من العبد الفقير إلى ربه الغني به عن سواه، الصحفي محمد تامالت
(الرسالة كتابة موجودة تحت الفيديو)
الى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة المعروف حديثا بلقب (طاب جنانه)
من العبد الفقير إلى ربه الغني به عن سواه، الصحفي محمد تامالت
من الضروري أن أوضح في بداية هذه الرسالة أنه ما من اساءة في اطلاقي عليك اللقب أعلاه لأنها صفة وصفت بها نفسك أخيرا بما معناه في القاموس الشعبي الجزائري أن الدهر أكل عليك وشرب، وهذه صفة يشترك معك فيها نظامك الذي ورثته عن الجنرالات الذين دفنتهم واحدا واحدا حتى لم يبق منهم الا قلة تلتف حول الجنرال محمد مدين الذي شبهته في مقال حديث لي تأسيا بتشبيه الشارع له بزوجة كولومبو التي نسمع عنها ولا نراها. فإن كنت ترى في هذا اللقب اساءة إليك فعليك أن تتذكر بأنك وصفت الصحفيين قبل ثلاثة عشر سنة بأنهم طيابات حمام أي نسوة مدمنات للثرثرة وترويج الاشاعات، وإن كنت ترى فيه قلة أدب فإن عليك أن تعرف أن أقصى درجات قلة الأدب هو أن تتأمر قومك وهم لك كارهون ينتظرون موتك بل ويستعجلونه.
عليك لتفهم أن هذا الخطاب ليس خطاب اساءة وتجريح أن تحاول أن تضع نفسك مكاني لتعرف حجم الحرقة التي أشعر بها وأنا أرى بلادي تدنو من شق الهاوية على يديك ويدي إخوتك وأبناء عشيرتك وأسمع هدير الطوفان المقبل بأسرع منه حتى يوم كان الجنرال مدين يحكم بالشراكة مع خالد نزار ثم مع اليامين زروال ثم مع محمد العماري، أرى كل ذلك وأنا عاجز عن فعل شيئ عجزا يشبه عجز الشعب الجزائري عن الإطاحة بك وبمن جاء بك و جئت به، ليس لأن الشعب ضعيف ولكن لأنه لا يقبل أن يتشبه بك فيستعين بأمريكا وفرنسا لاسقاطك كما فعلت أنت للاطاحة بالجنرالات.
ولقد وددت أن أسلم لك هذا الخطاب يدا بيد ولكن لأنني لست الشاب مامي ولا زين الدين زيدان ولا أمل وهبي الذين أهدرت وقت الأمة في التسامر معهم مضطر لارساله بالفاكس على الأرقام المباشرة لمدير مراسمك مختار رقيق ومدير ديوانك مولاي قنديل من أقرب محل هاتفي في الشارع بعد تهرب المذكورَين من استلامه وطلب مدير المراسم بالتحديد في حديثي الهاتفي اليوم معه ارساله عن طريق الفاكس، وأرجو ألا تحمل صاحب المحل الذي لا أعرف من سيكون الى الآن وزر ما في رسالتي لأنني انما أرسلها من محله لأنني لا أملك جهاز فاكس في الجزائر التي أنا موجود فيها لفترة مؤقتة كنت أتمنى أن تطول لولا ظروف قاهرة أنت المتسبب فيها. ومهما كانت ردة فعلك على ما أكتب الآن فهي سيان عندي، سواء أرسلت ورائي زباينتك يضايقونني كما فعلت في الماضي حين حاول حرسك الشخصي الاعتداء علي عدة مرات، أو أمرت بسجني كما أمر الهالك اسماعيل العماري قبلك وكما فعلت أنت مع الصحفي بن تشيكو ومع رئيس الحزب ذاك الذي سجنته سنتين بعد أن اتهمك بالاختلاس، أو سواء تجاهلت ما في الخطاب حرصا على صورتك فأظهرت حِلما مصطنعا تريد به وجه الغرب الذي تخافه أكثر من الله والشعب الجزائري.
