كثفت الجماعات السلفية في قطاع غزة، مؤخراً من هجماتها ضد المستوطنات والتجمعات الإسرائيلية الواقعة في محيط غزة وأطلقت نحوها صواريخ محلية الصنع، وصواريخ "جراد" في تطور نوعي، هو الأول لتلك الجماعات منذ نشأتها وبدء تنفيذها هجمات ضد أهداف إسرائيلية.
وتسعى الأجهزة الأمنية في الحكومة المقالة بغزة، لإعادة الهدوء الى القطاع وضبط الأمن، من خلال تكثيف حملاتها ضد العناصر السلفية ومن خلال اتصالاتها مع أطراف مختلفة لاحتواء التدهور الأمني الحاصل.
وأظهرت عملية قصف مدينة بئر السبع، ومستوطنات "نتيفوت" بصواريخ الجراد فجر اليوم الأحد، وما نجم عن ذلك من اصابات وأضرار مادية، مدى تطور القدرة العسكرية للمجموعات السلفية التي تلاحقها الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة المقالة في غزة، خاصةً أن عمليات إطلاق الصواريخ مستمرة مع استمرار الاعتقالات الواسعة في اوساطها.
وبرر مسؤول في تلك الجماعات، الهجمات الصاروخية وقال بأنها تأتي رداً "على العدوان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني، واستباحة دماء المواطنين على مرأى ومسمع التنظيمات الفلسطينية التي تصمت أمام قصف واستهداف أبناء شعبنا".
وأضاف أبو عبد الله المهاجر، في حديث خاص لـ دوت كوم، "نحن في أرض محتلة والجهاد واجب وحقٌ علينا، نحن ندافع عن كرامة المواطن الفلسطيني التي تستباح في كل وقت إما باستهداف المزارعين أو الصيادين أو منازل المواطنين، ناهيك عن استهداف المسجد الأقصى باقتحامه الدائم واعتباره مزاراً للمستوطنين والسياح، الذين يدخلونه وكأنهم في الملاهي والمتنزهات وبعضهم يشرب الخمر بداخله، إضافةً لاستباحة مقدساتنا الإسلامية بإقامة حفل للخمور في مسجد بئر السبع، والاعتداءات ضد المواطنين واستشهاد بعضهم في الضفة وكذلك في غزة، وكل ذلك يحدث والجميع ينظر من حوله وكأنه شيء عادي، فأي هوان ممكن أن نقبل به ونحن المجاهدون الصابرون الذين خرجنا لنفض الغبار والمذلة عن تلك الفصائل وخرجنا ندافع عن كرامة أبناء شعبنا بعد كل ذلك الهوان".
وعن إمكانية شن الاحتلال الإسرائيلي هجوم واسع على قطاع غزة، بسبب استمرار إطلاق الصواريخ، قال المهاجر، "نحن نهضنا للدفاع عن شعبنا وأمتنا أمام العدوان الصهيوني، وتهديدات الاحتلال بشن عدوان واسع ليست جديدة، ونحن لن نختبئ تحت الأرض، بل سنواجه الاحتلال بكل ما اوتينا من قوة، والاحتلال هو الذي يجب أن يتحمل نتائج غطرسته وهجماته التي نؤكد أنها لن يوقفها إلا المقاومة والجهاد في سبيل الله.
ورفض أبو عبد الله المهاجر التعليق على سؤال حول التطور الملحوظ في العمل العسكري والتكتيكي للجماعات السلفية بغزة، مؤكداً على حقهم في ما قال عنه "من امتلاك كل السبل والإمكانيات في مواجهة العدو الصهيوني".
وبشأن الاعتقالات والملاحقات التي يتعرض لها عناصر الجماعات السلفية على أيدي الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة المقالة بغزة، قال:"حملة الاعتقالات تتوسع، لكن لا يعني ذلك أنه يمكن أن نقبل الدنيا في ديننا، ما خرجنا للجهاد في سبيل الله من أجل ان نخاف من اعتقالات حماس أو غيرها، وجميع الاعتقالات والملاحقات، وحتى هم أصبحوا يسألون أناساً ليس لهم علاقة بنا عن إمكانية معرفة أي شيء فقط عن مطلقي الصواريخ أو أي معلومة تتعلق بهم لاعتقالهم".
وأضاف، "حماس تتعرض لعناصرنا واعتقلت العشرات منهم، وتقوم بتعذيبهم واستجوابهم فقط عن مطلقي الصواريخ ومن هو (مجلس شورى المجاهدين في أكناف بيت المقدس)، وصادروا أسلحة وصواريخ من بعض منازل المعتقلين، وهناك اخوة اعتقلوا عقب الهجوم الاستشهادي على الحدود في سيناء بشهر يونيو الماضي، ومنهم الأخ أبو صهيب رشوان، الذي اعتقل عقب تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل الاحتلال وهو مصاب بجراح خطرة جداً، ولا زال يعاني من آثار تلك الإصابة، ويحقق معه محققون مصريون وعناصر من جهاز الأمن الداخلي، كما امتنع مؤخراً عن تناول الدواء احتجاجاً على تعذيبه المهين من قبل أفراد امن حماس".
