود قاعدة ثابتة متفق عليها المجتمع "الكل يغني على ليلاه". ان مفتاح الحل يكمن في الديمقراطية وحتى تتوفر هذه الجملة المستحيلة لابد أن يربى الناس التربية الديمقراطية الحقة ابتداء من الأسرة ثم تمتد إلى المجتمع وفقا لقاعدة "ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" إذا لابد من وجود الإنسان الديمقراطي والمثقف الشعبي الذي ينزل من الأبراج العاجية إلى الشارع العربي ويتحمل مسؤولية أكثر من 250 مليون إنسان عربي مغيب تماما في غيبوبة شاملة: حتى الديمقراطية نفسها لا تعني شيئا بالنسبة للمؤسسات الاستعمارية, لان الديمقراطية تعمل على تهيئة جو صحي ومعافى لتوعية الشعوب العربية والغرب يستغل هذه الشعوب ولا يريدها أن تعي وتنهض لذلك يسعى لتقويضها بوساطة طابوره الخامس والسادس المذكورين آنفا بإعادة إنتاج مرحلة انتهت إلى مرحلة جديدة قوامها الشعوب تقرر. تنامي العنف بشكل لافت للانتباه في الدائرة الاجتماعية للعرب وصار بمثابة الهواء الذي يتنفسونه والغذاء الذي يواصلون به الحياة يبدأون به صباحهم ويتمون به يومهم عند المساء ويعرف العنف بأنه النشاط الذي يتصرف به أحدهم تجاه إنسان آخر ويخلف له الضرر المادي والمعنوي. ومظاهر العنف عديدة تبدأ بسوء التفاهم والخلاف والشجار لتفضي إلى التصارع والتباغض والتكاره وتبادل الاتهامات والشتم والسب لتصل إلى التصادم والتقاتل مما يعني التحارب والثأر والقصاص وهو أشد أشكال العنف المؤسس الذي يتحول إلى عنف جماعي وطبقي تمارسه الدولة على الإفراد من أجل حفظ النظام ويمارسه الإفراد ضد الدولة من أجل التغيير الاجتماعي والتوق إلى ما هو أفضل. وأسباب العنف عديدة أهمها السبب الطبيعي خاصة استعمال الكائن قدراته الطبيعية للمحافظة على البقاء, ثم سبب اقتصادي وهو صراع الدول على الموارد الاقتصادية مثل الماء والطاقة والمعادن النفيسة والغذاء وبالتالي يتحول التنافس على الأسواق من مجرد تنافس تجاري بين شركات إلى حروب دامية بين الدول: وهناك سبب سياسي يرجع إلى ولادة الإيديولوجيات ورغبتها في الانتشار والهيمنة ونية الحكام المحافظة على كراسيهم ومصالحهم مما يجبرهم على استعمال القوة لتحقيق ذلك, لكن السبب الأكثر إحراجا هو السبب الديني والعقائدي لأنه يمكن أن يبرر تبريرا إيمانيا ويطلق عليه العنف الطاهر والمقدس رغم ما يخلفه من ضحايا أبرياء ومن توترات مذهبية واحتدامات طائفية بغيضة. تحية طيبة باختصار ومن دون إطالة ان سبب العنف اللفظي والجسدي والروح العدوانية المتفشية في جسد العرب المسلمين في القاعدة هي الثقافة الدينية والمسؤولية تقع أولا على رجال الدين ومن بعدهم المؤسسات التعليمية? هي كل فعل يتعارض مع ما هو نافع للجماعة و ما هو عدل في نظرها. أو هي انتهاك العرف السائد مما يستوجب توقيع الجزاء على منتهكيه. أو هي انتهاك و خرق للقواعد و المعايير الأخلاقية للجماعة. و هذا التعريف تبناه الأخصائيون الانثروبولوجيون في تعريفهم للجريمة في المجتمعات البدائية التي لا يوجد بها قانون مكتوب.
المنظور هي:
•قيمة تقدرها و تؤمن بها جماعة من الناس.
•صراع ثقافي يوجد في فئة أخرى من تلك الجماعة لدرجة أن أفرادها لا يقدرون هذه القيمة و لا يحترمونها و بالتالي يصبحون مصدر قلق و خطر على الجماعة الأولى.