لن أحدثك في هذه الرسالة عن أخيك سعيد الذي عاث في الارض فسادا بعلمك ورضاك حتى أصبح يوظف صويحباته في مراكز حساسة في الدولة، ولن أحدثك عن شكيب خليل وتمار الذين بددا المليارات من أموال الشعب أيضا بعلمك ورضاك، كما لن أحدثك عن تقزيمك لدور الجزائر دوليا أكثر مما كان عليه الحال أيام سلفك حتى طمعت فينا شظية دولة تدعى قطر وأصبحت تقودنا قيادة الصبي الأخرق للحصان العجوز، مثلما لن أحدثك عن استحلال الخليجيين للبلد من خضرائه الى صحرائه بدعم منك يشبه دعم جارك ملك المغرب للدعارة الخليجية هناك، ولن أحدثك عن الجهوية والعشائرية التي كرستها حتى استنسخت ظاهرة تكريت والقرداحة والمنوفية بأسماء جديدة مثل مسيردة وندرومة وتلمسان. لن أحدثك عن كل ذلك بل سأحدثك عن الدمار الذي أحدثته أنت ووزيرك السابق زرهوني في الحياة الإعلامية والسياسية حين وضعتما البلاد في ما يشبه تابوت تحنيط أو مجمد ثلاجة لأنكما عاجزان عن ادارة أوضاع البلاد الآنية فضلا عن الآتية وأنى لرئيس ليس له شهادة جامعية أن يحكم شعبا فيه علماء مشهود لهم بالكفاءة دوليا هرب منهم من هرب وغرق الباقون في أسن الرداءة والإقصاء أو التهميش الذي أبدعت ومن قبلك في تكريسه.
ولأنني لست سياسيا وليس لدي طموح لانشاء حزب سياسي فلن أحدثك عن الحياة الحزبية التي قصمت ظهرها بقراراتك القاصرة بل سأحدثك عن الإعلام الذي أنزلته إلى مستواك وطريقة تفكيرك الستالينية بدل أن ترتفع أنت إلى مستواه وإلى طموحاته في الحرية البناءة، وأنت من علموه أن على الصحفي أن يكون كلبا متخما من كلاب النظام أو طيرا سجينا من طيور الزنازين. ولكن ها أنت الأن تحصد ما زرعت فتضطر لاستدعاء سفيري بلجيكا والشيلي على عجل يوم انتشار الاشاعة الأخيرة عن موتك لتكذبها في اليوم الموالي، ويا له من واقع بائس أوصلت البلد إليه ففرضت العجز علينا جميعا لأنك عاجز واستثمرت ذكاءك في خدمة نفسك واخوتك وحاشيتك على حساب 35 مليون جزائري بعتهم لتشتري رضا أمريكا وفرنسا ونحرتهم قربانا لمجد زائف أنشأته سينتهي كما انتهى مجد من قبلك ممن لم يختصروا الكون في شخوصهم كما فعلت وهو ما يحسب لهم ويحسب عليك.
ان تلك الاشاعة كانت صفعة في وجهك ووجه زرهونيك مثلما كانت صفعة في وجه صحفك التي أنشأها أخوك وسمنها بأموال الاشهار المقنطرة وبالاعفاءات الضريبية والتسهيلات الادارية، وهي أيضا صفعة في وجوهنا نحن الصحفيون سواء من بقي واقتسم الغنيمة أو من هجر المهنة أو هاجر إلى الخارج لأننا تركنا لك البلد تفككها كما تشاء كلعبة في يد طفل، ولكن الله يشهد أنني شخصيا أخرجت مكرها غير راض ولا سعيد بالغربة ولا باحث عن الشهرة والثراء وأن سبب خروجي لم يكن خوفي منك ومن جنرالاتك بل خوفي من الفقر المذل الذي يجعلني أقبل بوظيفة كلب من كلابك أو كلاب شركائك في الحكم بامتيازات تشبه طوق الذهب الذي لن يحول الكلب الى أسد وإن طُوقه.
لقد تحول كثير من الصحفيين بفعل ابداعك في الحفاظ على الرداءة واقصاء الكفاءات وتقريب الولاءات ومساومة الغرب على المزيد من المصالح في الجزائر مقابل المزيد من الدعم لك، تحولوا الى جواسيس يعملون ضد بلدهم أو محرضين يسعون إلى جلب الاستعمار إليه سواء وهم هنا في الجزائر أو هناك في بريطانيا وقطر، أما القسم المستفيد فيدمر البلد بطريقته حين يدافع عنك موهما الناس أنك قلعة الوطنية الأخيرة التي بسقوطها تحل الكارثة. إنك أنت ومخابراتك وسعيدك وزرهونيك وتوفيقك وطرطاقك وجبارك وفوزيك **أول المسؤولين عن هذا الوضع الذي جعل الصحافة التي أنجبت أجيالا من أعلام الإعلام تنجب وصيفات وجوار للشيخة موزة وخدما وعبيدا لبعيرها حمد وبصاصين مزدوجين للمخابرات البريطانية والفرنسية والأمريكية ومخابرات الجنرال توفيق. ولقد اقتدى هؤلاء الصحفيون عديمو الذمة والضمير بك حتى أننا اذا نهيناهم عن غيهم ذكروا أنهم ليسوا أكثر عمالة منك ومن نظامك وبرروا مساهمتهم في الجلب الكامل للاستعمار بجلبك الجزئي له أنت ومدير مخابراتك من أجل الخلود في الحكم.
