**********بسم الله الرحمن الرحيم**************
=========(2)الثوابت الاساسية للرسالة الاسلامية(2)===========
..............الحلقة الثانية..................
احبتي في الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:-
4=من اهم ثوابت رسالتنا احبتي الكرام نظرتها للحياة وان الدنيا هي مرحلة من مراحل الحياة وليست هي كلها ولعل التسمية والوصف لها بالدنيا يختصر لك التصور والرؤيا ..وما اتفه من اعتبرها هي الخالدة وسعى فيها يتصرف وكانها دار البقاء والخلود وهو يرى كل يوم ويشهد دفن عزيز او حبيب او صديق او يمر بجنازة او مقبرة.
ومهما طال العمر وعمر الانسان فانه ان تجاوز السبعين يصبح هو من يتمنى الموت
ولا يعود يستانس بالحياة لانقراض اجياله وفقد اقرانه وعدم انسجامه مع الحياة وتجدد اجيالها فيعيش بين ذريته وذراريهم غريبا انهكت قواه تلك السنون التي عاش معها ويراها بعد عجز قوته ونقص قدراته وطاقته قد طالت فيرى فراقها خير من البقاء فيها وهو يشكل عبئا على غيره كلا على ذويه .
ان من اهم العوامل المؤثرة في الحياة الاسلامية ونظرة المسلم للحياة هو ربط الاسلام للحياة الدنيا بتحديد نوعية وشكل الامتداد والعبور الى الحياة الابدية الخالدة
في الدار الاخرة. واعتبار ان الموت لايعني الفناء والانتهاء للانسان بعالم التراب.
وفكرة النهاية الابدية للانسان انما هي فكرة جاهلية مادية لانها نظرت نظرة سطحية ظاهرية للحياة وما فيها فحبستها وجودا ورؤيا في حدودالمادة واطرها من شكل وصورة وماهية وزمن فلم يصلوا للحقيقة لانهم قيدوا فكرهم بحدود المادة فحسب ولم يقووا على تجاوزها فعجزت افكارهم عن ادراك حقائق الوجود الغيبة عن الحس والادراك المادي المحدود فاساءوا الحكم واساءوا الظن والتقدير .فكفروا بالبعث والنشور والقيامة والحساب والجزاء والامتداد الخالد للحياة بعد الموت وما زال الجاهليون والجهلة يرددون هذه الفكرة المادية الغبية على مر الدهور والعصوروهم يكررون نفس القصة ويرددون معنى نفس الاسطوانة :-(( ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ ﴿٣١﴾ فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّـهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ ﴿٣٢﴾ وَقَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَـذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ ﴿٣٣﴾ وَلَئِنْ أَطَعْتُم بَشَرًا مِّثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَّخَاسِرُونَ ﴿٣٤﴾ أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُم مُّخْرَجُونَ ﴿٣٥﴾ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ ﴿٣٦﴾ إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ ﴿٣٧﴾)سورة المؤمنون
الانسان الجاهلي بمفاهيمه وقيمه المادية لايدخل في حساباته عالم الحياة الاخرة
وبالتالي هو يتصرف تصرف من لا يؤمن بحساب وجزاء وعقاب بل يحصر همه في هذه الدنيا غير شاعربمسؤلية وليس عنده احساس بحساب وكانه تحت غطاء جهله وظلمة ظلال المادة وطغيان شهواته ككائن يعيش يغرق في بحر لجي تراكبت ظلماته فلا يدري للنجاة سبيلا ويتخبط حتى يعمى عن رؤية ذاته ونفسهواضرب هنا مثلا يوضح الصورةفمثلا تاجر المخدرات الذي ينظر بمنظار الربح والكسب المادي والثراء السريع ويعمى عن ميران الخير والشر علما بان تجارها هم دوما من اصحاب النفوذ والسطة
حينما يروج لمخدراته لايخطر بباله ان اول المتضررين والضحايا هم ابناؤه وبناته قبل غيرهم لانهم الاقدر على شرائها وتعاطيها من غيرهم من افراد الرعايا فعميت بصيرته عن نفسه فكان هو واولاده واهل بيته ضحايا شهوة الجشع والطمع والثراء الذي لم يخضعه لميزان الخير والشر والحلال والجرام فعنده الحرام ما لا تطوله يداه وما لايصل اليه فقط وانظر معي كيف يصور القران الكريم واقع هؤلاء بجرس وايقاع يرسم لك تفاصيل تلك الحياة البائسة التي يختارون لانفسهم:-((﴾ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّـهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّـهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴿٣٩﴾ أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّـهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ ﴿٤٠﴾سورة النور
ومن اين ياتيه النور وانى يكون له وقد جعل المادة الصماء العمياء البكماء المظلمة مصدرا لتفكيره وملهمة له في رؤاه فما عرف منها وبها الا المتعة وما وجد في ثناياها الا اللذة والمتعة فحرص على التعامل في حياته فقط بما يحقق له هذه المتع والشهوات واللذات التي اتخذ تحقيقها غاية له ولو اضرت بالاخرين وآلمتهم فنما عندهم حس المتعة والتلذذ بعذابات الاخرين وقهرهم لتلبية رغباتهم وشهواتهم ولعل من ابرز مايبرز ذلك النظرة للاستعمار كنتاج من منتجات الحضارة الجاهلية الغربية وما تركه من اثار ما زالت تدمر شعوب العالم على مر الاجيال ولم تتعافى منه وتان تحت شدة وطأته.