•موقف عدواني نحو الضغط مطبقاً من جانب هؤلاء الذين يقدرون تلك القيمة و يحترمونها تجاه هؤلاء الذين يتغاضون عنها و لا يقدرونها.
تعريف الجريمة من المنظور النفسي:
هي إشباع لغريزة إنسانية بطريقه شاذة لا يقوم به الفرد العادي في إرضاء الغريزة نفسها و هذا الشذوذ في الإشباع يصاحبة علة أو أكثر في الصحة النفسية و صادف وقت ارتكاب الجريمة انهيار في القيم و الغرائز السامية. أو الجريمة هي نتاج للصراع بين غريزة الذات أي نزعة التفوق و الشعور الاجتماعي.
تعريف الجريمة من المنظور القانوني:
الجريمة هي كل عمل يعاقب علية بموجب القانون. أو ذلك الفعل الذي نص القانون على تحريمه و وضع جزاء على من ارتكبه.
مفهوم المجرم:
تعريف المجرم من المنظور الاجتماعي:
هو الشخص الذي لا يلتزم و لا يخضع لقانون الدولة و يحاول انتهاكه. و هو الشخص الذي يعتبر نغسة مجرماً و يعتبرة المجتمع مجرماً كذلك.
تعريف المجرم من المنظور النفسي:
و هم الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات أو انحرافات في الشخصية أو السمه. و هي ناجمة عن النمو و الارتقاء و الانفصال اللاسوي و للعلاقات الغير مرضية و المعبة بين (الهو و الأنا و الأنا العليا) و هي الأسباب الرئيسية لسلوكهم الاخرامي هذا.
أيضا المجرم هو من يعاني قصوراً في التوفيق بين غرائزه و ميولة الفطرية و بين مقتضيات البيئة الخارجية التي يعيش فيها.
تعريف المحرم من المنظور القانوني:
هو الشخص الذي ينتهك القانون الجنائي الذي تقرره السلطة التشريعية التي يعيش في ظلها. و من ثم هو الذي يرتكب جرم ما و يعد جريمة في نظر القانون فقط و لا يعتبر مجرماً إذا ما قام بفعل جرم ما و لا يحبذه المجتمع.
و في وجهة نظر القانون فلفظ مجرم لا يطلق على الشخص المرتكب الجريمة إلا بعد التحقيق فيها و صدور الحكم فيها و إلا فهو يعتبر متهماً فقط. نجد أيضا أنه توجد معايير تقرر جواز معاملة مرتكب الجريمة كمجرم منها:
•السن: يجب أن يكون سن مرتكب الجريمة مناسباً فهناك بعض البلاد التي تحدد سن ال7 لتعاقبه حيث أن قبل ذلك يكون الطفل غير واعي و لا يعرف الصح من الخطاء و بعض البلاد التي نجدها تحدد سن المسؤولية الجنائية بقانون وضعي أو في الدستور. و بغض النظر على القوانين الجنائية نجد أن مرتكبي الجريمة من الأطفال يعاقبون بطريقة إنشائية أو تودعهم مركز للأحداث بما يعود عليهم بالفائدة و المصلحة.
•يجب أن تكون الأفعال الإجرامية أيضاً اختيارية و ارتكبت دون أي ضغوط أو إكراه و الإكراه الذي يجب أن يكون واضحاً و متصل اتصالاً مباشراً بالفعل الإجرامي المعين. فمثلاً أن تأثير الإباء أو أصدقاء السوء الغير مباشر و القديم على مرتكب الجريمة لا يغترف بها على أنها ضغوط.
•يجب أن يكون الفعل مصنفاً قانوناً كضرر للدولة و ليس ضرر خاص أو خطاء ما لأن عادة يقوم الناس بمعالجة بعض الأمور بنفسهم فيما بينهم و التي يمكن أن تتطور و تصبح مشكلة كبيرة و يتضرر فيها العديد من الأشخاص و الممتلكات و التي كان يمكن اجتنابها برفع دعوى خاصا للمحكمة أو للشرطة ليقوموا هم بمعالجتها.
--
كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
عضو والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاسترتيجية والسياسية
وعضو النقابة العامة للعاملين بالصحافة الالكترونية
وعضو الاتحاد العربي للصحافة الالكترونية
ورئيس تحرير جريدة صوت المصريين الالكترونية
ورئيس لجنتي الشئون القانونية والحريات بنقابة العاملين بالصحافة الالكترونية