وقال المهاجر، إن الجماعات السلفية "ستواصل هجماتها ضد الأهداف الإسرائيلية، وأنها لن تصمت على استمرار العدوان الإسرائيلي المستمر سواء في قطاع غزة أو الضفة أو غيرها".
ونفت وزارة الداخلية في الحكومة المقالة، عبر عدة تصريحات كان آخرها ما ورد على لسان الناطق باسمها "إسلام شهوان" خلال مقابلة مع القدس دوت كوم، أن تكون أجهزتها الأمنية "اعتقلت أي مقاوم، وأنها تعمل على حماية المقاومة وبرنامجها في إطار اتفاق وطني شامل".
ويؤكد المحلل السياسي والمختص بالشؤون الإسرائيلية، أكرم عطا الله، أن "الحالة السلفية في تطور على صعيد حجم عمليات إطلاق صواريخ الجراد والتكتيك الذي تستخدامه في إطلاقها، والتخفي رغم الملاحقات والاعتقالات".
وقال عطا الله هناك اجماع وطني يتلخص باستمرار حالة الهدوء في قطاع غزة، وهو مرهون بموقف حماس، وبغض النظر عن مدى صوابية أو عدم صوابية ذاك الإجماع، فان السلفيين يتصرفون خارج هذا الإجماع الوطني وربما يعتبره البعض بأنه تصرف غريب".
وحول إمكانية أن تؤدي الاعتقالات المستمرة إلى صدام جديد بين حماس والسلفيين، قال :"لا اعتقد أن يحدث ذلك، خاصةً أن الجماعات السلفية ليست لديها قدرة وحتى أنها لا تفكر بمواجهة حماس".
وعن تقرير صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية، الذي نشر اليوم الاحد، حول إقدام الجماعات السلفية على إطلاق الصواريخ "بسبب اعتقال حماس لعناصرها"، قال عطا الله، "إلى حد ما هذا كلام دقيق، إطلاق الصواريخ عاد بشكل كبير بعد الاعتقالات التي وقعت عقب هجوم سيناء ضد الجنود المصريين، وكان قبل تلك المرحلة أيضاً إطلاق صواريخ ولكن بحجم أقل، وهذه الجماعات تمتلك ولديها سياسة مختلفة عن التنظيمات الفلسطينية الأخرى في طرق عملها وتكتيكها على كافة المستويات".
وبشأن رؤيته لإمكانية حدوث تصعيد كبير عقب إطلاق صواريخ على بئر السبع، وعدم تعقيب قادة الاحتلال وحتى الحكومة الإسرائيلية على ما حدث، يرى المحلل السياسي عطا الله، أن "نتنياهو محرج جداً في الملف الأمني وخاصةً مع تعطيل المدارس في بعض المدن في النقب الغربي، وإسرائيل تمارس التضليل الإعلامي، ففي هجوم شتاء 2008 ضد غزة (الحرب) عقد الكابنيت الاسرائيلي جلسة وقيل في حينه انه بحث فيها كل أوضاع الكون إلا قطاع غزة، وبشكل مفاجئ تم مهاجمة القطاع، وتبين أن قرار الحرب اتخذ في ذلك الاجتماع، ولذلك فان عدم تسليط الاحتلال الاضواء بشكل كبير وخاصةً من قبل المسؤولين الإسرائيليين على ما حصل في بئر السبع ونتيفوت هذا اليوم يضع تساؤلات كثيرة حول الخطط التي يضعها الاحتلال حول مدى إمكانية تنفيذ الهجوم وكيفيته".
وتابع "لا أعتقد أن تقدم إسرائيل على شن عملية عسكرية واسعة، بسبب المحيط الإقليمي والدولي الذي لا يُعطي إسرائيل شرعية تنفيذ هجوم واسع، واعتقد أنه سيكون مماثل لهجمات الأيام الماضية باغتيال هنا أو هناك".
وتبنت مؤخراً جماعة تُطلق على نفسها "مجلس شورى المجاهدين في أكناف بيت المقدس" عدة هجمات صاروخية استهدفت خلال الايام الماضية عدة مستوطنات ومدن إسرائيلية مجاورة للقطاع نجم عنها وقوع أضرار واصابات بين الاسرائيليين.
وأعلنت الجماعة ذاتها في 20 حزيران الماضي مسؤوليتها عن هجوم مسلح وقع على الحدود بين سيناء وإسرائيل، وأدى لمقتل إسرائيلي وإصابة آخرين، وقالت أن "منفذي الهجوم هما شخصان، احدهما مصري والآخر سعودي" وتبين أنهما قاتلا ضد النظام الليبي السابق وأنهما مطلوبان لقوات الأمن المصرية والسعودية.