وبنظرة اخرى انظر الى مصطلح القاتل المأجور ومن ابتدع فكرته الجبانة النذلة وهو قتل الغيلة او الاغتيالات والتصفيات السياسية للمعارضين. وانظر الى مصطلح الاغتصاب والخطف وقتل الضحية بعد الانتهاء من قضاء الشهوة منها.
ان اتباع الشهوات كنتاج لاتباع المنهج المادي وسيطرته على عقول الجهلة يهدم نظام الحياة ويفقدها الامن والامان وينهي سعادة الانسان. لان الانسانالحامل لتلك العقيدة المادية الهابطة غير مستعد ولا مؤهل لافكريا ولا نفسيا ليعمل الخير من اجل الخير بل يعمل من منطلق تحقيق كسب شخصي اناني وتحقيق شهوة ولذة مادية دنيئة غير ابه بنظام الحياة وسنن ونواميس الكون والعيش والفناء والبقاء ولامعتبر حتى لشراكة بني جنسه له في الارض وعيشها ذلك انه كفر بمسؤوليته امام خالقه سبحانه وتعالى.
ان حرص الكافر على الدنيا وعيشتها ولو بادنى مستوى واتفه لون نابع من عدم ايمانه وكفره باليوم الاخر.
اما المسلم المؤمن فانه يبني كل سلوكه ونشاطاته وتصرفاته وافكاره ومفاهيمه وقيمه على اساس ان الحياة الدنيا مرحلة قصيرة من مراحل الوجود الانساني وهي مقدمة للحياة الابدية الخالدة التي سيتم عبورها عبر نفق الموت فتتضائل امام ناظريه هذه الدنيا وتتحاقر بعينه مغرياتها حتى لتصبح في نظره تافهة ومتعها رخيصة لاتستحق استنزاف طاقاته ولااستهلاك وجوده فيرتقي بنظرته ليرى السعادة في التسامي عن الاسر لشهواتها والتقييد بقيود لذائذها ليتذوق لذة الرضى لربه ويسعد بالاحساس من قربه لله بامتثال امره واتباع هديه في تنظيم امور عيشه عبر معبر الدنيا ليصل الى الاخرى وقد نال رضاه وطمعه فقط في جزاءه في دار الخلد والنعيم ((مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ۖ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى ۖ وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ ۖ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ)محمد 15
۞ مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ۖ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا ۚ تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوا ۖ وَّعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ (35) الرعد
ان القران الكريم كتاب الله المعجزة الخالدة لرسالتنا يركز دوما على ربط الانسان بالاخرة ليصنع وجوده الابدي في هذه الدنيا الفانية وصورة ذاته في عالم السعادة الابدية فيمر بالدنيا غير مغرور بها ولا بمغرياتهاوقد ركز القران اكثر ما ركز في بحثه ومعالجاته بعد الايمان بالله تعالى على بيان حقيقة الدنيا وربط الانسان بالاخرة دار القرار
(( مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ
وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ
إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ
الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ
أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ))فاطر
ويبين الله تعالى حقيقة هذه الحياة الدنيا لمن اغتر بها ويفصل القول والخطاب في الدار الاخرة فيقول(( وَمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ ۚ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ))64 العنكبوت
واكتفي بهذا القدر وللحديث بقية واستودعكم من لا تضيع ودائعه احبائي في الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ولا اريد منكم الا دعوة صالحة لوالدي وولدي انس رحمه الله وجزيتم خير الجزاء
=========(2)الثوابت الاساسية للرسالة الاسلامية(2)===========
..............الحلقة الثانية..................