لقد قطعت أرزاق الصحفيين الحقيقيين وتسببت في موت عدد كبير منهم وهم لم يبلغوا الستين وملأت بالمقابل بطون تجار الإعلام أكثر مما ملأها سابقوك بفضل فائض البترول الذي لم يكن لك فيه أي فضل لأن طموحك زين لك أنهم سيقفون عقبة دون بقائك في الحكم فحولتهم وأنت تشعر أو لا تشعر الى سلاح تستخدمه أمريكا وفرنسا وبريطانيا وقطر ضدك عندما ترى أنه حان وقت التخلص منك كما تم التخلص من مبارك وبن علي. ولن أقارنك بالقذافي أو بالأسد الذين وان كانا يشبهانك في شهوتهما للحكم والفساد والتسلط فإن استهدافهما سببه منازعتهما أمريكا واسرائيل سلطانهما في شمال افريقيا والشرق الأوسط، أما أنت فلم نر لك صوتا مسموعا لنصرة قضية عادلة ولا لرفض الامبريالية التي كنت تسبها قبل أربعين سنة وتلتقي قياداتها سرا لتتفاوض معهم على موقع حكم أفضل بعد وفاة المرحوم بومدين: إنك أقرب إلى حكام الخليج الذين وظفوك حين تقاعدت وعلموك سبل الاستقواء بالاستعمار الذي تزعم أنك حاربته لأجل الحفاظ على الحكم.
لقد حولت منصبي وزير الخارجية ووزير الإعلام إلى ظل هزيل كارثي لك ليجلس اليوم في نفس المقعد الذي جلس فيه الراحل محمد الصديق بن يحي وزير لا وزن له مثل مدلسي يعلن في البرلمان الفرنسي أن الجزائر كانت فرنسية ويجلس في مقعد وزارة الإعلام شيخ عمره 65 سنة اسمه بلعيد محند السعيد لم يكن ليعرفه أحد لولا أفضال أحمد طالب الابراهيمي عليه وهو خصمك السابق الذي رفع الراية البيضاء أمامك اليوم. ولقد كان تهميشك لقطاعين حساسين كالخارجية والاعلام نتيجة لقناعتك بأنك لن تستطيع تحقيق حلمك مذ كنت صغيرا في أن تكون نابليون أو شارل ديغول إلا حين يختفي العظماء ولا يبقى إلا أمثال المذكورَين، ورغم ذلك فالقامة الوحيدة التي تساويت معها هي قامة ساركوزي.
وهكذا وبينما العالم مقبل على حروب عالمية إعلامية كبرى قمت أنت بقص أجنحة الإعلام الجزائري نيابة عن الاستعمار ليسهل تحييده في أي محاولة تدخل أجنبي في المستقبل بل ويتحول هذا الإعلام إلى ظهير للاستعمار يساعده على استعباد الشعب الجزائري أكثر مما استعبدته أنت ونظامك الفاشل، كل ذلك لأنك تريد أن تموت على كرسي الحكم يا سيد (طاب جنانه). لكنني أعدك في ختام هذا الخطاب بأن قلمي سيبقى مطاردا لك في حياتك أو بعد وفاتك ومذكرا الناس بالخراب الذي أحدثته أنت ورهطك في البلاد، فإن هلكتُ فإن غيري كثير سوف يحاسبونك واخوتك وجنرالاتك الذين جعلوا جيش الشعب شركة خاصة لهم ولأبنائهم سواء في حياتك أو بعد وفاتك، وإن بعد الموت حسابا أبلغ عدلا وانصافا.
محمد تامالت
الجزائر في 20 سبتمبر 2012
* طاب جنانه عبارة عامية جزائرية تعني أكل الدهر عليه وشرب وقد وصف بها بوتفليقة نفسه قبل أشهر
** المذكورون هم سعيد بوتفليقة أخ الرئيس ومستشاره ونور الدين زرهوني وزير داخليته السابق أما الباقون فضباط سامون من قيادات المخابرات الجزائرية