سلام عليكم أحبتي الأسرى
سلام عليك أيها الفسطيني
ها قد أشرف اليوم الأول من أيام العيد على الانقضاء
العيد ..
حروف خمسة تجمعت على الشفاه وخرجت مكلومة تصيح الآه
من قلوب أمهات فقدن أبناءهن ..
من صدور أطفال حرموا من قول أبي
لله أنت أيها العيد !!
كم نحملك أكثر من طاقتك .. وكم نصبغ عليك ألواناً ليست من ألوانك ..
فعذراً أيها العيد
لا نستطيع أن نحتفل بك .. ..لأن أمهاتـِنا شارفوا على نسيانك وآباءنا تآلفوا مع أحزانك .. ولأن أطفالنا لا يعرفونك أصلاً .. فكيف نحتفل بك ونحفل لك ..
وكيف نفرح بحضورك وهناك ما يقرب من خمسة آلاف أسير لا يعرفون الليل من النهار
وهذا يعني أن خمسة آلاف أسرة لا تعرف كيف تبتسم ..
..يأتي عيد الأضحى والموت معجون بالحياة ...
يأتي العيد ولا زال المئات من الأسرى المرضى والمشلولين والمعاقين ومن ذوي الأمراض الصعبة يتأرجحون بين الحياة والموت، أحلامهم ساخنة وثقيلة وآمالهم تتضاءل .. كيف لا ؟
وقد أغلقت كل الأبواب في وجوههم كما أغلقت ملفاتهم الطبية، يعيشون على المسكنات وعلى بقايا أمل في إنقاذهم من وضعهم الصعب...
كيف نحفل بوجودك أيها العيد ..
وهذا حمزة أكبر شاهد على عصر غادر ..
يجلس مفرداً وحيداً يتيماً لطيماً يحدق في الوجوه ..
ويتأمل عيون أترابه وهم يلعبون في الحارات يتحدثون عن فرحة العيد .. عن ملابس العيد ..
ويتساءل : لماذا ؟
وأنا أتساءل معك يا حمزة .. لماذا ؟
ومن لا يعرف حمزة .. فإليكموه
حمزة أبو وردة طفل الأعوام التسعة ... أبوه محكوم عليه بالسجن ثمانية وأربعين مؤبداً .. قضى منها عشرة أعوام .. أي ثلاثة آلاف وخمسمئة وستون يوماً بعيداً عن أبيه .. لم ينادي فيها مرة واحدة أبي .. ولما يكتف الاحتلال بحرمانه من عطف الأبوة ... بل سرق منه حنان الأمومة .. فحرموه من أن يقول أمي ..عندما اعتقلوا والدته نورا برهان الجعبري فحسبنا الله ونعم الوكيل ..
هذا هو العيد أيها السادة
هذا الأسير أيمن شراونة مضرب عن الطعام لأكثر من مئة وعشرين يوماً ...
ولسان حال زوجته وأبنائه يقول في هذا الصباح ي:
أيمن .. بأي وجه وبأي ابتسامة نستقبل العيد وأنتَ مريض جائع ؟
ماذا يفعل أهل سامر العيساوي وحالته الصحية تتردى وتتراجع ..
لا شك أن للعيد طعم المرار في حلوقهم ..
مصطفى غنيمات يقضي تسعة وعشرين عاماً متواصلة داخل سجنه .. يموت ألف مرة بعد أن ضاع أمله الأوحد في أن يكون ضمن صفقة شاليط ..
رأيته بأم عيني يبصق شاليط ويعتب على صفقته ..
وهذا الأسير الذي أوهم أمه بأنه يرى وهو لا يبصر .. لا يرى سوى ظلاماً دامساً كقطع الليل .. وذلك الأسير الذي يعاني من السرطان
وآخر مشلول لا يتحرك فيه سوى لسانه يلهج بذكر الله والله أكبر ..
ما حال العيد ياترى عند أمهات الأسيرات التسع .. وعند أبنائهن وآبائهن ..
أي عيد هذا ؟
وأكثرمن 220 طفلاً قاصراً سيقضي أيام العيد داخل السجن ..
مائتان وعشرون طفلاً لن يفرحوا بالعيد ولن يشتروا ملابس العيد ولن يفرحوا بالعيدية ولن يأكلوا حلوى العيد .. فماذا تقولون ..
والله إنني أرنا كخالد بن الوليد حين رثى نفسه وهو على فراش الموت :
"لقد شهدتُ مائة زحف أو زُهاءَها، وما في جسدي موضع شبر إلا وفيه ضربةٌ أو طعنة أو رَمْية، ثم هأنذا أموت على فراشي كما يموت العَيْر، فلا نامت أعين الجبناء"!!
ولسان حال أسرانا يقول : .. والله لقد شهدنا مئة مجزرة أو زهاءها
وألف اقتحام وألف توغل .. وما في الصدر موضع إلا وفيه ألم ووجع وحزن ... ثم ها نحن نموت ولا نموت ...
إنهم لا يقتحمون السجن .. ولا يتوغلون في الأرض .. إنهم يقتحمون الصدور ليقتلوا فيها فلسطيني ..
بالله عليكم .. أليس من حق الأسير الانسان أن يضم ولده صباح العيد ..
أليس من حقه كإنسان أن يقبل يد أمه ويقول لها كل عام وأنت بخير يا خير أم ..
أليس من حقه أن يأكل برفقة عائلته طعام العيد .. أليس من حقه أن يزور ويزار ..
لقد حرم أسرانا من كل هذه الحقوق ..
هذا هو حال أسرانا في العيد
يا رب .. إن أسرانا في سجونهم كماترى .. وحالهم موجع كماترى
وأهلهم حزانى كما ترى
فما ترى يا ربنا فيما ترى ...
تحية ... ناريمان الشريف