احبتي في الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:-
4=من اهم ثوابت رسالتنا احبتي الكرام نظرتها للحياة وان الدنيا هي مرحلة من مراحل الحياة وليست هي كلها ولعل التسمية والوصف لها بالدنيا يختصر لك التصور والرؤيا ..وما اتفه من اعتبرها هي الخالدة وسعى فيها يتصرف وكانها دار البقاء والخلود وهو يرى كل يوم ويشهد دفن عزيز او حبيب او صديق او يمر بجنازة او مقبرة.
ومهما طال العمر وعمر الانسان فانه ان تجاوز السبعين يصبح هو من يتمنى الموت
ولا يعود يستانس بالحياة لانقراض اجياله وفقد اقرانه وعدم انسجامه مع الحياة وتجدد اجيالها فيعيش بين ذريته وذراريهم غريبا انهكت قواه تلك السنون التي عاش معها ويراها بعد عجز قوته ونقص قدراته وطاقته قد طالت فيرى فراقها خير من البقاء فيها وهو يشكل عبئا على غيره كلا على ذويه .
ان من اهم العوامل المؤثرة في الحياة الاسلامية ونظرة المسلم للحياة هو ربط الاسلام للحياة الدنيا بتحديد نوعية وشكل الامتداد والعبور الى الحياة الابدية الخالدة
في الدار الاخرة. واعتبار ان الموت لايعني الفناء والانتهاء للانسان بعالم التراب.
وفكرة النهاية الابدية للانسان انما هي فكرة جاهلية مادية لانها نظرت نظرة سطحية ظاهرية للحياة وما فيها فحبستها وجودا ورؤيا في حدودالمادة واطرها من شكل وصورة وماهية وزمن فلم يصلوا للحقيقة لانهم قيدوا فكرهم بحدود المادة فحسب ولم يقووا على تجاوزها فعجزت افكارهم عن ادراك حقائق الوجود الغيبة عن الحس والادراك المادي المحدود فاساءوا الحكم واساءوا الظن والتقدير .فكفروا بالبعث والنشور والقيامة والحساب والجزاء والامتداد الخالد للحياة بعد الموت وما زال الجاهليون والجهلة يرددون هذه الفكرة المادية الغبية على مر الدهور والعصوروهم يكررون نفس القصة ويرددون معنى نفس الاسطوانة :-(( ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ ﴿٣١﴾ فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّـهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ ﴿٣٢﴾ وَقَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَـذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ ﴿٣٣﴾ وَلَئِنْ أَطَعْتُم بَشَرًا مِّثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَّخَاسِرُونَ ﴿٣٤﴾ أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُم مُّخْرَجُونَ ﴿٣٥﴾ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ ﴿٣٦﴾ إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ ﴿٣٧﴾)سورة المؤمنون
الانسان الجاهلي بمفاهيمه وقيمه المادية لايدخل في حساباته عالم الحياة الاخرة
وبالتالي هو يتصرف تصرف من لا يؤمن بحساب وجزاء وعقاب بل يحصر همه في هذه الدنيا غير شاعربمسؤلية وليس عنده احساس بحساب وكانه تحت غطاء جهله وظلمة ظلال المادة وطغيان شهواته ككائن يعيش يغرق في بحر لجي تراكبت ظلماته فلا يدري للنجاة سبيلا ويتخبط حتى يعمى عن رؤية ذاته ونفسهواضرب هنا مثلا يوضح الصورةفمثلا تاجر المخدرات الذي ينظر بمنظار الربح والكسب المادي والثراء السريع ويعمى عن ميران الخير والشر علما بان تجارها هم دوما من اصحاب النفوذ والسطة
حينما يروج لمخدراته لايخطر بباله ان اول المتضررين والضحايا هم ابناؤه وبناته قبل غيرهم لانهم الاقدر على شرائها وتعاطيها من غيرهم من افراد الرعايا فعميت بصيرته عن نفسه فكان هو واولاده واهل بيته ضحايا شهوة الجشع والطمع والثراء الذي لم يخضعه لميزان الخير والشر والحلال والجرام فعنده الحرام ما لا تطوله يداه وما لايصل اليه فقط وانظر معي كيف يصور القران الكريم واقع هؤلاء بجرس وايقاع يرسم لك تفاصيل تلك الحياة البائسة التي يختارون لانفسهم:-((﴾ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّـهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّـهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴿٣٩﴾ أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّـهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ ﴿٤٠﴾سورة النور
ومن اين ياتيه النور وانى يكون له وقد جعل المادة الصماء العمياء البكماء المظلمة مصدرا لتفكيره وملهمة له في رؤاه فما عرف منها وبها الا المتعة وما وجد في ثناياها الا اللذة والمتعة فحرص على التعامل في حياته فقط بما يحقق له هذه المتع والشهوات واللذات التي اتخذ تحقيقها غاية له ولو اضرت بالاخرين وآلمتهم فنما عندهم حس المتعة والتلذذ بعذابات الاخرين وقهرهم لتلبية رغباتهم وشهواتهم ولعل من ابرز مايبرز ذلك النظرة للاستعمار كنتاج من منتجات الحضارة الجاهلية الغربية وما تركه من اثار ما زالت تدمر شعوب العالم على مر الاجيال ولم تتعافى منه وتان تحت شدة وطأته.
