هات يدك – أخي القارئ – نتجول قليلاً بين أنهار الجنة وأشجارها ، ونمتع النفس ساعة في ذلك النعيم المقيم هيا بنا إلى الأنهار الأربعة التي هي أصل كل نهر في الجنة ، التي هي نهر الماء ، ونهر اللبن ، ونهر الخمر ، ونهر العسل كما أخبرنا بذلك ربنا جل جلاله في قوله من سورة محمد صلى الله عليه وسلم { مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن ، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه ، وأنهار من خمر لذة للشاربين ، وأنهار من عسل مصفى } .
وإلى الكوثر يا أخي ، إلى حوض النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأمته فإنه من أعظم أنهار الجنة وأحسنها .
فقد حدث عنه مرة صلى الله عليه وسلم كما روى ذلك البخاري فقال ( بينما أنا أسير في الجنة إذا أنا بنهر حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف ، فقلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال هو الكوثر الذي أعطاك ربك . قال فضرب الملك بيده فإذا طينة مسك أذفر ).
وقال مرة أخرى في رواية الترمذي : ( الكوثر في الجنة حافتاه من ذهب ومجراه الدر والياقوت ، تربته أطيب من المسك ،وماؤه أحلى من العسل ،وأبيض من الثلج ) .
هذه هي الأنهار قد وقفنا عليها ، وروينا النفس بالحديث عنها ، فهيا بنا إلى الأشجار وثمارها .
وليرو لنا أمام الحديث البخاري طرفاً منها فلنستمع إليه يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام ) لا يقطعها ؛ إن شئتم فاقرأوا { ظل ممدود ، وماء مسكوب } .
ويحدث ابن عباس رضي الله عنهما عن هذا الظل الممدود فيقول : شجرة في الجنة على ساق قدر ما يسير الراكب في ظلها مائة عام في كل نواحيها ، فيخرج أهل الجنة ، أهل الغرف وغيرهم فيتحدثون في ظلها ، فيشتهي بعضهم ويذكر لهو الدنيا ، فيرسل الله تعالى ريحاً من الجنة فتحرك تلك الشجرة بكل لهو كان في الدنيا . روى هذا الترمذي وحسنه ، وروى الحاكم وصححه قوله : نخلة الجنة جذعها من زمرد أخضر وكربها ذهب أحمر ، وسعفها كسوة لأهل الجنة . منها مقطعاتهم , وحللهم ، وثمرها أمثال القلال والدلاء ، أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل ، وألين من الزبدة ليس فيها عجم .