الحداثة ونزعة الهيمنة الغربية:
هناك اتجاه ينظر إلى الحداثة باعتبارها ظاهرة مرتبطة بالغرب، الذي أصبح بعد التطورات التي شهدها العالم منذ الربع الأخير من القرن العشرين، هو المركز الجاذب والمحدد للشكل »النهائي« للنظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي الأفضل لحياة الإنسان؛ وفي هذا السياق يرى (فرنسيس فوكوياما) أن الصراع الدولي الذي كان يتجسد في المرحلة السابقة بين قطبين، قد حسم لصالح القطب الغربي، بعد حصول ما يشبه الإجماع حول الديموقراطية الليبرالية كأصلح نظام للحكم، وأن منطق العلوم الطبيعية الحديثة، يفرض على العالم تطورا شاملا يتجه نحو الرأسمالية والسوق الحرة، وهو الشكل الذي يحدد من خلاله (فوكوياما) نهاية التاريخ.
ويقسم (صموئيل هنتنجتون) العالم إلى قسمين: الغرب من جهة، وبقية العالم من جهة أخرى، ويعتبر أن هناك نزوعا عالميا نحو الغرب، بل يقول أن الحداثة تعني في واقع الأمر الغرب، وكأنهما كلمتان مترادفتان، وبالتالي يكون التوجه نحو الحداثة هو (التغريب)؛ ويذهب الكاتب الجامايكي (نايبول) إلى أبعد من ذلك، حيث يعتبر أن »الحضارة الغربية هي الحضارة العالمية التي تناسب كل الناس« أي أنها الحالة الطبيعية بالنسبة لحياة الإنسان، والخروج عنها لا يكون إلا من قبيل الشذوذ ! (33)
وقد يكون مثل هذا المنطق هو المرتكز الفكري الذي تستند عليه نزعة الهيمنة السائدة لدى الغرب، والتي تعبر عنها بشكل واضح الولايات المتحدة الأمريكية، التي أصبحت تبيح لنفسها التدخل العسكري، ولو خارج إطار الشرعية الدولية، لاحتلال الدول التي تعتبرها متمردة على الغرب، لتجعل منها دولا »ديموقراطية« و »حديثة« وفق التصور الغربي الأمريكي، ولا يقتصر هدف هذه الذريعة التي تغلف السياسة الخارجية الأمريكية على فرض التغريب، أو (الأمركة) بوصف أدق، وإنما هناك أهداف أخرى من أهمها تأمين استمرار الرفاهية والقوة والتفوق، بوضع اليد على منابع الثروات الطبيعية الموجودة في العالم الثالث الضعيف، المغلوب على أمره، والذي ليس من حقه وفق نزعة الهيمنة إلا أن يكون تابعا! وبذلك يتناقض هذا الاتجاه مع قيم الحداثة التي لا تتنكر للاختلاف، وتقول بالتعدد، والديموقراطية، والنسبية، والحرية، وحقوق الإنسان، وكرامة الشعوب، وسيادة الدول... ومن المؤكد أن محاولة الولايات المتحدة قيادة العالم الغربي في هذا الاتجاه لا تخدم الحداثة، لأنه لا يمكن بمنطق القوة والسيطرة والإخضاع تهييئ المناخ الملائم لقيام مجتمعات حداثية، ولا يمكن بهذا المنطق إلا هدم الأسس التي يمكن أن تنبني عليها حداثة إنسانية كونية.
هناك اتجاه ينظر إلى الحداثة باعتبارها ظاهرة مرتبطة بالغرب، الذي أصبح بعد التطورات التي شهدها العالم منذ الربع الأخير من القرن العشرين، هو المركز الجاذب والمحدد للشكل »النهائي« للنظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي الأفضل لحياة الإنسان؛ وفي هذا السياق يرى (فرنسيس فوكوياما) أن الصراع الدولي الذي كان يتجسد في المرحلة السابقة بين قطبين، قد حسم لصالح القطب الغربي، بعد حصول ما يشبه الإجماع حول الديموقراطية الليبرالية كأصلح نظام للحكم، وأن منطق العلوم الطبيعية الحديثة، يفرض على العالم تطورا شاملا يتجه نحو الرأسمالية والسوق الحرة، وهو الشكل الذي يحدد من خلاله (فوكوياما) نهاية التاريخ.
ويقسم (صموئيل هنتنجتون) العالم إلى قسمين: الغرب من جهة، وبقية العالم من جهة أخرى، ويعتبر أن هناك نزوعا عالميا نحو الغرب، بل يقول أن الحداثة تعني في واقع الأمر الغرب، وكأنهما كلمتان مترادفتان، وبالتالي يكون التوجه نحو الحداثة هو (التغريب)؛ ويذهب الكاتب الجامايكي (نايبول) إلى أبعد من ذلك، حيث يعتبر أن »الحضارة الغربية هي الحضارة العالمية التي تناسب كل الناس« أي أنها الحالة الطبيعية بالنسبة لحياة الإنسان، والخروج عنها لا يكون إلا من قبيل الشذوذ ! (33)
وقد يكون مثل هذا المنطق هو المرتكز الفكري الذي تستند عليه نزعة الهيمنة السائدة لدى الغرب، والتي تعبر عنها بشكل واضح الولايات المتحدة الأمريكية، التي أصبحت تبيح لنفسها التدخل العسكري، ولو خارج إطار الشرعية الدولية، لاحتلال الدول التي تعتبرها متمردة على الغرب، لتجعل منها دولا »ديموقراطية« و »حديثة« وفق التصور الغربي الأمريكي، ولا يقتصر هدف هذه الذريعة التي تغلف السياسة الخارجية الأمريكية على فرض التغريب، أو (الأمركة) بوصف أدق، وإنما هناك أهداف أخرى من أهمها تأمين استمرار الرفاهية والقوة والتفوق، بوضع اليد على منابع الثروات الطبيعية الموجودة في العالم الثالث الضعيف، المغلوب على أمره، والذي ليس من حقه وفق نزعة الهيمنة إلا أن يكون تابعا! وبذلك يتناقض هذا الاتجاه مع قيم الحداثة التي لا تتنكر للاختلاف، وتقول بالتعدد، والديموقراطية، والنسبية، والحرية، وحقوق الإنسان، وكرامة الشعوب، وسيادة الدول... ومن المؤكد أن محاولة الولايات المتحدة قيادة العالم الغربي في هذا الاتجاه لا تخدم الحداثة، لأنه لا يمكن بمنطق القوة والسيطرة والإخضاع تهييئ المناخ الملائم لقيام مجتمعات حداثية، ولا يمكن بهذا المنطق إلا هدم الأسس التي يمكن أن تنبني عليها حداثة إنسانية كونية.