وبنظرة اخرى انظر الى مصطلح القاتل المأجور ومن ابتدع فكرته الجبانة النذلة وهو قتل الغيلة او الاغتيالات والتصفيات السياسية للمعارضين. وانظر الى مصطلح الاغتصاب والخطف وقتل الضحية بعد الانتهاء من قضاء الشهوة منها.
ان اتباع الشهوات كنتاج لاتباع المنهج المادي وسيطرته على عقول الجهلة يهدم نظام الحياة ويفقدها الامن والامان وينهي سعادة الانسان. لان الانسانالحامل لتلك العقيدة المادية الهابطة غير مستعد ولا مؤهل لافكريا ولا نفسيا ليعمل الخير من اجل الخير بل يعمل من منطلق تحقيق كسب شخصي اناني وتحقيق شهوة ولذة مادية دنيئة غير ابه بنظام الحياة وسنن ونواميس الكون والعيش والفناء والبقاء ولامعتبر حتى لشراكة بني جنسه له في الارض وعيشها ذلك انه كفر بمسؤوليته امام خالقه سبحانه وتعالى.
ان حرص الكافر على الدنيا وعيشتها ولو بادنى مستوى واتفه لون نابع من عدم ايمانه وكفره باليوم الاخر.
اما المسلم المؤمن فانه يبني كل سلوكه ونشاطاته وتصرفاته وافكاره ومفاهيمه وقيمه على اساس ان الحياة الدنيا مرحلة قصيرة من مراحل الوجود الانساني وهي مقدمة للحياة الابدية الخالدة التي سيتم عبورها عبر نفق الموت فتتضائل امام ناظريه هذه الدنيا وتتحاقر بعينه مغرياتها حتى لتصبح في نظره تافهة ومتعها رخيصة لاتستحق استنزاف طاقاته ولااستهلاك وجوده فيرتقي بنظرته ليرى السعادة في التسامي عن الاسر لشهواتها والتقييد بقيود لذائذها ليتذوق لذة الرضى لربه ويسعد بالاحساس من قربه لله بامتثال امره واتباع هديه في تنظيم امور عيشه عبر معبر الدنيا ليصل الى الاخرى وقد نال رضاه وطمعه فقط في جزاءه في دار الخلد والنعيم ((مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ۖ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى ۖ وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ ۖ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ)محمد 15
۞ مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ۖ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا ۚ تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوا ۖ وَّعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ (35) الرعد
ان القران الكريم كتاب الله المعجزة الخالدة لرسالتنا يركز دوما على ربط الانسان بالاخرة ليصنع وجوده الابدي في هذه الدنيا الفانية وصورة ذاته في عالم السعادة الابدية فيمر بالدنيا غير مغرور بها ولا بمغرياتهاوقد ركز القران اكثر ما ركز في بحثه ومعالجاته بعد الايمان بالله تعالى على بيان حقيقة الدنيا وربط الانسان بالاخرة دار القرار
(( مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ
وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ
إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ
الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ
أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ))فاطر
ويبين الله تعالى حقيقة هذه الحياة الدنيا لمن اغتر بها ويفصل القول والخطاب في الدار الاخرة فيقول(( وَمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ ۚ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ))64 العنكبوت
واكتفي بهذا القدر وللحديث بقية واستودعكم من لا تضيع ودائعه احبائي في الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ولا اريد منكم الا دعوة صالحة لوالدي وولدي انس رحمه الله وجزيتم خير الجزاء