الروح والروحانية
يقال أن الروح هي عكس المادة أو ما يقابل المادة ، وهذا المفهوم دارج في الديانات المتعددة غير الإسلام حيث عرف فيها ما يسمى بالسمو الروحي ، والترفع عن المادة ، والزهد في طلب الدنيا وغيره من المظاهر التي تأثرت إلى حد كبير بمفهوم الروح عند الآخرين مثل البوذية والهندوسية والنصرانية .
الروحانية
النظرة العميقة المستنيرة للكون والحياة والانسان ترى أنها مادة فقط ، وليست روحاً ، ولا مركبة من المادة والروح .
والمراد بالروح هنا إدراك الصلة بالله ، وليس المراد سر الحياة ، إذ ليس البحث عن الروح بمعنى سر الحياة ، وإنما البحث عن علاقة الكون والحياة والإنسان بالمغيب عنا أي بالخالق ، وعن إدراك هذه العلاقة أي هل إدراك صلة الكون والحياة والإنسان بخالقها جزءاً منها أو ليس جزءاً منها
وعلى هذا فإن ما يقوله بعض النّاس من أن الإنسان مركب من مادة وروح ، فإذا غلبت فيه المادة على الروح كان شريراً وإذا غلبت فيه الروح على المادة كان خيراً ، وأن عليه أن يغلب الروح على المادة ليكون خيراً ، هذا القول غير صحيح ، فالإنسان ليس مركباً من المادة والروح ،
ومع أن الكون والإنسان والحياة مادة وليست روحاً ، ولكن الناحية الروحية بالنسبة لها ، هي كونها مخلوقة لخالق ، أي هي صلتها ، بوصفها مخلوقة ، بالله تعالى خالقها ، فالكون مادة ، وكونه مخلوقاً لخالق هو الناحية الروحية التي يدركها الإنسان . والإنسان مادة ، وكونه مخلوقاً لخالق هو الناحية الروحية التي يدركها الإنسان . والحياة مادة ، وكونها مخلوقة لخالق هي الناحية الروحية التي يدركها الإنسان . فالناحية الروحية ليست آتية من ذات الكون أو الحياة أو الإنسان ، بل هي من كونها مخلوقة لخالق خلقها هو الله تعالى . فهذه الصلة هي الناحية الروحية .
والأصل في معنى الروح أن النّاس الذين يؤمنون بوجود الإله يرددون كلمات الروح والروحانية والناحية الروحية ، ويريدون بها أثر الخالق في المكان أو ما يشاهد من آثار للناحية الغيبية ، أو كون الشيء مدركاً فيه ما لا يُوجَد إلاّ من الله أو بهذا المعنى . فهذه المعاني التي يطلقون عليها الروح والروحانية والناحية الروحية وما في معناها ، معاني عامة غامضة مبهمة غير مبلورة ، فهي لها واقع في ذهنهم ولها واقع في الخارج لديهم ألا وهو المغيب المدرك وجوده وغير المدرك ذاته وأثر هذا المغيب في الأشياء ، ولكن هذا الواقع الذي يحسونه يقع إحساسهم عليه فعلاً ولكنهم غير مستطيعين تعريفه وغير مبلور لديهم . وكان من جراء عدم بلورة هذه المعاني أن اضطرب تصورها لديهم ، فكان أن اختلطت عند بعضهم بالروح التي هي سر الحياة وصاروا يطلقون على الإنسان بأنه مركب من مادة وروح لإحساسهم بوجود الروح فيه التي هي سر الحياة ولوجود الروح بمعنى الروحانية أو الناحية الروحية فظنوا أن هذه هي تلك أو أنّها ناشئة عن تلك.
وكان أيضاً من جراء عدم بلورتها أن صار يطلق على ما يجده الإنسان من انتعاش نفسي بأنه روحانية فيقول الشخص عن نفسه أحسست بروحانية فائقة أو فلان لديه روحانية عظيمة ،
وكان أيضاً من جراء عدم بلورتها أن صار يؤتى إلى المكان فيحس فيه انشراح أو تجلي فيقال في هذا المكان ناحية روحية أو روحانية ،
وكان من جراء عدم بلورتها أن صار الشخص يجيع نفسه ويعذب جسده ويضعف جسمه زاعماً أنه يريد تقوية روحه .
كل ذلك لعدم بلورة معنى الروح ومعنى الروحانية ومعنى الناحية الروحية .
