مسألة: الجزء العشرون التحليل الموضوعي
قوله تعالى : فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره
فيه ثلاث مسائل :
الأولى : قوله تعالى : فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره كان ابن عباس يقول :
من يعمل من الكفار مثقال ذرة خيرا يره في الدنيا ، ولا يثاب عليه في الآخرة
، ومن يعمل مثقال ذرة من شر عوقب عليه في الآخرة ، مع عقاب الشرك ، ومن
يعمل مثقال ذرة من شر من المؤمنين يره في الدنيا ، ولا يعاقب عليه في
الآخرة إذا مات ، ويتجاوز عنه ، وإن عمل مثقال ذرة من خير يقبل منه ،
ويضاعف له في الآخرة . وفي بعض الحديث : " الذرة لا زنة لها " وهذا مثل
ضربه الله تعالى : أنه لا يغفل من عمل ابن آدم صغيرة ولا كبيرة . وهو مثل
قوله تعالى : إن الله لا يظلم مثقال ذرة .
وقد تقدم الكلام هناك
في الذر ، وأنه لا وزن له . وذكر بعض أهل اللغة أن الذر : أن يضرب الرجل
بيده على الأرض ، فما علق بها من التراب فهو الذر ، وكذا قال ابن عباس :
إذا وضعت يدك على الأرض ورفعتها ، فكل واحد مما لزق به من التراب ذرة .
وقال محمد بن كعب القرظي : فمن يعمل مثقال ذرة من خير من كافر ير ثوابه في
الدنيا ، في نفسه وماله وأهله وولده ، حتى يخرج من الدنيا وليس له عند الله
خير . ومن يعمل ، مثقال ذرة من شر من مؤمن ، ير عقوبته في الدنيا ، في
نفسه وماله وولده وأهله ، حتى يخرج من الدنيا وليس له عند الله شر . دليله
ما رواه العلماء الأثبات من حديث أنس : أن هذه الآية نزلت على النبي - صلى
الله عليه وسلم - وأبو بكر يأكل ، فأمسك وقال : يا رسول الله ، وإنا لنرى
ما عملنا من خير وشر ؟ قال : " ما رأيت مما تكره فهو مثاقيل ذر الشر ،
ويدخر لكم مثاقيل ذر الخير ، حتى تعطوه يوم القيامة " .
قال أبو
إدريس : إن مصداقه في كتاب الله : وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم
ويعفو عن كثير . وقال مقاتل : نزلت في رجلين ، وذلك أنه لما نزل ويطعمون
الطعام على حبه كان أحدهم يأتيه السائل ، فيستقل أن يعطيه التمرة والكسرة
والجوزة . وكان الآخر يتهاون بالذنب اليسير ، كالكذبة والغيبة والنظرة ،
ويقول : إنما أوعد الله النار على الكبائر ; [ ص: 135 ] فنزلت ترغبهم في
القليل من الخير أن يعطوه ; فإنه يوشك أن يكثر ، ويحذرهم اليسير من الذنب ،
فإنه يوشك أن يكثر ; وقاله سعيد بن جبير . والإثم الصغير في عين صاحبه يوم
القيامة أعظم من الجبال ، وجميع محاسنه أقل في عينه من كل شيء .
الثانية : قراءة العامة يره بفتح الياء فيهما . وقرأ الجحدري والسلمي وعيسى
بن عمر وأبان عن عاصم : يره بضم الياء ; أي يريه الله إياه . والأولى
الاختيار ; لقوله تعالى : يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا الآية .
وسكن الهاء في قوله يره في الموضعين هشام . وكذلك رواه الكسائي عن أبي بكر
وأبي حيوة والمغيرة . واختلس يعقوب والزهري والجحدري وشيبة . وأشبع الباقون
. وقيل يره أي يرى جزاءه ; لأن ما عمله قد مضى وعدم فلا يرى . وأنشدوا :
إن من يعتدي ويكسب إثما وزن مثقال ذرة سيراه ويجازى بفعله الشر شرا
وبفعل الجميل أيضا جزاه هكذا قوله تبارك ربي
في إذا زلزلت وجل ثناه
الثالثة : قال ابن مسعود : هذه أحكم آية في القرآن ، وصدق . وقد اتفق
العلماء على عموم هذه الآية ; القائلون بالعموم ومن لم يقل به . وروى كعب
الأحبار أنه قال : لقد أنزل الله على محمد آيتين أحصتا ما في التوراة
والإنجيل والزبور والصحف : فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة
شرا يره . قال الشيخ أبو مدين في قوله تعالى : فمن يعمل مثقال ذرة خيرا
يره قال : في الحال قبل المآل . وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسمي
هذه الآية الآية الجامعة الفاذة ; كما في الصحيح لما سئل عن الحمر وسكت عن
البغال ، والجواب فيهما واحد ; لأن البغل والحمار لا كر فيهما ولا فر ;
فلما ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - ما في الخيل من الأجر الدائم ،
والثواب المستمر ، سأل السائل عن الحمر ; لأنهم لم يكن عندهم يومئذ بغل ،
ولا دخل الحجاز منها إلا بغلة النبي - صلى الله عليه وسلم - ( الدلدل ) ،
التي أهداها له المقوقس ، فأفتاه في الحمير بعموم الآية ، وإن في الحمار
مثاقيل ذر كثيرة ; قاله ابن العربي . وفي الموطأ : أن مسكينا استطعم عائشة
أم المؤمنين وبين يديها عنب ; فقالت لإنسان : خذ حبة فأعطه إياها . فجعل
ينظر إليها ويعجب ; فقالت : أتعجب ! كم ترى في هذه الحبة من مثقال ذرة .
