بسم الله الرحمن الرحيم
إذا أردتَ أن تتحدثَ عن حـزب التحـرير من وجهةِ نظرٍ غربيةٍ فأنتَ تتحدثُ عن حزبٍ سياسيٍ اتخذَ إعادةَ الخـلافة قضيةً مصيريةً له، وأنتَ تتحدثُ عن حزبٍ أدركَ غايتَه حقَ الإدراكِ وانتهجَ نهجاً واضحَ المعالمِ ولم يَحد عنه قيدَ أنملةٍ، واذا تحدثتَ عن حـزب التحـرير فأنتَ تتحدثُ عن حزبٍ عُرفَ عنه قوةُ الطرحِ وقوةُ الحجةِ، وأنتَ تتحدثُ عن "حزبٍ تتعاظمُ قوتُه على مستوى العالم" وأنتَ تتحدثُ عن "طليعةِ الفكرِ الإسلامي المتطرفِ"، وأنتَ تتحدثُ عن "خطرٍ ناشئٍ ضدَ المصالحِ الأميركيةِ في آسيا الوسطى".
لذلك كلِه باتَ حـزب التحـرير ودعوتُه المتمثلةِ بإعادةِ الخـلافة محلاً للدراساتِ والأبحاثِ التي يعكفُ عليها مفكرو ومراكزُ الدراساتِ الغربيةُ. وبرغم تخييمِ عباءةِ التكتيمِ الإعلاميِ على نشاطاتِ الحزبِ وحجبِ أخبارِه عن الأمةِ والعالمِ، إلا أن العدسةَ المكبرةَ باتت مسلطةً على نشاطاتِ الحزبِ في كافةِ أرجاءِ المعمورةِ سعياً من هؤلاء لدراسةِ العواملِ والظروفِ التي أدت إلى هذا التنامي المتعاظمِ للحزبِ ودعوتِه في آسيا الوسطى وإندونيسيا وماليزيا والباكستان وبنغلادش، وفي أوروبا وفي الجمهورية الروسية وفي أميركا بالإضافة إلى بلدانِ العالمِ الإسلامي.
وبرغم أن الحزبَ منذُ اللحظةِ الأولى لنشأتِه كان محلاً لاهتمامِ القوى الغربيةِ الاستعماريةِ التي تُحكمُ قبضتَها على الأنظمةِ السياسيةِ في العالمِ الإسلامي، إلا أنها كانت تفضلُ محاربة الحزبِ ودعوتِه بالخفاءِ وعِبرَ وسطاءَ وأدواتٍ تسخرُهم لهذا الغرضِ وتتجنبُ المواجهةَ المباشرةَ معه، وكانت هذه الدولُ ووكلاؤها من الأنظمةِ السياسيةِ قد عمدت ولا زالت في كثيرٍ من الأحيانِ إلى الحربِ الإعلاميةِ متمثلةً في التكتيمِ والطوقِ الإعلامي المُحكمِ المضروبِ على الحزبِ ودعوتِه، وما ذلك إلا خشيةَ مواجهةِ هذه الدعوةِ وحملتِها لعجزِهم عن دحضِ الحجةِ بالحجةِ أو مقابلةِ البرهانِ بالبرهانِ في ساحاتِ النقاشِ والجدالِ الفكري والسياسي. بيدَ أن نموَ الحزبِ قد بلغَ ما لا يَحتَملُ هؤلاء، وقد تخطى نموُه حاجزَ الخطوطِ الحمراءِ في مقاييسهمِ ما أثارَ حفيظتَهم واستدعى منهم استنفارَ مراكزِ أبحاثِهم ومفكريهم لدراسةِ هذه "الظاهرةِ" وسببِها والظروفِ التي أحاطت بها. فبرغم الحصارِ الإعلاميِ، وبرغمِ الملاحقةِ والحظرِ والبطشِ في معظمِ بلادِ المسلمين وحتى الدولِ الغربيةِ، وبرغم قلّةِ الإمكاناتِ، وبرغمِ قلّةِ الحيلةِ، إلا أن دعوةَ الخـلافة قد أنتشر ذكرُها بل والتطلعُ إليها باعتبارِها المنقذِ والمخلصِ للأمةِ انتشارَ النارِ في الهشيم ، فكانت هذه الدراساتُ من المفكرين ومراكزِ الأبحاثِ مساهمةً لرسمِ سياسةِ التصدي لفكرةِ الخـلافة وللحزب، ولكن أنّى لهؤلاء أن يحجبوا الشمسَ بغربالٍ من بعد ما انقشعَ الغمامُ؟! وأنّى لهؤلاءِ أن يقفُوا في وجهِ دعوةِ الحقِ من بعدِ ما بانَ زيفِ الدعاوى الباطلة؟!يتبع