وبالتدقيق في واقع الروح والروحانية والناحية الروحية يتبين أنّها غير موجودة عند الملحد المنكر لوجود الله وأنّها موجودة فقط عند المؤمنين بوجود اله ، وهذا يعني أنها متعلقة بالإيمان بالله ، توجد حيث يُوجَد هذا الإيمان وتنعدم حيث ينعدم . والإيمان بوجود الله يعني التصديق الجازم بأن الأشياء مخلوقة لخالق خلقها يقيناً ، فيكون موضوع البحث هو الأشياء من حيث كونها مخلوقة لخالق ، فالإقرار بأنها مخلوقة لخالق إيمان ، وإنكار أنّها مخلوقة لخالق كفر ، وفي حالة الإقرار والتصديق الجازم تُوجد الناحية الروحية ، والذي أوجدها هو التصديق ، وفي حالة عدم الإقرار والإنكار لا تُوجد الناحية الروحية ، والذي جعلها لم تُوجد هو الإنكار ، فتكون الناحية الروحية هي كون الأشياء مخلوقة لخالق ، أي هي صلة الأشياء بخالقها من حيث الخلق والإيجاد من عدم . فهذه الصلة ، أي كونها مخلوقة لخالق ، إذا أدركها العقل ، حصل من جراء هذا الإدراك شعور بعظمة الخالق ، وشعور بالخشية منه ، وشعور بتقديسه ، فكان هذا الإدراك ، الذي ينتج هذا الشعور ، لهذه الصلة ، هو الروح.
فتكون الروح هي إدراك الصلة بالله .
أما الروح التي هي سر الحياة فهي موجودة قطعاً وثابتة بنص القرآن القطعي ، والإيمان بوجودها أمر حتمي ، وهي ليست موضوع هذا البحث .
ولفظ الروح لفظ مشترك كالعين لها عدة معان ، فكما أن العين تطلق على أشياء كثيرة فتطلق على العين الجارية والباصرة والجاسوس والذهب والفضة وغير ذلك ، فكذلك الروح تطلق على عدة معان . وقد وردت في القرآن بمعاني متعددة ، فوردت الروح وأريد بها سر الحياة { يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلاّ قليلا } ووردت وأريد بها جبريل u { نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين } ووردت وأريد بها الشريعة { وكذلك أوحينا إليك روحاً من امرنا } وهذه المعاني كلها ليست هي المقصودة من القول فيه ناحية روحية أو هذا شيء روحي أو فصل المادة عن الروح أو ما شابه ذلك . ولا علاقة لهذا القول عن الروح بمعاني الروح الواردة في القرآن ،
بل المعنى المقصود من الروح في هذه الإطلاقات الأخيرة هو المعنى المتعلق بخلق المادة أي من حيث كون الأشياء مخلوقة لخالق هو الله تعالى وإدراك الإنسان لصلة الأشياء بخالقها . أ.هـ
بعد إدراك هذا المعنى يصبح الآن مجال البحث في كيفية تقوية هذه الصلة أو تنمية الناحية الروحية واضحا ، ألا وهو التزام أوامر الله ونواهيه ، وليس التجويع ولا الزهد .
أرجو أن أكون قد وفيت التوضيح وإذا لزم المزيد فالإخوة لن يبخلوا علينا بالشرح والتوضيح.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يقال أن الروح هي عكس المادة أو ما يقابل المادة ، وهذا المفهوم دارج في الديانات المتعددة غير الإسلام حيث عرف فيها ما يسمى بالسمو الروحي ، والترفع عن المادة ، والزهد في طلب الدنيا وغيره من المظاهر التي تأثرت إلى حد كبير بمفهوم الروح عند الآخرين مثل البوذية والهندوسية والنصرانية .
الروحانية
النظرة العميقة المستنيرة للكون والحياة والانسان ترى أنها مادة فقط ، وليست روحاً ، ولا مركبة من المادة والروح .
والمراد بالروح هنا إدراك الصلة بالله ، وليس المراد سر الحياة ، إذ ليس البحث عن الروح بمعنى سر الحياة ، وإنما البحث عن علاقة الكون والحياة والإنسان بالمغيب عنا أي بالخالق ، وعن إدراك هذه العلاقة أي هل إدراك صلة الكون والحياة والإنسان بخالقها جزءاً منها أو ليس جزءاً منها
وعلى هذا فإن ما يقوله بعض النّاس من أن الإنسان مركب من مادة وروح ، فإذا غلبت فيه المادة على الروح كان شريراً وإذا غلبت فيه الروح على المادة كان خيراً ، وأن عليه أن يغلب الروح على المادة ليكون خيراً ، هذا القول غير صحيح ، فالإنسان ليس مركباً من المادة والروح ،
ومع أن الكون والإنسان والحياة مادة وليست روحاً ، ولكن الناحية الروحية بالنسبة لها ، هي كونها مخلوقة لخالق ، أي هي صلتها ، بوصفها مخلوقة ، بالله تعالى خالقها ، فالكون مادة ، وكونه مخلوقاً لخالق هو الناحية الروحية التي يدركها الإنسان . والإنسان مادة ، وكونه مخلوقاً لخالق هو الناحية الروحية التي يدركها الإنسان . والحياة مادة ، وكونها مخلوقة لخالق هي الناحية الروحية التي يدركها الإنسان . فالناحية الروحية ليست آتية من ذات الكون أو الحياة أو الإنسان ، بل هي من كونها مخلوقة لخالق خلقها هو الله تعالى . فهذه الصلة هي الناحية الروحية .