وروي عن سعد بن أبي وقاص : أنه تصدق بتمرتين ، فقبض السائل يده ، فقال
للسائل : ويقبل الله منا مثاقيل الذر ، وفي التمرتين مثاقيل ذر كثيرة .
وروى المطلب بن حنطب : أن أعرابيا سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرؤها
فقال : يا رسول الله ، [ ص: 136 ] أمثقال ذرة ! قال : " نعم " فقال
الأعرابي : واسوأتاه ! مرارا : ثم قام وهو يقولها ; فقال النبي - صلى الله
عليه وسلم - : " لقد دخل قلب الأعرابي الإيمان " .
وقال الحسن :
قدم صعصعة عم الفرزدق على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فلما سمع فمن
يعمل مثقال ذرة الآيات قال : لا أبالي ألا أسمع من القرآن غيرها ، حسبي ،
فقد انتهت الموعظة ; ذكره الثعلبي . ولفظ الماوردي : وروي أن صعصعة بن
ناجية جد الفرزدق أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستقرئه ، فقرأ عليه
هذه الآية ; فقال صعصعة : حسبي حسبي ; إن عملت مثقال ذرة شرا رأيته . وروى
معمر عن زيد بن أسلم : أن رجلا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال :
علمني مما علمك الله . فدفعه إلى رجل يعلمه ; فعلمه إذا زلزلت - حتى إذا
بلغ - فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره قال : حسبي .
فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : " دعوه فإنه قد فقه "
قوله تعالى : فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره
فيه ثلاث مسائل :
الأولى : قوله تعالى : فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره كان ابن عباس يقول :
من يعمل من الكفار مثقال ذرة خيرا يره في الدنيا ، ولا يثاب عليه في الآخرة
، ومن يعمل مثقال ذرة من شر عوقب عليه في الآخرة ، مع عقاب الشرك ، ومن
يعمل مثقال ذرة من شر من المؤمنين يره في الدنيا ، ولا يعاقب عليه في
الآخرة إذا مات ، ويتجاوز عنه ، وإن عمل مثقال ذرة من خير يقبل منه ،
ويضاعف له في الآخرة . وفي بعض الحديث : " الذرة لا زنة لها " وهذا مثل
ضربه الله تعالى : أنه لا يغفل من عمل ابن آدم صغيرة ولا كبيرة . وهو مثل
قوله تعالى : إن الله لا يظلم مثقال ذرة .
وقد تقدم الكلام هناك
في الذر ، وأنه لا وزن له . وذكر بعض أهل اللغة أن الذر : أن يضرب الرجل
بيده على الأرض ، فما علق بها من التراب فهو الذر ، وكذا قال ابن عباس :
إذا وضعت يدك على الأرض ورفعتها ، فكل واحد مما لزق به من التراب ذرة .
وقال محمد بن كعب القرظي : فمن يعمل مثقال ذرة من خير من كافر ير ثوابه في
الدنيا ، في نفسه وماله وأهله وولده ، حتى يخرج من الدنيا وليس له عند الله
خير . ومن يعمل ، مثقال ذرة من شر من مؤمن ، ير عقوبته في الدنيا ، في
نفسه وماله وولده وأهله ، حتى يخرج من الدنيا وليس له عند الله شر . دليله
ما رواه العلماء الأثبات من حديث أنس : أن هذه الآية نزلت على النبي - صلى
الله عليه وسلم - وأبو بكر يأكل ، فأمسك وقال : يا رسول الله ، وإنا لنرى
ما عملنا من خير وشر ؟ قال : " ما رأيت مما تكره فهو مثاقيل ذر الشر ،
ويدخر لكم مثاقيل ذر الخير ، حتى تعطوه يوم القيامة " .
قال أبو
إدريس : إن مصداقه في كتاب الله : وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم
ويعفو عن كثير . وقال مقاتل : نزلت في رجلين ، وذلك أنه لما نزل ويطعمون
الطعام على حبه كان أحدهم يأتيه السائل ، فيستقل أن يعطيه التمرة والكسرة
والجوزة . وكان الآخر يتهاون بالذنب اليسير ، كالكذبة والغيبة والنظرة ،
ويقول : إنما أوعد الله النار على الكبائر ; [ ص: 135 ] فنزلت ترغبهم في
القليل من الخير أن يعطوه ; فإنه يوشك أن يكثر ، ويحذرهم اليسير من الذنب ،
فإنه يوشك أن يكثر ; وقاله سعيد بن جبير . والإثم الصغير في عين صاحبه يوم
القيامة أعظم من الجبال ، وجميع محاسنه أقل في عينه من كل شيء .
الثانية : قراءة العامة يره بفتح الياء فيهما . وقرأ الجحدري والسلمي وعيسى
بن عمر وأبان عن عاصم : يره بضم الياء ; أي يريه الله إياه . والأولى
الاختيار ; لقوله تعالى : يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا الآية .
وسكن الهاء في قوله يره في الموضعين هشام . وكذلك رواه الكسائي عن أبي بكر
وأبي حيوة والمغيرة . واختلس يعقوب والزهري والجحدري وشيبة . وأشبع الباقون
. وقيل يره أي يرى جزاءه ; لأن ما عمله قد مضى وعدم فلا يرى . وأنشدوا :
إن من يعتدي ويكسب إثما وزن مثقال ذرة سيراه ويجازى بفعله الشر شرا
وبفعل الجميل أيضا جزاه هكذا قوله تبارك ربي
في إذا زلزلت وجل ثناه
الثالثة : قال ابن مسعود : هذه أحكم آية في القرآن ، وصدق . وقد اتفق
العلماء على عموم هذه الآية ; القائلون بالعموم ومن لم يقل به . وروى كعب
الأحبار أنه قال : لقد أنزل الله على محمد آيتين أحصتا ما في التوراة
والإنجيل والزبور والصحف : فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة
شرا يره . قال الشيخ أبو مدين في قوله تعالى : فمن يعمل مثقال ذرة خيرا
يره قال : في الحال قبل المآل . وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسمي
هذه الآية الآية الجامعة الفاذة ; كما في الصحيح لما سئل عن الحمر وسكت عن
البغال ، والجواب فيهما واحد ; لأن البغل والحمار لا كر فيهما ولا فر ;
فلما ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - ما في الخيل من الأجر الدائم ،
والثواب المستمر ، سأل السائل عن الحمر ; لأنهم لم يكن عندهم يومئذ بغل ،
ولا دخل الحجاز منها إلا بغلة النبي - صلى الله عليه وسلم - ( الدلدل ) ،
التي أهداها له المقوقس ، فأفتاه في الحمير بعموم الآية ، وإن في الحمار
مثاقيل ذر كثيرة ; قاله ابن العربي . وفي الموطأ : أن مسكينا استطعم عائشة
أم المؤمنين وبين يديها عنب ; فقالت لإنسان : خذ حبة فأعطه إياها . فجعل
ينظر إليها ويعجب ; فقالت : أتعجب ! كم ترى في هذه الحبة من مثقال ذرة .
وروي عن سعد بن أبي وقاص : أنه تصدق بتمرتين ، فقبض السائل يده ، فقال
للسائل : ويقبل الله منا مثاقيل الذر ، وفي التمرتين مثاقيل ذر كثيرة .
وروى المطلب بن حنطب : أن أعرابيا سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرؤها
فقال : يا رسول الله ، [ ص: 136 ] أمثقال ذرة ! قال : " نعم " فقال
الأعرابي : واسوأتاه ! مرارا : ثم قام وهو يقولها ; فقال النبي - صلى الله
عليه وسلم - : " لقد دخل قلب الأعرابي الإيمان " .
وقال الحسن :
قدم صعصعة عم الفرزدق على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فلما سمع فمن
يعمل مثقال ذرة الآيات قال : لا أبالي ألا أسمع من القرآن غيرها ، حسبي ،
فقد انتهت الموعظة ; ذكره الثعلبي . ولفظ الماوردي : وروي أن صعصعة بن
ناجية جد الفرزدق أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستقرئه ، فقرأ عليه
هذه الآية ; فقال صعصعة : حسبي حسبي ; إن عملت مثقال ذرة شرا رأيته . وروى
معمر عن زيد بن أسلم : أن رجلا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال :
علمني مما علمك الله . فدفعه إلى رجل يعلمه ; فعلمه إذا زلزلت - حتى إذا
بلغ - فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره قال : حسبي .
فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : " دعوه فإنه قد فقه "