والأصل في معنى الروح أن النّاس الذين يؤمنون بوجود الإله يرددون كلمات الروح والروحانية والناحية الروحية ، ويريدون بها أثر الخالق في المكان أو ما يشاهد من آثار للناحية الغيبية ، أو كون الشيء مدركاً فيه ما لا يُوجَد إلاّ من الله أو بهذا المعنى . فهذه المعاني التي يطلقون عليها الروح والروحانية والناحية الروحية وما في معناها ، معاني عامة غامضة مبهمة غير مبلورة ، فهي لها واقع في ذهنهم ولها واقع في الخارج لديهم ألا وهو المغيب المدرك وجوده وغير المدرك ذاته وأثر هذا المغيب في الأشياء ، ولكن هذا الواقع الذي يحسونه يقع إحساسهم عليه فعلاً ولكنهم غير مستطيعين تعريفه وغير مبلور لديهم . وكان من جراء عدم بلورة هذه المعاني أن اضطرب تصورها لديهم ، فكان أن اختلطت عند بعضهم بالروح التي هي سر الحياة وصاروا يطلقون على الإنسان بأنه مركب من مادة وروح لإحساسهم بوجود الروح فيه التي هي سر الحياة ولوجود الروح بمعنى الروحانية أو الناحية الروحية فظنوا أن هذه هي تلك أو أنّها ناشئة عن تلك.
وكان أيضاً من جراء عدم بلورتها أن صار يطلق على ما يجده الإنسان من انتعاش نفسي بأنه روحانية فيقول الشخص عن نفسه أحسست بروحانية فائقة أو فلان لديه روحانية عظيمة ،
وكان أيضاً من جراء عدم بلورتها أن صار يؤتى إلى المكان فيحس فيه انشراح أو تجلي فيقال في هذا المكان ناحية روحية أو روحانية ،
وكان من جراء عدم بلورتها أن صار الشخص يجيع نفسه ويعذب جسده ويضعف جسمه زاعماً أنه يريد تقوية روحه .
كل ذلك لعدم بلورة معنى الروح ومعنى الروحانية ومعنى الناحية الروحية .
وبالتدقيق في واقع الروح والروحانية والناحية الروحية يتبين أنّها غير موجودة عند الملحد المنكر لوجود الله وأنّها موجودة فقط عند المؤمنين بوجود اله ، وهذا يعني أنها متعلقة بالإيمان بالله ، توجد حيث يُوجَد هذا الإيمان وتنعدم حيث ينعدم . والإيمان بوجود الله يعني التصديق الجازم بأن الأشياء مخلوقة لخالق خلقها يقيناً ، فيكون موضوع البحث هو الأشياء من حيث كونها مخلوقة لخالق ، فالإقرار بأنها مخلوقة لخالق إيمان ، وإنكار أنّها مخلوقة لخالق كفر ، وفي حالة الإقرار والتصديق الجازم تُوجد الناحية الروحية ، والذي أوجدها هو التصديق ، وفي حالة عدم الإقرار والإنكار لا تُوجد الناحية الروحية ، والذي جعلها لم تُوجد هو الإنكار ، فتكون الناحية الروحية هي كون الأشياء مخلوقة لخالق ، أي هي صلة الأشياء بخالقها من حيث الخلق والإيجاد من عدم . فهذه الصلة ، أي كونها مخلوقة لخالق ، إذا أدركها العقل ، حصل من جراء هذا الإدراك شعور بعظمة الخالق ، وشعور بالخشية منه ، وشعور بتقديسه ، فكان هذا الإدراك ، الذي ينتج هذا الشعور ، لهذه الصلة ، هو الروح.
فتكون الروح هي إدراك الصلة بالله .
أما الروح التي هي سر الحياة فهي موجودة قطعاً وثابتة بنص القرآن القطعي ، والإيمان بوجودها أمر حتمي ، وهي ليست موضوع هذا البحث .
ولفظ الروح لفظ مشترك كالعين لها عدة معان ، فكما أن العين تطلق على أشياء كثيرة فتطلق على العين الجارية والباصرة والجاسوس والذهب والفضة وغير ذلك ، فكذلك الروح تطلق على عدة معان . وقد وردت في القرآن بمعاني متعددة ، فوردت الروح وأريد بها سر الحياة { يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلاّ قليلا } ووردت وأريد بها جبريل u { نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين } ووردت وأريد بها الشريعة { وكذلك أوحينا إليك روحاً من امرنا } وهذه المعاني كلها ليست هي المقصودة من القول فيه ناحية روحية أو هذا شيء روحي أو فصل المادة عن الروح أو ما شابه ذلك . ولا علاقة لهذا القول عن الروح بمعاني الروح الواردة في القرآن ،
بل المعنى المقصود من الروح في هذه الإطلاقات الأخيرة هو المعنى المتعلق بخلق المادة أي من حيث كون الأشياء مخلوقة لخالق هو الله تعالى وإدراك الإنسان لصلة الأشياء بخالقها . أ.هـ
بعد إدراك هذا المعنى يصبح الآن مجال البحث في كيفية تقوية هذه الصلة أو تنمية الناحية الروحية واضحا ، ألا وهو التزام أوامر الله ونواهيه ، وليس التجويع ولا الزهد .
أرجو أن أكون قد وفيت التوضيح وإذا لزم المزيد فالإخوة لن يبخلوا علينا بالشرح والتوضيح.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته